تعويض الخسائر:

الأهداف الحوثية لتجنيد النساء في اليمن

10 October 2017


لجأت الميليشيات الحوثية في الفترة الأخيرة إلى تجنيد النساء والزج بهن في جبهات القتال داخل المدن اليمنية، مستغلة تردي أوضاع الأسر الاقتصادية، في إشارة واضحة إلى انتهاك الحوثيين لحقوق المرأة باليمن. وكان قد سبق للحوثيين في يناير 2017 أن قاموا بتنظيم عرض عسكري نسوي في العاصمة صنعاء باستخدام السلاح لإظهار قوة الحوثيين في مواجهة الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي، وكذلك في نوفمبر 2016 نظمت الهيئة النسائية العامة بمديرية السبعين بصنعاء في نادي العروبة وقفة احتجاج تخللها عرض عسكري شاركت فيه عشرات النساء.

وسائل التجنيد:

يتبع الحوثيون عددا من الأساليب لتجنيد النساء وضمهن إلى صفوف المقاتلين في جبهات القتال، وذلك على النحو التالي:

1- التهديد بالقوة: حيث يتم أخذ الفتيات وطالبات المدارس لتدريبهن باستخدام القوة أو تهديد آبائهن بالقتل، وذلك من خلال حملة استقطاب داخل سكن الطالبات من قبل الحوثيات، وتشير المصادر إلى أنه قد تم استقطاب عدد من الطالبات مؤخراً من محافظة حجة ويتم تدريبهن على استخدام السلاح في ضواحي صنعاء.

2- الإغراء بالمال: تقوم الميليشيات الحوثية بإغراء أسر الفتيات والنساء بالمال، استغلالاً لانتشار الفقر وتردي الأوضاع المعيشية للأسر اليمنية.

 3- استخدام السجينات: استخدم الحوثيون النساء الجانحات المحكوم عليهن بأحكام قضائية في "سجن الأمل" وقاموا بتدريبهن ضمن دورات مكثفة، وأصبحن يشكلن الآن فرق خاصة يقمن بتدريب فتيات الحوثيين المنضمات حديثاً لمعسكرات التدريب.

مواقع التدريب:

تمثلت ساحات تدريب النساء من جانب ميلشيا الحوثيين في اليمن في الأتي:

1- معسكرات الجيش: حيث استخدم الحوثيون أجزاء من مقر الفرقة الأولى مدرع سابقاً كساحة تدريب وفي هذه المواقع يتم تدريبهن على عدد من الأنشطة وخاصة التدريب على استخدام الأسلحة (فك وتركيب آليات ومسدسات- طريقة استخدام السلاح وكيفية التعامل معه والإمساك به-  بالإضافة إلى بعض الحركات القتالية- الأسلحة الرشاشة)، وتعد محافظة ذمار المعسكر الأكبر لتجنيد نساء الحوثيين في البلاد.

2- المساجد ودور العبادة: تستخدم الميليشيات الحوثية المساجد والمدارس الحكومية كميادين تدريب لمجموعات من النساء يتم اختيارهن واستقطابهن بعناية، فمن ضمن مراكز التدريب الحوثية مسجد داخل جامعة الإيمان بصنعاء، حيث حولت ميليشيات الحوثيين المسجد إلى ساحة تدريب للنساء.

3- المدارس الحكومية: ومنها مدرسة الثورة بمديرية آزال بالعاصمة صنعاء والتي كانت أحد أهم مراكز تدريب النساء الحوثيات حتى وقت قريب، حيث يتم تدريبهن في المدرسة على قيادة الأطقم العسكرية واستخدام بعض الأسلحة الخفيفة كالمسدسات والبنادق.

دور إيراني:

يعتمد الحوثيون في عملية تدريب النساء اليمنيات على الأسلحة وبعض المهارات القتالية على استقدام عدد من النساء يحملون الجنسايت الإيرانية والعراقية واللبنانية والسورية، حيث تم استقدامهن في عام 2014 بشكل متفرق، وكان لإيران دور كبير في ذلك عبر التنسيق مع حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين.

وتشير المصادر إلى انتشار عدد من النساء الإيرانيات في صنعاء، حيث قمن بعقد اجتماعات سرية مع نساء يتبعن جماعة الحوثيين ويقومون بتدريب الفتيات والنساء اليمنيات حيث يتم إخضاع العناصر الجديدة لتدريب عقائدي وعسكري في منطقة "سعوان" شرق العاصمة صنعاء، وكذلك في بيوت بعض المشرفات في المنطقة.

