التنبؤ الصعب:

خريطة وقضايا المرشحين البارزين في الانتخابات التونسية

15 September 2019


تسود حالة من "اللا يقين" وعدم القدرة على توقع نتائج الانتخابات الرئاسية التونسية المنعقدة في 15 سبتمبر 2019، وذلك على الرغم من أهمية هذه الانتخابات التي تأتي في ظل وجود العديد من التحديات التي تواجه الدولة التونسية، من أبرزها: استعادة الأمن والاستقرار، واستمرار الإضرابات والاحتجاجات المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتفكك الأحزاب المدنية. وفي هذا الإطار يتوقع المحللون أنه ربما تؤدي هذه الانتخابات إلى تغيير في سياسات الدولة التونسية، سواء في تعاملها مع قضايا الداخل أو الخارج، ومن ثم يستعرض الموضوع أبرز المرشحين لرئاسة تونس وحظوظهم الانتخابية، والجدل المثار حول سياسات الداخل والخارج.

أبرز مرشحي الرئاسة:

يتنافس في الانتخابات التونسية 24 مرشحًا بعد أن قام كل من "سليم الرياحي" و"محسن مرزوق" بالانسحاب لصالح المرشح "عبدالكريم الزبيدي". وفي هذا الإطار، يتمثل أبرز المرشحين في الانتخابات التونسية فيما يلي:

1- عبدالكريم الزبيدي: يعرف "الزبيدي" بأنه تكنوقراط لا يحمل أيديولوجيا معينة ولا ينتمي لأي حزب سياسي، وسبق له أن تولى منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي"، كما تولى منصب وزير الدفاع في حكومة "محمد الغنوشي" في يناير 2011، واستمرّ في هذا المنصب حتى عام 2013 في حكومتي "الباجي قايد السبسي" و"حمادي الجبالي"، ثم قام "يوسف الشاهد" بتعيينه بمنصب وزير الدفاع مرة أخرى في سبتمبر 2017، ومن ثم تبدو قدرته على العمل مع كافة الأطراف.

ويتمتع "الزبيدي" بخلفية مدنية، حيث إنه خريج جامعة كلود برنار ليون في فرنسا، وحصل على الدكتوراه في الطب، والأستاذية في كل من الفيزيولوجيا البشرية والاستكشاف الوظيفي، والصيدلة البشرية. ويحظى "الزبيدي" بدعم حزب "نداء تونس"، حيث يُشير إليه البعض باعتباره خليفة للرئيس السابق "الباجي قايد السبسي" وهو ما اتضح في بيان الحزب الذي أعلن أن "عبدالكريم الزبيدي كان رفيقًا للزعيم السبسي، وداعم مشروعه الهادف لخلق التوازن السياسي، ونهل عنه منهج التفكير، وارتوى بمبادئ مشروعه الحضاري وإيمانه بالدولة وهيبتها وتقديم مصالحها ومصالح الوطن؛ لذلك فهو الأجدر بحمل الأمانة وصون الرسالة". بالإضافة إلى تأييد حزب آفاق تونس له، وفي هذا السياق يروج مناصروه له باعتباره "رجل الدولة القوي" و"النموذج المثالي غير المتحزب".

2- عبدالفتاح مورو: ينتمي "عبدالفتاح مورو" إلى حركة النهضة، وقد قامت الحركة بدعم ترشحه للرئاسة بعد خلافات داخلية عديدة ومطالبات المجلس التنفيذي للحركة بتأييد مرشح من الخارج، إلا أن مجلس شورى الحركة أيد ترشيح مرشح داخلي للانتخابات الرئاسية، وهو ما أحدث حالة من الانقسام داخل الحزب الذي كان يعاني من عدة مشكلات بسبب قوائم الانتخابات التشريعية، وقد دعا "راشد الغنوشي" (رئيس حركة النهضة) كافة أعضاء حركة النهضة وكل أنصارها إلى دعم "مورو" حتى يستطيع المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. ويشتهر "مورو" بأنشطته الدعوية، وانتقاداته في بعض الأحيان لتحركات حزب النهضة، وهو ما يجعل هناك تيارًا معاديًا له في الداخل، وهو ما جعل قرار ترشحه للانتخابات مفاجئًا للجميع، لا سيما وأنه لا يحظى بشعبية كبيرة، سواء داخل أو خارج النهضة.

