الولايات المُتأرجحة:

كيف تُحسم نتيجة السباق الانتخابي الأمريكي 2024؟

06 September 2024


في الوقت الذي يحق فيه لنحو 240 مليون شخص أمريكي التصويت في انتخابات الولايات المتحدة هذا العام؛ فإن عدداً قليلاً نسبياً من السكان هو من يحسم مسألة من سيصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب ما يُعرف بظاهرة "الولايات المتأرجحة". هذه الولايات تتأرجح في اتجاهات تصويتها كما في استطلاعات الرأي ما بين المرشح الجمهوري تارة، والمرشح الديمقراطي تارة أخرى، ولكنها يُنظر إليها على أنها مفتاح الدخول إلى البيت الأبيض.

وهكذا، تؤدي هذه الولايات دوراً رئيسياً في تحديد الفائز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية. ويصل عددها سبع ولايات في السباق الانتخابي لعام 2024، وهي: بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، وهي الولايات المعروفة باسم ولايات حزام الصدأ، إلى جانب أريزونا وجورجيا ونيفادا وكارولينا الشمالية.

هذا التأرجح في استطلاعات الرأي وغياب اليقين بشأن من الذي سيفوز بتلك الولايات، يجعل حملتيْ المرشح الجمهوري والرئيس الأسبق دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس خلال الوقت الراهن تبذلان قصارى جهدهما لكسب أصوات الناخبين في تلك الولايات.

الولايات الأرجوانية:

تُعرف الولايات المتأرجحة في الأدبيات الأمريكية باسم "ولايات ساحة المعركة" أو "الولايات الأرجوانية"، وهي أي ولاية يتمتع فيها كلا الحزبين الرئيسيين بمستويات مماثلة من الدعم بين الناخبين -مع تقارب الديمقراطيين والجمهوريين في استطلاعات الرأي ببضع نقاط مئوية-، فعلى عكس الولايات الآمنة، أو ما يُعرف بالولايات الحمراء التي تميل للحزب الجمهوري، أو الولايات الزرقاء التي تميل إلى الحزب الديمقراطي، تتميز الولايات المتأرجحة بما يلي:

1. تغييرات مُستمرة: إن السمة الرئيسية للتصويت في تلك الولايات هي التغير المُستمر؛ مما يعني فشل استطلاعات الرأي في التنبؤ بفوز أي من المرشحين. فبينما تُشير استطلاعات الرأي خلال شهر يوليو 2024 إلى أن ست ولايات متأرجحة، وهي نيفادا وأريزونا وجورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، تدعم ترامب، بالرغم من كونها كانت الحاسمة في خسارته أمام بايدن في انتخابات 2020، تفيد نفس الاستطلاعات في الشهر التالي بأن تلك الولايات تتجه لتأييد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

2. احتدام المُنافسة: نظراً لأن الهوامش التصويتية تكون مُتقاربة بين المرشحين؛ فإن هذه الولايات أكثر عرضة لخوض سباقات أكثر صرامة على مستوى الولاية في انتخابات التجديد النصفي القادمة، كما أن السباق الانتخابي الرئاسي يشهد معارك انتخابية حقيقية؛ إذ تبذل كل حملة على حدة كل ما في وسعها للفوز بأصوات المجمع الانتخابي. ونظراً لاستخدام معظم الولايات لنهج "الفائز يأخذ كل شيء" (The Winner-take-all) لتحديد ناخبي الرئاسة؛ فغالباً ما يقوم المرشحون بتكثيف حملاتهم الانتخابية وتخصيص غالبية الإعلانات وإجراء المؤتمرات والزيارات لتلك الولايات لحسم المنافسة.

3. تحولات بمرور الوقت: تُعد حالة التأرجح غير دائمة؛ إذ تنتقل الولايات من كونها مُتأرجحة إلى كونها "آمنة" أي محسومة لصالح أحد الحزبين في فترات زمنية معينة، والعكس صحيح؛ إذ تنتقل ولايات أخرى "آمنة" إلى التأرجح بمرور الوقت واختلاف الظروف. فعلى سبيل المثال، كانت ولايتا نيو مكسيكو وأيوا متأرجحتان خلال انتخابات 2000 و2004، وبعد ذلك أصبحتا آمنتان، كما انتقلت كل من أريزونا وجورجيا من كونهما ولايتين متأرجحتين إلى الدوائر الآمنة على مدار العقدين الماضيين.

