اليمن واتفاق الرياض التاريخي

11 November 2019


لا يصح إلا الصحيح، ففي النهاية وقّعت الشرعية اليمنية و«المجلس الانتقالي الجنوبي» على اتفاق الرياض، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وبقيادة مباشرة من ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وقد بذل فيه الأمير خالد بن سلمان جهوداً كبيرةً لإنجاح الاتفاق وقد حصل.

حين خرجت الأحداث عن السيطرة في عدن، وصار الاصطدام بين الطرفين قبل شهرين تقريباً، طار أعداء اليمن بالقصة وسعوا لضرب وحدة اليمنيين وتفريق شملهم وزرع الفتنة في صفوفهم، وألقت جماعة «الإخوان» بثقلها، والمؤسف أن البعض  اصطف دون وعي مع هذا المحور المعادي، وبدأ يشكك في الحليف الأقوى للسعودية وهي دولة الإمارات، وهاجموا «المجلس الانتقالي» انتصاراً للشرعية بزعمهم، وها هو الاتفاق يعيد الأمور إلى نصابها، ويعيد توحيد الجبهة الداخلية اليمنية ضد ميليشيا «الحوثي» هذا الاتفاق تاريخي لأنه يضع الأمور في نصابها، ويؤكد السياسة الثابتة للسعودية والإمارات في دعم الاستقرار بالمنطقة وفي الدول العربية تحديداً، في «اتفاق الطائف» للفرقاء اللبنانيين الذي رعته السعودية وأنهى الحرب الأهلية، وفي الموقف الذي قادته السعودية ضد احتلال صدام للكويت، وهو موقف شاركت فيه الإمارات مشاركة فعالة، وفي «عاصفة الحزم» لإنقاذ اليمن التي انطلقت منذ بضع سنواتٍ بتحالفٍ مظفرٍ بين السعودية والإمارات، وهذا الاتفاق التاريخي يعيد ترتيب الأولويات اليمنية لصالح الدولة اليمنية والشعب اليمني.

هذا الاتفاق وضع النقاط على الحروف، وحدد المسار للمستقبل ولتحرير اليمن من الميليشيا التي اختطفت الدولة اليمنية والشعب اليمني، وبعد إنجازه أصبحت الكرة في ملعب الأشقاء في اليمن، فلم تقصر السعودية والإمارات أبداً في دعم الدولة اليمنية والشعب اليمني، في «عاصفة الحزم» وفي «إعادة الأمل»، والباقي يجب أن ينجزه الأشقاء بأنفسهم داخل بلادهم.

هل يلغي هذا الاتفاق الخلافات بين بعض أطراف الشرعية وبعض الأطياف اليمنية؟ يفترض أن يكون هذا صحيحاً إنْ سلمت النوايا، ومن عقلانية الاتفاق وواقعيته أنه لم يفرض على اليمنيين أن ينهوا مشاكلهم كافة اليوم وإلى الأبد، بل هو أعاد رسم خريطة طريقٍ لهم جميعاً، تحدد الأولويات وتحمّل المسؤوليات وتعلن المواقف وتدعم بناء المستقبل، أما المسائل الخلافية الحادة فيمكن أن يجد لها الفرقاء اليمنيون الحلول بعد الخلاص من ميليشيا «الحوثي» واستعادة الدولة وفرض الاستقرار السياسي والشروع في التنمية والبناء.

قادة هذا الاتفاق هم قادة «عاصفة الحزم وإعادة الأمل» في السعودية والإمارات، وهو ما أثبته هذا الاتفاق بكل وضوحٍ للقاصي والداني، فعلى كل الأطراف التي شككت في دور الإمارات في اليمن أن تخجل من نفسها اليوم، وأن تعيد التموضع من جديدٍ.

كم كان لافتاً ومعبراً حضور الشيخ زايد بن حمدان بن زايد للتوقيع على هذا الاتفاق في الرياض، وهو الذي تعرض للإصابة في سبيل نصرة اليمن وبذل دمه في سبيل نصرة بلاده وأشقائه في اليمن، مجسداً البطولة والتضحية.

التحالف السعودي- الإماراتي المظفّر هو الذي يقود مصالح الدول العربية منذ سنواتٍ، وقد نجح في كل الملفات التي قادتها، وأنقذ العديد من الدول العربية التي دعمها من براثن الفوضى والأصولية والإرهاب، وها هو في هذا الاتفاق يعيد الكرّة مرةً بعد مرةٍ، ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أنه يمثل الصديق المنقذ لا العدو الغاشم في اليمن.

أخيراً، لا مطمع للسعودية والإمارات في اليمن، بل العمل والجهد الضخم المبذول هو لدعم استعادة اليمنيين لدولتهم وحماية الشعب اليمني ورعايته، لا أقل ولا أكثر.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد