استقطاب حاد:

كيف تؤثر محاولة اغتيال ترامب في المشهد السياسي الأمريكي؟

15 July 2024


تعرض الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، في 13 يوليو 2024، لمحاولة اغتيال، بعد إطلاق نار عليه أثناء تجمع انتخابي له في ولاية بنسلفانيا، وذلك قبل أيام من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في مدينة ميلووكي، بولاية ويسكونسون الأمريكية؛ والذي سيشهد اعتماد الحزب ترشيح الرئيس السابق ترامب رسمياً للسباق الانتخابي إلى البيت الأبيض، المنتظر في نوفمبر هذا العام.

وقد أسفر الحادث عن إصابة ترامب برصاصة في أذنه؛ إذ كتب على منصته "تروث سوشال" بعد الحادث: "لقد أصابتني رصاصة اخترقت الجزء العلوي من أذني اليمنى"، في حين أعلن جهاز الخدمة السرية في بيان له مقتل أحد الحاضرين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطرة إلى جانب مقتل منفذ عملية محاولة الاغتيال.

وجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها ترامب لمحاولة اغتيال فاشلة، فجميع المحاولات التي تعرض لها، كادت تودي بحياته، ولكن منفذيها لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم في اللحظات الأخيرة. 

انقسام حاد:

يمكن الإشارة إلى أبرز الدلالات المرتبطة بالحادث على النحو التالي:

1. شكوك في كون الحادث مُدبراً: يرى مراقبون أن ما حدث ليس تصرفاً فردياً أو أن شخصاً مُختلاً عقلياً قام بارتكاب هذا الحادث، فما ظهر على الشاشات أن قناصاً أخذ مكاناً مناسباً أعلى سطح أحد المباني أمام الحدث الانتخابي في بنسلفانيا، وأطلق الرصاص بمنتهى الدقة على ترامب، وفي وقت لاحق من حادثة الاغتيال، أفادت قوات إنفاذ القانون في ولاية بنسلفانيا، بأنه تم العثور على مواد مُتفجرة بمنزل توماس ماثيو كروكس مُنفذ محاولة اغتيال ترامب، كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن السلطات الأمريكية عثرت على عبوات ناسفة في سيارة مُنفذ عملية الاغتيال، وهي دلالات تثير العديد من التساؤلات حول هُوية وانتماء المنفذ لتلك العملية، ومدى علاقته بالجماعات المتطرفة مثل: جماعة "أنتيفا" (Antifa) وجماعة "بلاك لايف ماترز" (Black Lives Matter)، وهما جماعتان مُتطرفتان تستخدمان العنف، ولا ترغبان على الإطلاق في وصول ترامب إلى البيت الأبيض مرة أخرى.

2. تصاعد العنف السياسي: إذا كان من الصعب حالياً التعرف على الدوافع الحقيقية وراء محاولة الاغتيال، فإنها جاءت لتؤكد حقيقة مفادها أن العنف السياسي أصبح سيد الموقف في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبات يستهدف الجمهوريين والديمقراطيين والمحافظين والليبراليين، ويبدو أنه يحدث بوتيرة مُتكررة ومؤلمة؛ بمعنى أن حادث ترامب ليس هو الأول من نوعه على مدار السنوات القليلة الماضية، فقد سبقه ما يلي:

‌أ. إحباط مكتب التحقيقات الفدرالي في عام 2022 مؤامرة لاغتيال قضاة المحكمة العليا المحافظين.

‌ب. تعرض زوج رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي لهجوم من قبل مُتسلل بمطرقة في منزلهما في سان فرانسيسكو في عام 2022.

‌ج. اقتحام حشد عنيف مبنى "الكابيتول" الأمريكي في يناير2021 لمقاطعة التصديق على فوز الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في الانتخابات.

‌د. محاولة اختطاف حاكمة ميشيغان الديمقراطية، غريتشن ويتمر، في عام 2020. 

‌ه. تعرض فريق "البيسبول" التابع للحزب الجمهوري لهجوم من قبل مسلح في ولاية فيرجينيا الأمريكية عام 2017، وكاد أن يُقتل ستيف سكاليز، عضو الحزب الجمهوري في مجلس النواب آنذاك.

وعلى الرغم من أن تلك الحوادث تتراوح ما بين مؤامرات مُنظمة وأعمال غير عقلانية يقوم بها مهاجمون منفردون، فإنها جميعها تغذي استقطاباً يائساً وعصياً على الحل بين الجمهوريين والديمقراطيين؛ إذ يقوم كل جانب باستخدام لغة مروعة لشيطنة الطرف الآخر.

3. تنامي الاستقطاب وخطاب الكراهية: يرى المراقبون أن محاولة اغتيال ترامب؛ ما هي إلا نتيجة لسياسات الاستقطاب المتزايدة في الولايات المتحدة الأمريكية. فلا شك في أن دوافع منفذ العملية لا تزال مجهولة حتى الآن، وربما حتى بالنسبة له، ولكن المشكلة أن ساسة واشنطن أصبحوا أكثر استغلالاً لعاطفة الجماهير لإقناعهم بالمظلومية لإثارتهم للقيام بالنضال ضد الطرف الآخر؛ ومن هنا ازدادت وتيرة العنف السياسي في المجتمع الأمريكي.

توظيف ترامب: 

سعى الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب إلى توظيف الحادث، وذلك من خلال: 

1. رفض مُحاولات الاحتماء بالأمن: كان لافتاً أن ترامب استعاد رباطة جأشه عقب تعرضه لإطلاق النار ورفض محاولات الأمن للاحتماء، وحاول كشف أكبر قدر ممكن من جسده للجمهور، ولوح لمؤيديه وأخبرهم بأنه بخير، وحثهم على القتال من أجل "الولايات المتحدة الأمريكية"، بحسب تعبيره. 

2. الدعوة إلى مواجهة ما وصفها بـ"قوى الشر": لم تتوقف منشورات ترامب على منصة "تروث سوشيال" منذ محاولة اغتياله، السبت الموافق 13 يوليو 2024، فبعد أن طمأن جمهوره بأنه بخير واصفاً حالته وإصابته برصاصة أعلى أذنه، طالب الأمريكيين بالاتحاد ومنع "انتصار الشر"، ودعا أنصاره إلى الصمود بإيمان والاتحاد في مواجهة قوى الشر، وتابع قائلاً: "في هذه اللحظة، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نقف مُتحدين، وأن نظهر شخصيتنا الحقيقية كأمريكيين، وأن نبقى أقوياء ومصممين، ولا نسمح للشر بالانتصار".

3. تأكيد حضوره المؤتمر الوطني الجمهوري: أعلنت حملة دونالد ترامب الانتخابية، أنه سيحضر المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، والذي ستبدأ فعالياته 14 يوليو الجاري في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن الأمريكية.

ردود الفعل الأمريكية والدولية:  

ويمكن استعراضها من خلال الآتي:

1. ردود الفعل الأمريكية (لا مكان للعنف السياسي): ثمّة ردود فعل أمريكية عكست صدمة المجتمع الأمريكي جراء محاولة اغتيال ترامب، فمن الرئيس مروراً بأعضاء الكونغرس الأمريكي، ووصولاً لرجال الأعمال الأمريكيين وقادة الفكر والمؤثرين، كلٌّ في مكانهِ أدان الحادث، معتبرين أنه يعكس التهديدات المُتنامية التي تلحق بالأمن القومي الأمريكي؛ وباتت تنال من الرموز السياسية الأمريكية، وفيما يلي أبرز ردود الفعل الأمريكية: 