4. التأثر بالقضايا الانتخابية: من المعروف أن الولايات المُتأرجحة تُعد ضمن الأكثر تأثراً بالقضايا الانتخابية ومشكلات الرأي العام الأمريكي، وفي الأغلب تحظى هذه الولايات بأكبر قدر من النقاش في الانتخابات التمهيدية للأحزاب، ويتم التطرق لتلك القضايا بعد ذلك في مرحلة الدعاية.

على سبيل المثال، تُعد ولايات ما يُعرف باسم "حزام الصدأ" (الولايات التي اشتهرت سابقاً بكونها مراكز تصنيع ثقيل ثم تراجعت مستويات العمل ومستويات المعيشة بها) مثل: بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن؛ الأكثر تأثراً بالأزمات الاقتصادية التي واجهت الولايات المتحدة؛ ولذا، يحاول المرشحون جذب انتباه الناخبين في تلك الولايات عبر استعراض رؤيتهم حول قضية البطالة، وكيفية إعادة تشغيل المصانع المغلقة، التي انتقلت صناعاتها إلى دول أخرى مثل: الصين والمكسيك.

5. العوامل الديمغرافية: إن حركة الأشخاص في جميع أنحاء الولايات المتحدة بحثاً عن وظائف أو التقاعد وأسباب أخرى يمكن أن تتسبب في تحوّلات ديمغرافية، بما في ذلك التقلبات في التركيبة العرقية والإثنية للولاية إلى جانب الهجرة؛ وهي عوامل قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تغير النسيج السياسي للولاية وتوجهات ناخبيها؛ وهو أمر يدفع الولاية أحياناً باتجاه التأرجح.

عامل هاريس:

توقع محللو الانتخابات منذ فترة طويلة أن يتوقف السباق الانتخابي لعام 2024 على عدد قليل من الولايات المتأرجحة، لكن الزخم الديمقراطي بعد انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن واختيار نائبته كامالا هاريس؛ يجعل بعض الولايات تتحول لساحة معركة أكثر من أي وقت مضى.

وتفيد التقديرات بأنه قبل انسحاب الرئيس جو بايدن، أظهرت استطلاعات الرأي أن ترامب كان متقدماً في معظم الولايات المتأرجحة السبع، إن لم يكن كلها. ولكن منذ تولي هاريس منصب المرشحة الديمقراطية، تتحرك نماذج التنبؤ لصالحها؛ ولاسيما وأن ترشيح هاريس أعاد تنشيط الناخبين الشباب، والناخبين من أصول مُهاجرة، كما أثرت بشكل إيجابي في وحدة الحزب الديمقراطي؛ ومن ثم قدرته على التعبئة.

خريطة انتخابية:

أصبحت سبع ولايات محل أنظار كل الأمريكيين ومحور اهتمام حملتيْ ترامب وهاريس؛ إذ تمتلك 93 صوتاً انتخابياً متاحاً في المجمع الانتخابي، ومن المرجح أن تكون تلك الأصوات العامل الحاسم إما في فوز ترامب أو هاريس. 

وفيما يلي نتناول أبرز الأسباب التي تدفع نحو تأرجح الأصوات في تلك الولايات:

1. أريزونا والرهان ما بين الهجرة والإجهاض: تُصنف أريزونا على أنها ولاية مُتأرجحة بعد أن كانت في السابق معقلاً جمهورياً، إلّا إنها شهدت استثناءً في انتخابات 2020؛ حين كسر بايدن تأييد أريزونا للحزب الجمهوري وفاز بالولاية بهامش 0.3%، وانتخابات عام 1996، حينما دعمت الولاية بيل كلينتون في إعادة انتخابه. وتتأرجح الأصوات في أريزونا بسبب أمرين: الأول هو أنها تشهد تنوعاً سكانياً قوياً يمتد ما بين البيض والمواطنين ذوي الأصول الإفريقية إلى جانب الهنود الأمريكيين وسكان ألاسكا الأصليين، في حين أن الأمر الثاني يتعلق باتساع عدد الناخبين المُستقلين أو غير المُنتمين لتيار سياسي محدد؛ إذ تُشير تقديرات "مشروع الناخب المستقل" (The Independent Voter Project) إلى أن نسبة الناخبين المسجلين غير المنتمين ليست بقليلة، وقد وصلت لنحو 29.15% بدءاً من نوفمبر 2023.

