جيوبوليتيك الغاز:

مستقبل صناعة الغاز الطبيعي في القرن الحادي والعشرين

07 November 2022


أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ضمن سلسلة "كتب المستقبل"، كتاباً جديداً بعنوان "جيوبوليتيك الغاز: مستقبل صناعة الغاز الطبيعي في القرن الحادي والعشرين"، من تأليف إبراهيم الغيطاني، رئيس برنامج دراسات الطاقة بالمركز.

وتأتي أهمية الكتاب انطلاقاً من أن الغاز الطبيعي أصبح لاعباً حيوياً في مزيج الطاقة العالمي، في ظل السياسات العالمية للحد من الكربون، كونه يصدر انبعاثات كربونية أقل من مصادر الوقود الأحفوري الأخرى. كما تزايدت أهمية الغاز الطبيعي عقب اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، واضطراب إمدادات الغاز الروسي للسوق الأوروبية، لتبرز مدى أهمية الغاز الطبيعي في تأمين احتياجات الدول الأوروبية من الطاقة.

وقد بات الغاز الطبيعي الوقود الأحفوري الأسرع نمواً عبر التاريخ، حيث ارتفعت حصته في مزيج الطاقة العالمي على مدار العقود الخمسة الماضية من 15.6% إلى نحو 23.7% حالياً. وجاء ذلك بفضل تطور تقنيات استخراج ومعالجة الغاز الطبيعي، فضلاً عن تسارع ربط المنتجين بأسواق الاستهلاك من خلال إنشاء مزيد من خطوط الأنابيب، وتطوير تقنيات تسييل الغاز (تحويله للحالة السائلة) ونقله بواسطة ناقلات الغاز المسال.

ويُرجح الكتاب أن يلعب الغاز الطبيعي دوراً حيوياً في مزيج الطاقة العالمي مستقبلاً، إذ إن هناك فرصة لأن يكون عاملاً رئيسياً في تمكين نظام طاقة عادل محايد كربونياً بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، حيث تعتبره الحكومات جسراً للانتقال من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المتجددة، كونه أنظف مصادر الوقود الأحفوري ولديه انبعاثات كربونية أقل مقارنة بالفحم والنفط. وستساعد البصمة الكربونية المنخفضة للغاز الطبيعي على أن يكون وقوداً مستداماً على المدى الطويل.

ويسعى الكتاب لمعالجة قضية مهمة على الساحة الدولية الراهنة، وهي صعود أمن الطاقة المحلي لقمة أولويات الحكومات في العالم، خاصة في أوروبا، عقب اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، في 24 فبراير 2022، حيث اضطربت إمدادات النفط والغاز الروسيين إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية، مما نجم عنه فوضى في أسواق الطاقة وارتفاع قياسي في أسعار الطاقة العالمية. فقد سلطت الحرب الأوكرانية الضوء على الأهمية الحيوية للغاز الطبيعي في تأمين احتياجات الدول من الطاقة، على الرغم من توسع حكومات العالم المتقدم، منذ سنوات، في استخدام مصادر الطاقة النظيفة للحد من الكربون. ومن المتوقع أن تترك الحرب الأوكرانية، جبناً إلى جنب مع السياسات العالمية للحد من الكربون، تداعيات عميقة وطويلة الأجل على صناعة الغاز العالمية في القرن الحادي والعشرين.

ويتضمن الكتاب خمسة فصول، يعد الفصل الأول مدخلاً تمهيدياً للتعريف بنظريات نشأة الغاز الطبيعي وتاريخ اكتشافه، ودورة إنتاجه. ويتناول الفصل الخصائص الكيمائية للغاز الطبيعي، ومزاياه كوقود اكتسب أهمية متزايدة في نظام الطاقة العالمي، في ظل بصمته الكربونية المنخفضة مقارنة بمصادر الوقود الأحفوري الأخرى.

ويستعرض الفصل الثاني، تطورات بنية إنتاج الغاز الطبيعي في العالم في العقدين الماضيين، وأبرز منتجي الخام المؤثرين في السوق، فضلاً عن المناطق الواعدة في إنتاج الغاز في المستقبل على غرار حوض شرق المتوسط وأفريقيا جنوب الصحراء. كما يتناول الفصل دور منطقة الشرق الأوسط كمنتج بارز للغاز حالياً وواعد مستقبلاً. ويسعى الفصل أيضاً لاستشراف تداعيات تطوير موارد الغاز الصخري على تغيير قواعد اللعبة في سوق الغاز الطبيعي بالمستقبل. ثم ينتقل الفصل إلى تحليل اتجاهات استهلاك الغاز عالمياً.

ويسلط الفصل الثالث الضوء على دور خطوط الأنابيب وصناعة الغاز المسال في نمو أسواق الغاز الطبيعي على مستوى العالم، وزيادة ربط واندماج الأسواق وتعزيز أمن الطاقة العالمي. كما يتناول تأثير الغاز الطبيعي المسال على تجارة الغاز العالمية، وأسباب نمو الطلب العالمي عليه. ويستعرض الفصل أيضاً آليات تسعير الغاز الطبيعي في الأسواق المختلفة.

ويأتي الفصل الرابع ليتتبع تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على أسواق الغاز الروسية والأوروبية والعالمية، ويستشرف مستقبل هذه الأسواق على المديين المتوسط والبعيد في ضوء الحرب. وقبل ذلك، يؤصل الفصل نظرياً لدور الطاقة في العلاقات بين الدول من واقع نظريات العلاقات الدولية، وكيف يتم توظيف الغاز الطبيعي كأداة في التفاعلات بين الدول.

ويُختتم الكتاب بالفصل الخامس، الذي يستشرف مستقبل دور الغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي، بتناول محددات مستقبل هذا الدور، والتي من بينها سياسات الحد من الكربون، والقدرة على تحمل تكاليف الغاز، ومسار الاستثمار في صناعة الغاز على المستوى العالمي، والتطورات الجيوسياسية على الساحة الدولية وغيرها. كما يستعرض الفصل توقعات وسيناريوهات الشركات الخاصة والمنظمات المعنية بالطاقة لمستقبل إنتاج الغاز الطبيعي والطلب عليه حتى عام 2050.