استيعاب الصدمات:

كيف تتعامل دول الشرق الأوسط مع التحولات الإقليمية الكبرى؟

08 July 2017


لم تنقطع التحولات الكبرى والمفاجئة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط على مدار الأعوام القليلة الماضية، إذ انقضت حالة الاستقرار النسبي التي هيمنت على التفاعلات الداخلية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط عقب نهاية الاستقطاب الأيديولوجي بين النخب والتوافق الضمني على ثوابت النظم الإقليمية الفرعية، وأضحى الشرق الأوسط موضعًا لتحولات كبرى متلاحقة ومؤثرة على الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، بدايةً من الثورات العربية، مرورًا بتفجر الصراعات الداخلية العربية، وتمدد تنظيم "داعش" عبر سوريا والعراق، وصعود ثم انحسار تيارات الإسلام السياسي، ويعزز كل ذلك من أهمية سياسات التكيف مع التحولات الكبرى، وكيفية التعامل مع الأحداث والتطورات الإقليمية المفاجئة.

عصر الثورات الإقليمية:

كانت أغلب التحولات المؤثرة على أمن الإقليم تنبع من بعض الصراعات الممتدة غير القابلة للتسوية، مثل: الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسياسات القوى الكبرى لإعادة هيكلة الإقليم مثل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والتحولات في النظام العالمي مثل الأزمة المالية عام 2007، وهجمات 11 سبتمبر عام 2001، بالإضافة إلى ما تُسفر عنه بعض التحولات الداخلية المرتقبة في القوى الرئيسية بالنظام العالمي مثل صعود المحافظين الجدد عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2000.

وعلى الرغم من عدم غياب الأحداث الجوهرية في النظام الإقليمي العربي؛ إلا أن أغلبها كان قابلاً للاحتواء من جانب القوى الرئيسية للنظام بدعم من القوى الدولية التي وضعت الاستقرار الإقليمي ضمن مصالحها، على غرار التعاطي الإقليمي والدولي مع الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006، والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة التي غالبًا ما تتبعها وساطات إقليمية ودولية تهدف إلى استعادة حالة الاستقرار الهش.

وفي المقابل، تصاعدت وتيرة التحولات الكبرى المفاجئة في منطقة الشرق الأوسط عقب الثورات العربية التي تسببت في تفكيك الثوابت والمرتكزات الإقليمية، وانحسار أدوار بعض الدول المركزية في الإقليم بسبب عدم الاستقرار الداخلي، وتصدع نظم الحكم في دول أخرى، وتفجر الصراعات الداخلية في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وهو ما جعل النظام الإقليمي يشهد عملية إعادة تشكيل ممتدة تسببت في حالة من اللا يقين والغموض، بحيث باتت أغلب التحولات الإقليمية مفاجئة وغير متوقعة.

ويمكن اعتبار التطور التراكمي للتحولات في النظام العربي بمثابة "الزحف الصامت" لقوى التغيير الحاد التي بلغت أوجها عقب الثورات العربية، ثم تحولت إلى واقع جديد للتفاعلات الإقليمية (New Normal) بات على الدول التكيف معه، وأضحى الإقليم ذاته مصنعًا للأزمات (Crisis Factory) التي أصبحت مهيأة للتصعيد وغير قابلة للاحتواء السريع، بالإضافة إلى اتساع نطاق تداعياتها لتشمل غالبية دول الإقليم.

خصائص التحولات الكبرى:

"يجب تجنب الشرق الأوسط.. لا يمكن إصلاح الأوضاع في الشرق الأوسط خلال جيل كامل"، هذه هي القناعة التي عبّر عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في لقائه مع جيفري جولدبرج الصادر بعنوان "عقيدة أوباما" عن مجلة "الأطلنطي" (The Atlantic) في أبريل 2016. ولم تكن هذه الرؤية مجرد تعبير عن الرؤية الشخصية لأوباما بقدر كونها تعبيرًا عن قناعات ترسخت لدى النخب السياسية في الدول الغربية بسبب تتابع الأزمات والتحولات الإقليمية السريعة، وتتمثل أهم خصائص هذه التحولات الإقليمية فيما يلي:

1- التطور المفاجئ: لم يعد بمقدور المتابعين أو صناع القرار التنبؤ بمسار التطورات الإقليمية؛ إذ لم يكن أحد يتوقع بصورة دقيقة الصعود السريع للتيارات الإسلامية عقب الثورات العربية، والذي أعقبته موجة انحسار كامل شملت غالبية دول الإقليم، وينطبق ذلك الأمر على الانقلاب العسكري في تركيا الذي حدث بصورة غير متوقعة في 15 يوليو 2016، ولم يستغرق سوى ساعات محدودة أعقبها استعادة أنصار الرئيس التركي أردوغان السيطرة، أما التدخل العسكري الروسي في الصراع الأهلي في سوريا الذي كانت بدايته في 30 سبتمبر 2015 فقد جاء كتطور مفاجئ للأحداث، كما أن استمراره فترةً تقارب العامين لم يكن ضمن توقعات أيٍّ من المتابعين الذين رجح أغلبهم انسحابًا سريعًا لروسيا عقب تحقيق بعض الأهداف الميدانية.

2- التفجر المتتالي: لا يؤدي انقضاء أزمة إقليمية معينة إلى انتهاء آثارها بصورة كلية، إذ تظل جذورها كامنة بانتظار محفزات جديدة تؤدي إلى تفجرها من جديد بصورة أكثر حدة، فمثلاً لا يمكن اعتبار التراجع النسبي لنشاط بعض التنظيمات الإرهابية -مثل تنظيم القاعدة- مؤشرًا على انتهاء التنظيم بقدر كونه مؤشرًا على صعود تنظيمات أكثر عنفًا مثل تنظيم داعش الذي تصدر المشهد الإقليمي بعد سيطرته على مساحات واسعة من سوريا والعراق بين عامي 2013 و2015. وفي السياق ذاته، جاء انحسار تنظيم "داعش" في معاقله الرئيسية مقترنًا بعودة التنظيمات الإرهابية المحلية، مثل: القاعدة في اليمن، والشباب في الصومال.

3- التصعيد غير المحدود: لم يعد لدى الفاعلين في الأزمات الإقليمية حدود معروفة للتصعيد المتبادل، كما يعد ممكنًا توقع ردود الفعل التي يمكن أن يتخذها الفاعلون في مواجهة خصومهم؛ حيث أدى إسقاط قوات التحالف الدولي مقاتلةً سورية من طراز سوخوي-22 في 18 يونيو 2017 بدعوى إلقائها قنابل بالقرب من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الغرب إلى إعلان روسيا وقف التنسيق العسكري مع التحالف الدولي، واعتبار طائراته أهدافًا لدفاعاتها الجوية في سوريا. وفي المقابل، أكدت الولايات المتحدة احتفاظها بحق الدفاع عن النفس. كما قامت إيران بشن هجوم صاروخي على دير الزور في 19 يونيو 2017 بدعوى الرد على الهجمات الإرهابية الأخيرة، ومعاقبة التنظيمات الإرهابية المتورطة بها، وهو ما اعتبرته بعض التحليلات رسالة تهديد ضمنية للقوى الإقليمية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

4- التداعيات غير المقصودة: تتسم التحولات الإقليمية المفاجئة بالتداخل والتعقيد في أسبابها وتداعياتها والأطراف المنخرطة بها، مما يزيد من تهديدها لأمن واستقرار الدول، فقد يترتب على هذه الأحداث بعض التداعيات غير المقصودة (Unintended Consequences)؛ إذ ترتب على إسقاط تركيا مقاتلةً روسية من طراز سوخوي- 24 في نوفمبر 2015، تصعيد بين الدولتين، حيث قررت روسيا إيقاف تدفقات السياحة الروسية إلى تركيا، وقطع جميع الاتصالات العسكرية مع الجانب التركي، كما نشرت روسيا منظومات دفاع صاروخي متقدمة في سوريا، وعززت وجودها العسكري، مما أدى إلى تقوية الموقف الميداني لنظام الأسد في مواجهة فصائل المعارضة السورية.