وتتولى المشرفات – اللاتي تم استقدامهن من إيران - مسئولية عملية "الحشد والاستقطاب" في العاصمة صنعاء والذين يستقبلن المتدربات الجدد ويقمن بإخضاعهن لتلقي تدريبات خاصة، وبعد ذلك يتم إعادتهن إلى مناطقهن لتدريب نساء وفتيات أخريات.. وهكذا يتم ذلك من خلال الآتي:

1- وجود مركز لاستقطاب الفتيات والنساء حيث يتم تلقي الدورات فيه وهو خاص بالجانب النسائي للحوثيين، ومن خلال ذلك المركز يتم استقطاب النساء والفتيات وطالبات الجامعات والمدارس، وتتولى الإشراف على هذا المركز مشرفة من إحدى قريبات عبدالملك الحوثي، ولا تحضر إلى المركز إلا في النادر، عندما يكون هناك مجموعة من الفتيات والنساء جاهزات للانتقال إلى مرحلة التجنيد.

2- البدء بعمل دورات ثقافية قبل الالتحاق بدورات التجنيد الحوثية، فهناك دورة مبتدئة وبعد ذلك تعقد دورة متقدمة وهي دورة عقائدية فكرية بحتة، وبعد ذلك يتم الدخول في دورة التجنيد، حيث تقوم المشرفة على مركز التدريب بإلقاء المحاضرات على المتدربات.

أهداف تجنيد النساء:

يستهدف الحوثيون من وراء عملية تجنيد الفتيات والنساء ما يلي: 

1- مداهمة المنازل: تشير المصادر اليمنية إلى أن الهدف من تجنيد النساء والفتيات ليس بغرض تكوين سلسلة من المجندات التابعات لجماعة الحوثيين يكن على استعداد لاستخدامهن في جبهات القتال، بقدر استخدامهن في عمليات مداهمة البيوت، فبعد كثرة الانتقادات من استخدام المسلحين في مداهمة المنازل، اتجه الحوثيون لاستخدام النساء المدربات لمداهمة المنازل، حيث استخدموا المجندات النساء لسرقة الذهب من المنازل على حد سواء في العاصمة صنعاء ومحافظة عمران.

2-قمع المظاهرات: يهدف الحوثيون استخدام النساء في قمع المظاهرات والاحتجاجات النسائية، فعلى سبيل المثال تم استخدام المتدربات لتفريق وقمع وقفات تظاهرة لأمهات المختطفين بالعاصمة صنعاء، وأيضاً الإعتداء على أي نشاط نسوي معارض كما حدث في كلية الشريعة بجامعة صنعاء من اعتداء على الطالبات وضربهن.

التجنيد الإجباري:

جاء الإعلان عن تجنيد الحوثيين للنساء والفتيات متزامنة مع تصريحات زعيم ميليشيات الحوثيين "عبدالملك الحوثي" في 14 سبتمبر 2017 والخاصة باعتزام جماعته إعادة التجنيد الاجباري في اليمن، لتعزيز الجبهات بالمقاتلين الجدد، دون أن يحدد المستهدفين بالتجنيد الإجباري، وهو ما يجعل عملية التجنيد تشمل فئات المجتمع جميعاً دون استثناء، في إشارة إلى الميليشيات التي تدفع بها للقتال ضد الحكومة الشرعية والشعب اليمني. ويعتبر هذا التصريح مخالفاً لما كانت الحكومة اليمنية قررته من إلغاء التجنيد الإجباري في عام 2001، والذي يلزم جميع الطلاب الذكور من خريجي الثانوية العامة، بأداء الخدمة العسكرية المؤقتة لمدة عام واحد.

وتعد تصريحات الحوثي مكملة ومؤكدة للإجراءات الفعلية التي قامت بها الميليشيات الحوثية في هذا الاطار، حيث قد أقدمت ميليشيات الحوثيين،على بدء حملة تجنيد إجبارية في محافظة المحويت شمالي اليمن، بما في ذلك الأطفال (أعلن وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية الشرعية "محمد عسكر" أن الميليشيات الانقلابية جندت 20 ألف طفل) وذلك للدفع بهم في أكثر من 40 جبهة قتالية في عدد من مناطق البلاد التي لا تزال خاضعة لسيطرتهم.

تعويض الخسائر البشرية:

تشير عمليات تجنيد النساء والفتيات بالإضافة إلى الأطفال في صفوف الميليشيات الحوثية إلى رغبة الحوثيين في تعويض خسائرهم البشرية في جبهات القتال وبالتالي تأتي عمليات التجنيد النساء وفرض التجنيد الإجباري لتحقيق ذلك الغرض، وذلك مع النقص الكبير في عدد الميليشيات جراء الهزائم المتوالية والخسائر التي تكبدتها وكذلك بسبب فرار الآلاف من جبهات القتال في صفوف الحوثيين.

كما أن دعوة زعيم الحوثيين لتطبيق التجنيد الإجباري جاءت كرسالة واضحة لأعضاء الجيش السابقين للإنضمام إلى صفوف الميليشيات الحوثية وإلا سيتم حرمانهم من رواتبهم المتأخرة منذ أكثر من عام، ومن جهة أخرى تأكيد على أن الحوثيين لا يزالون يفضلون الخيار العسكري بدلاً من التسوية السياسية، لأن السلام من وجهة نظر الحوثيين يعني تمكين الحكومة الشرعية من استعادة الدولة ومن ثم إضعاف الحوثيين.