معطيات الأمن الغذائي الوطني

09 April 2020


هناك معطيات وبيانات تتعلق بالأمن الغذائي في دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تمنح المزيد من الطمأنينة والاستقرار لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان، واستقرار تجارة هذه المواد بعيداً عن الذعر والتهويل، وبالأخص من قبل غير المختصين باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي بصورة مبتذلة وغير مهنية.

وحتى لا تتشتت الأفكار والبيانات، فسوف نركز على بيانات دولة الإمارات بحكم معايشتنا لها، والتي لا تختلف عن مثيلاتها من بيانات بقية دول المجلس، التي تتمتع بوضع قوي في مجال الأمن الغذاني، كما سنوضح من خلال هذا الموجز المختصر.

ففي الإمارات تنتشر مزارع إنتاج اللحوم البيضاء والحمراء ومنتجات الألبان وصوامع طحن الحبوب والزراعة المحمية، التي تُلبي بعض منتجاتها جزءاً كبيراً من الطلب المحلي، فمطاحن الدقيق، وبالأخص المطاحن الكبرى بأبوظبي يبلغ إنتاجها اليومي 850 طناً، والتي تقوم بنفس الوقت بإنتاج العلف الحيواني المغذي لمزارع إنتاج الألبان واللحوم، حيث تتوفر لدى كافة مخازن القمح بالدولة إمدادات تكفي لمدة تسعة أشهر، في حين تتوفر إمدادات من الأرز والسكر تكفي لمدة ستة أشهر، وجميعها مواد أساسية يمكن تلبيتها بسهولة.

أما إنتاج الدواجن، فيبلغ 110 آلاف طير يومياً، ما يلبي معظم الاحتياجات المحلية، بالإضافة إلى 400 مليون بيضة سنوياً و25% من احتياجات الدولة من اللحوم الحمراء من خلال تربية 1.5 مليون رأس من الماشية سنوياً، في حين يبلغ إنتاج الألبان نصف مليون لتر يومياً، بالإضافة إلى 150 ألف لتر من العصائر.

بفضل هذه البيانات الموثقة والتي أخذت من مصادرها الأساسية يمكن الاستنتاج، وبكل ثقة، أن الوضع الغذائي في الدولة مطمئـن للغاية، تدعمه بعض الحقائق الموضوعية التي يمكن إيجازها في الآتي:

أولاً: لا زالت حركة الاستيراد مستمرة، لم ولن تتوقف لسبب بسيط، وهو أنه لا توجد مبررات لوقفها في ظل الإجراءات والاحترازات الصحية المتبعة، وثانياً، فقد أشارت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، نهاية الأسبوع الماضي، إلى انخفاض حاد في أسعار الغذاء العالمية، مدفوعاً بتقلص الطلب نتيجة لآثار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. وثالثاً، فإنه يتوقع أن ينخفض الطلب المحلي على الأغذية بنسبة 15-20% نتيجة لغياب عدد السياح الأجانب، والذي وصل عددهم إلى 30 مليون سائح تقريباً العام الماضي، وكذلك توقف حركة المسافرين جواً وبحراً وبراً، وتراجع أنشطة الفنادق والمطاعم، مما يعني أنه سيكون هناك كميات وافرة من المواد الغذائية. خامساً وأخيراً، ناقش وزراء التجارة في دول مجلس التعاون في اجتماعهم الاستثنائي مؤخراً، إنشاء شبكة للأمن الغذائي بين هذه الدول، على غرار الربط الكهربائي، بهدف تحقيق الأمن الغذائي الخليجي، وضمان الإمدادات لكافة دول المجلس.

هذا الأمن الجماعي الخليجي سيساهم في تدعيم الإمدادات، خصوصاً أن بعض الدول، كدولة الإمارات استثمرت بصورة كبيرة في الزراعة المحمية، كما أن السعودية وعُمان تتمتعان بتنوع الطقس، مما يمنحهما مرونة في إنتاج الأغذية، في حين تمتلك كل من البحرين والكويت صوامع كبيرة لإنتاج القمح ومزارع لإنتاج الدواجن أقيمت منذ خمسين عاماً، إضافة إلى توسعاتها في الزراعة المحمية.

إذن، هناك تكامل خليجي سيساهم في الإمدادات وفي ترسيخ الأمن الغذائي الجماعي، مما يعني أن الأمن الغذائي الإماراتي والخليجي يتمتع بضمانات كبيرة، وعلى استعداد لأية حالات طارئة أو استثنائية، مما يفند الأكاذيب القطرية التي تحاول قلب الحقائق، مستهدفة الإمارات والسعودية والبحرين وبقية دول المجلس بنفسية مريضة، ما يتطلب الابتعاد عن الذعر والمبالغات والتشويه والاستماع فقط إلى الجهات الرسمية المالكة للبيانات الصحيحة، لدرايتها بحقيقة الأوضاع والتي وضحنا جزءاً منها بصورة سريعة، هذا الاطمئنان يتطلب- في المقابل - من الجميع إلزام مساكنهم حتى تنجلي هذه الجائحة سريعاً بتضافر كافة الجهود.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد