مشروع الحزام والطريق:

كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي؟

15 August 2018


أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" بأبوظبي تقريرًا عن مبادرة "الحزام والطريق"، كملحق للعدد 26 من دورية "اتجاهات الأحداث". وقد أعد التقرير فريق عمل من المركز، يضم مختصين في الشئون الاقتصادية والشئون السياسية والأمنية. ويُعد التقرير هو الأول باللغة العربية الذي يحتوي على جميع التفاصيل المتعلقة بالمبادرة، ليمثل إضافة مهمة للمكتبة العربية، كمحاولة من المركز لتقديم مرجع شامل عن مبادرة "الحزام والطريق"، يستفيد منه الباحثون والأكاديميون والمختصون وكافة المهتمين بالقضية.

وينطلق التقرير من فكرة التوسع الاقتصادي الذي حققته الصين خلال العقود الماضية، والذي أهّلها للصعود إلى المرتبة الثانية عالميًّا من حيث حجم الاقتصاد بعد الولايات المتحدة، وحوَّلها إلى أكبر دولة مُصدِّرة في العالم، وتُعد المحافظة على هذا التوسع هي الدافع الرئيسي لإطلاق "مبادرة الحزام والطريق"، إذ إنها تُعد آلية لتعزيز العلاقات الاقتصادية للصين مع العالم الخارجي، بما يفتح لها آفاقًا جديدة للنمو والتوسع الاقتصادي.

ومن أجل تحقيق الهدف المحدد له، يستعرض التقرير الخلفية التاريخية للمبادرة، وكيف تستفيد المبادرة من كونها بمثابة بعث الروح من جديد في "طريق الحرير" التاريخي، الذي ربط الصين بالعالم قبل ألفي عام. ثم ينتقل التقرير إلى استعراض مكونات مبادرة "الحزام والطريق"، بما في ذلك "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير"، المتمثل في شبكة الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية ضمن المبادرة. و"طريق الحرير البحري"، المتمثل في شبكة خطوط الملاحة البحرية. و"خطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي"، التي تعزز فرص حصول الصين على احتياجاتها من الطاقة، بعيدًا عن مخاوف انقطاع الإمدادات. وبجانب ذلك يتناول التقرير مسار "طريق الحرير الرقمي"، التي تتضمنه المبادرة لربط الصين إلكترونيًّا بالعالم، كآلية لمواكبة التطور التكنولوجي الحادث على المستوى الدولي. 

وما يعد إضافة كبيرة من جانب التقرير هو أنه يتضمن خريطة شاملة لمبادرة "الحزام والطريق"، وهي تعد الخريطة الأولى من نوعها التي توضح المسارات التفصيلية لجميع شبكات الطرق البرية، وخطوط السكك الحديدية، وخطوط الملاحة البحرية، وخطوط الأنابيب، وكذلك الألياف الضوئية التي تتضمنها المبادرة، والتي تربط الصين بأوروبا الغربية، مرورًا بجميع المناطق الواقعة بينهما، بما في ذلك آسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا الشرقية، وكذلك المحيط القطبي الشمالي.

كما يستعرض التقرير الدول المشاركة في مبادرة "الحزام والطريق"، ونصيبها من الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية ومن سكان العالم أيضًا؛ من أجل استقراء الآثار الاقتصادية والتنموية للمبادرة على تلك الدول، وكذلك على الاقتصاد العالمي ككل، بهدف الوقوف على أهمية المبادرة. ويتناول التقرير الأبعاد الجيوسياسية للمبادرة، بما في ذلك تأثيرها على موقع الصين بين القوى الكبرى في العالم، وكيف أن هذه المبادرة تساعد بكين على بناء نموذجها الجديد من العولمة الذي تسميه "العولمة الصينية"، والتي ستجعل من الصين المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي، وتنشئ نظامًا اقتصاديًّا دوليًّا مغايرًا للنظام الاقتصادي الدولي القائم على اتفاقية "بريتون وودز"، وهو ما يقود الصين إلى التحول إلى قوة دولية محورية. وفي ظل هذه المعطيات يحاول التقرير استشراف مستقبل بنية النظام الدولي، ولا سيما في ظل التنافس على النفوذ بين الصين الولايات المتحدة، وهو التنافس الذي يزداد في ظل المبادرة.

ويتناول التقرير كذلك التحديات التي تواجه مبادرة "الحزام والطريق"، بداية من التحديات الاقتصادية التي تشمل ضخامة الاحتياجات المالية اللازمة لتنفيذ المبادرة، واختلاف السياسات الاقتصادية ومستويات التقدم الاقتصادي والقدرات المالية من دولة إلى أخرى بين الدول المشاركة فيها. كما يتناول التقرير الصعوبات الجيوسياسية التي تمثل عائقًا أمام تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"، بما في ذلك الصراعات الدولية، والصراعات الداخلية في بعض الدول، والهواجس الجيوسياسية التي تسيطر على بعض الدول والقوى الكبرى تجاه المبادرة.ويُختَتم التقرير بقسم يتناول التصورات المستقبلية لمبادرة "الحزام والطريق"، حيث يشتمل على فرص نجاح وفشل المبادرة، والظروف اللازم توافرها من أجل إنجاح المبادرة، ومن ثم تحقق العوائد الاقتصادية والتنموية المنشودة منها. ويتحدث التقرير في نهايته عن البدائل المتاحة أمام الصين في حال فشل تنفيذ مشروع المبادرة.