iHome:

التداعيات المحتملة لاستخدام المنازل الذكية

05 November 2014


بدأت تظهر في الآونة الأخيرة تكنولوجيات المنازل الذكية، وأصبحت شركات التكنولوجيا العملاقة تتنافس على أن تصبح الحياة البشرية في المستقبل القريب أكثر ذكاءً، معتمدة في ذلك على تطوير أشكال مختلفة من إنترنت الأشياء  Internet of Things، تسمح بتناقل المعلومات عبر شبكات مترابطة، سواء في صورة الساعات الذكية، أو الأجهزة الكهربائية الذكية، أو النوافذ الذكية، أو المنازل الذكية، بهدف جعل الحياة البشرية أكثر سهولة وذكاء.

ملامح المنازل المذكية

تعد المنازل الذكية، أحد تطبيقات إنترنت الأشياء، والمقصود به أي ارتباط يجمع الأشياء المادية حولنا بشبكة الإنترنت، بحيث يمكن معرفة معلومات دقيقة عن حالتها، والتحكم فيها في أي وقت وفي أي مكان. ولكي يتحقق ذلك لابد من توفر ثلاثة مكونات رئيسية، هي شبكة إنترنت، وشيء مادي متصل بالشبكة، ومستخدم يقوم بعملية التحكم. وقد وفرت التكنولوجيا الحديثة خاصة في عالم الاتصالات والهواتف الذكية، هذه الثلاثية التي سخرت العديد من الأجهزة الإلكترونية والمادية لخدمة الإنسان، من خلال التطبيقات الذكية.

ولهذه المنازل عدد من الملامح الرئيسية، أبرزها:

1 ـ البرمجة الذاتية: حيث تتميز هذه المنازل بالقدرة على البرمجة الذاتية والتعلم الذاتي، فهي قادرة مع مرور الوقت على فهم طبيعة المنزل ومعرفة متى يتوجب تشغيل أجهزة التكييف أو إطفائها، وكذلك إنتاج أجهزة إنذار للدخان متصلة بشبكات الإنترنت في المنزل. وقد أعلنت شركة جوجل، عملاق التكنولوجيا الأمريكي، عن شرائها مختبرات "نيست" العالمية المتخصصة في إنتاج هذا النوع من أجهزة الأمان الذكية.

2 ـ التحكم عن بعد: حيث تتيح الأجهزة الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت إمكانية التحكم فيها عن بعد، من خلال تطبيقات الهاتف المحمول الخاصة بالمنازل الذكية، والتي تساعد في تشغيل أو إطفاء الأجهزة الكهربائية والنوافذ والأبواب، بالإضافة إلى تسهيل عملية مراقبة المنزل من الحوادث والسرقات.

نماذج تطبيقية

أنتجت شركة سامسونج العديد من الأجهزة الإلكترونية الذكية، مثل الثلاجات والغسالات وأجهزة التلفاز التي يمكن التحكم فيها من خلال تطبيق  Smart Home، الذي سيتم استخدامه في الهواتف الذكية قريباً، وسيبدأ إطلاقها من الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية في البداية قبل أن تشق طريقها إلى دول العالم الأخرى، ولن يقتصر التحكم بالأدوات المنزلية على الهواتف الذكية فقط، وإنما سيتعداه ليشمل الساعات الذكية التي أطلقتها الشركة سابقاً.

وكشفت شركة سامسونج أيضاً عن نافذة ذكية يطلق عليها اسم “The Transparent Smart Window”، أي “النافذة الذكية الشفافة”، والتي تستطيع تحويل كل نافذة بالمنزل إلى جهاز كمبيوتر لوحي عملاق، يمكن استخدام التطبيقات الذكية من خلاله، كما يمكن تحويله لشاشة عرض تليفزيونية عملاقة، إضافة إلى كونه حاجب للضوء الخارجي من خلال ستائر افتراضية.

وقامت شركة جوجل أيضاً بشراء سبع شركات تعمل في مجال تطوير الإنسان الآلي، كجزء من استراتيجيتها لتطوير إنسان آلي خاص بها، بما يفتح المجال للمنافسة القوية أمام الشركات المتخصصة في هذا المجال، لإنتاج إنسان آلي قادر على التعامل مع متطلبات المنزل الذكي، وقد أعلنت الشركة أيضاً عن إنتاج أول جهاز تليفزيون يعمل بنظام أندوريد، الذي يتم استخدامه في الهواتف المحمولة والحاسبات اللوحية، مما يقلل الفجوة بين التليفزيون والحاسب الإلكتروني والتليفون الذكي.

إلى جانب ذلك، كشفت شركة بيلكن الأمريكية المتخصصة في إنتاج الحلول الذكية والإلكترونيات الاستهلاكية، عن مجموعة من الأجهزة المنزلية التي يمكن التحكم بها عبر الأجهزة الذكية من هواتف وحواسيب لوحية بنظامي التشغيل iOS وأندرويد.

