كتب المستقبل:

الكوابح والمحفزات.. حروب الشرق الأوسط

29 April 2024


ضمن سلسلة "كتب المستقبل"، أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، كتاباً جديداً بعنوان "الكوابح والمحفزات.. حروب الشرق الأوسط"، قام بتحريره أحمد عليبه، رئيس وحدة الدراسات الأمنية في المركز، وشارك في تأليف الكتاب عدد من الخبراء في الشؤون الاستراتيجية، من الولايات المتحدة (هبة القدسي)، ومصر (سعيد عكاشة)، والعراق (د. إحسان الشمري)، ولبنان (العميد خليل الحلو)، واليمن (حسام ردمان). 

وتقوم الفكرة الرئيسية للكتاب على تشخيص دورات التصعيد، وحالة عدم الاستقرار الممتدة في الشرق الأوسط، وكيف أصبح الإقليم ينتقل من دورة تصعيد إلى دورة تالية من دون المرور بمرحلة تبريد تقود إلى الاستقرار قبل الدخول في دورة التصعيد التالية، وهو ما يعود إلى أن محفزات حالة عدم الاستقرار باتت أكبر من الكوابح، التي يمكن أن توقفها أو تعمل على خفض التصعيد، تمهيداً لبدء عملية سياسية. وانطلاقاً من هذه الفكرة الرئيسية، هناك ست أفكار فرعية موزعة على فصول الكتاب، يتناولها المشاركون بشكل تفصيلي.     

ففي الفصل الأول من الكتاب، الذي يتناول بشكل رئيسي أبعاد اللحظة الإقليمية الحالية، ويأتي تحت عنوان (لحظة حرجة: إلى أين يتجه الشرق الأوسط؟)، يشخص محرر الكتاب أحمد عليبه، الحالة الأمنية في الشرق الأوسط، في إطار مقاربة الحروب والصراعات التي يشهدها الإقليم، والانتقال من متوالية الأزمات إلى الانفجار المتسلسل. كما يشير إلى أن الإقليم في حالة ذروة انتشار عسكري طارئة كاستجابة للأوضاع الأمنية، لكنها قد تتحول إلى حالة مستدامة في إطار استراتيجيات الانتشار الدولي والإقليمي في إطار خريطة التنافس الجيوسياسي، كما يوزع المحرر خريطة إعادة تشكل مراكز القوة الإقليمية بين أربع كتل رئيسية في الإقليم تتعاطى مع التطورات الراهنة، وهي: قوى الحرب، وتحالفات الدفاع، وكتلة الاتزان الإقليمي، ومجموعة المتضررين. ثم ينتقل بعد ذلك إلى تناول الصراع على تشكيل شرق أوسط جديد. 

وفي الفصل الثاني، ترسم هبة القدسي، الصحافية والباحثة المتخصصة في الشؤون الأمريكية ومدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط في واشنطن، فكرتها الرئيسية حول المنظور الأمريكي للإقليم انطلاقاً من عنوان كاشف، وهو "استراتيجية اللاستراتيجية: سياسات واشنطن تجاه الشرق الأوسط" وتستعرض فيه تصوراً شاملاً وجمعياً للسياسات الأمنية والدبلوماسية تجاه الشرق الأوسط، وتشير القدسي إلى أن الأدوات الأمريكية في التعامل مع الشرق الأوسط تنوعت عبر الإدارات الديمقراطية والجمهورية، إلا أنها ركزت على إدارتي الرئيس دونالد ترامب، الجمهورية السابقة، والإدارة الحالية للرئيس جو بايدن، من منظور أنهما سيخوضان انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024؛ وهو العام الأكثر سخونة في تحولات الشرق الأوسط. وسلطت الضوء على فكرة مفادها، أنه من الصعوبة بمكان تقلص النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وأن الأمر لا يخضع لرغبات الإدارات؛ لأن المنطقة تفرض نفسها على الأجندة الأمريكية.  

