تميُّز خليجي:

الدول العربية على مؤشر تنافسية المواهب

26 February 2016


إعداد: باسم راشد


بدأ إطلاق مؤشر "التنافسية العالمية للمواهب GTCI" The Global Talent Competitiveness Index في عام 2013، وأصبح المؤشر أداة مهمة ومفيدة للمسؤولين عن وضع السياسات والاستراتيجيات الخاصة باكتشاف المواهب وتنميتها والحفاظ عليها سواء داخل الحكومات أو حتى القطاع الخاص داخلياً وخارجياً.

ويصدر المؤشر سنوياً عن كلية إدارة الأعمال الدولية "إنسياد" INSEAD، وهي واحدة من المدارس الرائدة في قطاع الأعمال، ومجموعة "أديكو" Adecco  المتميزة عالمياً في توفير حلول الموارد البشرية، و"معهد قيادة رأس المال البشري" HCLI  في سنغافورة.

منهجية المؤشر وأهدافه

يستند مؤشر "التنافسية العالمية للمواهب" في منهجية إعداده إلى بحوث ودراسات يتم إجراؤها مع الشركاء في الجهات الحكومية في كل دولة، بالإضافة إلى العديد من الأكاديميين المتخصصين، فضلاً عن الأفراد العاديين في المجتمع.

ويضم المؤشر هذا العام 109 دول على مستوى العالم، كما يتمحور موضوعه حول "جذب المواهب والتنقل الدولي"، ويركز على النتائج المتعلقة بطبيعة الارتباط بين حركة المواهب بين الدول وتأثيرها على الازدهار الاقتصادي للدولة.

ويهدف المؤشر إلى قياس نوعية المواهب التي يمكن للدولة إنتاجها وجذبها واستبقائها، ما يساعد الدول على رصد تقدمها ومقارنة أدائها بأداء الاقتصادات الأخرى. ويفتح ذلك المجال أمام الحكومات وصانعي القرار والقطاع الخاص لإجراء أية تغييرات لازمة لتحسين القدرة التنافسية للمواهب وتطوير الأداء العام.

أبرز نتائج المؤشر عالمياً

أوضح معدو المؤشر أن فكرة تنافسية المواهب مرتبطة بشكل عام بالثروة؛ بمعنى أن الدول الغنية والتي يرتفع فيها الدخل القومي تكون أكثر قدرة على توفير نظم تعليمية عالية، واجتذاب واستبقاء المواهب الخارجية، نظراً لما تقدمه لهم من جودة حياة أفضل وأجور مرتفعة.

ويُضاف إلى ذلك بعض العوامل التي تساهم في زيادة قوة أداء الدول بشكل عام، ولعلَّ أبرزها جودة البيئة القانونية والاستثمارية، والتركيز على مستوى التعليم الرسمي، والديناميكية الاجتماعية وفعالية الإدارة الحكومية والتي تظهر من خلال سياساتها واستراتيجياتها المتعلقة بتنمية المواهب واجتذابها.

في هذا الصدد، احتلت الدول الأوروبية غالبية المراكز الأولى في التصنيف العام لمؤشر "التنافسية العالمية للمواهب"؛ بعدد 16 مركزاً من المراكز الـ25 الأولى. وقد حافظت سويسرا على ترتيبها في المركز الأول، حيث إن لديها أداء جيد في استبقاء وتنمية والحفاظ على المواهب بشكل عام، فضلاً عن أن الحراك الاجتماعي داخلها والانفتاح على العالم بشكل فعَّال ومتسامح.

ثم جاءت دولة سنغافورة في المرتبة الثانية، والتي تميَّزت بأداء مثالي فيما يتعلق بتمكين المواهب واجتذابها، وحققت نتائج عالية في العناصر الأخرى باستثناء تعاطيها مع أزمة المهاجرين والتي أظهرت فيه أداءً ضعيفاً.

وتلاها على الترتيب في المراكز العشرة الأولى كل من: (لكسمبورج، الولايات المتحدة، الدنمارك، السويد، المملكة المتحدة، النرويج، كندا، وفنلندا).

وعلى الرغم استحواذ دول القارة الأوروبية على المراكز الأولى، غير أن مؤشر هذا العام شهد وجود ثلاث دول غير أوروبية في المراكز العشرة الأولى، وهي (سنغافورة في المرتبة الثانية)، (الولايات المتحدة في المرتبة الرابعة)، و(كندا في المرتبة التاسعة). كذلك في إطار الدول الـ25 المرتبة الأولى، برزت ست دول غير أوروبية؛ وهي: (نيوزيلندا 11)، (أستراليا 13)، (اليابان 19)، (الإمارات 23)، (قطر 24)، و(إسرائيل 25).

وضع الدول العربية على المؤشر

أبرز مؤشر "التنافسية العالمية للمواهب" نتائجاً مميزة لدول الخليج تحديداً؛ حيث واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تصدرها للمنطقة العربية في المؤشر، كما احتلت المرتبة (23) على مستوى العالم. كذلك جاءت دولة قطر في المرتبة الثانية عربياً و24 عالمياً، والمملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة عربياً و42 عالمياً، والكويت في المرتبة الرابعة عربياً و51 على مستوى العالم، فيما جاء ترتيب باقي الدول العربية المتضمنة في المؤشر، كما هو واضح في الجدول التالي:

 

الدولة

الترتيب في مؤشر عام 2015

عربياً

عالمياً

الإمارات العربية المتحدة

1

23

قطر

2

24

المملكة العربية السعودية

3

42

الكويت

4

51

الأردن

5

70

تونس

6

73

لبنان

7

77

مصر

8

88

المغرب

9

93

الجزائر

10

104
















وثمة عدد من الملاحظات فيما يتعلق بوضع الدول العربية، والخليجية بصفة خاصة، على مؤشر "التنافسية العالمية للمواهب"، وهي:

1- بيئة خليجية جاذبة للمواهب، واقتصاد قائم على المعرفة:

لم يكن مستغرباً أن تحتل دول مجلس التعاون الخليجي مراكز متقدمة في مؤشر تنافسية المواهب، لأنها تعد وجهات مرغوبة للعاملين من ذوي المهارات العالية. وتتميز دول الخليج ببيئة قوية وجاذبة للمواهب من الخارج، سواء من خلال امتلاكها بنية تحتية قوية أو نتيجة لتحسن المناخ الاقتصادي العام بداخلها، بالإضافة إلى قدرتها على تحسين مستوى معيشة القائمين فيها وتقديمها حوافز إنتاجية تدفع العاملين بها لتحقيق التقدم المنشود.

وقد استفادت دول الخليج من المواهب القادمة من جميع أنحاء العالم من خلال بناء جامعات عالمية المستوى بهدف تطوير رأس المال البشري، فالمهارات التي تكتسبها العمالة الوافدة التي تعمل في هذه الدول، والاختلاط مع الثقافات المختلفة، هي أصول لا تقدر بثمن.

كما يشير التقرير إلى أن أهم ما يميز دول الخليج، وبالتحديد الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية، هو توجه حكومتها لبناء اقتصاد قائم على المعرفة، فضلاً عن الدرجة العالية من التسامح الموجودة داخل الدول وقدرتها على الانفتاح على الآخر المختلف.

وفي هذا الصدد، أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة قدرة قيادة مميزة في تحقيق رؤيتها لبناء اقتصاد قائم على المعرفة من خلال توفير مناخ أعمال جذاب، ووضع سياسات ضريبية متحررة للتشجيع على الاستثمار في البلاد، بالإضافة إلى أن الإمارات من الدول القليلة التي التزمت بدمج الابتكار في البنية التحتية التقنية وفي جميع الجوانب المتعلقة بخلق المعرفة ونقلها.

ولا تقتصر جودة الحياة في دول الخليج العربية على ارتفاع المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطنين فحسب، بل يُضاف إليها تقديم نظم تعليمية قوية وقادرة على المنافسة، وتطوير بنية تكنولوجية متماسكة، فضلاً عن توفير نظم قانونية وتشريعية تتيح للمواطنين الحصول على حقوقهم، وتحافظ عليها.

2- التأثيرات السلبية للتوترات الإقليمية على المواهب:

بدا ملحوظاً، من خلال نتائج التقرير، تراجع ترتيب بعض الدول العربية في مؤشر هذا العام مقارنةً بنتائج العام الماضي، ومن هذه الدول المملكة العربية السعودية التي جاءت في الترتيب 42 عالمياً في مؤشر تنافسية المواهب عام 2015 بعد أن كانت في المركز 32 طبقاً لمؤشر عام 2014. كما تراجعت لبنان من المرتبة 57 عالمياً في مؤشر العام الماضي إلى المرتبة 77 في مؤشر هذا العام.

ويُرجع التقرير هذا التراجع في ترتيب بعض الدول العربية إلى توتر المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط، بما أدى إلى انخفاض القدرة التنافسية للمواهب بدرجة ما داخل بعض الدول.

توصيات التقرير

طالب مؤشر "التنافسية العالمية للمواهب" الدول العربية بالمزيد من الانفتاح من أجل تعزيز قدرتها التنافسية على جذب المهارات والاستثمار في التدريب الرسمي والمهني، وتأسيس مراكز للمعرفة، وتسهيل الإجراءات، ودعم ديناميكية المواهب، ووضع برامج مبتكرة لتعليم الطلاب المهارات المناسبة لمواهبهم حتى يتسنى للدولة الاستفادة منهم.

كما نصح معدو التقرير الشركات بتعزيز المهارات الفردية وتقديم الفرصة لها للتميز وإثبات الذات والاستثمار في التدريب ورفع كفاءة المهارات التقنية والتكنولوجية.


* عرض مُوجز لمؤشر "التنافسية العالمية للمواهب لعام 2015-2016"، والصادر في يناير 2016. لمزيد من التفاصيل حول المؤشر، على الرابط التالي:

http://www.adecco.com/en-US/Industry-Insights/Documents/gtci-report-2015-2016.pdf