وإذا كانت اتجاهات التصويت المُحتملة مُحيّرة بسبب عوامل ديمغرافية وحزبية؛ فإن الهجرة والإجهاض قضيتان انتخابيتان تؤديان أدواراً كبيرة في اتجاهات تصويت الناخبين في 5 نوفمبر 2024؛ فمن ناحية، يراهن الجمهوريون على تلك الولاية الحدودية التي عانت من سياسات الهجرة التي رسمتها الإدارة الديمقراطية برئاسة بايدن؛ فنظراً لضيق سكان الولاية من تزايد أعداد المهاجرين؛ فإن ترامب وحملته يأملان في أن تكون هذه القضية عاملاً حاسماً في تصويت ثلث الناخبين في أريزونا للحزب الجمهوري، خاصة وأن الهجرة والاقتصاد أبرز القضايا التي تأتي في أولويات اهتمام سكان أريزونا بحسب استطلاع تم إجراؤه في فبراير 2024.

ومن ناحية أخرى، يراهن الديمقراطيون على الفوز في الولاية؛ بسبب ما كشفته استطلاعات الرأي الأخيرة عن اكتساب هاريس مُؤخراً أرضية في الولاية بسبب قضية الإجهاض؛ إذ تفوقت على ترامب في استطلاعات الرأي بهامش ضيق لا يتعدى 0.7%. وعلى الرغم من تفوق الجمهوريين على الديمقراطيين في عدد الأعضاء المسجلين حزبياً، بنسبة 35% مقابل 29%؛ فإن تأخر الجمهوريين في استطلاعات الرأي التي تُشير إلى أن 49% من سكان الولاية يؤيدون الإجهاض مقابل 46% يعارضونه؛ يدفع الديمقراطيين لبذل مزيد من الجهد للفوز بأصوات تلك الولاية.

وعلى هذا النحو، أعلنت حملة هاريس أنها ستخصص 50 مليون دولار من ضمن 370 مليون دولار للولايات المتأرجحة لشراء الإعلانات في ولاية أريزونا الأمريكية، في حين خصص ترامب 2 مليون دولار لنفس الولاية.

2. جورجيا أرض مفتوحة للمُرشحين: تُعد جورجيا مثالاً رئيسياً على التحول من الولايات الآمنة إلى الولايات المتأرجحة؛ إذ فاز بايدن بالولاية في انتخابات 2020 أمام ترامب، في حين فاز الأخير بالولاية في انتخابات 2016 أمام هيلاري كلينتون؛ وهو ما كتب لها التحول لتكون ولاية مُتأرجحة. وفي يونيو 2024، صنفت "يو أس نيوز" الولاية على أنها "مُتعادلة" في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، على الرغم من أن ثلث سكان جورجيا من أصل إفريقي؛ وهي واحدة من أكبر نسب السكان من ذوي الأصول الإفريقية في البلاد، ويُعتقد أن هذه التركيبة السكانية كانت فعالة في فوز بايدن بالولاية عام 2020، ومع ذلك؛ فإن الديمقراطيين كانوا قلقين بشأن تقلص حماس الناخبين تجاه بايدن، مع ترجيحات بأن تكون هاريس دافعاً لتحريك تلك الدائرة الانتخابية لصالح الحزب الديمقراطي.

وعلى الرغم من أن متوسط استطلاعات الرأي -وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز في أوائل يوليو 2024- كشف عن أن ترامب يتقدم بنسبة 49% إلى 44% على بايدن حينما كان في السباق الانتخابي؛ فإن أحد الاستطلاعات يُفيد بأن ترامب يتقدم بنسبة 0.6% فقط على هاريس في ولاية جورجيا؛ وهي إشارة تعكس أن الولاية أصبحت أرضاً مفتوحة لكلا المرشحين. 

وهكذا، يرى المراقبون أن ولاية جورجيا ساحة معركة حاسمة لكلا الزعيمين بينما يكافحان لكسب انتباه الناخبين في انتخابات تاريخية، وينعكس ذلك في أن ترامب يبذل قصارى جهده لتعبئة الناخبين في الولاية، فقد نظم تجمعاً حاشداً في مدينة روما بولاية جورجيا في مارس 2024، وفي المقابل، كانت جورجيا المحطة الأولى لحملة هاريس الانتخابية بعد ثلاثة أيام من انتهاء انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي.

3. ويسكونسن وصعوبة التنبؤ بها: كانت ولاية ويسكونسن ولاية زرقاء (أي تميل للحزب الديمقراطي) آمنة، ثم فاز بها ترامب بهامش ضيق في انتخابات 2016؛ كأول جمهوري يفوز بها منذ 1984، ثم قلب بايدن الطاولة في انتخابات 2020، وحسم أصوات الولاية لصالحة أمام ترامب ذاته؛ أمر جعل الولاية متأرجحة بامتياز.