‌أ. إدانة من الرئيس الأمريكي والبيت الأبيض: قال الرئيس جو بايدن: "يجب على الجميع إدانة إطلاق النار الذي وقع خلال تجمع ترامب الانتخابي"، وأضاف: "لا مكان لهذا النوع من العنف في أمريكا، يجب علينا أن نتّحد، بصفتنا أمة، لإدانته"، مُضيفاً بأن كل وكالة في الحكومة الفدرالية تحقق في الأمر وتقدم له تقارير حالياً، وفي السياق ذاته، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس بايدن تحدث هاتفياً إلى منافسه بعد محاولة الاغتيال، كما أفادت البيانات الرسمية من البيت الأبيض بأن الرئيس الأمريكي وصل إلى واشنطن بعد إصابة ترامب، على الرغم من أنه كان من المقرر أن يمضي عطلة نهاية الأسبوع في مقر إقامته في ريهوبوث بيتش بولاية ديلاوير.

‌ب. مطالبة رئيس مجلس النواب بمزيد من الإجراءات الأمنية: استدعى رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، رئيس الخدمة السرية ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي لمناقشة الحادث وأسبابه، وأكد ضرورة إجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولين عن الحادث، مُعلناً أن الحادث يجبر الكونغرس على تعزيز الإجراءات الأمنية في محيطه، بزيادة عدد الحراس وتحديث بروتوكولات الطوارئ، مشدداً على ضرورة تحسين التواصل بين وكالات الأمن لضمان استجابة فعالة للتهديدات المستقبلية.

‌ج. تنديد الرئيس الأسبق أوباما بالحادث: قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إنه "لا مكان على الإطلاق للعنف السياسي في ديمقراطيّتنا"، وكتب على منصّة "إكس": "يجب أن نشعر جميعاً بارتياح لأنّ الرئيس السابق ترامب لم يُصب بجروح بالغة وأن نستغل هذه اللحظة لتجديد التزامنا بإظهار التحضُّر والاحترام في السياسة".

‌د. إدانة الوزراء التنفيذيين للهجوم: قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه يشعر بالصدمة والحزن بسبب إطلاق النار في تجمع للرئيس السابق ترامب، لكنه يشعر بالارتياح أنه بخير، مؤكداً أنه لا مكان للعنف السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالمثل، أكد وزير العدل الأمريكي ميريك غارلاند أنه لا تسامح مع العنف من أي نوع، معتبراً أن ما حدث هو هجوم على ديمقراطيتنا، في حين قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن الوزارة بأكملها تدين العنف الذي لا مكان له على الإطلاق في ديمقراطيتنا، وأضاف: "هذه ليست الطريقة التي نحل بها خلافاتنا في أمريكا، ويجب ألا تكون كذلك أبداً.. أشعر بالارتياح لأن التقارير تشير إلى أن الرئيس السابق ترامب، آمن، وأنا أصلي من أجله وعائلته وكل من تضرر من هذا الحادث المروع".

‌ه. توقف النشاط الانتخابي لحملة بايدن: أعلنت حملة بايدن الرئاسية أنها ستوقف جميع الإعلانات التلفزيونية مؤقتاً في الوقت الحالي، مع تأكيد مسؤوليها أنه لا مجال للحديث حالياً عن استبدال بايدن بمرشح آخر؛ مُعتبرين أن هذا الحدث جعل بايدن يعتلي المسرح السياسي كرئيس ليخاطب الأمة الأمريكية بضرورة وحدتها أمام مخاطر العنف السياسي.

‌و. دعم رجال أعمال أمريكيين لترامب: في أول رد فعل على الحادثة، قال الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" الملياردير إيلون ماسك، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "أؤيد الرئيس السابق ترامب بشكل كامل وأتمنى الشفاء العاجل له"، وبالمثل، تمنى الرئيس التنفيذي لشركة "آبل" الأمريكية، تيم كوك الشفاء العاجل للرئيس ترامب، وأدان العنف بشدة، كما وصف الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" الأمريكية، آندي جاسي، الحادث بـ"البغيض"، ووصف الرئيس التنفيذي لشركة "إنتل" الليلة التي جرى فيها الحادث بـ"الصعبة للغاية على الأمة الأمريكية".

