نقاط التمويل:

كيف ارتبط دور شركات الصرافة بعدم الاستقرار الإقليمي؟

13 March 2017


تزايدت أدوار بعض شركات الصرافة المحلية في عدد من دول الشرق الأوسط، خلال السنوات القليلة الماضية، في دعم عدم الاستقرار الداخلي في مصر واليمن ولبنان وسوريا والعراق والأراضي الفلسطينية وغيرها، سواء بالإضرار بهياكل الاقتصاديات الوطنية، أو التورط في تمويل التنظيمات الإرهابية، وتموين فروع التيارات السياسية المتشددة، أو دعم الميلشيات المسلحة، أو ترسيخ اقتصاديات الصراعات الداخلية، أو كساحة للمواجهة بين القوى السياسية المتنافسة، أو بروز شركات صرافة وهمية، أو رفض تغيير بعض العملات العربية، إلى درجة يمكن معها اعتبار شركات أو مكاتب الصرافة، في حالات محددة، بمثابة "نقاط أو خزانات تمويل" لأنشطة مالية واقتصادية تُسهم في إحداث قلاقل داخلية، لا سيما مع تعثر الأجهزة الأمنية والاستخبارات المالية في وضع منظومة رقابية مالية توقف هذا التمدد.

فالأدوار التقليدية التي يُفترض أن تقوم بها شركات الصرافة المرخصة هى تأدية مهام مكملة لما تقوم به البنوك في استقرار القطاع المالي في هذه الدولة أو تلك، أو قد تقوم بدور البنوك المحلية في مهام محددة، وهو ما فعلته شركات الصرافة اليمنية التي قامت خلال عام 2017 بصرف رواتب موظفي الدولة، نظرًا لوفرة السيولة النقدية لديها، ولتعدد فروعها التي تغطي محافظات الجمهورية، حيث تقدر بـ26 شركة وأكثر من 300 مكتب، فضلا عن القيود المفروضة على التعاملات البنكية في البنوك المحلية. كما تؤدي شركات الصرافة دورًا محوريًّا من خلال تغطية احتياجات التجار من تمويلات الائتمان والتحويلات الخارجية لاستيراد السلع والأدوية، وهو ما تعجز عنه البنوك المحلية.

وهنا، تؤدي شركات الصرافة اليمنية الخدمة بشكل جيد، وتقوم بالتسليم في الوقت المحدد. لذا، لوحظ انتشار المسلحين الحوثيين أمام بوابات بعض شركات الصرافة، خلال الأشهر الماضية؛ حيث كانت مهمتهم الرئيسية هى منع موظفي المؤسسات الحكومية من استلام مرتباتهم التي أعلنت الحكومة الشرعية أنها حوّلتها من عدن إلى صنعاء عبر بعض المصارف.

 وقد أثبتت تفاعلات السنوات الماضية قيام شركات الصرافة في حالات إقليمية مختلفة بأدوار موازية إن لم تكن أساسية، بسبب تقاعس الجهات المعنية عن ملاحقة العناصر العاملة فيها أو غض الطرف حيالها، أو بسبب تطوير مهارات عمليات التحويل بأسماء مستعارة عبر مكاتب صرافة معينة، على نحو ما توضحه النقاط التالية:

سرطان مالي:

1- الإضرار ببنية الاقتصاديات الوطنية: على نحو ما فعلته بعض شركات الصرافة بالاقتصاد المصري، خلال الأعوام الماضية، لا سيما في ظل عدم توافر الدولار بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى إلى انتعاش الطلب على العملة الأجنبية في السوق السوداء، إذ انتشر ما يُعرف بـ"دولار الرصيف"، حيث تقوم بعض شركات الصرافة بتقديم الدولار بأسعار تنافسية خارج مقار الشركات.

وفي هذا السياق، وافق مجلس النواب، في 9 أغسطس 2016، على مشروع قانون أقره مجلس الوزراء الذي ينظم سوق النقد الأجنبي، ويتضمن تغليظ العقوبات على بيع العملة الأجنبية خارج القنوات الرسمية، إذ يتضمن فرض عقوبة على من يخالف القانون تشمل الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات، وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه.

