أهداف متباينة:

لماذا تزايد اللجوء إلى العقوبات في الإقليم؟

03 July 2017


تصاعد لجوء المنظمات الأممية أو القوى الدولية الكبرى أو الدول الإقليمية الرئيسية إلى فرض العقوبات على دول أو رؤساء سابقين أو قادة ميلشيات مسلحة أو زعماء قبائل أو ضباط عسكريين أو رجال أعمال أو خبراء في مراكز أبحاث أو جمعيات خيرية في الشرق الأوسط، على نحو ما تشير إليه حالات عديدة لفرض العقوبات على حكومة قطر ونظام الأسد في سوريا و"حزب الله" في لبنان وميلشيا الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن والنظام الإيراني.

وقد تمثلت أهداف الدول التي تفرض تلك العقوبات في إحداث تغيير جذري لسياسات الدول المستهدفة، أو إجراء تعديل في قضايا محددة مثل الإرهاب الدولي والانتشار النووي، وإضعاف النظم السياسية السلطوية، وتجفيف منابع "الخزانات المالية" للميلشيات المسلحة، ودفع الفاعلين لمواجهة الانتقال السياسي المتعثر.

وعلى الجانب الآخر، لا تهدف العقوبات في كل الحالات إلى معاقبة الطرف الآخر، بشكل أو بآخر، بل قد يكون الهدف من رفع العقوبات إحداث أثر إيجابي على هذا الطرف أو ذاك نتيجة تغير الأوضاع السياسية الداخلية، وهو ما يشير إليه رفع الاتحاد الأوروبي لاسم عائشة القذافي من تجميد الأرصدة المالية، ودعم التزام الدولة المستهدفة بالمسارات المحددة على نحو ما يعكسه رفع العقوبات الأمريكية على نظام البشير في السودان، وإعادة بناء العلاقات الاقتصادية الثنائية كما يبدو في حالتى روسيا وتركيا.

وبشكل أكثر تفصيلا، تعددت الأهداف من وراء فرض الفاعلين الرئيسيين العقوبات لتغطي مختلف أبعاد السياسة الخارجية في الشرق الأوسط، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

تعديل السلوك:

1- تغيير سياسات الدول المستهدفة بالعقوبات بشكل جذري: وهو ما ينطبق على التوجه الحالي لدول المقاطعة العربية في مواجهة قطر، الأمر الذي ترجم في قطع العلاقات السياسية وتقليص التعاملات الاقتصادية وإلغاء الرحلات الجوية معها. وقد وجهت دول المقاطعة ثلاثة عشر مطلبًا للدوحة لدراستها وتنفيذها تمهيدًا لاستعادة العلاقات معها، وهى تتعلق بمحاربة تنظيمات الإرهاب والميلشيات المسلحة، وإغلاق قناة "الجزيرة" وشبكات الإعلام التابعة لها، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وإغلاق الملحقيات الإيرانية وغيرها.

غير أن رد الحكومة القطرية كان رفض تلك المطالب، على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أثناء وجوده في روما في 1 يوليو الجاري، وهو ما جاء أيضًا في أعقاب لقاءات الوزير في الولايات المتحدة الأمريكية بمندوبي الدول أعضاء مجلس الأمن الدائمين، فضلا عن بعض سفراء الدول غير الدائمة، حيث قال الوزير أن "الدوحة مستعدة للحوار بالشروط المناسبة"، دون تحديد ماهية هذه الشروط، على نحو يعكس رغبة الدوحة في التصعيد مع دول المقاطعة العربية.

وفي هذا السياق، قال سفير الإمارات في روسيا عمر غباش خلال حوار مع صحيفة "الجارديان" في 28 يونيو الماضي، أن "دولا خليجية تدرس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على قطر وقد تطلب من شركاءها التجاريين الاختيار بين العمل معها أو مع الدوحة". وفي الوقت نفسه، تبرز المطالبة المصرية بتوثيق الانتهاكات المتكررة من جانب بعض الدول وخاصة قطر، لاستدامة العقوبات على ليبيا، وهو ما جاء في اجتماع مجلس الأمن الذي دعت إليه مصر حول "تحديات مكافحة الإرهاب في ليبيا" في 28 يونيو الماضي، وتحدث فيه السفير طارق القوني عن تسليح الدوحة للجماعات والتنظيمات الإرهابية في ليبيا، على نحو يتطلب فرض عقوبات عليها.

تغيير جزئي:

2- تغيير سياسات الدول المستهدفة بالعقوبات بشكل جزئي: أى يتعلق بقضية محددة مثل منع انتشار الأسلحة النووية ومحاربة الإرهاب، وهو ما ينطبق على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران، إذ أقر مجلس الشيوخ الأمريكي بأكثرية، في 15 يونيو الماضي، قانون يفرض عقوبات جديدة على طهران، خاصة فيما يتعلق بدعمها لأعمال إرهابية دولية، فضلا عن برنامجها الباليستي. وقد عارض عدد كبير من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عام 2015، فضلا عن اعتبار الرئيس ترامب النظام الإيراني المسئول عن عدم الاستقرار في الإقليم.

وتعكس تلك العقوبات توجيه رسالة محددة من البيت الأبيض والكونجرس بأن استراتيجية واشنطن الجديدة هى مواجهة إيران عبر تشديد العقوبات على الحرس الثوري المتهم بدعم الإرهاب، وعلى الأشخاص المشاركين في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وهو ما يأتي ردًا على رسالة التحدي للرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أكد مواصلة بلاده برنامجها للصواريخ الباليستية، والتي أعقبتها رسالة أخرى وجهها المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى حسين نقوى حسيني الذي قال في 16 يونيو الماضي أن "اللجنة تعمل على إعداد مشروع مضاد للرد على مشروع العقوبات على إيران".

معاقبة السلطوية:

3- إضعاف النظم السياسية السلطوية: خاصة المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان، وهو ما تقوم به الدول الغربية إزاء نظام بشار الأسد في سوريا. فقد أبقت المحكمة الفيدرالية السويسرية على تجميد أرصدة البنك المركزي السوري، على نحو ما جاء في بيان صادر، في 16 يونيو الماضي، بأن المحكمة رفضت طعنًا تقدمت به الحكومة السورية بعد قرار اتخذته المحكمة بإدراج كيانات وأشخاص سوريين جمدت أرصدتهم في سويسرا في اللائحة السوداء، نظرًا لعدم أهلية البنك للطعن في إدراجه في تلك اللائحة. ويأتي ذلك الإجراء في سياق العقوبات التي اعتمدها مجلس الاتحاد الأوروبي في مواجهة نظام الأسد.

وقد أعلن الاتحاد الأوروبي، في اجتماع وزراء خارجيته ببروكسيل في 29 مايو 2017، عن فرض عقوبات على 27 شخصية سورية جديدة يشغلون مناصب محورية في النظام ومسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وثماني مؤسسات تدعم نظام الأسد ماليًا. وتشمل العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على النظام السوري، حظرًا على النفط، وقيودًا على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي السوري داخل الاتحاد، وقيودًا على الصادرات المتعلقة بالتكنولوجيا التي يمكن استخدامها في القمع الأمني الداخلي، أو في اعتراضات الاتصالات عبر الهاتف أو الإنترنت.

كما فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، في 15 مايو الماضي، عقوبات على خمسة أشخاص وخمسة كيانات متهمين بتقديم الدعم للحكومة السورية، منهم محمد عباس الذي يدير المصالح المالية لرامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد فضلا عن إياد مخلوف وإيهاب مخلوف (نائب رئيس شركة "سيريتل" السورية للهواتف المحمولة)، إلى جانب فرض عقوبات على جمعية "البستان" الخيرية التي يديرها رامي مخلوف، وعقوبات أخرى على 271 موظفًا سوريًا في "مركز الدراسات والبحوث العلمية" المسئول عن إنتاج الأسلحة الكيميائية التي استخدمت لاستهداف الفصائل المسلحة المعارضة في منطقة خان شيخون بإدلب في 4 إبريل 2017.

وتعد هذه العقوبات هى الأحدث في سلسلة إجراءات تتخذها وزارة الخزانة ردًا على ممارسات نظام الأسد. وتهدف هذه الخطوات إلى تجميد أى أصول ربما يمتلكها هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة ومنع الكيانات الأمريكية من الدخول في تعاملات مالية معهم. وفي هذا السياق قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، في 24 مايو الماضي: "إن الولايات المتحدة تبعث رسالة قوية من خلال هذه الخطوة بأننا سنحاسب نظام الأسد بأكمله على هذه الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان لمنع انتشار هذه الأسلحة الكيميائية الهمجية".

وقد تبنت الحكومة الكندية النهج نفسه، حيث فرضت عقوبات على 17 من المسئولين في نظام الأسد بتجميد أصولهم المالية ومنع إجراء معاملات معهم، فضلا عن خمس كيانات لها علاقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، والتي تتمثل في مراكز أبحاث وشركات كيميائية مثل "محروس قروب" و"منظمة الصناعات التكنولوجية السورية" و"سيجما تك" و"المعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا التطبيقية" و"المختبر الوطني للمقاييس والمعايير".

خنق التمويل:

4- تجفيف منابع "الخزانات المالية" للميلشيات المسلحة: يتمثل أحد أهداف فرض العقوبات على الفواعل العنيفة في الإقليم في إضعاف مصادر التمويل التي تساعدهم في التجنيد وتنفيذ عمليات من شأنها زعزعة الاستقرار الإقليمي. فقد أدرجت واشنطن والرياض، في 20 مايو 2017، أحد قادة "حزب الله" وهو هاشم صفي الدين على أول قائمة سوداء مشتركة للإرهاب، حيث يشغل الأخير موقع رئيس المجلس التنفيذي للحزب (الذي تعتبره الدولتان تنظيمًا إرهابيًا) ويشرف على الشئون السياسية والبرامج الاقتصادية والاجتماعية للحزب، فضلا عن دوره في دعم نظام بشار الأسد، ويطرح اسمه لخلافة حسن نصرالله.

وبناءً عليه، سيتم تجميد أى أصول له في السعودية ويحظر إجراء أى تعاملات مالية معه من خلال القطاع المالي السعودي. ووفقًا لما أشار إليه مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، في 20 مايو الماضي، فإنه "للمرة الأولى على الإطلاق التي تشترك فيها وزارة الخارجية الأمريكية ودولة أجنبية في إدراج أشخاص على قائمة الإرهاب، على نحو يؤكد على الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والسعودية في مكافحة تمويل الإرهاب".

كما قرر مجلس الأمن، في 23 فبراير 2017، تمديد القرارات الدولية المنصوص عليها في القرار 2216 ضد جماعة الحوثي والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح سنة إضافية بحيث يتم تمديد مهمة لجنة العقوبات التي تتضمن مراقبة وتسهيل تجميد الأموال ومنع سفر عبدالملك الحوثي، حتى أواخر فبراير 2018. كما طلب القرار من فريق الخبراء تقديم إحاطة نصف سنوية إلى لجنة العقوبات في يوليو 2017، وتقرير نهائي إلى مجلس الأمن في يناير 2018. ويعود الهدف من تلك العقوبات إلى مواجهة إصرار ميلشيا الحوثي على عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين وتفاقم مخاطر تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب".

تجاوز الانتقال:

5- دفع الفاعلين لمواجهة الانتقال السياسي المتعثر: اعتمد مجلس الأمن مؤخرًا بالإجماع قرارًا بتمديد ولاية فريق خبراء العقوبات المفروضة على ليبيا إلى 15 نوفمبر 2018، وشمل القرار إدراج مشتقات البترول إلى السلع المحظور تصديرها. كما أضاف إلى قائمة حظر السفر وتجميد الأصول كل من يتورط في التخطيط لهجمات ضد موظفي الأمم المتحدة بمن فيهم أعضاء فريق الخبراء.

وقد شدد القرار على تصدي حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج للإرهاب من خلال قوات أمن موحدة تحت سلطتها. كما حض الدول الأعضاء على تقديم المساعدة اللازمة لحكومة الوفاق، لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن ليبيا، وهو ما يفرض على الحكومة مواصلة تحسين مراقبة الأسلحة التي تورد إلى ليبيا أو تباع وتنقل إليها وتتبع المقاتلين الإرهابيين الأجانب وزيادة التنسيق بين ليبيا ودول الجوار وإغلاق القنوات الفضائية الداعمة للإرهاب والعنف.

وقد عبر عن هذه الرؤية الأخيرة السفير طارق القوني مساعد وزير الخارجية المصري للشئون العربية – بحضور رئيس لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن ورئيس لجنة عقوبات "داعش" و"القاعدة" ورئيس لجنة عقوبات ليبيا- خلال جلسة في الأمم المتحدة دعت إليها مصر في 28 يونيو الماضي، بتأكيده أن ثمة تهديدًا يواجه ليبيا ودول الجوار يقتضي إيقاف دعم الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح، الأمر الذي يستلزم معه اتخاذ قرارات ضد الدول التي تنتهك القرارات الأممية ومنها قطر.

على الجانب الآخر، يفرض اللجوء إلى رفع العقوبات عن دول أو أفراد في الإقليم، تداعيات عديدة تتمثل في:

تبدل الموازين:

1- تغير الأوضاع السياسية الداخلية: رفعت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على عائشة القذافي ابنة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، في 28 مارس الماضي، بناءً على تغير الوضع في ليبيا، إذ لم يعد هناك مبرر، وفقًا لرؤيتها، للاستمرار في فرض حظر على سفرها وتجميد أرصدتها المالية التي فرضت عليها عام 2011 بدعوى "قرب الارتباط بالنظام". وعلى الرغم من إجراء الاتحاد الأوروبي تعديلا على العقوبات في عام 2014، لكنه أبقى على القائمة ورفض طلبها برفع اسمها. وفي مارس 2017، وافقت المحكمة على طلب تقدمت به عائشة القذافي ورفعت العقوبات المفروضة منذ ست سنوات.

المسارات الخمس:

2- التزام الدولة المستهدفة بمسارات محددة: على نحو ما يشير إليه رفع العقوبات الأمريكية "الاقتصادية" على السودان في 13 يناير الماضي، والتي فرضت على الخرطوم قبل عقدين، وحدد قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما فترة ستة أشهر يتم فيها مراقبة السياسات والقوانين المرتبطة بملفات الاقتصاد وتعزيز السلم ومكافحة الإرهاب. وكانت واشنطن قد أدرجت السودان على "القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب" منذ عام 1993. كما تخضع السودان لحظر تجاري منذ عام 1997 بسبب اتهام نظام البشير بدعم جماعات إسلامية، وخاصة إيواء زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن خلال الفترة (1992-1996).

غير أن ما ساعد على رفع العقوبات على السودان، في نهاية يونيو الجاري، التزام نظام الحكم بالمسارات الخمسة المطلوبة، وفقًا لرؤية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية، وهى التعاون في مكافحة الإرهاب، ووقف الحرب في السودان، ووقف دعم متمردي دولة جنوب السودان، ووقف دعم "جيش الرب" الأوغندي، وإيصال المساعدات للمحتاجين في مناطق النزاع، وسبقها ترحيب وزارة الخارجية الأمريكية بجهود السودان في مجال مكافحة الإرهاب، وخاصة التصدي لتنظيم "داعش" وجماعات إرهابية أخرى، على نحو ما عكسه بيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي في 20 سبتمبر 2016.

غير أنه تجدر الإشارة إلى أن هناك عقوبات أخرى مفروضة على حكومة الإنقاذ بالخرطوم، حيث قرر مجلس الأمن في فبراير الماضي تمديد ولاية لجنة العقوبات الدولية بشأن إقليم دارفور (المنشئة بالقرار رقم 1591 لعام 2005) لمدة تنتهي في 18 مارس 2018، وتجدد العقوبات سنويًا، وهى تتعلق بحظر بيع الأسلحة للسودان، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق أيضًا، قلل زعيم حزب "الأمة" السوداني الصادق المهدي في حواره مع صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، في 28 يونيو الماضي، من أهمية رفع العقوبات الأمريكية على السودان، إذ أن هذا الأثر سيبقى، في رؤيته، محدودًا ما لم يرفع اسم السودان من قائمة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وإيجاد معالجات لقرارات مجلس الأمن البالغة 63 قرارًا ضد السودان، وآلية لإقناع مجموعة نادي باريس بإعفاء الديون.  

استعادة شراكة:

3- إعادة بناء العلاقات الاقتصادية الثنائية: وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في نهاية مايو الماضي، مرسومًا يتضمن إزالة العقبات أمام عمل المواطنين الأتراك في روسيا، وإلغاء الحظر على عمل الشركات التركية في بعض القطاعات في روسيا، بالتوازي مع إجراء مشاورات بين وزارتي الخارجية الروسية والتركية لتجديد الاتفاقية الموقعة بين الدولتين عام 2010 ورفع كافة العقوبات وذلك في إطار محاولة الجانبين إعادة بناء العلاقات الاقتصادية خاصة بعد تجاوز فترة توتر عقب إسقاط مقاتلة روسية في نوفمبر 2015. ويبدو أن ثمة تفاهمات بين موسكو وأنقرة في قضايا عدة بالإقليم.

تأثيرات ضاغطة:

خلاصة القول، يبدو أن توظيف العقوبات كآلية في السياسة الخارجية سوف يتزايد خلال المرحلة المقبلة في تفاعلات منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل التلويح بمدى إمكانية تحويل العقوبات إلى معونات في حال ما تم الإذعان لمطالب الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقوى رئيسية في الإقليم، لأنه لا يمكن تجاهل التأثيرات الضاغطة لتلك الأطراف على القوى المستهدفة من العقوبات، بل لا تستطيع دولة حديثة مقاومتها، على حد تعبير الرئيس الأمريكي الأسبق وودرو ويلسون، الذي قال أن "العقوبات سلاح سلمي وهادئ وقاتل في الوقت نفسه".