قضايا شائكة:

المسارات المحتملة للتوترات بين تركيا والاتحاد الأوربي

15 September 2020


اتسع نطاق الخلافات بين تركيا والاتحاد الأوروبي حول الملفات الإقليمية المختلفة، وعلى رأسها التنقيب التركي في شرق المتوسط وبحر إيجه، إضافة إلى الأزمة في ليبيا، بصورة لافتة خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع تعبير الاتحاد الأوروبي عن دعمه الكامل لليونان وقبرص في نزاعهما مع تركيا شرق المتوسط. وقال إنه يجهز لعقوبات محتملة في حال عدم بدء الحوار، إضافة إلى انعقاد قمة دول جنوب أوروبا في 11 سبتمبر الجاري، والتي جاءت كخطوة استباقية لردع تركيا قبيل قمة الاتحاد الأوروبي المقرر لها 24 و25 سبتمبر الجاري.

وبالرغم من سحب تركيا لسفينة تنقيب من المياه المتنازع عليها قبالة سواحل اليونان، إلا أن ذلك لم يساهم في خفض التصعيد مع الاتحاد، لا سيما مع إعلان أنقرة في 13 سبتمبر على لسان وزير الطاقة "فاتح دونماز"، أنها سترسل سفينة التنقيب "القانوني" للعمل في البحر الأسود، وذلك بعد أسابيع من إعلان أنقرة عن أكبر كشف تركي للغاز الطبيعي إلى الآن في المنطقة. كما واصلت حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم حربها الكلامية ضدّ فرنسا، حيث حذّر الرئيس التركي نظيرَه الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، في 12 سبتمبر الجاري، من "العبث" مع أنقرة، وذلك بعد إعلان الأخير أن تركيا لم تعد شريكًا في المتوسط. كما خاطب اليونان قائلًا: "تقومون بأعمال خاطئة، فلا تسلكوا هذه الطرق وإلا ستواجهون عزلة شديدة".

الملفات الشائكة:

ثمة العديد من القضايا الخلافية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، في الصدارة منها: تعارض الأهداف في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط، بالإضافة إلى استمرار معارضة دول الاتحاد لعضوية تركيا، وتجميد المفاوضات الخاصة بلحاق أنقرة بالعائلة الأوروبية. ومع ذلك، فإن ثمة اعتبارات عديدة ربما تدفع الطرفين إلى محاولة ضبط حدود التوتر خلال المرحلة المقبلة، في إطار ما يُمكن تسميته بـ"توافق الضرورة" الذي تفرضه المصالح الخاصة بكل من تركيا والاتحاد الأوروبي، على نحو ما عبر عنه وزير الخارجية التركي في تصريحات له عشية لقائه نظيره المالطي في 12 سبتمبر الجاري، فقد أكد أن بلاده تؤيد الحوار غير المشروط دائمًا، حول أزمة شرق المتوسط، إضافة إلى دعوة ألمانيا أطراف الأزمة شرق المتوسط للتهدئة والحوار. وتتمثل أهم القضايا الخلافية فيما يلي:

1- التنقيب عن مكامن الطاقة: لا ينفصل التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي عن الاكتشافات النفطية في سواحل شرق المتوسط، والتوجهات المستقبلية المتعلقة بتعزيز البحث عن مصادر للطاقة لتأمين احتياجات تركيا التي تعاني فقرًا شديدًا في مصادر الطاقة. كما يرى النظام التركي أن إيجاد موطئ قدم في شرق المتوسط قد يسمح له بإنشاء مشاريعه الخاصة بتسويق ونقل غاز المتوسط للسوق المحلية، والقارة الأوروبية، بما يعزز من دور أنقرة كمركز للطاقة في الشرق الأوسط. 

في هذا السياق، يعارض الاتحاد الأوروبي الممارسات التركية غير القانونية في منطقة شرق المتوسط للتنقيب عن مكامن الغاز والطاقة قبالة سواحل قبرص واليونان من دون اتفاقات قانونية تحدد مناطقها الاقتصادية الخالصة وشواطئها البحرية.

والواقع أنّ الاكتشافات النفطية في منطقة شرق المتوسط وبحر إيجه عززت المنافسة المتزايدة بين تركيا ودول أوروبية، وبخاصة اليونان وقبرص. ولذلك عملت تركيا على إعادة صياغة توجّهاتها الاستراتيجية في هذه المناطق، من خلال تفعيل ما يُعرف باستراتيجية "الوطن الأزرق". ويُشير هذا المصطلح الذي صكّه الخبير العسكري التركي "كيم جوردينيز" في عام 2006، إلى المناطق البحرية التي يجب أن تقع تحت السيادة التركية، وشملت "المناطق الاقتصادية التركية" في بحار إيجه والمتوسط والأسود، أي مسافة 200 ميل بحري في مختلف الاتّجاهات.

التحرّكات التركية التي استندت إلى تعظيم قدرتها القتالية في هذه المناطق، فضلًا عن شرعنة اتفاق وقّعته مع حكومة "فايز السراج" في نوفمبر الماضي لتقسيم الحدود البحرية، أثار قلق دول الاتّحاد الذي اعتبرته اتفاقًا غير قانوني، ويخاصم تقاليد وقواعد قانون تقسيم البحار المعمول به منذ عام 1982. كما تصاعد القلق الأوروبي مع إصرار تركيا على الاستمرار في عمليات التنقيب قبالة المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص اليونانية، وظهر ذلك في قيام تركيا في يناير 2020 بالتنقيب في إحدى المناطق التابعة لحكومة قبرص الشمالية غير المُعترف بها دوليًّا، وأدان الاتحاد الأوروبي رسميًّا هذه الخطوة في مايو 2020. 

في هذا السياق، فإن تصاعد التنافس على غاز شرق المتوسط وبحر إيجه والبحر الأسود، وامتلاك المنافسين الأوروبيين لتركيا -خاصة اليونان وقبرص- احتياطات كافية من الغاز؛ دفع أنقرة لتغيير استراتيجية الطاقة عبر تعزيز تطبيق استراتيجية "الوطن الأزرق" من دون الأخذ في الاعتبار المصالح والمخاوف الأوروبية، وهو ما أدى إلى تعقيد اللعبة الإقليمية بين أنقرة وأوروبا.

2- تنامي الخلافات في صراعات الإقليم: تزايد القلق الأوروبي من الانخراط التركي السلبي في صراعات الإقليم، وبخاصة في سوريا وليبيا. فقد تصاعدت حدة القلق الأوروبي من ارتفاع مستوى التنسيق التركي مع موسكو وطهران حول التطورات السياسية والميدانية في سوريا، وآخرها القمة الافتراضية الثلاثية بين الدول الثلاث في يوليو الماضي. واتسعت رقعة الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي مع اتجاه الثاني نحو الاستمرار في دعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ورفضه التدخلات العسكرية، فضلًا عن رعايته جهود المصالحة الكردية-الكردية، تمهيدًا لإشراك هذا المكوِّن في أي حل سياسي مستقبلي في سوريا، وهو ما دفع أنقرة للتأكيد على أنها لن تسمح بمحاولات دول الاتحاد الأوروبي إضفاء الشرعية على التيار الكردي السوري، وذلك من خلال السعي لدمجه في مسار الحل السياسي للأزمة السورية.

في المقابل، تصاعد التوتر بين تركيا وعدد معتبر من دول الاتحاد، وخاصة فرنسا واليونان، على خلفية التدخل التركي في ليبيا، وكشف عن ذلك إطلاق الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي مهمة "إيريني" العسكرية للحيلولة دون تهريب أسلحة إلى ليبيا أو تهريب النفط خارج البلاد. كما ندّد الرئيس الفرنسي، في 22 يونيو الماضي، بما أسماه "اللعبة الخطيرة" التي تمارسها تركيا في ليبيا، معتبرًا أنها تشكل تهديدًا مباشرًا للمنطقة وأوروبا، فضلًا عن أنها تناقض كل الالتزامات التي أعلنتها أنقرة في مؤتمر برلين في يناير الماضي. كما تدين بعض دول الاتحاد التدخل العسكري التركي في ليبيا إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق الوطني. واعتبر الرئيس الفرنسي، في 5 يوليو الفائت، أن لتركيا "مسؤولية تاريخية" في النزاع، باعتبارها بلدًا "يدّعي أنه عضو في حلف شمال الأطلسي".

وثمّة مخاوف أوروبية من مساعي أنقرة لبناء وجود عسكري وسياسـي دائم يمكن استخدامه للضغط على الخصوم بالقارة الأوروبية غير البعيدة عن ليبيا. كما أن ليبيا منفذ الهجرة غير الشرعية الأساسـي لجنوب أوروبا، والتـي انفجر خطرها بعد سقوط "القذافي" في عام 2011، وبالتالي فإن وجود تركيا في غرب وجنوب ليبيا يعزز من فرص سيطرتها على الإمساك بخطوط ومسارات الهجرة غير الشرعية القادمة من دول الساحل ووسط إفريقيا إلى ليبيا تمهيدًا لدخول أوروبا، ويمنح أنقرة أدوات جديدة لتوظيف استخدام أزمة اللاجئين والمهاجرين لتهديد أوروبا.

في هذا السياق، فإن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه تجاهل أن السياسة التركية في المنطقة لم تعزز من الجهود التي بذلت للوصول إلى تسوية للأزمة السورية والليبية، بل ساهمت في عرقلتها، خاصة بعد أن حرصت على الوصول إلى تفاهمات مع إيران وروسيا في سوريا من جهة، واتجهت إلى عسكرة الأزمة في ليبيا عبر دعم حكومة الوفاق وإرسال مرتزقة للقتال بجانب حكومة "السراج".