وتتعزَّز أهمية ويسكونسن في سباق 2024 باختيار الجمهوريين لمقاطعة ميلووكي كموقع لانعقاد مؤتمرهم الوطني يوليو الماضي، كما أنها زادت أهمية بعد اختيار هاريس لها كأول ولاية تزورها بعد إعلان بايدن دعم هاريس للترشح في السباق الانتخابي في يوليو الماضي.

4. بنسلفانيا ولاية محورية: تُعرف ولاية بنسلفانيا إلى جانب ميشيغان وويسكونسن، باسم ولايات "الجدار الأزرق"؛ لأنها كانت من الولايات التي تصوّت للديمقراطيين منذ عام 1992 حتى 2012، لكن الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب اخترق هذا الجدار حين فاز بتصويت الولاية في انتخابات 2016، متفوقاً على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بنسبة لم تتجاوز 0.7%.

ويرى المراقبون أن الولاية "محورية للحملات الرئاسية"؛ نظراً لأنها تضم ناخبين ذوي توجهات سياسية متباينة، فمن الناحية الحضرية؛ فإن معظم الناخبين الذي يعيشون في المدن الكبرى بالولاية مثل فيلادلفيا؛ "ليبراليون"؛ في حين أن معظم الناخبين في المناطق الريفية في بنسلفانيا "محافظون".

وتُعد بنسلفانيا الولاية الأهم من ضمن الولايات المتأرجحة؛ نظراً لأنها تمتلك 19 صوتاً في المجمع الانتخابي البالغ عدده 538 صوتاً؛ ومن ثم، يفضّل المرشحون عدم خسارتها، إلا أن الطريق إلى النصر لأي من المرشحين لا يزال صعباً في ظل تقارب الهوامش التصويتية بين المرشحين، فقد كشفت صحيفة نيويورك تايمز في 16 أغسطس 2024 عن أن متوسط استطلاعات الرأي يُشير إلى تقدم هاريس على ترامب بنسبة 49% مقابل 48% في ولاية بنسلفانيا، مع الأخذ في الاعتبار أن حملة ترامب تعوّل على أهمية فئة كبار السن في تلك الولاية؛ فمن بين 13 مليون شخص، بحسب تعداد عام 2020؛ فإن أكثر من 2.5 مليون منهم من كبار السن الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر، ويشكل هؤلاء كتلة تصويتية مؤثرة، كانت أحد الأسباب وراء فوز ترامب على كلينتون في انتخابات 2016.

وتُشير أولويات سكان بنسلفانيا إلى أن أجندة ترامب الانتخابية هي الأكثر توافقاً مع السكان فوفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة "سي أن أن" في مارس الماضي، يتضح أن 4 من كل 10 ناخبين في الولاية ينظرون إلى الاقتصاد باعتباره القضية الأولى عندما يفكرون في اختيارهم الرئاسي؛ وهو أمر في صالح ترامب، الذي يسعى إلى توظيف فشل بايدن في الحد من معدلات التضخم المرتفعة.

5. ولاية نيفادا والتوازن الدقيق: على الرغم من فوز الحزب الديمقراطي بالولاية في انتخابات 2016 و2020، فإن ولاية نيفادا من الولايات المتأرجحة، ومع ذلك؛ يشعر ترامب بالثقة بشأن نيفادا؛ لأن استطلاعات الرأي في أواخر عام 2023 كشفت عن أن الناخبين في نيفادا أكثر ثقة في الجمهوريين؛ لأنهم قادرون على التعامل قضايا مثل: الاقتصاد والهجرة والتعليم، كما أن استطلاعات الرأي حتى منتصف يوليو تتفق على تقدم ترامب مقارنة ببايدن.

ويتفق المتخصصون في الشأن الانتخابي الأمريكي أن ولاية نيفادا تظهر دائماً توازناً دقيقاً في توزيع ناخبيها، وذلك في ضوء تنامي ثقل أصوات المستقلين داخل الولاية، والذين تتجاوز نسبتهم 30%، وخلافاً للولايات الأخرى؛ بإمكان سكان نيفادا غير الموافقين على أي من المرشح الجمهوري أو المرشح الديمقراطي، التصويت ببساطة لخيار "لا أحد من المرشحين"، وهو احتمال تتيحه لهم الولاية رسمياً على أوراق الاقتراع.