وفي الفصل الثالث، يقدم سعيد عكاشة، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية تشريحاً تفصيلياً لمتغير عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي ما بعد هجمات 7 أكتوبر2023، وينطلق من أن هناك اعترافاً من جانب النخبة في إسرائيل بانهيار عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي بمكوناتها التقليدية؛ ويقدم تصوراً حول ما يدور في الداخل الإسرائيلي من تصورات؛ ستشكل ملامح مستقبل التغير في عقيدة الأمن القومي، والعقيدة القتالية. 

وفي الفصل الرابع من الكتاب، والذي يأتي بعنوان (محركات الفوضى: استراتيجيات إيران وحلفائها في الشرق الأوسط) يقدم العميد خليل الحلو، بانوراما شاملة لأدوار وكلاء إيران، ويستهل طرحه بتقديم رؤية شاملة حول الأيديولوجيا الإيرانية، التي تشكل محور السياسة الإقليمية لإيران، وفيما يتعلق بالحرب على غزة، يشير إلى أن طهران أجادت (فن اللعب بالنار) في الأشهر الستة الأولى للحرب، لكنه ينضم في الوقت ذاته إلى فريق المراقبين في الشرق الأوسط، الذي يتبنى نظرية اتساع الحرب إقليمياً، وأن هذه الحرب ستكون لها كلفة على الطرفين الإيراني والإسرائيلي، وأن الانزلاق إليها بات وارداً أكثر من أي وقت مضى. كما يسلط الضوء على العامل المركب أو الهجين في تكوين المليشيات التابعة للوكلاء، في العراق واليمن وسوريا ولبنان، والتي أصبحت لديها قدرات تجمع ما بين قدرات الجيوش النظامية، إضافة إلى مرونة التنظيمات غير النظامية، فضلاً عن البعد السياسي والديني لها الذي يشكل عقيدتها. 

وفي الفصل الخامس، الذي يتناول رؤية من الداخل العراقي حول مقاربة مستقبل الوجود الأمريكي والإيراني في العراق في ضوء مرحلة ما بعد 7 أكتوبر، يأتي هذا الفصل تحت عنوان: (إدارة التوازن الهش: العراق ومستقبل الوجود الأمريكي الإيراني) ويركز فيه أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد ورئيس مركز التفكير السياسي العراقي، الدكتور إحسان الشمري، على تحليل مقاربة التوازن الهش من موقع العراق كأداة توازن بين الولايات المتحدة وإيران، وهي الأداة التي كانت متغيرة بحسب حضور وموازين القوى، وقدرة الطرفين على التأثير في الحكومات العراقية المختلفة. ويشير إلى أن العراق يواجه مأزقاً في إدارة التوازن الهش ما بين طهران وواشنطن في ظل حالة الاستقطاب الحاد الراهنة التي ولدتها قواعد الاشتباك بين أكثر قوتين تمتلكان أدوات تأثير في بغداد، وهو ما سيتحول إلى مأزق جماعي متعدد الأطراف، ولا يمكن للعراق الخروج منه؛ إلا بالخروج من قاعدة الاستقطاب الثنائي إلى حالة الشراكة مع القوى الإقليمية الرئيسية. 

وفي الفصل السادس والأخير، والذي يأتي بعنوان: (قابلية الاشتعال: كيف تتفاعل الساحة اليمنية مع متغيرات الإقليم) يكشف الباحث الأول في مركز صنعاء، حسام ردمان، دهاليز الموقف الحوثي في اليمن بكل أبعاده، الداخلية والخارجية، وينطلق من مرحلة ما بعد حرب غزة، من مدخل الانخراط الحوثي في الحرب، ودوافع مليشيا الحوثيين لعسكرة البحر الأحمر، بما يشكل مرتكزاً جديداً في حروب الشرق الأوسط، وكيف توظف إيران هذا الحضور ليس فقط على صعيد المواجهة مع إسرائيل، بأشكالها المختلفة، ولكن أيضاً كركيزة لسياساتها الإقليمية في الانتقال إلى الضفة الأخرى من البحر الأحمر كالسودان والقرن الإفريقي. كما يتناول انعكاسات المواجهة العسكرية، التي تقودها الولايات المتحدة لتقويض التهديد الحوثي للملاحة، ومع ذلك يرى أن هذه المواجهة محسوبة ومنضبطة، ولا تشكل عامل تهديد كبير على الحوثيين وترسانتهم العسكرية.