3- يوسف الشاهد: يشغل "الشاهد" منصب رئيس الحكومة التونسية منذ أغسطس 2016، وكان ينتمي "للحزب الجمهوري" سابقًا، ثمّ انضم إلى حزب "نداء تونس" الذي أسسه الرئيس التونسي الراحل "باجي السبسي"، وبعدها غادره ليؤسس حزبًا جديدًا باسم "تحيا تونس". وتميّزت فترة رئاسته الحكومة برفع شعارات محاربة الفساد، وإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي أدت إلى تزايد الاحتجاجات والإضرابات في العديد من ولايات تونس، وقد واجهت حملته الانتخابية عدة احتجاجات في مدن كبرى مثل صفاقس والقصرين. ويحظى "الشاهد" بدعم حزب "تحيا تونس" وبعض أعضاء آفاق تونس الذين فضلوا تأييد "الشاهد" بدلًا من "الزبيدي".

4- قيس سعيد: يُعد "سعيد" أستاذًا للقانون الدستوري، وترشح بشكل مستقل في الانتخابات الرئاسية دون حصول على دعم أي حزب، وعلى الرغم من هذا فقد تمكن من الحصول على مراكز متقدمة في بعض استطلاعات الرأي، وعلى النقيض من باقي المرشحين لا يقيم مؤتمرات انتخابية، ويفضل التواصل مباشرة مع المواطنين، ويعتمد بشكل متزايد على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يفضل الظهور التليفزيوني، وتحمل بعض أطروحاته الانتخابية طابعًا مثاليًّا حيث يطالب بجمع الأموال من الفاسدين وتوزيعها على الفقراء، ويؤكد على أهمية الأخلاق والقيم في الحياة السياسية، ويشير إليه البعض باعتباره أحد القريبين من حزب النهضة.

5- نبيل القروي: يعد "القروي" أحد أبرز رجال الأعمال التونسيين، ويمتلك قناة "نسمة" التونسية، كما كان أحد المقربين من الرئيس الراحل "الباجي قايد السبسي" حيث شارك في حملته الانتخابية في عام 2014، وقد تم إلقاء القبض على "القروي" قبل أيام قليلة من بدء الحملات الانتخابية بتهمتي غسيل الأموال والتهرب الضريبي بعد شكوى تقدمت بها ضده منظمة "أنا يقظ".

وعلى الرغم من ذلك فإنه لا يزال مشاركًا في السباق الرئاسي، حيث استغل حالة التعاطف معه بعد القبض عليه وما وصفه حتى معارضوه بـــ"تسييس القضاء" ليقوم بالدعاية لنفسه باعتباره "سجينًا سياسيًّا" على حد ما صرحت به زوجته في أغسطس 2019: "زوجي أول سجين سياسي بعد الثورة"، كما يتهم بعض السياسيين "الشاهد" و"النهضة" بالمسئولية عن القبض على "القروي" لإزاحته من السباق الرئاسي على حد زعمهم، ويحظى "القروي" بتأييد حزبه "قلب تونس"، ويركز برنامجه الانتخابي على الفئات الأكثر فقرًا، ويدعمه في ذلك مشاركته النشطة في جمعيته "خليل تونس" الخيرية.

6- عبير موسى: حصلت "موسى" على الأستاذية في القانون، وعلى شهادة الدراسات المعمقة في القانون الاقتصادي وقانون الأعمال، وقد كانت أمينًا عامًّا مساعدًا لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب بن علي)، وتترأس في الوقت الحالي الحزب الدستوري الحر، وتطالب بحظر الأحزاب الإسلامية وعلى رأسها النهضة، وتعهدت بفتح قضايا التسفير إلى بؤر الجهاديين وملف الاغتيالات والجهاز السري لحركة النهضة في حال وصولها إلى الرئاسة، ويجد خطابها صداه لدى الفئات المتخوفة من التيارات الإسلامية، والفئات غير الراضية عن مآلات الأوضاع بعد الثورة.

7- مهدي جمعة: ترأس الحكومة خلال عام 2014، وتمكّن خلالها من إدارة المرحلة الانتقالية التي جرت أثناءها الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما شغل منصب وزير الصناعة سابقًا، ويحظى بدعم حزبه "البديل التونسي" الذي يروج لفكرة إيجاد "نخبة سياسية بديلة تقوم على الكفاءات الوطنية".

8- حمة الهمامي: مرشح الجبهة الشعبية "اليسار"، وهذه هي المرة الثانية لترشحه للانتخابات التونسية، وعُرف "همامي" بمعارضته لنظام بورقيبة وبن علي، وهو ما أدى إلى اعتقاله عدة مرات. كما امتنع عن المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، وانتقد سياسات التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين ما بعد 2014، معتبرًا أنها السبب في تراخي مؤسسات الدولة التونسية، والتدهور الاقتصادي والاجتماعي. 

9- المنصف المرزوقي: على الرغم من أنه يشير إلى نفسه باعتباره يساريًّا علمانيًّا؛ إلا أنه قام بالتحالف مع حزب النهضة خلال فترة رئاسته لتونس من عام 2011 إلى عام 2014، كما يؤكد على ضرورة الحفاظ على "الهوية الإسلامية" لتونس.

توقعات متضاربة:

تعقد مؤسسات استطلاع الرأي بشكل شهري تقييمًا لكافة المرشحين الرئاسيين، وهو ما تم إيقافه من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل عقد الانتخابات بفترة كافية حتى لا تؤثر هذه الاستطلاعات على المرشحين، وأظهرت نتائج تلك الاستطلاعات تضاربًا كبيرًا في النسب والأرقام وترتيب المرشحين، واتهمت العديد من الأطراف السياسية هذه الاستطلاعات بأنها مسيسة وغير معبرة عن توجهات الشارع التونسي. فعلى سبيل المثال، حصل "مورو" في أحدها على المركز الأول، في حين احتل "الزبيدي" المركز الأول في استطلاعات أخرى، وهو ذات الأمر الذي ينطبق على "الشاهد".

في حين أشارت استطلاعات مؤسسة "سيجما كونساي" الصادرة في يونيو 2019 إلى أن "نبيل القروي" يحتل المركز الأول بنسبة 23.8% من أصوات التونسيين المشاركين في الاستطلاع. فيما جاء "قيس سعيد" أستاذ القانون الدستوري في المركز الثاني بالقائمة، حيث حصل على 23.2%، وحلت رئيسة الحزب الدستوري الحر "عبير موسى" في المركز الثالث بنسبة 10.8%، وسجل الاستطلاع حالة من التراجع الواضح في شعبية "الشاهد" حيث لم تتجاوز نسبة الرضا الشعبي 7%، كما أظهر تراجعًا كبيرًا لحركة النهضة. 

وهو ما جعل هذه الاستطلاعات تواجه اتهامات بأنها غير حيادية، وتسعى لتوجيه الرأي العام والتأثير عليه، وتعمل لصالح أحزاب سياسية بعينها تمتلك المال والنفوذ، كما شكك ساسة ومراقبون في نتائجها.

جدل سياسات الداخل:

شهدت البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة التونسية اهتمامًا متزايدًا بقضايا الأمن الداخلي في ظل تزايد العمليات الإرهابية التي كان آخرها العملية التي وقعت في ولاية القصرين في 2 سبتمبر 2019، واحتمالات عودة الجهاديين من بؤر الصراعات، بالإضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، واستمرار بعض الملفات الخلافية مثل قضية المساواة في الإرث، والمصالحة الداخلية، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:

1- الملف الأمني: احتل ملف الأمن الأولوية في الأجندات الانتخابية لمرشحي الانتخابات الرئاسية التونسية، لا سيما في ظل الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها تونس وآخرها "ولاية القصرين". فعلى سبيل المثال، استهل "عبدالكريم الزبيدي" برنامجه الانتخابي بالتعهد -في حالة فوزه- بالعمل على التطبيق الصارم للقانون "في ملفات الاغتيالات والتسفير والجهاز السري لحركة النهضة"، واستعادة الأمن الاجتماعي ومقاومة كل مظاهر الفوضى والجريمة ومكافحة الإرهاب، بالتنسيق الوثيق مع القوات الحاملة للسلاح والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية". كما تعهد "عبدالفتاح مورو" بالعمل على "تدعيم الأمن والاستقرار في البلاد، والتصدي للجريمة، وضمان الأمن لكل مواطن والدفاع عن الممتلكات الخاصة وحماية المعطيات الشخصية"، وصرّح بأنه سيعمل على "بناء جيش رابع يكون ضمن مجلس الأمن القومي (هيئة تابعة للرئاسة) يسهر على تأمين تونس ومواطنيها من الاختراقات المعلوماتية". 

فيما رفع "يوسف الشاهد" شعار "تونس أقوى"، وأكد على ضرورة تعزيز قوة المؤسسات الأمنية. في حين أعلن مرشحون آخرون نيتهم في توحيد جهاز الشرطة والحرس في إدارة عامة لمكافحة الإرهاب، وإنهاء الفوضى في الأجهزة الأمنية.

2- تحسين الأوضاع الاقتصادية: على الرغم من أهمية الملف الاقتصادي وتأزم الوضع الاقتصادي بعد عام 2011 وتأثير ذلك على الأمن والسياسة، إلا أن مرشحي الرئاسة قاموا بإطلاق تعهدات اقتصادية قد تجد صداها لدى فئات من المواطنين دون تقديم أطروحات متماسكة. فعلى سبيل المثال، صرّح "نبيل القروي" بأنه "مرشح التونسيين المنسيين ويرغب في أن يكون رئيس جمهورية لكل التونسيين يعتني بالاقتصاد أكثر من السياسة، كما يرغب في وضع دستور اقتصادي على غرار الدستور السياسي نظرًا إلى الوضع الاقتصادي السياسي الذي تعيشه تونس"، وأضاف أن الأولوية في برنامجه الانتخابي هي "محاربة الفقر". 

فيما صرّح "الشاهد" بأنه في حالة فوزه سيعتمد على الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز الاستثمارات وغزو أسواق جديدة. كما تعهد "مورو" بإعادة النظر في العلاقات الدولية بما يحقق النفع الاقتصادي لتونس، من خلال خلق سوق مشتركة مع دول الجوار، عن طريق عقد اتفاقيات ثنائية أو متعددة مع بلدان المغرب العربي (الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا) ترسخ التعاون الاقتصادي والاجتماعي معهم".

3- المساواة في الإرث: صرح "عبدالفتاح مورو" بأن "قانون المساواة في الإرث يقسم التونسيين ولا يمكن أن يفرض بصفة فوقية، ومثل هذه المسائل تناقش ضمن حوار مجتمعي واسع، خاصة وأنه يتعلق بمسائل تخص معتقدات الناس وأملاكهم الشخصية". فيما أكد المرشح الرئاسي "حماد الجبالي" -المنشق عن حزب النهضة- بأن قضية المساواة في الميراث "مفتعلة والقصد منها حملة انتخابية بخلفية أيديولوجية، ونص القرآن في منظومة الإرث قطعي الدلالة وهذه قمة المساواة". من جانب آخر، رفضت "عبير موسى" قانون المساواة في الإرث بشكله الحالي، معتبرةً أنه قد يضر بقضايا المرأة.

4- المصالحة الداخلية: في ظل حالة الاستقطاب التي تشهدها تونس منذ عام 2011، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، ركز مرشحو الرئاسة التونسية على محور العمل على تحقيق المصالحة الداخلية وتوحيد الصف. فعلى سبيل المثال، تعهد "الزبيدي" "بالعمل على تحقيق مصالحة وطنية شاملة سياسية اقتصادية واجتماعية"، أما "الهمامي" فقد أكد أنه في حالة فوزه بالرئاسة سيعمل على "تحقيق اللحمة الوطنية وضمان حقوق وكرامة المواطن التونسي". فيما صرّح المرشح للرئاسة "ناجي جلول" بأنه في حالة فوزه سيصدر عفوًا عن الرئيس الأسبق "زين العابدين بن علي"، مؤكدًا أنه "يجب أن تعم المصالحة الجميع، وأن تحل ملفات الجميع بما فيهم النهضة".

قضايا السياسة الخارجية:

احتلت قضايا السياسة الخارجية موضع تركيز واهتمام مرشحي الرئاسة التونسية في برامجهم الانتخابية، وفي مناظراتهم التليفزيونية، ويلاحظ اهتمامهم بقضايا الإقليم ودول الجوار الجغرافي بشكل خاص، مع تركيز محدود للغاية على العلاقات مع القوى الأوروبية وباقي القوى الكبرى. وفي هذا الإطار، يمكن الإِشارة إلى أبرز توجهات السياسة الخارجية للمرشحين: 

1- تعزيز الترابط مع إفريقيا: دعا بعض مرشحي الرئاسة إلى الانفتاح على الأسواق الإفريقية، وتطوير العلاقات الاقتصادية معها. فعلى سبيل المثال، صرح المرشح "ناجي جلول" بأنه سيقوم بزيارة دولة إفريقية كل شهر في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية لتعزيز العلاقات التونسية-الإفريقية. أما "مورو" فقد تعهد بــ"السعي نحو خلق طرق تعاون وترابط بين تونس ودول جوارها، والعمل على دفع الانفتاح على إفريقيا باعتبارها قارة المستقبل". كما أكد أنه سيعمل على أن "تصبح تونس عاصمة جامعة ومستشفى ومصنع إفريقيا". ودعا "رجال الأعمال وإطارات البلاد ومؤسساتها وكفاءاتها من أطباء ومهندسين إلى التوجه نحو إفريقيا، وخلق مشاريع في عمق القارة، وبناء علاقات قائمة على التعاون والتضامن والإثراء".

