تأثير "نائب الرئيس" في تحديد نتائج الانتخابات الأمريكية 2024

14 August 2024


اختارت كامالا هاريس، المرشحة للرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا، ليكون نائبها في الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر 2024. بينما اختار المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، جيمس ديفيد فانس، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، ليكون نائباً له في هذه الانتخابات.

وبوسع المراقب لتطورات السباق الانتخابي الأمريكي ملاحظة أن الأداء الضعيف للرئيس جو بايدن في المناظرة التي جرت بينه وبين ترامب في 28 يونيو الماضي، أثار قلقاً واسع النطاق داخل الحزب الديمقراطي؛ مما قاد في النهاية إلى انسحاب بايدن من السباق لصالح نائبته الحالية هاريس. 

كما تُلاحظ حالة الاستقطاب السياسي الشديد داخل المجتمع الأمريكي، وحدة الانتقادات التي يوجهها المرشحان للرئاسة، كل تجاه الآخر، خاصةً خطاب ترامب الذي استخدم لغة قوية وُصفت بـــ"العنصرية"؛ إذ عدها بعض المحللين الأمريكيين جزءاً من العنف السياسي المتصاعد في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، والذي كان من مظاهره الهجوم على مبنى "الكابيتول" في 6 يناير 2021 لوقف التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وقبله إصابة عضو الكونغرس الأمريكي، ستيف سكاليز، بإطلاق نار على أعضاء في الكونغرس من الحزب الجمهوري أثناء مشاركتهم بمباراة خيرية في لعبة البيسبول في يونيو 2017، وكذلك ارتفاع التهديدات ضد القضاة  الفدراليين، وصولاً إلى محاولة اغتيال ترامب في 13 يوليو الماضي.

وتثير هذه التطورات التساؤل حول ما إذا كان بوسع نائب الرئيس في السباق الانتخابي الأمريكي إحداث الفارق لصالح المرشح الرئاسي وزيادة حظوظه في الفوز بالمنصب. وتتطلب الإجابة عن هذا التساؤل، التعرف على وضعية منصب نائب الرئيس في النظام الدستوري الأمريكي ودوره في الحياة السياسية، وكذلك دوره في دعم فرص انتخاب الرئيس القادم سواء هاريس أم ترامب.

تزايد دور نائب الرئيس الأمريكي:

وفقاً للدستور الأمريكي (المادة 2) وتعديلاته، يُعد نائب الرئيس ثاني أعلى منصب في الحكومة الأمريكية بعد الرئيس، ويجري انتخابه بصورة غير مباشرة لأربع سنوات، جنباً إلى جنب مع الرئيس. ووفقاً للتعديل الخامس والعشرين على الدستور الأمريكي، يمكن للرئيس أن يعين نائبه في حال كان منصب الأخير شاغراً، شريطة موافقة أغلبية أعضاء الكونغرس بمجلسيه. وتم تطبيق هذا التعديل من قِبل كل من ريتشارد نيكسون، الذي عيّن جيرالد فورد نائباً له عام 1973، ثم فورد نفسه الذي صار رئيساً في العام التالي، واختار نيلسون روكفلر نائباً له.

 ويشمل دور نائب الرئيس عدة مهام دستورية وسياسية؛ إذ يُعد الشخص الأول في خط خلافة الرئيس، ويتولى الرئاسة عند وفاة الرئيس أو عجزه أو استقالته أو إقالته. وتشير السوابق إلى أن 15 نائباً للرئيس وصلوا في وقت لاحق إلى سدة الرئاسة، ستة منهم عن طريق الانتخابات، وثمانية تولوا الرئاسة بعد وفاة أسلافهم، وواحد فقط وصل إلى الرئاسة بعد استقالة رئيسه. كما يُعد نائب الرئيس في نفس الوقت رئيس مجلس الشيوخ، ويحق له التصويت في حال تعادل الأصوات بالمجلس، ويتولى رئاسة الجلسات المشتركة لمجلسي الكونغرس.