ووفقًا لتصور الحكومة المصرية، تعد شركات الصرافة العاملة في السوق السوداء هى السبب الرئيسي في تفاقم أزمة سعر الصرف، حيث أعلنت وزارة الداخلية، في بيان بتاريخ 22 أكتوبر 2015، إلقاء القبض على رجل الأعمال في جماعة الإخوان حسن مالك وبعض القيادات في الجماعة بتهمة "تورطهم في عمليات تجميع وتهريب للدولار خارج البلاد ضمن مخطط لضرب الاقتصاد الوطني"، وأوضح البيان أن "كلا من حسن مالك وعبدالرحمن سعودي متهمان باستغلال بعض شركات الصرافة التابعة لجماعة الإخوان في تهريب الأموال خارج البلاد".

 على جانب آخر، قال الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب: "إن شركات الصرافة سرطان في جسم الاقتصاد المصري، ولا بد من إلغائها، وأتمنى أن يتقدم أحد النواب بقانون لإلغاء هذه الشركات التي تدمر الاقتصاد". وهنا تجدر الإشارة إلى أن التعديلات الخاصة بالقانون تمنح لمحافظ البنك المركزي سلطة تعليق ترخيص أى شركة للصرافة لمدة عام، علاوة على فرض غرامة مماثلة في حالة مخالفة القواعد، ويكون للبنك الحق في إلغاء ترخيص الشركة. 

وقد صرح جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي المصري، على هامش مؤتمر مصرفي في شرم الشيخ في 19 أغسطس 2016، بأن "عدد شركات الصرافة التي تم إغلاقها منذ بداية عام 2016 وحتى منتصف أغسطس من العام ذاته 53 شركة، منها 26 شركة تم إغلاقها نهائيًّا، و27 شركة تم إغلاقها ما بين ثلاثة أشهر وعام". غير أنه من المرجح تزايد عدد الشركات التي تم إغلاقها حتى منتصف مارس 2017.

تجاذبات سياسية:

2- ساحة للمواجهة بين القوى السياسية المتنافسة: باتت مكاتب الصرافة ساحة جديدة للمواجهة بين حركة "حماس" والسلطة الفلسطينية. إذ أن قطاعًا ليس بقليل من الفلسطينيين يعتمدون على البنوك ومكاتب الصرافة في استلام مستحقاتهم وحوالاتهم الشخصية، فيما تفرض السلطة الفلسطينية سياسات متشددة على مكاتب الصرافة لتخوفها من وصول الأموال إلى بعض الشخصيات والمؤسسات التي تتسم بتأييدها أو تبعيتها لحركة "حماس".

ووفقًا لما ذكره موقع "ستراتفور"، فقد شهد عام 2016 إحباط تحويلات مالية لحسابات شخصية ومؤسسات فلسطينية، لتنفيذ أنشطة مناهضة للسلطة الفلسطينية، على نحو ما تعكسه الأزمة الناشئة بين الجمعيات الخيرية الفلسطينية من جهة والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، الأمر الذي أثر سلبًا على تقديم تلك الجمعيات الأهلية خدماتها المعتادة لدعم الأيتام والفقراء والمرضى والمعاقين والطلاب الجامعيين وغيرهم. 

 وقد امتدت المراقبة الأمنية لمكاتب الصرافة المنتشرة في الأراضي الفلسطينية، إذ تعرضت مكاتب صرافة في الضفة الغربية لمداهمات إسرائيلية، بدعوى نقلها أموالا لنشطاء في حركة "حماس"، وتم احتجاز الحوالات المالية للعديد من الصحفيين الفلسطينيين من الجهات التي يعملون بها، وهو ما ساهم في تفاقم الأزمة المالية التي تواجهها "حماس". 

أذرع خفية: 

3- تموين فروع التيارات السياسية: تشير تقارير عديدة إلى أن شركات الصرافة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في عدة دول عربية تقوم بشراء الدولارات من بعض المصريين العاملين في الخارج بأسعار مرتفعة، لمنعهم من تحويلها إلى بلادهم عن طريق البنوك، ويتم ذلك بواسطة موظفين تنتدبهم تلك الشركات لتبديل الدولارات بالجنيهات التي تسلمها لاحقًا لذويهم في مصر، مقابل فوارق مهمة في سعر الصرف مقارنة بالبنوك المصرية. وتهدف تلك السياسة إلى تدفق السيولة النقدية لجماعة الإخوان بعيدًا عن رقابة البنوك والحكومات من ناحية، وتخفيف مصادر دخل العملة الصعبة للبلاد من ناحية أخرى.