2. ردود الفعل الدولية (الصدمة والتعبير عن القلق العميق): أعرب زعماء العالم عن صدمتهم جراء إصابة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب خلال محاولة اغتيال أثناء تجمع انتخابي، ويمكن تقسيم ردود الفعل الدولية على النحو التالي: 

‌أ. شجب وإدانة من رؤساء أمريكيين وأوروبيين: قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن العنف السياسي "غير مقبول أبداً"، وكتب ترودو على  منصة إكس: "أفكاري مع الرئيس السابق ترامب ومن كانوا في التجمع ومع جميع الأمريكيين"، وأدان زعماء دول أمريكا الجنوبية بأشد العبارات الحادث، فعلى سبيل المثال، ألقى الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي باللوم على "اليسار الدولي"، وكتب على "إكس": "خوفاً من الخسارة في الانتخابات، يلجأون إلى الإرهاب لفرض أجندتهم الاستبدادية"، في حين، قال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إن إطلاق النار "يجب أن يدان بشدة من جانب جميع المدافعين عن الديمقراطية والحوار السياسي". وبالمثل أدان زعماء تشيلي وكوستاريكا وبوليفيا الهجوم على ترامب.

ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من الخلافات عبر الأطلسية السابقة والمتوقعة بين ترامب والأوروبيين، فقد سارع المسؤولون الأوروبيون لإدانة الحادث، فعلى سبيل المثال، عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن "صدمتها الشديدة"، وتمنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة عبر منصة "إكس" "الشفاء العاجل" لدونالد ترامب، مُعتبراً أن محاولة اغتياله "مأساة للديمقراطية"، كما كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على منصة "إكس": "لقد شعرت بالفزع عندما علمت بنبأ إطلاق النار"، وقال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إن "أفكاره وصلواته" مع ترامب، في حين، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إنها "تُتابع بقلق" الأخبار الواردة من ولاية بنسلفانيا وتمنت لترامب الشفاء العاجل. وأملت في أن "يسود الحوار والمسؤولية على الكراهية والعنف في الأشهر التالية من الحملة الانتخابية".

‌ب. دعوة روسيا للتصدي لسياسات التحريض: حثت روسيا الولايات المتحدة على التصدي لسياسات "التحريض على الكراهية". وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية إن على واشنطن التصدي لسياسات التحريض على الكراهية ضد المعارضين السياسيين والدول والشعوب، مُعتبرة أن تلك السياسات ستنعكس على الولايات المتحدة. وأضافت: "هؤلاء الذين يصوّتون في الكونغرس الأمريكي لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، قد يكون من الأفضل استخدام هذه الأموال لتمويل الشرطة الأمريكية وغيرها من الأجهزة لضمان تطبيق القانون والنظام في البلاد".

‌ج. إدانة قادة وزعماء في آسيا: جاءت التعليقات مُتشابهة بين قادّة الهند واليابان وأستراليا ونيوزلندا على حادث مُحاولة اغتيال ترامب، فعلى سبيل المثال، عبّر رئيس الوزراء الياباني عن معارضته للعنف السياسي وكتب على منصة "إكس": "يجب أن نقف بحزم ضد أي شكل من أشكال العنف الذي يتحدى الديمقراطية"، وعلى نفس المنوال، أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن "قلقه العميق" إزاء الهجوم الذي استهدف ترامب، وقال: "ندين الواقعة بشدة، فلا مكان للعنف في السياسة والديمقراطيات".

‌د. إدانة رئيس الوزراء الإسرائيلي للحادث: كما فعل كل زعماء دول العالم، عبر نتنياهو عن صدمته جراء الهجوم الواضح على ترامب، وكتب على منصة "إكس": "نصلي من أجل سلامته وشفائه العاجل"، إلّا أن اللافت للانتباه هو خروج تحذيرات مسؤولين في حزب الليكود الإسرائيلي بأن محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب قد تتكرر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ إذ حذّر بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية من أن التحريض ضد نتنياهو أصبح مؤشراً بالغ الخطورة.