6. ميشيغان وثقل الأصوات العربية والعمالية: اعتادت ولاية ميشيغان التصويت لصالح الحزب الجمهوري خلال فترات السبعينيات والثمانينيات، تغير ذلك مؤخراً وأصبحت تصنف ضمن الولايات المتأرجحة، ولاسيما في ظل انتزاع بايدن الولاية في انتخابات 2020. وتُعد ميشيغان من الولايات العشر الأولى بين جميع الولايات الأمريكية من حيث عدد أصوات المجمع الانتخابي؛ إذ تمتلك 15 صوتاً انتخابياً؛ مما يجعلها تؤدي دوراً حاسماً في السباق إلى البيت الأبيض.

وتجدر الإشارة إلى أن ميشيغان أحد معاقل كتلة التصويت ذات الأصول العربية؛ إذ يتجاوز عدد العرب في الولاية نحو 211 ألف شخص. وتشير التقديرات إلى أن هاريس تسعى إلى استعادة تأييد الناخبين العرب وجذبهم نحو الحزب الديمقراطي بعد أن شعروا بالتهميش جراء طريقة تعاطي الرئيس جو بايدن مع حرب غزة وتأييده المطلق لإسرائيل.

وإلى جانب أصوات الكتلة العربية، تأتي النقابات العمالية لتكون عاملاً حاسماً في الفوز بأصوات تلك الولاية؛ ومن ثم يأمل كل من ترامب وهاريس في تأمين أصوات أعضاء نقابة عمال صناعة السيارات وأعضاء نقابة سائقي الشاحنات.

وعلى الرغم من أن هاريس تحافظ على تقدم طفيف على ترامب بنسبة 48% مقابل 46%؛ فإن أغلبية استطلاعات الرأي في أغسطس 2024 تشير إلى أن ما يقرب من 25% من الناخبين في ميشيغان لم يقرروا بعد من سيصوتون له في نوفمبر المقبل.

7. كارولينا الشمالية وتقليص فجوة الفارق: كانت ولاية كارولينا الشمالية من الولايات التي تصوت عادة لصالح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية، كما كانت الهوامش بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين أصغر في الانتخابات الأخيرة، وتضع الأصوات الانتخابية الستة عشر التي تملكها، الولاية في المراكز العشرة الأولى بين جميع الولايات؛ مما يجعلها محورية لكل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وهكذا، استحوذت الولاية على اهتمام ترامب وبايدن وفيما بعد كامالا هاريس. فخلال العام الجاري فقط، زار ترامب الولاية ثلاث مرات في شهور مارس ويوليو وأغسطس، للمشاركة في تجمعات انتخابية خاصة بحملته، انتقد فيها الديمقراطيين. وبالمثل، زار بايدن الولاية عدة مرات.

اهتمام مُتزايد:

في ضوء أن الولايات المتأرجحة تبدو العامل الحاسم لفوز ترامب أو هاريس؛ فإن دلالات الاهتمام بتلك الولايات جاءت على النحو التالي:

1. حملات إعلانية وزيارات مكوكية: مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تزور الحملتان الولايات المتأرجحة وتنشران إعلانات جديدة، فعلى سبيل المثال، أطلقت نائبة الرئيس كامالا هاريس إعلاناً جديداً يُذاع حالياً في الولايات المتأرجحة حول القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، وقالت فيه إنها إذا انتُخبت ستبني ثلاثة ملايين منزل جديد وتساعد المشترين لأول مرة على دفع أقساطهم الأولية، مع تقديرات تفيد بأن تكلفة الإعلان وصلت لنحو 150 مليون دولار، وإلى جانب ذلك، أطلقت هاريس ووالز جولة بالحافلات عبر جورجيا. في حين واصل فريق ترامب-فانس حملته الانتخابية ملقياً باللوم على إدارة بايدن-هاريس في التضخم.

2. خدمات إعلامات خاصة: قررت شبكات "سي بي أس" و"أن بي سي" و"آيه بي سي" و"فوكس" إتاحة خدمة بث تلفزيونية أُطلق عليها  Swing State Election Newsلاستعراض الأخبار المحلية في الولايات المتأرجحة، إدراكاً لأهمية تلك الولايات باعتبارها أحد أهم المحددات لمستقبل السباق الانتخابي الأمريكي، وسوف تقوم خدمة البث بإذاعة كل ما هو محلي في تلك الولايات، إلى جانب متابعة كيفية شن الحملات هناك عن كثب.

وفي التقدير، يمكن القول إن الدور الذي تؤديه الولايات المتأرجحة في حسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تزايد مستمر، يدعم ذلك حالة الاستقطاب الكبيرة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بالإضافة إلى تزايد أعداد المستقلين بهذه الولايات؛ وهو ما يرجح تخصيص مزيد من الموارد والوقت من قبل الحزبين لنيل أصواتهما.