ووفقاً لتحليلات أمريكية، خاصةً الدراسة التي أعدها جوناثان ماسترز بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في 8 فبراير 2024 تحت عنوان "نائب الرئيس الأمريكي والسياسة الخارجية"، ظل دور نائب الرئيس محصوراً تقريباً في دوره كرئيس لمجلس الشيوخ وكسر التعادل في التصويت في بعض الأحيان، وذلك حتى منتصف القرن العشرين عندما طرأت بعض المتغيرات أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية، التي أسهمت في توجيه منصب نائب الرئيس نحو قلب السلطة التنفيذية؛ إذ يتموضع المنصب اليوم. وتتمثل أهم هذه المتغيرات في الآتي: 

1- إن المرشحين للرئاسة الأمريكية أنفسهم، وليس قادة الحزب، هم من بدؤوا أخذ زمام المبادرة في اختيار زملائهم لمنصب النائب. ويُشار في ذلك إلى أن الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي كان يقوم بحملته الانتخابية لولاية ثالثة، هدد بالانسحاب من السباق عام 1940؛ إذا لم يقم حزبه بترشيح هنري والاس، الذي اختاره روزفلت كنائب له. وأشرك روزفلت نائبه والاس في التخطيط للحرب وأرسله في رحلات دبلوماسية مهمة.

2- جاء التطور الثاني في تعزيز دور نائب الرئيس الأمريكي في ضمه لعضوية مجلس الأمن القومي، عندما وقّع الرئيس ترومان تشريعاً في هذا الشأن عام 1949؛ ليصبح نائبه ألبين باركلي عضواً في المجلس الجديد آنذاك. وواصل دوايت أيزنهاور تمكين نائب الرئيس في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي؛ إذ طلب من نائبه ريتشارد نيكسون (1953 – 1961) أن يتولى رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي عندما أُصيب بالمرض عدة مرات. وسافر نيكسون كثيراً كأحد مبعوثي أيزنهاور، وفي عام 1953 قام بجولة التقى خلالها بقادة أكثر من اثنتي عشرة دولة في آسيا والشرق الأوسط، كما زار موسكو عام 1959.

3- تولى نواب الرئيس، الذين جاؤوا بعد نيكسون، وهم كل من ليندون جونسون وهيوبرت همفري وسبيرو أغنيو وجيرالد فورد ونيلسون روكفلر، مهام تنفيذية؛ إذ سافروا كمبعوثين رئاسيين وترأسوا مختلف فرق العمل واللجان ومجلس الأمن القومي. 

4- التطور الأهم، وربما نقطة التحول في دور نائب الرئيس، يرجع الفضل فيه إلى الإصلاحات الواسعة التي أجراها جيمي كارتر ونائبه والتر مونديل (1977 – 1981) على صلاحيات المنصب في أواخر السبعينيات. فقد اتفق الرجلان في وقت مبكر على جعل نائب الرئيس شريكاً كاملاً في الإدارة. وشجع أداء مونديل القوي في أول مناظرة لمنصب نائب الرئيس على الإطلاق، ضد بوب دول، نائب الرئيس فورد آنذاك، هذا المشروع. ودعت الرؤية المشتركة لكارتر ونائبه إلى زيادة نفوذ الثاني وسلطته؛ لكي يتمكن من العمل كواحد من كبار المستشارين والمحللين والمبعوثين لكارتر.

وفي هذا السياق، منح كارتر نائبه العديد من الامتيازات، بما في ذلك الوصول غير المقيد إلى إحاطات الاستخبارات، والاجتماعات المنتظمة. كما دعا مونديل إلى وجبات الإفطار الخاصة بالسياسة الخارجية يوم الجمعة مع مستشار الأمن القومي ووزيري الخارجية والدفاع.

وكان مونديل قادراً على أن يكون له دور توجيهي في عدد من ملفات السياسة الخارجية لإدارة كارتر على مدار فترة ولايته. فعلى سبيل المثال، في عام 1977، حث مونديل حكومة فورستر في جنوب إفريقيا على ضرورة إنهاء الفصل العنصري. وفي عام 1978؛ أدى دوراً مركزياً في تسهيل التوصل إلى اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل. وفي عام 1979، حشد الأمم المتحدة للمساعدة على إعادة توطين اللاجئين في الهند الصينية.

