كتب المستقبل:

دور القوة الناعمة في السياسة الخارجية للقوى المتوسطة

07 November 2023


أصدر مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، كتاباً جديداً بعنوان "دور القوة الناعمة في السياسة الخارجية للقوى المتوسطة"، أعده مجموعة من المؤلفين، وقام بتحريره الدكتور خالد حنفي علي، الباحث المصري بمؤسسة الأهرام. 

ويُقيم الكتاب تجارب القوة الناعمة لخمس دول يُنظر إليها في العديد من الأدبيات، كقوى متوسطة في العلاقات الدولية، وهي الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل وتركيا وكوريا الجنوبية، وتمثل هذه الدول أقاليم وثقافات مختلفة، كآسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، وتشترك في كونها تعبر عن سياقات غير غربية، وهو ما يتيح فهماً معمقاً لكيف تعمل القوة الناعمة في السياسات الخارجية للقوى المتوسطة ومزاياها النسبية التي تجعلها أكثر جذباً للآخرين؟، وما التحديات التي تحد من فعاليتها؟

وتطرح التجارب الخمس ملامح مشتركة قد تثري النقاشات النظرية والعملية حول القوة الناعمة، ولاسيما أن تلك القوى المتوسطة لديها بالأساس مخزون تاريخي وحضاري من ممارسات التأثير الناعم في الآخرين، حتى قبل أن يصك جوزيف ناي مفهوم القوة الناعمة في العام 1990، والذي تعرض بدوره لتطورات، بخلاف الانتقادات له بهيمنة النظرة الغربية على مضامينه. 

ويتألف الكتاب من خمسة فصول، أعدت الفصل الأول الدكتورة أميرة أبو سمرة، أستاذ العلاقات الدولية المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ويناقش القوة الناعمة الهندية من منظور نقدي، إذ يحاجج بأن ثمة تناقضاً بين مقومات القوة الناعمة للهند كدولة وحضارة، وأن مستقبل هذا البلد في عالم القوى الدولية يتوقف، في جانب منه، على حل هذا التناقض. لذا، يُخضع الفصل مفهوم جوزيف ناي للنقد، محاولاً تحديد مدى قدرته على استيعاب خصوصية القوة الناعمة في السياقات غير الغربية، ثم ينطلق من ذلك إلى فهم كيف تمارس الهند قوتها الناعمة، وكيف تتعدد دوائر تأثيرها بين الإقليم والعالم، ثم يختم نظرته بطرح تحديات الإرث الاستعماري، وأثره في مستقبل القوة الناعمة الحضارية الهندية.

بدوره، يقيم الفصل الثاني، الذي أعدته الدكتورة رانيا حسين خفاجة، مدرس العلوم السياسية في كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، القوة الناعمة لجنوب إفريقيا التي تصاعدت إقليمياً وعالمياً إثر تجربتها في مرحلة ما بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، ويتناول الفصل أسس القوة الناعمة لهذا البلد، والمصادر التي تُستقى منها هذه القوة، كما يركز على أهداف السياسة الخارجية لهذا البلد ومن ثم مجالات تطبيق القوة الناعمة لتنفيذ هذه الأهداف، وأخيراً يطرح التحديات أمام النموذج الجنوب إفريقي الناعم.

أما الفصل الثالث، الذي أعدته أمل مختار، الخبيرة في شؤون أمريكا اللاتينية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيسعى إلى تقييم ما تمتلكه البرازيل من مقومات للقوة الناعمة، ومدى إدراك هذا البلد لدوره الإقليمي والدولي، وكيفية استخدام أدوات القوة الناعمة في سياسته الخارجية، والأهم التساؤل حول التأثير المحتمل لعودة لولا داسيلفا إلى السلطة لمرة ثالثة في السياسة الخارجية واستعادة حضور القوة الناعمة للدولة؟ وكيف سيعمل على معالجة أثر سياسات خلفه بولسونارو التي عطلت القوة البرازيلية الناعمة على مدى أربع سنوات؟

ويتناول الفصل الرابع، الذي أعده الدكتور أحمد سيد حسين، مدرس العلوم السياسية في كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، النموذج التركي في ممارسة القوة الناعمة عبر فهم تحولاته الاستراتيجية من تصفير المشكلات في السياسة الخارجية إلى التراجع عن ذلك، وتكثيف استخدام القوة الصلبة، ثم الارتداد مرة أخرى نحو التهدئة، بفعل آثار العزلة التي عانتها تركيا إقليمياً إثر تدخلاتها العسكرية في بعض دول الشرق الأوسط خلال العقد الأخير. 

ويطرح الفصل الخامس والأخير، الذي أعدته دينا إبراهيم حسن، مدرس العلوم السياسية المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، تجربة القوة الناعمة لكوريا الجنوبية التي استطاعت إعادة صياغة موقعها النسبي من وضع غير متكافئ إلى فاعل أساسي في التدفقات الثقافية الدولية. لذا، يسعى الفصل إلى فهم طبيعة القوة الناعمة لهذا البلد ومصادرها، وأدواتها وآلياتها ومدى تلاقيها مع الأهداف الداخلية والخارجية للدولة. فضلاً عن الإشكاليات التي ترتبط بصعود القوة الناعمة الكورية وحدود التأثير والتأثر مع القوى الإقليمية والدولية ممن تستهلك منتجات الثقافة الكورية.

وتُعد سلسلة "كتب المستقبل" من أبرز منتجات مركز المستقبل، ويتولى رئاسة تحريرها الباحث في المركز عبداللطيف حجازي، فيما تتولى نيابة رئاسة تحريرها الباحثة آية يحيى، وصدر من خلال هذه السلسلة العديد من الكتب التي تتناول القضايا والموضوعات الاستراتيجية في مختلف المجالات السياسية، والأمنية والعسكرية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والمجتمعية، وغيرها.