الاستجابة الطارئة:

آليات إدارة الدول المخزون السلعي في الأزمات

30 March 2022


على الرغم من أن الظروف الحالية لتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، واستمرار الآثار السلبية لجائحة كورونا، تفرض نشوء وضع استثنائي أمام المجتمع الدولي؛ فإن هناك بعض الممارسات الدولية التي يمكن استخلاصها من آليات التعامل مع إدارة المخزون السلعي الاستراتيجي للدول أثناء الأزمات خلال السنوات الأخيرة. فقد أدت الحرب الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار القمح عالمياً إلى مستويات لم يبلغها منذ نحو 13 عاماً، كما دفعت العقوبات المفروضة على روسيا وانقطاع الإمدادات الحيوية من أوكرانيا، واضطراب الملاحة في البحر الأسود؛ عدداً كبيراً من الدول إلى اتخاذ قرارات بتقييد تصدير السلع الأساسية، وزيادة حجم وفترة المخزون السلعي، استعداداً لتطورات الأوضاع في العالم على خلفية تلك الحرب. 

نماذج إدارة المخزون السلعي:

هناك نماذج عديدة لإدارة مخزون السلع الاستراتيجية في العالم، ويمكن استعراض أبرزها على النحو التالي:

1- نموذج مخزون النفط الأمريكي: أقرت الولايات المتحدة الأمريكية احتياطي النفط الاستراتيجي Strategic Petroleum Reserve، كأهم وأكبر مصدر لإمداد النفط الخام في حالات الطوارئ في العالم، للحد من تأثير الاضطرابات في إمدادات المنتجات النفطية، والوفاء بالتزامات واشنطن بموجب برنامج الطاقة الدولي. ويتم حفظ مخزون النفط التابع للحكومة الفيدرالية في كهوف ملحية ضخمة تحت الأرض، في أربعة مواقع على طول ساحل خليج المكسيك. ويحقق الحجم الضخم لمخزون النفط الاستراتيجي (سعة التخزين المُصرح بها 714 مليون برميل) قدراً مهماً من التحوّط ضد انقطاع إمدادات النفط في الأزمات، كما أنه أداة أساسية من ضمن أدوات السياسة الخارجية الأمريكية.

ويتم البيع من المخزون الاستراتيجي للنفط بأمر من الرئيس الأمريكي، وبأسعار تنافسية في السوق، متى تحققت شروط معينة نصت عليها القوانين. ولم تتوافر تلك الشروط حتى الآن سوى في عدد محدود من الأزمات، كان أحدثها في نهاية نوفمبر 2021 عندما أمر الرئيس جو بايدن ببيع 50 مليون برميل من النفط الخام للحفاظ على أسعار الوقود عند مستويات مقبولة أثناء فترات الأعياد.

2- نماذج مخزون المواد الخام في الصين وألمانيا: على الجانب الآخر من العالم، فإن مُخطِط الدولة الصينية، وهي اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أعلنت في 6 مارس 2022 أنها ستراقب عن كثب حجم المعروض من بعض المواد الخام وأسعارها، لضمان أمن سلاسل الإمداد في الصين. وستُنشئ اللجنة، وفق تقرير لها معروض على البرلمان الصيني، آلية إنذار مبكر للتحوّط ضد المخاطر التي تتعرض لها سلاسل الصناعة والإمداد، وستعمل على التعجيل ببناء احتياطيات السلع الوطنية وقواعد النقل. 

وقد أطلقت بكين دفعات من النفط الخام والنفط المكرر والنحاس والألمنيوم والزنك من احتياطياتها الوطنية في عام 2021، لحماية الشركات الصناعية، وسط ارتفاع أسعار المواد الخام. كما عززت الرقابة على أسعار المكونات ومدخلات الإنتاج. ودعمت هذه الإجراءات للقضاء على المضاربة في الأسواق الحاضرة، وأسواق العقود الآجلة والمستقبلية. وستقوم اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح بتوجيه شركات المنبع والمصب في سلاسل الإمداد، لتحقيق الاستقرار في الإمدادات، وتحقيق الترابط المنشود بين الإنتاج والمبيعات. ووفق التقرير البرلماني، ستُعجل الصين أيضاً من التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والخامات وتطويرها.

أيضاً على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا، واجهت ألمانيا، الاقتصاد الأكبر في أوروبا، احتمالات النقص الحاد في إمدادات الوقود الروسي، خاصة من الغاز الطبيعي بعد توقف خط "نورد ستريم 2". وكانت الأزمة الحالية سبباً في تغيير هيكلي في تعامل ألمانيا مع ملف الطاقة، حيث طرح وزير الاقتصاد الألماني إمكانية تمديد فترات استخدام الفحم والمحطات النووية لخفض الاعتماد على الغاز الروسي. وكان من المقرر التخلص التدريجي من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بحلول عام 2030، وإغلاق محطات الطاقة النووية العام الجاري. كذلك تعتزم ألمانيا زيادة حجم الغاز الطبيعي في منشآتها التخزينية بمقدار 2 مليار متر مكعب عبر خيارات طويلة الأجل، وستشتري غازاً طبيعياً إضافياً من الأسواق العالمية بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي. وتمتلك ألمانيا 24 مليار متر مكعب في الكهوف الجوفية لتخزين الغاز، وهي ممتلئة حالياً بحوالي 30%، وفقاً لبيانات شركة "البنية التحتية للغاز في أوروبا" Gas Infrastructure Europe.

3- نماذج مخزون الغذاء في جنوب شرق آسيا: وفقاً لمنظمة الغذاء العالمية، تقع الأرجنتين في مقدمة الدول المحققة للاكتفاء الذاتي من الغذاء بنسبة بلغت 273%، تليها في الترتيب أورجواي وأستراليا وأوكرانيا، فيما تحتل ماليزيا المرتبة العاشرة في هذه القائمة. أما أقل الدول تحقيقاً للاكتفاء الذاتي، فتأتي في مقدمتها النرويج بنسبة اكتفاء ذاتي 50.1%، تليها بلجيكا وهاييتي والصومال، وتحتل سوريا المرتبة العاشرة بين تلك الدول بنسبة اكتفاء ذاتي لا تزيد عن 56%.

وتواجه معظم دول جنوب شرق آسيا أزمات متكررة ناتجة عن نقص إمدادات المواد الغذائية، لأسباب مناخية أو جيوسياسية أو غيرها. وهذه الدول تصلح للقياس عليها في مجال إدارة المخزون الغذائي، خاصة أنها تُراوح بين دول صافي مُصدر، وأخرى صافي مُستورد للأغذية المهمة. وإذا كان الأرز هو السلعة الغذائية الأكثر تخزيناً في تلك الدول، فإن دولاً مثل تايلاند وفيتنام وكمبوديا والفلبين حرصت على تكوين أنواع أخرى من الاحتياطيات الغذائية. ومن بين ذلك، تخزين تايلاند لأكبر عدد من السلع الغذائية بما في ذلك الفواكه والخضراوات ومنتجات اللحوم، في محاولة لتعزيز قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي. 

استراتيجيات إدارة المخزون:

في سبيل تحسين إدارة المخزون الاستراتيجي من النفط، استقطب البيت الأبيض في السنوات الأخيرة عدداً من العاملين ذوي المهارات العالية للمساعدة في ضمان كفاءة عمليات السحب من احتياطي البترول الاستراتيجي، مع ضرورة تحقيق أكبر تأثير إيجابي ممكن على السوق. بالإضافة إلى ذلك، أمرت الإدارة الأمريكية في عام 2014 بإنشاء احتياطي إمدادات الوقود في الشمال الشرقي للبلاد لحمايته من تكرار أزمات نقص الإمدادات التي تعرّض لها في أعقاب العاصفة "ساندي" في عام 2012. 

من ناحية أخرى، تتقدم الفلبين على مجموعة دول جنوب شرق آسيا في إدارة المخزون، من خلال امتلاكها لنظام شامل لجرد مخزون الأرز والذرة. وتجري الوكالات المختصة في الفلبين مسوحات شهرية لأرصدة المخزون العام والتجاري والمنزلي. أما في فيتنام، فقد كلف رئيس الوزراء بجمع البيانات المتعلقة بالتخزين والصرف ومخزون الاحتياطي الوطني لتحقيق المراقبة الفعّالة. كذلك توظّف إندونيسيا خدمات القطاع الخاص لإجراء دراسات ومسوح استقصائية وجمع البيانات المتعلقة بالمخزون السلعي. 

وتجدر الإشارة إلى أن برامج ومبادرات إدارة الاحتياطيات الغذائية ليست واحدة في دول جنوب شرق آسيا. فالدول التي تعد صافي مستورد للغذاء (وتحديداً للأرز) مثل الفلبين وإندونيسيا وماليزيا، لديها مبادرات واستراتيجيات أكثر تطوراً لتخزين الأغذية، كما تمتلك وكالات وهيئات حكومية متخصصة في إدارة ومراقبة المخزون السلعي الغذائي. ومثال ذلك، هيئة الأغذية في الفلبين، والمكتب الإندونيسي للوجستيات، وشركة BERNAS لماليزيا.

وبالانتقال إلى الممارسة الفعلية لتخزين الأغذية من واقع تجارب دول جنوب شرق آسيا، فتختلف الآليات والطرق التي يتم بها تخزين الأرز بشكل كبير بين هذه الدول. فبعضها قد حددت أحجاماً ثابتة مستهدفة للمخزون، بينما حدد الآخر المعدلات المُستهدفة بناءً على التجارب السابقة. وقد حددت فيتنام وماليزيا وجمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية، مستويات ثابتة لمتطلبات احتياطي الأرز عند 500 ألف، و150 ألفاً، و5 آلاف طن متري على الترتيب. وبالنسبة لإندونيسيا، فيجب أن تشكل احتياطيات الأرز الحكومية 10% من إجمالي الاحتياطيات الوطنية فيها. 

ولضمان ممارسات التخزين الفعالة، كثفت الدول مبادراتها في مجالات البحث والتطوير والنظم التقنية. ويوجد في فيتنام والفلبين وإندونيسيا أعداد كبيرة من مرافق تخزين وتوزيع السلع الغذائية، كما يوجد في الفلبين وإندونيسيا حالياً أكثر من 400 مستودع لكل منهما. وتبلغ الطاقة الإجمالية للتخزين في فيتنام 4 ملايين طن منتشرة عبر مقاطعاتها. 

والعامل الرئيس لتحديد خصائص البنية الأساسية للتخزين هو الحفاظ على جودة الغذاء أثناء فترات التخزين الطويلة. وتعمل الحكومة في فيتنام على تعزيز برامج البحث والتطوير الخاصة بها فيما يتعلق بتخزين المواد الغذائية، وكذلك استخدام التقنيات والعلوم المتقدمة. كما تجري إندونيسيا استكشاف التقنيات الفنية الحديثة لما يُسمى بالتخزين في الغلاف الجوي الخاضع للرقابة. 

وتقوم ماليزيا بإعادة التخزين بانتظام كل 6 إلى 8 أشهر لضمان الحفاظ على جودة الأرز المُخزن. ويتم تطبيق مبدأ "تدوير المخزون" rolling stock، وتكون المنتجات المُخزنة فوق 6 إلى 8 أشهر قد انتهت فترة تخزينها. ولكن على الرغم من الجهود المبذولة لإدارة المخزون الغذائي بكفاءة، فقد ثبت أن تغير المناخ يشكل تحدياً كبيراً أمام تلك المنظومة، خاصة مع تواتر الظروف المناخية القاسية وغير المتوقعة طوال العام. 