خزانات العنف:

4- تمويل التنظيمات الإرهابية: وُجهت اتهامات لبعض شركات الصرافة بدعم تنظيمات إرهابية في مناطق جغرافية محددة. فعلى سبيل المثال، داهمت الأجهزة الأمنية اللبنانية، في 7 و8 مارس 2017، عدة مؤسسات صرافة وشركات مالية في بيروت، خاصة في شارع الحمرا ومنطقة الطريق الجديدة، بعد الاشتباه في تحويلها مبالغ مالية خارج لبنان تصل إلى مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" في الرقة بسوريا، وفقًا لما ذكرته الوكالة الوطنية للإعلام. وقد تمت مصادرة مستندات وأجهزة كمبيوتر وختم هذه الشركات بالشمع الأحمر بناء على إشارة النيابة العامة العسكرية، إذ إن إعادة فتحها يستوجب الملاحقة القضائية.

كما تعد مكاتب الصرافة إحدى الوسائل التي يستخدمها تنظيم "داعش" لنقل الأموال، بل إن بعض كوادر التنظيم  يقومون بإدارة شركات الصرافة داخل المناطق التي يسيطرون عليها في العراق (مثل الموصل والسليمانية وأربيل)، مع الأخذ في الاعتبار أن البنك المركزي العراقي أوقف نقل الأموال من شركات الصرافة الأهلية إلى مكاتب الصرافة ونقل الأموال القريبة من التنظيم في مدينة الموصل.

غير أنها لم تنجح في منع التدفق المالي عبر الطرق البرية، إذ لا تزال الأموال تصل بطرق يصعب اختراقها. فالتجارة مع تنظيم "داعش" مثمرة لبعض التجار المحليين في سوريا والعراق والأردن وتركيا. 

  ووفقًا لإحصاءات نوفمبر 2016، بلغ عدد شركات الصرافة العراقية التي تم إغلاقها في المدن العراقية التي تشهد مواجهات مسلحة والشركات الأخرى التي لم تلتزم بقرارات البنك المركزي الانضباطية حوالي 300 شركة، حيث توصل البنك المركزي (بناء على مساعدة الأجهزة الأمنية العراقية والأجهزة الاستخباراتية الأمريكية) إلى تورطها في تمويل الإرهاب. كما أصدرت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي بيانًا، في 7 أغسطس 2015، يتضمن وثائق بالأدلة عن تورط بنوك وشركات صرافة في عمليات تهريب أموال خارج العراق.

ولم يقتصر الأمر على تمويل "داعش"، بل امتد إلى تنظيم "القاعدة"، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، في 2 نوفمبر 2016، إضافة سعيد صالح عبدربه العمقي ومحمد صالح عبدربه العمقي إلى القائمة الخاصة بالأفراد الذين يساعدون الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة كتنظيمات إرهابية، إلى جانب شركتهما "العمقي وإخوانه للصرافة" التي كان يستخدمها تنظيم "القاعدة في شبه جزيرة العرب" في التعاملات المالية لسنوات عدة، فضلا عن عدد من الشركات غير المعلومة، حيث يستخدم تنظيم "القاعدة في شبه جزيرة العرب" حسابات في شركة "العمقي وإخوانه للصرافة" لتوزيع الأموال في مختلف أنحاء اليمن، واستقبال إيداعات الأموال المبتزة من الشركات اليمنية. فعلى سبيل المثال، أمر كوادر وقيادات التنظيم في عام 2016 شركة نفط يمنية بمحافظة حضرموت بنقل مليون دولار إلى شركة "العمقي وإخوانه للصرافة" لدعم أنشطة التنظيم.

تمويل الميليشيات:

5- تأكيد هيمنة الميليشيات المسلحة: سيطر الحوثيون على البنوك وشركات الصرافة في المناطق الخاضعة لنفوذهم منذ اقتحامهم العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وقاموا بتخزين العملة اليمنية في الكهوف والمتمثلة في احتياطيات ومدخرات البنك المركزي وأموال شركات ومكاتب الصرافة. كما اعتقلوا عددًا من الصرافين، ثم أفرجوا عنهم بعد الحصول منهم على أموال طائلة.

