صحيفة العرب

دبلوماسية الفيزا.. أداة نافذة المفعول في السياسة الخارجية

11 March 2017


يسلط الجدل الذي تثيره فكرة العزلة الأمنية المتصاعدة في الغرب الضوء على سياسة تأشيرات الدخول ومدى أهميتها في ترسيخ هذه العزلة، وأيضا تداعياتها على تعقيد إجراءات دخول الأجانب لبعض الدول؛ وهي تعقيدات تضعها دراسة صدرت عن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومقره أبوظبي، ضمن سياسة تحول تأشيرات الدخول من إجراء أمني إلى أداة دبلوماسية تلعب دورا هاما في السياسات الخارجية للدول.

أداة السيادة

كان السياسي الأميركي بيتر رودينو يعتقد أن “ممارسة السلطات والمهام المخولة للمكاتب القنصلية في الخارج، لا سيما تلك المتعلقة بمنح تأشيرات الدخول أو رفضها؛ تكون لها تداعيات بعيدة المدى على حياة الأفراد الراغبين في الدخول إلى الولايات المتحدة، كما أنها تؤثر على السياسة الخارجية الأميركية، وعلى إدراك الآخرين، ورؤيتهم للولايات المتحدة، والأكثر من ذلك أنها تؤثر على أمننا القومي ومصالحنا”.

عبّرت هذه المقولة عن الأهمية المركزية التي باتت تشغلها “تأشيرات الدخول” في السياق الدولي المعاصر، بما يتسم به من زيادة التدفقات البشرية بين الدول والناجمة بشكل أو بآخر عن ظاهرة العولمة وتداعياتها، والكيفية التي شكلت من خلالها ملامح العلاقات بين الدول بعضها البعض، فضلا عن العلاقات مع الفاعلين من غير الدول. وهكذا تم استدعاء مقاربة “دبلوماسية الفيزا”، كإحدى المقاربات التي تُمكِّن الدولة من التعاطي مع المتغيرات العالمية الراهنة.

وتشير دبلوماسية الفيزا إلى العملية التي يتم عبرها استخدام آلية تأشيرات الدخول (الفيزا)، سواء بإصدار التأشيرات لمجموعات ومواطني الدول الأخرى أو برفض إصدارها ومنعها. وتصبح التأشيرات وفقا لهذا الطرح إحدى أدوات السياسة الخارجية للدول التي يمكن من خلالها تنفيذ أهداف الدول ومصالحها بعيدا عن اللجوء إلى الأدوات العنيفة الأكثر تكلفة.

وارتبط طرح مقاربة “دبلوماسية الفيزا” بحصيلة التفاعل بين مُتَغيِّرَيِ السيادة والعولمة، فبالرغم من التحديات التي واجهتها الدولة القومية خلال العقود الماضية، فقد ظلت العنصر والمكون الأساسي في النظام العالمي بصورة استتبعت الإبقاء على فكرة “السيادة” كشرط أساسي لاستمرار الدولة، وقد تكفلت فكرة السيادة بمنح “دبلوماسية الفيزا” حيويتها وفعاليتها باعتبارها حيزًا تكشف من خلاله الدولة عن سلطتها وسيادتها.

*للمزيد: صحيفة العرب