تحديات المخزون:

إن معظم التحديات التالي ذكرها فيما يتعلق بإدارة مخزون السلع الاستراتيجية، خاصة الغذاء، يمكن ردّها إلى عنصر التمويل والكفاءة الإدارية، وهي تتمثل في الآتي:


1- ارتفاع التكاليف المالية: يعد تخزين المواد الغذائية عملية مُكلفة، بداية من الشراء إلى التوزيع، مروراً بالتخزين والحفظ وتدوير أو تجديد المخزون، وكل ذلك يتطلب ميزانية ضخمة. وأشارت دراسة أجرتها منظمة "أكشن إيد" Action Aid في عام 2011 إلى أن تكلفة الاحتفاظ بمخزون الحبوب يمكن أن تصل إلى 15% - 20% من قيمة المخزون سنوياً. وقد وُجد أن الإنفاق على برامج التخزين العامة في الفلبين، على سبيل المثال، يشكل حوالي 0.4% - 1.0% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2005-2009، وهي نسبة كبيرة. 

2- ضعف نظم مراقبة المخزون: لحصر مخزون الغذاء ومراقبته بشكل صحيح، يجب أن يكون هناك نظام مراقبة فعّال للإمداد بالمخزون الغذائي واستخدامه، كذلك من الضروري توافر سياسات واضحة لمراقبة المخزون في الدول التي تفتقر حالياً لهذه السياسات. 

3- وجود سعة تخزين منخفضة أو بنية تحتية غير كافية: يعد نقص مرافق التخزين وانخفاض طاقاتها التخزينية، مشكلة كبيرة تواجه الدول ذات الاستهلاك الكثيف من المواد الغذائية وغيرها، والتي تحتاج إلى تشوين كميات كبيرة من تلك المواد. ويتطلب بناء مثل هذه المرافق، ميزانية حكومية ضخمة، وهنا تلجأ بعض الدول إلى المشاركة مع القطاع الخاص لتوفير تلك المرافق.

4- سوء الإدارة وعدم التعاون بين أصحاب المصلحة: تتعدد مظاهر الروتين الحكومي والإدارة غير الرشيدة للمعدات، وتسييس إدارة بعض السلع الاستراتيجية، وشيوع مظاهر الفساد المؤسسي، والتي تأتي ضمن التحديات التي تواجه كفاءة عمليات تخزين المواد الغذائية. كما أن ثمة حاجة لتأهيل قدرات الأشخاص المُكلفين بإدارة ومراقبة المخزون، لضمان التعامل السليم مع السلع وتقليل الهدر والفاقد.

5- تراجع البحث والتطوير والابتكار: هناك أبحاث محدودة أُجريت على احتياطيات الغذاء في مختلف الدول. ويتطلب الحفاظ على السلع الغذائية وتأمين إمداداتها وجودتها، الكثير من الاستثمار في مجالات التكنولوجيا والبحث والتطوير. وتعتمد القدرة التنافسية للدولة في الأسواق العالمية على تقدمها في هذا المجال.

تدابير لتعزيز الفعّالية:

من واقع التجارب الدولية المختلفة، يمكن القول إن هناك عدداً من الإجراءات التي ترفع من كفاءة إدارة المخزون السلعي، ومن أبرزها الآتي: 


1- إنشاء منظومة للبيانات وأنظمة المراقبة: تحتاج الحكومات إلى تخصيص ميزانية لإنشاء أو تحسين أنظمة مراقبة المخزون الحالية، لمساعدتها في الإدارة السليمة للاحتياطيات. ويمكن للدول أيضاً تكوين احتياطي إقليمي للمنتجات النفطية، والغذائية المهمة مثل القمح والذرة والأرز والسكر. كما يمكن إنشاء قواعد بيانات للمخزون، لتشجيع الشفافية وبناء الثقة بين الدول المجاورة في الإقليم. ويساعد هذا على التنبؤ بأحجام الطلب والعرض للسلع، وتحديد مستويات الإنتاج، والقدرة على تقدير الحجم الأمثل لاحتياطيات الغذاء المطلوبة طوال العام.

2- إعادة النظر في السياسات الحالية وتقييمها: بالنسبة للدول التي لديها بالفعل سياسات قائمة بشأن الاحتياطيات الغذائية، ثمة حاجة إلى إعادة النظر في هذه السياسات وتقييمها من أجل تحديد المستوى المناسب للتدخل الحكومي اللازم لإدارة المخزون، والتعامل مع صدمات السوق بشكل صحيح.