ومنذ إدارة كارتر/ مونديل، أدى نواب الرئيس الأمريكي أدواراً مماثلة بدءاً من جورج بوش الأب (1981 – 1989) الذي عمل نائباً لريغان، وحتى كامالا هاريس نائب الرئيس بايدن. وواصل بايدن ممارسات أسلافه من خلال جعل هاريس عضواً بارزاً في فريق الأمن القومي الخاص به، كما أدرجها في إحاطاته اليومية السرية للغاية، واستشارها بشأن تحديات السياسة الخارجية الرئيسية، مثل: دور الصين في بحر الصين الجنوبي، والدور الإيراني في الشرق الأوسط، والنفوذ الصيني والروسي المتزايد في إفريقيا. وقامت هاريس بأكثر من اثنتي عشرة رحلة دولية للتحدث مع القادة الأجانب في محاولة لتعزيز التحالفات الأمريكية المهمة، هذا بجانب توليها ملف الأطفال المهاجرين على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.

التأثير في انتخاب الرئيس القادم:

في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن نائب الرئيس الأمريكي يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في دعم فرص انتخاب الرئيس القادم، وذلك من خلال النقاط التالية:

1- تعزيز الحملة الانتخابية: من خلال دوره البارز في الحملة الانتخابية وتفاعله مع الناخبين، يمكن لنائب الرئيس أن يدعم مرشح الحزب لمنصب الرئيس. فعلى سبيل المثال، ووفقاً لتقارير إعلامية، أعلنت حملة هاريس أنها جمعت 36 مليون دولار في 24 ساعة بعد الإعلان عن اختيار والز لمنصب نائب الرئيس. وجذبت التجمعات الانتخابية التي جمعت الاثنين في أوكلير بولاية ويسكونسن يوم 7 أغسطس الجاري، أكثر من 27 ألف شخص. ويرى الديمقراطيون أن ويسكونسن وميشيغان من الولايات التي يجب الفوز بها في انتخابات 2024، وأنهما أصبحتا تشكلان أهمية كبيرة للحزب منذ أن ساعدت هزيمة هيلاري كلينتون غير المتوقعة فيهما على حسم فوز ترامب في انتخابات 2016.

أما المرشح الجمهوري لنائب الرئيس، فانس، فإن اختياره كان مثاراً للجدل؛ إذ قال ترامب عنه –في إعلان ترشحه عبر منصة "Truth" للتواصل الاجتماعي– إن هذا الاختيار "جرى بعد مداولات وتفكير مطول". وأشارت التقارير إلى أن عملية اختيار ترامب لنائبه جاءت من قائمة طويلة ضمت ما لا يقل عن 12 شخصاً. من ناحية أخرى، ونقلاً عن العديد من المانحين لترامب، أشارت وكالة "رويترز" في منتصف يوليو 2024 إلى أن هؤلاء يشعرون بخيبة أمل إزاء اختيار فانس.

2- توسيع قاعدة الدعم: يمكن لنائب الرئيس أن يجذب فئات معينة من الناخبين أو المناطق الجغرافية التي قد تكون أقل دعماً للرئيس؛ مما يسهم في توسيع قاعدة الدعم الانتخابي. فعلى سبيل المثال، تشير تحليلات أمريكية إلى أن اختيار والز، وهو من قدامى المحاربين في الحرس الوطني ومعلم سابق، يضيف توازناً جغرافياً إلى حملة هاريس، التي تأتي من ولاية كاليفورنيا وتحتاج إلى حضور قوي في الغرب الأوسط للفوز في انتخابات 5 نوفمبر المقبل. كما أن لدى والز، كعضو سابق في الكونغرس فاز بالانتخابات في منطقة ذات ميول جمهورية، سجلاً في جذب الناخبين البيض الريفيين الذين تحولوا بشكل متزايد إلى ترامب. 

من ناحية أخرى، فإن نشأة والز في بلدة صغيرة بولاية نبراسكا، تمنحه مزايا ريفية من شأنها أن تساعد على جذب الناخبين الذين ابتعدوا عن الديمقراطيين في السنوات الأخيرة. كما أن هاريس باعتبارها أول امرأة ملونة يرشحها حزب كبير، اختارت رجلاً أبيض يحقق التوازن في القائمة.