تداعيات محتملة لاستخدام المنازل الذكية

يلقي التوجه الحديث نحو بدء الخطوات الفعلية لاستخدام المنازل الذكية ببعض التداعيات المتوقعة، من أبرزها:

1 ـ تدعيم الحماية المدنية:

يرتبط تزايد انتشار المنازل الذكية، بتطبيقاتها المختلفة، تعزيز الحماية المدنية عن بعد، وذلك من خلال سماحها بالتنبه المبكر لأي خلل قد يتسبب في حريق بالمنزل، كما يساعد ربات البيوت على تفادي الأخطاء البشرية التي يمكن الوقوع فيها، مثل عدم فصل التيار الكهربائي عن الأجهزة الكهربائية أو إغفال إطفاء المصابيح وأجهزة التكييف والتلفاز والأبواب عند الخروج من المنزل، حيث يمكن التحكم في ذلك من بعد عبر تطبيقات الهاتف الذكي، وذلك من خلال متابعة ورصد حالة المنزل بصفة مستمرة.

إلى جانب ذلك، تسمح هذه التطبيقات بمتابعة الأطفال صغار السن عن بعد أثناء وجودهم بمفردهم داخل المنزل، فيما يشبه remote baby setting، ومراقبتهم من خلال كاميرات موجودة بالمنزل ومتصلة بالهاتف الذكي.

2 ـ تزايد فرص السياحة المنزلية:

من المتوقع تزايد جاذبية السياحة المرتبطة بالمنازل الذكية، فالنمط الجديد من الحياة الذكية سيجعل العديد من البشر شغوفين بمعرفته، ويسعون إلى تجربته واقتنائه، وهنا قد يظهر لدينا نوع جديد من السياحة هو سياحة المنازل الذكية، حيث قد يلجأ السائح خلال السنوات أو الشهور المقبلة إلى المنتجعات السياحية التي توفر المنازل الذكية التي يتحكم فيها من خلال حاسب لوحي موجود بداخلها، بدافع التجربة والمتعة الشخصية؛ مما يدفع قطاع السياحة إلى الاستثمار في هذا المجال بهدف استقطاب أكبر عدد من السائحين وتحقيق الرفاهية القصوى والسعادة الممكنة لهم.

3 ـ القابلية للاختراق:

على الرغم من أهمية التطور الخاص بالمنازل الذكية، فإنها تظل عرضة للاختراق، سواء من خلال الهاتف الذكي، أو عن طريق التطبيقات المستخدمة؛ حيث ترتبط بها مشكلتان رئيسيتان على النحو التالي:

  • انعدام الخصوصية، فإذا كان بالإمكان السيطرة التامة على المنزل من خلال هاتف ذكي، فإن اختراق هذا الهاتف قد تترتب عليه خسائر غير محدودة. فمن ناحية يمكن التلاعب بكل محتويات المنزل، ومشاهدة من بداخله وتصويره من دون علمه، واختراق خصوصياته، ورصد جميع تحركاته وسكناته، فضلاً عن سهولة سرقة محتوياته، وبهذا يتحول المنزل الذكي إلى مجرد منزل زجاجي مكشوف يمكن اقتحامه بكل سهولة، ما لم تتوفر معايير الأمان الإلكتروني الكافي لعدم اختراق أو قرصنة هذا المنزل.
  • مشكلات التحديث Update: حيث تتسابق الشركات العالمية على إصدار نسخ جديدة من أجهزتها الذكية بصفة تكاد تكون سنوية، بالإضافة إلى التحديثات الشهرية لمنتجاتها وبرامج تشغيلها، وهو ما سيضع صاحب المنزل الذكي في حيرة مستمرة، ورغبة دائماً في اقتناء الحديث، وقد يولد ذلك نمطاً استهلاكياً غير مقبول في المجتمع، خاصة في المجتمعات ذات الدخل المرتفع، فالأبعاد الاقتصادية المترتبة على تغيير هاتف ذكي، غير تلك المترتبة على تغيير منزل ذكي بأكمله.

أخيراً، لقد أصبحت المنازل الذكية حقيقة جزئية، ستكتمل معالمها وتجارتها قريباً، وستترتب عليها تبعات، ينبغي الاستفادة من إيجابياتها، والعمل من الآن على تفادي سلبياتها، من خلال وضع قوانين منظمة لحماية الخصوصية الفردية والمستهلك الإلكتروني، ووضع معايير مشتركة Shared Standards لتكامل هذه الصناعة الكبيرة، بحيث تشمل المكونات المادية والبرامجية على حد سواء، بهدف تنظيم نمط تحديثها وتطويرها، للحصول على موديلات متلائمة مع بعضها البعض، تدعم الأمان الشخصي وتحقق الرفاهية الفردية.