تداعيات مُحتملة: 

ثمّة احتمالات بعد هذا الحادث تلوح في الأفق وسيكون لها تأثير مباشر في السباق الانتخابي الأمريكي لعام 2024: 

1. تأثير إيجابي في صورة ترامب: لا شك في أن صورة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو في الثامنة والسبعين من عمره، وهو يتصارع مع أفراد الخدمة السرية للوقوف مُنتصباً على المنصة بعد محاولة اغتياله ورفع قبضته في الهواء وهو يصرخ " قاتلوا" تركت انطباعاً بأنه "بطل"، يواجه ما يُوصف بافتراءات الديمقراطيين ومحاولتهم لشيطنة المرشح الجمهوري، وعلى هذا النحو، تُجزم التقديرات بأن يوم محاولة الاغتيال فارق في تحديد التصويت النهائي للانتخابات، وخاصة أنه سيؤثر في نحو واضح في قناعات الناخبين الذين ما زالوا مُترددين بشأن الاختيار ما بين ترامب وبايدن. ويرى مراقبون أن حادثة إطلاق النار ستفيد ترامب سياسياً؛ لأنها من ناحية تدعم روايته بأن البلاد خرجت عن المسار الصحيح، ومن ناحية أخرى، ستؤيد التعاطف تجاه ترامب باعتباره القائد البطل الذي يقف أمام فساد "الدولة العميقة" حسب تعبيراته المتكررة. 

2. مخاوف من تصاعد أعمال العنف: أظهر استطلاع للرأي أجرته "رويترز/إبسوس" في الآونة الأخيرة أن الأمريكيين يخشون تصاعد وتيرة العنف السياسي؛ إذ يقول اثنان من كل ثلاثة مشاركين في الاستطلاع، الذي تم إجراؤه في شهر مايو الماضي، إنهما يشعران بقلق من احتمال حدوث أعمال عنف بعد الانتخابات. وفي هذا الصدد، يتوقع المراقبون أن تغيّر محاولة الاغتيال ملامح السباق الرئاسي هذا العام، مع تزايد المخاوف من اندلاع عنف سياسي خلال الحملة الرئاسية وبعد الانتخابات، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تواجه أكبر زيادة في أعمال العنف ذات الدوافع السياسية وأكثرها استمرارية منذ سبعينيات القرن الماضي. 

3. مزيد من التُّهم يلاحق الديمقراطيين: سيواجه الديمقراطيون مزيداً من الانتقادات بعد محاولة اغتيال ترامب؛ إذ إن هذا الحادث ربما أثبت صدق سرد ترامب حول المظلومية التي يتعرض لها الجمهوريون، وعلى هذا النحو، فإنه ليس من المستغرب أن يُصرح السناتور عن ولاية أوهايو، جيمس ديفيد فانس، وهو مرشح بارز لمنصب نائب ترامب، على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" قائلاً: "ما حدث ليس مجرد واقعة منفردة.. الفرضية الأساسية لحملة بايدن هي أن الرئيس دونالد ترامب فاشي استبدادي يجب إيقافه بأي ثمن، وأدى هذا الخطاب مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترامب".

وفي التقدير؛ يمكن القول إن المحاولة الفاشلة لاغتيال ترامب، ورغم إدانتها من كافة الأوساط الأمريكية، بما فيها الديمقراطيون؛ فإنها تعكس حالة التعقيد والاستقطاب التي باتت تشهدها الساحة الأمريكية، كما تؤشر على احتمالية تنامي العنف السياسي وتآكل الديمقراطية؛ الأمر الذي يتطلب أن تستغل تلك الأوساط محاولة اغتيال ترامب لبلورة ما يسمى بلحظة الوحدة للحيلولة دون وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى حافة الهاوية لاندلاع حرب أهلية أو على أقل تقدير تنامي وتيرة أعمال العنف بحجة غياب صوت الديمقراطية الأمريكية أو ضعفها بعد سنوات من التفاخر بها.