3- ورقة اللاجئين: اتّسع نطاق التوتر بين تركيا والاتحاد في الشهور الأخيرة، خاصة بعد إصرار تركيا على ربطه بملف انضمامها للاتحاد الأوروبي، وهو ما بدا جليًّا في تلميح أكثر من مسؤول تركي إلى إمكانية التراجع عن تنفيذ الاتفاق الذي تم إبرامه مع الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين في مارس 2016 في حالة ما إذا لم يحدث تقدم في عملية الانضمام، ناهيك عن فتح الحدود مع اليونان، والسماح للاجئين غير الشرعيين بعبور بحر إيجه للوصول إلى اليونان. وفي أواخر فبراير الماضي، قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إنه سيسمح للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي بالسفر عبر البلاد، متهمًا الاتحاد مرارًا بعدم الوفاء بوعوده تجاه تركيا.

المسارات المحتملة:

ثمّة مساران محتملان للعلاقة المستقبلية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، وهو ما يمكن بيانه كالتالي:

1- ضبط حدود التوتر: رغم تصاعد حدة التوتر بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، وبخاصة فرنسا واليونان، خلال الفترة الماضية، بسبب التباين في التعامل مع بعض الملفات، على غرار أزمة ليبيا، والتطورات التي تشهدها منطقة حوض شرق المتوسط بسبب عمليات التنقيب التي تقوم بها تركيا، ويرفضها الاتحاد؛ إلا أن ذلك لا ينفي أن ثمة اعتبارات عديدة ربما تدفع الطرفين ليس فقط إلى محاولة ضبط حدود هذا التوتر وعدم تصعيده لدرجة غير مسبوقة، بشكل يمكن أن يفرض تداعيات سلبية على مصالحهما؛ وإنما أيضًا السعي للوصول إلى توافق حول بعض القضايا التي تحظى باهتمام مشترك من جانبهما؛ أولها حرص أنقرة على توسيع هامش الخيارات المتاحة أمامها على الساحة الدولية، بعد أن تعرضت لضغوط دولية وإقليمية قوية خلال المرحلة الماضية، إذ لا يزال التوتر هو العنوان الأبرز مع واشنطن بسبب حصول تركيا على منظومة الدفاع الصاروخية الروسية إس 400، إضافة إلى قضية "فتح الله غولن" والدعم الأمريكي للأكراد في سوريا. 

في المقابل، لم تصل العلاقات مع روسيا إلى مستوى يمكن الاعتماد عليه في مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية، فالتعاون مع موسكو تفرضه بالأساس التطورات الطارئة في صراعات المنطقة، وبخاصة الوجود الروسي في ليبيا وسوريا.

إلى جانب ذلك، ترى الحكومة التركية أن تسكين أوجاع العلاقة مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يُعزز قدرتها على مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية، خاصة مع فشل الإجراءت التي تبنتها تركيا طوال العامين الماضيين للقفز على أوضاعها الاقتصادية المتردية، والتي زادت وطأتها بعد تفشي جائحة كورونا..

وتُعوّل تركيا كثيرًا على الاتحاد الأوروبي بشأن الاستثمارات الأجنبية، وتلقّت تركيا في الأيام الماضية صدمة بعد إعلان المجلس الأوروبي استبعاد تركيا من لائحة الدول التي يُسمح لمواطنيها بالسفر إلى الاتحاد اعتبارًا من 1 يوليو، ناهيك عن إلغاء عملاق السيارات الألماني "فولكس" خطط إنشاء مصنع للسيارات في غرب تركيا، بتكلفة 1,3 مليار يورو.

في هذا السياق، قد تتجه تركيا إلى ضبط حدود الخلاف مع الاتحاد بالنظر إلى حاجتها للعلاقة الاقتصادية معه، وهو ما ظهر في 2 يونيو الماضي، عندما طالبت وزيرة التجارة التركية "روهصار بكجان" بتحديث اتفاق للاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي.

خلف ما سبق، لا تزال تحرص تركيا على عضوية الاتحاد الأوروبي، وهو ما كشفته تصريحات الرئيس التركي في مايو الماضي، وأكد فيها أهمية إحياء محاولة تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى وباء فيروس كورونا كدليل واضح على الحاجة إلى الوحدة. في مقابل ذلك، لا يزال الاتحاد يرى أهمية للعلاقة مع تركيا، وألا تصل إلى حد القطيعة برغم الملفات الشائكة بين الطرفين بسبب التباين في التعامل مع القضايا الإقليمية. ووفقًا للرؤية الأوروبية، تمثل تركيا ورقة مهمة في التعامل مع الارتدادات السلبية لصراعات الإقليم، وبخاصة مسألة اللاجئين. كما يبدي كلٌّ من الاتحاد الأوروبي وأنقرة اهتمامًا خاصًّا بالحرب ضد التنظيمات الإرهابية، ولا سيما تنظيم "داعش"، بعد تبنّيه عمليات إرهابية داخل الدول الأوروبية.