وقد ساهم ذلك في زيادة معاناة البلاد من تدهور قيمة الريال، وتوقف تصدير النفط الذي تشكل إيراداته ما يقارب 70% من مداخيل البلاد، وتوقف الاستثمارات الأجنبية، وانعدام العائدات السياحية، فضلا عن تراجع المساعدات الخارجية. وفي هذا السياق، يبرز الدعم السعودي لاستقرار العملة اليمنية وحمايتها من الانهيار بملياري دولار في 19 فبراير 2017، بعد ممارسات المضاربة التي يقوم بها الحوثيون في السوق لسحب العملة الأجنبية.

كما أن هناك بعض شركات الصرافة العراقية التي تدفع للميليشيات الشيعية التي تقاتل تنظيم "داعش"، لحراسة شحنات الأموال التي تنطلق على الطريق من بغداد عبر خطوط جبهتهم إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة "داعش". كذلك يتم رشوة مقاتلين أكراد عراقيين لمحاربة "داعش"، بحيث يسمحون بمرور سيارات نقل الأموال عبر أراضيهم إلى مناطق نفوذهم في الموصل، وتتراوح الرسوم ما بين ألف إلى عشرة آلاف دولار. 

هوامير السوق:

6- ترسيخ اقتصاديات الصراعات الداخلية: وهو ما تعبر عنه حالة شركات الصرافة في سوريا مثل "الفؤاد" و"القدموس" و"بيكو" و"الهرم"، لا سيما في ظل تخلي نظام الأسد عن كافة آلياته لحماية الاقتصاد الوطني وتلاعبه بالليرة السورية. فقد أدى تحالف شركات الصرافة مع نخبة متنفذة داخل المصرف المركزي السوري إلى تكوين ما يطلق عليه "هوامير السوق"، أى النخبة الاقتصادية المنتفعة من بقاء الصراع المتعدد الأبعاد داخل الساحة السورية، بحيث يقومون ببيع الدولار في ظل ارتفاعه ثم مواصلة شرائه، على نحو يمكنهم من تحقيق أرباح طائلة. 

 ومنذ مايو 2016، اتخذ المصرف المركزي السوري بعض الإجراءات لاحتواء أزمة سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، إذ أعلن المصرف السوري، في بيان في 10 مايو 2016 "إلزامه جميع شركات الصرافة ببيع المواطنين قطعًا أجنبية مباشرة بسعر 620 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد دون تقاضي أى عمولات بعد الانخفاض الكبير في قيمة الليرة السورية بنسبة تتجاوز 92% منذ بدء الصراع، لا سيما مع استمرار العقوبات الدولية، ووصول سعر صرف الدولار إلى 625 ليرة سورية في السوق السوداء".

  كما ألزم المصرف المركزي السوري جميع شركات الصرافة بشراء مليون دولار، ومكاتب الصرافة (الفروع) بشراء مئة ألف دولار، وتوعد باتخاذ قرار فوري بإغلاق كل مؤسسة لا تنفذ طلب الشراء هذا. وأصدر دريد درغام حاكم مصرف سوريا المركزي، في 25 يوليو 2016، قرارًا يقضي بتفعيل دور المصارف العاملة في سوريا، لتمويل عمليات الاستيراد، وهو ما كان ممنوعًا على البنوك التدخل في هذه العملية، وبقيت حكرًا على شركات الصرافة.

كيانات وهمية:

7- بروز شركات صرافة وهمية: انتشر في الشهور الست الماضية بث إعلانات ممولة على شبكة الإنترنت لعدد من شركات الصرافة تعلن عبرها البدء في عمليات تحويل أموال وفقًا لضوابط مصرف ليبيا المركزي، سواء كانت حوالات سريعة أو حوالات للدراسة أو العلاج على النفقة الخاصة، وتطلب هذه الشركات من المواطنين تزويدها ببياناتهم الشخصية كالرقم القومي (الوطني) وجواز السفر.