وينطبق الأمر ذاته على التدخل العسكري التركي في سوريا في أغسطس 2016، حيث كان الهدف الرئيسي لأنقرة هو تطويق تمدد الأكراد في المناطق الحدودية، وإعاقة تأسيس كيان كردي في سوريا مشابه لإقليم كردستان العراق؛ إلا أن هذا التدخل دفع الولايات المتحدة لزيادة دعمها العسكري للأكراد، وتأسيس تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي يضم في إطاره وحدات حماية الشعب الكردية، بالإضافة إلى نشر قوات أمريكية في منبج لردع التدخل العسكري التركي، مما عرقل تحقيق أنقرة لأهدافها، بالإضافة إلى زيادة تعقيد الأوضاع الميدانية في سوريا، والتأثير سلبًا على قدرة نظام الأسد على التقدم الميداني.

5- التغير المتواصل: لم تعد التطورات والأحداث الإقليمية تتسم بالثبات والانتظام في مساراتها، في ظل التغير المتواصل وغير المنتظم للأوضاع الإقليمية، بحيث لم يعد من الممكن التنبؤ بالتطور القادم حتى ولو بدرجة محدودة من اليقين. فعلى سبيل المثال، أثار انحسار تنظيم "داعش" في سوريا والعراق تساؤلات مُبهمة ومحيرة حول مستقبل التنظيم، ومدى قدرته على إعادة الانتشار بصورة جديدة، بالإضافة إلى مستقبل المناطق المحررة وكيفية إدارة التوازنات الداخلية في مرحلة "ما بعد داعش"، ولا ينفي انحسار داعش قدرتها على إعادة إنتاج ذاتها بصورة مختلفة، وتهديد أمن واستقرار الشرق الأوسط ودول الجوار بأنماط غير تقليدية وغير متوقعة من التهديدات.

6- انكشاف الداخل: تتسم الأزمات الإقليمية بقدر كبير من التداخل ما بين الداخل والخارج، وعدم وجود حدود فاصلة بين النطاقات الداخلية والخارجية، إلا أن المحصلة النهائية لهذه الأزمات تؤدي إلى تصاعد مستويات الانكشاف الداخلي لعدد كبير من دول الإقليم، مما يزيد من الضغوط على الداخل بصورة غير مسبوقة بسبب تتابع الأزمات الإقليمية الحادة، حيث تتسبب الأزمات الإقليمية المتتالية في إثارة تداعيات ضاغطة على الأوضاع الداخلية مثل: الثورات، والانتفاضات الإقليمية، وتمدد التنظيمات الإرهابية، وتفاقم الصراعات الداخلية، والمواجهات المكشوفة بين القوى الإقليمية، والأزمات المالية العالمية، والتحولات الجذرية في مصالح وسياسات القوى الكبرى تجاه الإقليم.

خيارات مواجهة الأزمات:

يتمثل التحدي الرئيسي لدول الشرق الأوسط في كيفية الاستعداد لمواجهة التحولات المفاجئة، والتكيف معها في حال حدوثها، والارتداد للحالة الطبيعية عقب انتهائها من خلال تفادي أو تخفيف حدة التداعيات السلبية واستغلال الفرص، والأهم هو اتخاذ إجراءات للتعامل السريع من الأزمات المستقبلية. وفي هذا الإطار، تتفاوت خيارات الدول لمواجهة الأزمات الإقليمية وفقًا لقدراتها ومكانتها الإقليمية، ومدى قربها من مركز الأزمة، ودرجة تأثير الأزمات على الأمن والاستقرار، وتتمثل أهم هذه الخيارات فيما يلي:

