الحرب السيبرانية:

الاستعداد لقيادة المعارك العسكرية في الميدان الخامس

24 May 2021


إن تطور شكل الحرب عبر التاريخ من الحجارة والرماح إلى السهام والسيوف إلى المسدسات والبنادق إلى طبيعة الصواريخ والقاذفات ثم إلى الدبابات والطائرات والغواصات وصولً إلى القنابل النووية والهيدروجينية، ينذر بالقول: إن من لا يدرك جيداً تغير طبيعة وعصر وسلاح المعركة القادمة ويسارع بالحصول عليه وتطويره، سوف ينتهي به الأمر مهزوماً تابعاً لغيره ضعيفاً بين الأمم، وكلما ازدادت الدول علماً وتقدماً ازدادت معها القدرة التدميرية للأسلحة المستخدمة، وسلاح الحرب القادمة سوف يكون أقوى وأبشع من القنابل النووية والهيدروجينية، فالجنود المقاتلون في هذه المعركة هم من الربوتات والدرونز، والأسلحة عبارة عن شفرات وفيروسات وديديان مبرمجة، لا يتعدى حجمها بضعة كيلوبايتس، ولكنها قادرة على إحداث تأثير يفوق في قوته الأسلحة التقليدية.

ومع توجه العالم أجمع نحو تزايد الاعتماد على التقنيات الذكية والحديثة وتبني نماذج الحكومات والمدن الذكية، فإنه يصبح أكثر انكشافاً وعرضة للحروب السيبرانية، ومع تزايد الاعتماد على الإنترنت أثناء جائحة كورونا لتيسير مهام العمل والتعليم عن بعد تزايد معها نشاط القراصنة مستغلين ضعف الثقافة الأمنية بكثير من مستخدمي الإنترنت حول العالم، وهو ما يتسبب في تهديد الأمن القومي وتعريض مصالح الأفراد والدول للخطر. وهو ما يعني أن الحرب السيبرانية قادمة لا محالة، بصورة قد تكون أكثر شراسة عن غيرها من الحروب، لذا بات من الضروري على جميع الدول التي تسعى للحفاظ على أمنها القومي أن تطور آليات للمواجهة وأن تستعد للمعركة القادمة.


في هذا الإطار، أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ضمن إصداراته سلسلة "كتب المستقبل"، كتاباً جديداً بعنوان "الحرب السيبرانية: الاستعداد لقيادة المعارك العسكرية في الميدان الخامس"، من تأليف الدكتور إيهاب خليفة رئيس وحدة التطورات التكنولوجية بالمركز، ليلقي الضوء على مفهوم الحرب السبيرانية والمقصود بها وتحديد أبعادها وخصائصها والأسلحة المستخدمة فيها، ويوضح كيفية قياس التهديدات السيبرانية والتي يمكن من خلالها التفريق بين حالة الخطر وحالة التهديد وحالة الحرب، ويستعرض أهم نماذج الجيوش السيبرانية في العالم، كما يستعرض مفاهيم الأمن والدفاع والردع السيبراني.

ويتكون الكتاب من خمسة فصول رئيسة، يتناول الفصل الأول مفهوم الأمن القومي السيبراني (Cyber National Security) وذلك من واقع نظريات العلاقات الدولية. ويناقش الفصل الثاني المقصود بالحرب السيبرانية (Cyber Warfare) والخلاف الأكاديمي حولها عما إذا كانت حقيقة أم مجرد سيناريوهات افتراضية، ويحدد كذلك الفواعل الرئيسة فيها والمحفزات التي قد تدفع نحو نشوب حرب سيبرانية على المدى المنظور. 

ويستعرض الفصل الثالث العناصر والأدوات اللازمة للاستعداد للحرب السيبرانية القادمة مثل بناء الجيوش والأسلحة السيبرانية وإنشاء التحالفات الأمنية السيبرانية. ويوضح الفصل الرابع اقترابات ونماذج قياس التهديدات السيبرانية، بما يساعد في النهاية على التمييز بين حالة الخطر وحالة التهديد وحالة الحرب السيبرانية. ويتطرق الفصل الخامس إلى آلية تحقيق الدفاع السيبراني (Cyber Defence) لحماية الأمن القومي السيبراني، وكذلك المؤسسات المسئولة عن تحقيق هذا المفهوم، كما يدرس أيضاً إشكالية تحقيق الردع في الفضاء السيبراني والآليات المقترحة لتدعيم حالة الأمن السيبراني.