وفي ضوء موقف والز المتوازن نسبياً تجاه العلاقات مع إسرائيل والقضية الفلسطينية؛ وهو ما يتضح من تصريحاته؛ فإنه يمكنه مساعدة هاريس على احتواء غضب جزء كبير من السكان العرب والمسلمين الأمريكيين في بعض الولايات مثل ميشيغان بسبب دعم إدارة بايدن لإسرائيل في حربها على قطاع غزة. وكان بايدن قد تغلب على ترامب في كل من ويسكونسن وميشيغان في انتخابات 2020، إلا أن استطلاعات للرأي أُجريت مؤخراً أظهرت أن هاريس تنتظر منافسة صعبة خاصةً في ظل الانقسام الواضح بين الديمقراطيين حول القضية الفلسطينية. وظهر ذلك في مقاطعة مجموعة من المحتجين المناصرين للفلسطينيين خطاب هاريس لفترة وجيزة في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان، مرددين هتافات: "كامالا.. كامالا، لا يمكنك الاختباء.. لن نصوت لصالح الإبادة الجماعية".

وفيما يتعلق باختيار فانس؛ فإنه قد يساعد على تعزيز الإقبال على التصويت لصالح ترامب، خاصةً في بعض الولايات الحاسمة؛ إذ يتمتع فانس بشعبية كبيرة ورسالته مناسبة تماماً للولايات التي تضم أعداداً كبيرة من السكان البيض من الطبقة العاملة، والتي عانت من تراجع الصناعة. ومع ذلك، لا ترجح التقديرات نجاح فانس في استقطاب العديد من الناخبين الجدد إلى صف ترامب، بل وربما ينفر بعض المعتدلين، خاصةً بعد أن طالب بعض أنصار ترامب باختيار امرأة أو شخص من ذوي البشرة الملونة ليكون نائبه؛ لتوسيع تحالف يميل نحو الرجال البيض.

من ناحية أخرى، أفادت وكالة "رويترز"، في منتصف يوليو الماضي، نقلاً عن مانحين لحملة ترامب، أن خطاب فانس المناهض للشركات ومعارضته للمساعدات المقدمة لأوكرانيا، أثار قلق بعضهم؛ إذ شعروا بخيبة أمل عقب اختيار فانس، وأن العديد من المساهمين في الحملة كانوا يأملون في وجود مرشح صديق للأعمال التجارية من شأنه أن يوسع الخريطة الانتخابية؛ بل إن أحد رجال الأعمال المتبرعين لترامب، والذي كان ينتظر اختيار المرشح لمنصب نائب الرئيس لاتخاذ قرار التبرع، قال: "من بين كل الخيارات التي كانت أمامه، أعتقد أنه اختار الأسوأ". وأضاف، مستشهداً بموقف فانس بشأن أوكرانيا: "سوف يضر فانس ترامب أكثر مما يساعده. الآن لن أتبرع بالتأكيد".

3- توظيف الخبرة السياسية: ارتباطاً بما تقدم، من شأن تمتع نائب الرئيس بخبرة سياسية واسعة، أن يعزز مصداقية الحملة الانتخابية ويزيد من ثقة الناخبين في قدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق أهداف السياسة الخارجية. وسبقت الإشارة إلى التحولات التي جرت على دور نائب الرئيس في مجال السياسة الخارجية، وكيف أصبح شخصية رئيسية في عمليات صُنع وتنفيذ قرارات هذه السياسة.

وفي هذا السياق، يمكن القول، من واقع المعلومات المتاحة، إن والز يتمتع بخبرة سياسية لا بأس بها؛ إذ سافر إلى سوريا وإسرائيل خلال وجوده بالكونغرس، وأعرب عن معارضته لحرب العراق وضرورة سحب القوات الأمريكية منها في غضون تسعين يوماً. كذلك سعى والز لمعالجة الانقسام بشأن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الحزب الديمقراطي بصفته حاكم ولاية مينيسوتا. وكثيراً ما دعا والز إلى وقف إطلاق النار في غزة، وتقديم المزيد من المساعدات للفلسطينيين، وتبني حل الدولتين. وبينما أشاد والز بزيارة بايدن لإسرائيل في أكتوبر 2023 ودعمه الكامل لها، قال في منشور على موقع "إكس" عند عودة بايدن: "الغالبية العظمى من الفلسطينيين ليست من حماس، وحماس لا تمثل الشعب الفلسطيني". 