1- الترقب الحذر: يُعد الترقب الحذر والانتظار لاكتمال أبعاد الموقف الاختيار المُفضل للدول البعيدة عن مركز الأزمة، والتي تسعى لتجنب آثارها، وتفضل اتباع سياسات محايدة خلال الأزمات، خاصة إذا لم تكن ضمن الأطراف المباشرة للأزمات، حيث يرى صناع القرار أن تفجر الأزمة ليس سوى "قمة جبل الجليد" الذي ستتكشف كافة أجزائه عقب ظهور كافة المعطيات، كما أن اتخاذ قرارات حاسمة في هذه المرحلة -وفقًا لهم- سيكون مصحوبًا بتكاليف مرتفعة للغاية قد لا يمكن تحملها، ويمكن في ضوء ذلك تفسير الموقف المبدئي لدول مثل الأردن وتونس من الأزمات الإقليمية، إذ إن الحسابات المعقدة للتكاليف والعوائد للاختيارات المختلفة قد تدفعهم للانتظار طويلا قبل إبداء موقف معلن من الأزمات، وعادةً ما يغلب عليه الحياد المُعلن بدرجات متفاوتة.

2- تحصين الداخل: تركز الدول في التعامل مع الأزمات على تأمين الجبهة الداخلية، وتحصين الداخل من التداعيات المتوقعة للأزمة، باعتبار ذلك في صدارة الأولويات التي تضعها الدول في اعتبارها، مما يؤثر في تعاملها مع الأزمات الإقليمية، وقد يدفعها إلى تبني خيارات متحفظة وحذرة أحيانًا، على الأقل في المراحل الأولية أو خيارات تصعيدية لمواجهة التهديدات، حيث غلبت اعتبارات تحصين الداخل من التهديدات على سياسات تونس والجزائر والمغرب تجاه الصراع الأهلي في ليبيا. وفي المقابل، لجأت مصر لتنفيذ ضربات جوية ضد معاقل التنظيمات الإرهابية في ليبيا قبيل نهاية مايو 2017 بسبب تورط بعض عناصرها في الهجوم الإرهابي ضد الأقباط في محافظة المنيا.

3- استغلال الفرص: قد تتضمن بعض الأزمات في طياتها فرصًا لأطراف إقليمية يمكن استغلالها لتحقيق مكاسب نوعية، فقد تستغل بعض الدول الأزمات الاقتصادية العالمية لتمرير سياسات الإصلاح الاقتصادي ذات التكلفة المرتفعة اجتماعيًّا، وهو ما ينطبق على استغلال انخفاض أسعار البترول لرفع الدعم الحكومي تدريجيًّا لتقليل عجز الموازنة، كما قد تتضمن بعض الكوارث الطبيعية فرصًا لإعادة تأسيس البنية التحتية المتهالكة، وتشييد منشآت تراعي معايير السلامة والأمان. وتنطوي بعض الأزمات الإقليمية على فرص لدول من غير الأطراف في الأزمة، سواء للقيام بأدوار الوساطة والتوفيق، أو تحقيق مكاسب بالانحياز لأحد الأطراف، وحتى الدول الأطراف في الأزمة ذاتها يمكنها توظيف التضامن المجتمعي، والاصطفاف خلف صناع القرار لتمرير قرارات مهمة ذات تكلفة سياسية مرتفعة لم يكن من الممكن للرأي العام قبولها في الأوضاع العادية.

4- الاستيعاب والاحتواء: تمثل سياسات استيعاب الصدمات واحتواء التداعيات ضمن الإجراءات الدفاعية التي قد يتم اتخاذها في حالة وجود خسائر متوقعة مرتبطة بحدوث التحولات المفاجئة، وتركز الدول في هذه الحالة على تهيئة السياقات الملائمة لتفادي التكلفة المرتفعة من خلال إجراءات متعددة تركز على معالجة تداعيات الأزمات بصورة تدريجية، فحدوث أزمات اقتصادية داخل الدولة يتطلب التركيز على معالجة سريعة لتداعياتها الاجتماعية، ومحاولة التخفيف من آثارها، واحتواء تداعياتها قبل البدء في التعامل مع أسبابها الجذرية.