هنا، يُمكن فهم إعلان المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار ومفاوضات التوسع "أوليفر فاريلي" مطلع يونيو الماضي، بأن تركيا ستكون ضمن البلدان الحاصلة على قروض مالية، خلال الدورة الثالثة من آلية مساعدات ما قبل العضوية، والتي تشمل الفترة بين عامي 2021 – 2027.

2- فرض عقوبات رمزية: مع تأكيد تركيا في 14 سبتمبر الجاري أن أن عودة سفينتها البحثية "عروج ريش" التي نشرتها في شرق البحر المتوسط، وكانت أساس التوتر مع اليونان، لا تشكل تراجعًا؛ فإن فثمة احتمالات بأن يتوجه الاتحاد الأوروبي في قمته المقرر لها 24 و25 سبتمبر الجاري نحو فرض عقوبات على أنقرة، قد تشمل وقف الحكومات الأوروبية صادرات السلاح الجديدة إلى تركيا، وحظر السفر، ومصادرة أصول أفراد وكيانات على صلة بعمليات التنقيب شرق المتوسط، إضافة إلى معاقبة البنوك التركية التي تساهم في تقديم تمويلات لأنشطة التنقيب التركية، وكذلك وقف تجديد اتفاقية التحديث الجمركي، والتي تمنح أنقرة ميزات تنافسية، حيث تسمح لها بإدخال منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية من دون جمارك.

3- تصاعد مستويات التهديد: مع إصرار تركيا على عمليات التنقيب غير القانونية قبالة سواحل قبرص واليونان جنبًا إلى جنب مع تنامي مساحات التوتر مع عدد معتبر من دول الاتحاد، وبخاصة فرنسا، فإن فرص التوتر تبدو غير منعدمة، ويكشف عن ذلك مؤشرات عدة، أولها زيارة رئيسة اليونان "كاترينا ساكيلاروبولو"، في 14 سبتمبر الجاري، جزيرة كاستيلوريزو ميس الواقعة في شرقي المتوسط، قبالة سواحل ولاية أنطاليا التركية، وتأكيدها أن تصريحات القادة الأتراك تضر بأجواء حسن الجوار والسلام القائمة بين الشعبين التركي واليوناني. وثانيها إعلان اليونان، في 13 سبتمبر، استلام الدفعة الأولى من طائرات الرافال الفرنسية، بعد توقيع اتفاق مع باريس تحصل أثينا بموجبه على 18 طائرة "رافال" فرنسيّة وأربع فرقاطات متعدّدة المهمّات وأربع طائرات مروحيّة، إضافة إلى تجنيد 15 ألف جندي، وضخّ مزيد من التمويل في قطاع صناعتها الدفاعيّة.

في المقابل، وقّعت قبرص، في 12 سبتمبر الجاري، اتفاقية لإنشاء مركز تدريب عسكري أمريكي في قبرص، ناهيك عن قرار واشنطن مطلع سبتمبر الجاري رفع الحظر الجزئي عن صادرات السلاح إلى قبرص اليونانية.

لكن برغم حرص دول المواجهة الأوروبية على تعزيز قدراتها الدفاعية، والحصول على دعم أمني وعسكري من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ إلا أن سيناريو المواجهة يبقى مستبعدًا بالنظر إلى المصالح المشتركة بين أنقرة وجوارها الأوروبي وبين تركيا والاتحاد، إضافة إلى أن أعصاب الاقتصاد التركي وكذلك الاقتصاديات الأوروبية قد لا تستوعب الدخول في مواجهة عسكرية، إذ إن الارتدادات السلبية لأية مواجهة محتملة ستكون أكثر إيلامًا للطرفين.

في النهاية، يبقى القول إن ثمة العديد من القضايا الخلافية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، كما أن ثمة مؤشرات كاشفة عن عمق التوتر بينهما، من بينها تصاعد التصريحات والتصريحات المضادة بين أنقرة وعدد من العواصم الأوروبية على خلفية الانخراط التركي السلبي في شرق المتوسط، لكن في مقابل ذلك، ربما لا يصل التوتر الحادث اليوم إلى درجة غير مسبوقة، أو إلى حد القطيعة، في ضوء المصالح المتقاطعة بين الطرفين، ناهيك عن أن اتجاهات عديدة داخل تركيا ترى أن توسيع نطاق الخلافات مع الاتحاد بسبب شرق المتوسط يمكن أن يضعف من مناعة تركيا إقليميًّا ودوليًّا، ويفاقم من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعانيها تركيا.