3- تعزيز ممارسات الإدارة: يجب أن تستثمر الحكومات في بناء وتعزيز قدرات الأشخاص المشاركين في إدارة احتياطي السلع الاستراتيجية، كما يجب تشجيع التعاون بين أصحاب المصلحة المعنيين، فضلاً عن تقليص وترشيد العملية الإدارية للاحتياطيات السلعية خاصة أثناء حالات الطوارئ.

4- تشجيع الاستثمار في البنية التحتية: يبرز ذلك لدول الفائض الغذائي التي يجب أن تستثمر حكوماتها في بناء أو تطوير مرافق البنية التحتية لتخزين وحفظ مخزون الغذاء. وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من الهدر وعدم الكفاءة في التخزين. ويمكن للحكومات تمويل تلك الاستثمارات من خلال نظم المشاركة المختلفة مع القطاع الخاص.

5- تحديث عمليات وتقنيات التخزين: هناك حاجة إلى قيام الدول بتحديث عملياتها واعتماد تقنيات متطورة في تخزين السلع الاستراتيجية، ومن شأن ذلك أيضاً تحقيق وفورات جانبية منها وزيادة القدرة التنافسية للدول المُصدّرة في الأسواق الإقليمية والعالمية.

6- تقديم الدعم لقطاع الزراعة: لن يكون تخزين الأغذية قابلاً للاستمرار من دون قطاع زراعي عامل ومنتج، لذا تعمد مختلف الحكومات إلى تقديم الدعم للزراعة. ويمكن أن يكون هذا في شكل إعانات أو قروض أو إصلاحات في السياسات من شأنها أن تُمكّن المنتجين من العمل بفعالية وتنافسية. ومن أمثلة ذلك، تشجيع الزراعة التعاقدية، وتوفير البذور والأسمدة بأسعار مناسبة، ورفع أسعار توريد المنتجات المهمة أثناء الأزمات.

7- تنويع المخزون السلعي: على الرغم من أهمية محصول أو منتج بعينه لدولة أو إقليم ما، فإنه من المناسب أن يتم تكوين مخزون من أي سلعة تتوافر فيها الشروط التالية:

- وجود طلب محلي قوي.

- تُستهلك بانتظام أو تُمثل غذاءً أساسياً.

- ندرة البدائل من حيث الأفضلية، والقدرة على تحمل التكاليف.

- سهولة التخزين والمعالجة.

- توافر المساحات الملائمة للتخزين.

- لديها غلة أو أحجام إنتاج عالية.

وبالنسبة لمجموعة دول شرق آسيا، على سبيل المثال، فإن تلك المعايير تتوافر في الذرة والسكر وفول الصويا والقمح والقلقاس وزيت النخيل. كما تتوافر في القمح والسكر وزيوت الطعام والذرة بالنسبة لعدد من الدول العربية والشرق الأوسط. 

8- استخدام العقود المستقبلية: لتأمين الإمدادات المستقبلية من السلع الاستراتيجية، تلجأ العديد من الدول إلى التعامل بيعاً وشراءً بالعقود المستقبلية والآجلة. وتوفّر تلك الآلية درجة من التحوّط ضد التقلبات في الأسعار والمعروض العالمي نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية أو الأوبئة والكوارث الطبيعية أو تغير المناخ. بيد أن المراكز المكشوفة لتلك المنتجات تُشكّل بدورها ضغطاً على أسعارها، خاصة إذا أفرط المضاربون في فتح هذه المراكز. فعلى سبيل المثال، يرجع البعض جانباً من الارتفاع الكبير في أسعار القمح مؤخراً بأكثر من 40% بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، إلى وجود مراكز كثيرة للبيع على المكشوف في عقود القمح المستقبلية، الأمر الذي دفع المضاربين أصحاب تلك المراكز إلى تكثيف مشترياتهم للقمح في السوق الحاضرة قبل مزيد من الانفلات في الأسعار. وهذا الطلب المبالغ فيه أدى إلى التعجيل بوتيرة ارتفاع الأسعار.