ضغوط متوازية:

لماذا وسّعت حركة "شباب المجاهدين" قائمة أهدافها؟

16 August 2017


تسعى حركة "شباب المجاهدين"، على ما يبدو، إلى توسيع نطاق نفوذها داخل الصومال، من خلال تصعيد نشاطها ضد أهداف متعددة، حيث لم تكتف بشن هجمات إرهابية استهدفت عبرها كلا من القوات الحكومية والإفريقية من أجل فرض ضغوط عليها للانسحاب من بعض المناطق التي تحاول السيطرة عليها، بل بدأت في تنفيذ عمليات إرهابية جديدة خارج حدود الصومال، على غرار العملية التي قامت بشنها على قريتى جيما وبانداجو في كينيا في 8 يوليو 2017 والتي أدت إلى مقتل 9 كينيين.

كما أصبحت تقوم بتنفيذ هجمات انتقامية ضد بعض المجموعات المنشقة عنها، والتي كان آخرها الهجوم على مجموعة مختار روبو المعروف بـ"أبو منصور"، القيادي السابق في الحركة، وذلك في 9 أغسطس الجاري، حيث وُصف الهجوم بأنه بمثابة "إرهاب لأعضاء الحركة" بهدف إثنائهم عن التفكير في الانشقاق عنها. لكن ذلك لا يبدو أنه ساعد على تحقيق هدف الحركة، خاصة بعد أن قام روبو بتسليم نفسه للسلطات بعد ذلك بأربعة أيام، بشكل يؤشر إلى أن الحركة ربما تكون مقبلة على أزمة داخلية سوف تؤثر على تماسكها خلال المرحلة القادمة، لدرجة دفعتها إلى توسيع قائمة أهدافها.

مؤشرات عديدة:

تصاعد نشاط حركة "شباب المجاهدين" بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، في اتجاهات متوازية، بدرجة لم تعهدها الحركة من قبل، وهو ما تكشف عنه مؤشرات عديدة يتمثل أبرزها في:

1- السيطرة على مناطق جديدة: تمكن مقاتلو الحركة، في 4 أغسطس 2017، من السيطرة بشكل كامل على مدينة ليجو الاستراتيجية، الواقعة على الطريق الواصل بين العاصمة مقديشيو ومدينة بيدوا، وذلك عقب انسحاب القوات الحكومية وقوات حفظ السلام منها بعد الهجمات التي نفذتها الحركة وأسفرت عن مقتل 12 من جنود القوات المدعومة من الاتحاد الإفريقي، بشكل يشير إلى أنها صارت تستغل انسحاب القوات الإفريقية من بعض المدن والمناطق لتعيد فرض سيطرتها عليها، حيث سبق أن اجتاحت مدينة هالغان فى أكتوبر 2016، عقب انسحاب القوات الإثيوبية منها، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من انسحابها من مدينة موقوكوري، التي اقتحمتها الحركة أيضًا.

2- تصاعد استهداف القوات الحكومية: شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في العمليات التي نفذتها الحركة واستهدفت من خلالها عناصر الجيش الصومالي، حيث شنت هجومًا انتحاريًا ضد أحد مديري مصلحة السجون، خلال تأديته للصلاة في أحد مساجد العاصمة في 12 أغسطس الحالي، وهو ما أسفر عن مصرع جندي. كما بدأت الحركة في شن عمليات ضد العناصر المتعاونة مع القوات الحكومية خلال مواجهاتها المسلحة مع الحركة، بدعوى أن تلك العناصر تساعد السلطات في الحصول على معلومات عن مواقعها وقياداتها والخطط التي تعمل على تنفيذها.

3- شن هجمات ضد القوات الإفريقية: حرصت الحركة على رفع تكلفة بقاء قوات حفظ السلام التي تحظى بدعم من جانب الاتحاد الإفريقي، حيث شنت هجمات على مواقع تسيطر عليها القوات الأوغندية بالقرب من مدينة بولومرير، في بداية أغسطس الجاري، وهو ما أدى إلى مصرع عدد من الجنود، كما قامت بإعدام أحد الجنود الكينيين، وذلك بهدف ممارسة ضغوط قوية على الدول التي تتبع لها تلك القوات لدفعها إلى اتخاذ قرارات بسحبها من الصومال.

4- تفعيل النشاط الإعلامي: سعت "شباب المجاهدين" إلى الترويج لعملياتها وأفكارها ورموزها عبر الإصدار المرئي الذي قامت ببثه تحت عنوان "مسيرة الصمود"، في يونيو 2017، والذي عرضت فيه لنشاط أحمد عبدي اومحمود غودني الذي يعرف بـ"مختار عبد الرحمن أبي الزبير"، مؤسسها وزعيمها السابق الذي قتل في غارة أمريكية، في بداية سبتمبر 2014، حيث كشفت عن صورته الحقيقية لأول مرة، كما استعرضت أدوار عدد من قياداتها السابقين مثل طارق عبد الله المعروف باسم "أبو طلحة السوداني"، وإبراهيم نالييي الذي كان يعد من الكوادر العسكرية الرئيسية في الحركة.

أهداف مختلفة:

تحاول الحركة من خلال تصعيد عملياتها الإرهابية والترويج لنشاطها تحقيق أهداف عديدة يمكن تناولها على النحو التالي:

1- ردع المنشقين: تسعى "شباب المجاهدين" عبر عملياتها التي استهدفت مجموعة من العناصر المنشقة عنها إلى توجيه رسالة ردع لكوادرها بهدف منعهم من الإقدام على الخطوة نفسها، والتي قد تزيد من احتمالات وصولهم إلى تفاهمات مع الحكومة، بشكل قد يؤدي إلى تقليص حدة العمليات التي تقوم بها الحركة في المرحلة القادمة. وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن مختار روبو، الذي سلم نفسه للحكومة في 13 أغسطس الجاري، كان يتفاوض مع ممثلين للأخيرة من أجل إلقاء السلاح والتوقف عن تنفيذ عمليات إرهابية، وربما يكون ذلك هو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى رفع اسمه من لائحة الإرهاب، في يوليو 2017، بعد أن كانت قد أعلنت في عام 2012 عن رصد مكافأة قدرها 5 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

2- الحفاظ على الولاء للقيادة: تهدف الحركة من خلال تصعيد نشاطها إلى الحفاظ على ولاء عناصرها لقيادتها الحالية، خاصة أن أحد أهم الآليات التي تستند إليها القيادات من أجل استقطاب عناصر وكوادر الحركة يتمثل في إقدامها على تخطيط وتنفيذ عدد كبير من العمليات الإرهابية، التي تثبت قدرتها على تطبيق أفكارها وتوجهاتها ومنافسة التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها. 

3- إحباط مشروع "فرماجو": تحاول "شباب المجاهدين" وضع عقبات تحول دون نجاح الرئيس محمد عبد الله فرماجو، الذي تولى منصبه في فبراير 2017 في تنفيذ برنامجه السياسي، الذي يهدف إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها الحركة، عبر الانخراط في مواجهات معها بالتوازي مع العمل على تجفيف مصادر تمويلها، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، وتأسيس تحالفات قبلية مضادة للحركة، بشكل قد يساعد في تقليص قدرتها على استقطاب عدد كبير من عناصر تلك القبائل للانضمام إلى صفوفها خلال المرحلة القادمة. 

وعلى ضوء ذلك، ربما يمكن القول في النهاية إن اتجاه الحركة إلى توسيع نطاق أهدافها قد يمثل مؤشر ضعف، نتيجة تزايد الضغوط التي تتعرض لها سواء بسبب الضربات التي تتعرض لها، أو بسبب تزايد انشقاق بعض قادتها وكوادرها خلال الفترة الأخيرة.