2- دول الجوار الجغرافي: تعهد العديد من مرشحي الرئاسة بتعزيز العلاقات مع دول الجوار. فعلى سبيل المثال، أكد "الشاهد" أنه سيقوم بالعمل على "إحياء مشروع اتحاد المغرب العربي (تونس، ليبيا، الجزائر، المغرب وموريتانيا)، وإنشاء منطقة للتبادل الحر مع الجزائر. كما أكد "قيس سعيّد" على "أهمية الانطلاق من الانتماء العربي والإسلامي والانتماء إلى المغرب العربي وإلى شمال إفريقيا، فـ"لا مستقبل إلا مع دول الجوار". وصرح المرشح "المنصف المرزوقي" بأن علاقة تونس "ستكون جيدة جدًّا بالدول الإفريقية والمغاربية، خاصة وأن الجزائريين سيصبحون قوة فاعلة في تحريك الملف (المغاربي) عكس الماضي".

3- تطبيع العلاقات مع سوريا: كانت "سوريا" حاضرة في أجندة مرشحي الرئاسة في تونس، لكنها كانت موضع جدل كبير، ففيما تعهد البعض بإعادة العلاقات مع دمشق، تمسك آخرون بالقطيعة معها، وكان من أبرز مناصري التيار الأول "الزبيدي" الذي أكد سعيه إلى إعادة فتح سفارة تونس بدمشق "في أجل زمني لا يتجاوز 20 مارس 2020، مراعيًا المصالح العليا للدولة التونسية والشعبين التونسي والسوري". 

كما قالت "عبير موسى"، إنه في حال فوزها "ستصحح المسارات الخاطئة، وستعيد العلاقات مع سوريا". وعلى جانب آخر، ذكر "المرزوقي" أن "قضية سوريا هي قضية مبدئية.. عندما تصبح للشعب السوري الحقوق والحريات التي لدى شعبنا، ويصبح له نظام ديمقراطي ويتفاهم مع بعضه، آنذاك ليست هناك مشكلة في إعادة العلاقات". أما "مورو" فقد رأى أن إعادة العلاقات مع سوريا يجب أن تتم في إطار الجامعة العربية، وأكد على ضرورة الحفاظ على كيان الدول العربية من خلال الجامعة.

4- الملف الليبي: كانت القضية الليبية من القضايا الإقليمية التي حظيت باهتمام متزايد من مرشحي الرئاسة التونسية. فعلى سبيل المثال، أشار المرشح "محمد عبو" إلى أن الحل الجذري للأزمة في ليبيا هو الحل الدبلوماسي الذي يمكن أن تسهم فيه تونس بما يخدم مصلحة البلدين، ويقرب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين. فيما تعهد "الشاهد" بإيجاد حلول للأزمة اللّيبية. أما "مورو" فقد رأى أن "تونس أولى من غيرها بإدارة المصالحة بين الفرقاء الليبيين؛ فليست لها أطماع ولا مصلحة مع أي طرف، وهمّها الأوحد هو إحلال الأمن والاستقرار". وصرح "المرزوقي" بأنه "يدعم حكومة الوفاق".

5- العلاقة مع الاتحاد الأوروبي: حافظت تونس لعقود على علاقات قوية مع دول الاتحاد الأوروبي، لا سيما فرنسا، وهو ما انعكس في حملات المرشحين الانتخابية. فقد أعرب مرشحون عن تطلعهم إلى مزيدٍ من توطيد العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، فيما قدم "يوسف الشاهد" في برنامجه سياسة خارجية أكثر جرأة مع الاتحاد الأوروبي، حيث طالب بدعم أقوى لتونس مقابل التعاون مع الأوروبيين في مكافحة الهجرة غير النظامية.

وصرح "عبدالكريم الزبيدي" بأنه سيعمل على مزيد من العناية بالجالية التونسية بالخارج، لا سيما أوروبا، التي تمثل جزءًا من الدبلوماسية التونسية، وتمثل المصدر الثاني للعملة الصعبة، بعد السياحة. فيما أكد "الهمامي" ضرورة وقف المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق "الأليكا"، وإعادة النظر في الاتفاقيات المتعلقة بالثروات التونسية وبالعلاقات التجارية، وتدشين حملة دبلوماسية لإلغاء الدَّين.

ختامًا، يتوقع المحللون أنه ربما تشهد نتائج الانتخابات التونسية مفاجأة كبيرة بصعود "مرشح غير متوقع" لسدة الرئاسة، حيث قد يستخدم بعض الناخبين آلية "التصويت العقابي" بسبب رفضهم للأحزاب السياسية والنخب المسيطرة على المشهد السياسي.