وبصفة عامة، تبدو التوجهات السياسية لوالز متماشية مع التيار الغالب في الحزب الديمقراطي، الذي تعبر عنه هاريس، بما في ذلك دعم الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، الذي انسحبت منه إدارة ترامب.

وبالنسبة لفانس، فإنه تحول من ناقد صريح لترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 وبعدها، إلى حد وصفه بأنه "أحمق" و"هتلر أمريكا"، إلى داعم قوي له خلال حملته الانتخابية عام 2020. وفي أكتوبر 2021، كرر فانس مزاعم ترامب بشأن تزوير الانتخابات الماضية، قائلاً إن ترامب خسر الانتخابات الرئاسية 2020 بسبب تزوير واسع النطاق. وفي 30 يونيو الماضي، قال فانس: "أعتقد أن الرئيس لديه سلطة عفو واسعة، ولكن الأهم من ذلك أعتقد أن الرئيس لديه حصانة". ونقلاً عما أسمته بمصدر مطلع في حملة ترامب، ذكرت وكالة "رويترز" أن بعض كبار مستشاري الحملة كانوا متحيزين لاختيار ماركو روبيو عضو مجلس الشيوخ في منصب نائب الرئيس، لتمتعه بخبرة سياسية كبيرة، بجانب إمكانية أن يساعد على تعزيز دعم ترامب بين اللاتينيين.

والواقع أنه بحكم اتفاق فانس بشكل كبير مع الأيديولوجية السياسية لترامب، وتماثل وجهات نظرهما بشأن التجارة والهجرة والسياسة الخارجية، بما في ذلك انتقاده للدعم الأمريكي المستمر لأوكرانيا؛ فإنه من غير المرجح أن يمثل أية إضافة لترامب في مجال الخبرة السياسية.

4- تعزيز الاستمرارية والاستقرار: مما لا شك فيه أن وجود نائب رئيس قوي وموثوق به، يمكن أن يعزز شعور الناخبين بالاستقرار والاستمرارية في سياسات الإدارة الأمريكية. وفي هذا السياق، تشير السيرة الذاتية لوالز إلى نوع من التوازن والاستمرارية في المواقف المختلفة داخلياً وخارجياً، بينما يُلاحظ التغير في مواقف فانس، كما سبقت الإشارة. ويُقدر بعض المراقبين أن صعود فانس مؤخراً هو أمر غير معتاد في السياسة الأمريكية، وأن هذا الصعود جاء بعد عام 2016 عندما كتب كتاباً بعنوان "مرثية ريفية"، عرض فيه المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه مسقط رأسه، والسعي إلى تفسير شعبية ترامب بين الأمريكيين البيض الفقراء.

ختاماً، فإنه في ظل الوضعية المتميزة لمنصب نائب الرئيس الأمريكي في النظام الدستوري والتطور الكبير الذي طرأ على دوره في الحياة السياسية، يمكنه أن يؤدي دوراً مهماً في دعم فرص انتخاب الرئيس القادم، على النحو السابق توضحيه. وقد يكون المرشح الديمقراطي، والز، الأقرب لأداء الدور الداعم لفرص المرشح الرئاسي، بالمقارنة مع نظيره الجمهوري، فانس، الذي تُجمع التقديرات على أنه نسخة من ترامب؛ ومن ثم لن يشكل إضافة لفرصه في الفوز. ومما يعزز وجهة النظر هذه، استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخراً وأظهرت أن هاريس تجاوزت التقدم الذي حققه ترامب خلال الأسابيع المتعثرة لحملة بايدن قبل انسحابه من السباق. كذلك اكتسبت حملة هاريس زخماً واضحاً مع تضاعف التبرعات بعد إعلان ترشح والز نائباً للرئيس.