5- استباق التهديدات: تندرج سياسات استباق التهديدات ضمن الإجراءات الهجومية التي تتخذها الدول لمواجهة التهديدات المُحتملة قبل حدوثها بالفعل وفي مراحل صعودها الأولية. فعلى سبيل المثال، تركز بعض تفسيرات التدخل العسكري الروسي في سوريا على سعي موسكو للتصدي لتهديدات عودة حوالي 5000 مقاتل من عناصر داعش من الناطقين بالروسية، وهو ما دفعها لمواجهة التنظيم ميدانيًّا في سوريا قبل انتقال تهديداته إلى الأراضي الروسية. ويمكن تفسير تدخل دول التحالف العربي لدعم الحكومة اليمنية بمحاولة استباق تهديدات الحوثيين للأمن الإقليمي للخليج العربي والأمن البحري في منطقة خليج عدن، في ظل تمكن الحوثيين عقب سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء من الاستيلاء على صواريخ باليستية ومنظومات تسلح نظامية يمكنها تهديد أمن واستقرار دول الجوار. 

6- المواجهة المباشرة: لم تعد خيارات التصعيد الكامل والمواجهة المباشرة من الإجراءات التي يتم استبعادها أو تجنبها في منطقة الشرق الأوسط، ففي ظل تصاعد حدة التهديدات ومساسها بأمن واستقرار وبقاء الدول فإن السياسات الدفاعية والوقائية لم تعد كافية، وباتت سياسات التصعيد والمواجهة والاشتباك مع مصادر التهديدات غير مستبعدة، إذ إن المواجهة المباشرة مع تنظيم داعش والاستهداف المباشر لمعاقله في سوريا والعراق لم يكن قابلاً للتأجيل في ظل تمدد تهديدات التنظيم للأمن العالمي.

وينطبق الأمر ذاته على مواجهة تهديدات الميليشيات التابعة لإيران للأمن الإقليمي، وكذلك التصدي لدعم ورعاية بعض دول الإقليم للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة التي تهدد بقاء واستقرار الدول.

7- إعادة الهيكلة الإقليمية: يمكن اعتبار إعادة هيكلة النظام الإقليمي ضمن الخيارات الجذرية متوسطة وطويلة المدى التي يمكن اللجوء إليها للتعامل مع تتابع الأزمات الإقليمية، وتعدد مصادر التهديدات، مما يدفع الدول الداعمة للاستقرار إلى تأسيس نظام إقليمي يرتكز على قواعد متوافق عليها بين أكبر عدد من دول الإقليم لمواجهة ومحاصرة مصادر التهديدات، ومنعها من الانتشار والتمدد، والتصدي للأطراف الإقليمية التي تسعى لتحقيق طموحات للهيمنة الإقليمية من خلال سياسات عدوانية تقوم على اختراق وتفكيك دول الجوار ورعاية وتمويل الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.

ختامًا، يمكن القول إن السياسات الهجومية، وإجراءات المواجهة المباشرة، والتصعيد المحسوب، وتأسيس نظام للأمن الإقليمي، على الرغم من تكلفتها، إلا أنها باتت مطروحة بقوة، مع انتقال مركز الثقل والفاعلية في مواجهة الأزمات الإقليمية إلى القوى الرئيسية في الإقليم التي باتت مسئولة بصورة مباشرة عن حماية الاستقرار الإقليمي، والدفاع عنه، مع انسحاب القوى الدولية، وتراجع فاعلية أدوارها في الأزمات الإقليمية، وتباين مصالحها التي لم تعد تتطابق مع الأمن والاستقرار الإقليمي.