وفي هذا السياق، أكد مصرف ليبيا المركزي، في بيان نشره على صفحته الرسمية على الفيسبوك في 3 أكتوبر 2016، أنه لم يمنح أى إذن مزاولة عمل لأى شركة صرافة في ليبيا، وطالب المواطنين بعدم التعامل مع أى شركة صرافة تدعي مزاولة العمل بموافقة منه، وعدم تزويد هذه الشركات بأى بيانات شخصية قد تستخدم في عمليات النصب والاحتيال. وذكر المصرف اسم شركة "الأنوار للصرافة والتحويلات المالية" على وجه التحديد.

أموال العائدين:

8- رفض تغيير بعض العملات العربية: عزفت شركات الصرافة في بعض المحافظات المصرية عن شراء أو تبديل العملات الليبية، مثلما حدث في عام 2014 حينما رفض مسئولو شركات الصرافة في سوهاج (التي تُعد إحدى أكبر المحافظات المصدرة للعمالة المصرية في ليبيا) تغيير الأموال الليبية بأوراق مالية مصرية من العائدين من ليبيا، بدعوى توقع هبوط أو انهيار قيمة الدينار، على الرغم من أنه بعد قيام ثورة 17 فبراير 2011 تربح بعض تجار العملة في مصر من تذبذب الدينار الليبي.

آليات ثلاثية:

 خلاصة القول، إن المال يتدفق عبر شركات الصرافة أسهل من المياه، وإن فعالية مكافحة مخاطر شركات الصرافة في دول الإقليم تتطلب السير في ثلاثة مستويات: الردع، والوقاية، والتعطيل. فالمستوى الأول (الردع) يتطلب تغليظ العقوبات على المتعاملين في سوق الصرف خارج الأطر الرسمية، بما يؤدي تدريجيًّا إلى تقليل المنخرطين في "تجارة العملة" في دولة مثل مصر رغم المكاسب الناجمة عنها. فضلا عن الإعلان عن "تفكيك الشبكات" المالية لتنظيم "داعش" بعد منع كوادره من تبادل العملات الأجنبية وشراء السلع وتمويل المقاتلين، وهى محاور رئيسية في استراتيجية عزل التنظيم. 

وبالنسبة لمستوى (الوقاية)، فإنه يستوجب بناء وتطوير قدرات العاملين في مجال شركات الصرافة، حيث اعتمد بنك الكويت المركزي، مثلا، برنامجًا تدريبيًّا دوريًّا خلال عام 2015 موجهًا إلى مسئولي وموظفي شركات الصرافة المسجلة لدى البنك وعددها 40 شركة، بهدف تنمية قدرات العاملين وتحقيق الإدراك الكامل للمتطلبات الرقابية عند مزاولة المهنة. فضلا عن إنشاء وحدة استخبارات مالية في الإدارات الحكومية بدول الإقليم لتكون مركزًا للتحقيقات المتعلقة بتوظيف شركات الصرافة والبنوك في تمويل الإرهاب وتبيض الأموال.

أما فيما يخص مستوى (التعطيل) للبنية التحتية الاقتصادية والمالية لتلك الشركات، فهو يتطلب التنسيق بين الجهات الحكومية في الدول التي توجد بها شركات ومكاتب صرافة موضع شبهات، حيث أكد مدير إدارة الرقابة والميزانية في بنك الكويت المركزي عبدالحميد العوضي على هامش افتتاحه ورشة عمل "متطلبات التعليمات الصادرة من بنك الكويت المركزي في نطاق تنظيم شركات الصرافة" في 7 سبتمبر 2015، أهمية الجهود الكبيرة والتنسيق المشترك بين الجهات الحكومية المعنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بما فيها الجهود التوعوية، لا سيما وأن الكويت كانت سباقة في هذا المجال على مستوى الإقليم.

 فضلا عن مواصلة جهود مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، بحيث تتم عبر المتابعة مع المنظمات الدولية المعنية. وفي هذا الإطار تقوم وزارة الخزانة الأمريكية، مثلا، بإرسال تقارير استخباراتية دورية إلى بغداد حول المعاملات المالية لتنظيم "داعش"، حيث أعلن البنك المركزي العراقي، في ديسمبر 2015، عن قيام 142 شركة صرافة بنقل الأموال إلى التنظيم.