أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

تحولات جذرية:

الاتجاهات الأساسية لظاهرة الإرهاب في عام 2014

03 ديسمبر، 2015


إعداد: منى مصطفى محمد


عكست الحوادث الإرهابية التي شهدتها دول العالم خلال الفترة الماضية، وآخرها هجمات باريس الإرهابية، أن ثمة تطوراً طرأ على الأساليب التي تنتهجها التنظيمات الإرهابية، حيث أصبح بإمكانها الوصول إلى العديد من الدول؛ بما فيها تلك التي تٌوصف بأنها تمتلك منظومات أمنية قوية ومتطورة.

هذه التغيرات العالمية يؤكد عليها "مؤشر الإرهاب العالمي 2015"، والصادر في شهر نوفمبر الماضي عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، وهو مؤسسة بحثية عالمية غير ربحية لها فروع في الولايات المتحدة ودول أوروبا.

ويشمل مؤشر هذا العام 162 دولة، بما يمثل 99,6% من سكان العالم، حيث يرصد العمليات الإرهابية في هذه الدول خلال عام 2014، موضحاً الآثار المباشرة وغير المباشرة لها، وذلك من خلال الاعتماد على مجموعة من المؤشرات الفرعية، وهي: (عدد قتلى العمليات الإرهابية، والمصابون، والخسائر في الممتلكات، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية).

وقد وضع المؤشر 162 دولة على مقياس يبدأ من 10 فيما أقل، بحيث يمثل الرقم (10) الدول الأكثر تضرراً من الإرهاب، وتمثل القيمة ما بين 2 إلى 0,01 الدول الأقل تضرراً من الإرهاب. ويُعرّف المؤشر الإرهاب بأنه "استخدام القوة والعنف أو التهديد باستخدامهما من قِبل فاعل من غير الدول لتحقيق أغراض سياسية، دينية، واجتماعية".

تصاعد الإرهاب العالمي

يشير "مؤشر الإرهاب العالمي" إلى تصاعد عدد قتلى العمليات الإرهابية في عام 2014 ليصل إلى حوالي 32685 شخص؛ بما يمثل زيادة نسبتها 80% عن عدد القتلى في عام 2013، والذي بلغ عدد القتلى خلاله 18111 قتيل.

وقد تركزت 78% من حالات الوفيات في العام الماضي في خمس دول: (العراق، وأفغانستان، وسوريا، ونيجيريا، وباكستان). وبلغ عدد الدول التي شهدت هجمات إرهابية في عام 2014 نحو 93 دولة، وذلك في مقابل 88 دولة في عام 2013.

وزادت نسبة الدول التي سجلت أكثر من 500 حالة وفاة ناتجة عن عمليات إرهابية من 5 دول في عام 2013 إلى 11 دولة في عام 2014، وهو ما يعني زيادة قدرها 120% في عدد هذه الدول.

وقد صُنفت نيجيريا كأكبر دولة شهدت زيادة في عدد قتلى العمليات الإرهابية؛ إذ زاد عدد ضحايا الهجمات الإرهابية بها بنسبة 306% في عام 2014 مقارنةً بعام 2013، وهو ما يعني زيادة عدد قتلى الإرهاب بما يعادل 5662 ألف شخص.

وبالنظر إلى الزيادة الواسعة في التهديدات الإرهابية في عام 2014، فقد زادت بالتبعية وبشكل كبير التكاليف الاقتصادية للأنشطة الإرهابية؛ فحسب المؤشر، بلغت التكلفة الاقتصادية للإرهاب أعلى مستوى لها على الإطلاق في عام 2014، وذلك بإجمالي 52.9 مليار دولار؛ بما يمثل زيادة نسبتها 61% مقارنةً بعام 2013.

الشرق الأوسط على مؤشر الإرهاب العالمي

استمرت دول الشرق الأوسط في تصدر الدول الأكثر تضرراً من الإرهاب في "مؤشر الإرهاب العالمي" في نسخته الأخيرة، كما صُنفت العديد من دول المنطقة ضمن أكثر 20 دولة شهدت أحداثاً إرهابية دامية أدت إلى وفاة العديد من المواطنين.

ومن بين الدول الشرق الأوسطية التي احتلت المراكز العشرة الأولى في مؤشر الإرهاب لعام 2015 باعتبارها الأكثر تأثراً بهذا الخطر، ما يلي:ـ

1- العراق: احتلت المركز الأول للعام الثاني على التوالي كأكثر الدول تأثراً بالأحداث الإرهابية على مستوى العالم، وذلك بمعدل عمليات إرهابية بلغ 3370 عملية، وعدد قتلي بلغ 9929 قتيل، وما يقدر بحوالي 15137 مصاب في عام 2014.

ويشير التقرير إلى أن تصاعد العمليات الإرهابية في العراق جاء بعد الغزو الأمريكي في عام 2003؛ إذ لم تشهد العراق في الفترة بين أعوام 1998 و2002 سوى عدد بسيط من العمليات الإرهابية نتج عنها 65 قتيلاً فقط، ولكن وتصاعدت العمليات الإرهابية في العراق مؤخراً، خاصةً مع صعود تنظيم "داعش" الذي يتحمل وفقاً للتقرير المسؤولية عن 95% من الهجمات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل 5436 شخص خلال عام 2014.

2- سوريا: صٌنفت في المركز الخامس على مستوى العالم بإجمالي 232 عملية إرهابية، فيما بلغ عدد القتلى حوالي 1698، وعدد المصابين نحو 1437 مصاب في عام 2014.

وتورط في رُبع العمليات الإرهابية جماعات غير معروفة، فيما أعلن تنظيم "داعش" مسئوليته عن 36% من إجمالي عدد قتلى العمليات الإرهابية في سوريا، وأعلنت "جبهة النصرة" مسؤوليتها عن مقتل 27% من إجمالي عدد الضحايا في سوريا.

وتركزت الهجمات الإرهابية في العاصمة دمشق، ومدينة تدمر التي قامت "داعش" بتدمير العديد من الآثار التاريخية فيها. كما شهدت مدينة كوباني بالقرب من الحدود التركية حوالي 34 عملية إرهابية. ويُفسر التقرير تصاعد العمليات الإرهابية في سوريا كنتيجة للحرب الأهلية في البلاد، وهو ما مثل بيئة حاضنة للإرهاب، لاسيما مع تصاعد العنف من قِبل نظام "الأسد".

3- اليمن: احتلت المركز السابع عالمياً من حيث الدول الأكثر تضرراً من الإرهاب، وذلك بإجمالي 512 عملية إرهابية، خلفت وراءها ما يقارب من 654 قتيل، وحوالي 753 مصاب، وهو ما يعني أن عدد العمليات الإرهابية في اليمن قد زاد في عام 2014 بنسبة 72% مقارنةً بالعام السابق له، كما زاد عدد قتلى العمليات الإرهابية بنسبة تبلغ حوالي 123%.

وذكر المؤشر أن كلاً من "الحوثيين" وتنظيم "القاعدة" مسؤولين عن حوالي 80% من العمليات الإرهابية في اليمن خلال عام 2014.

4- ليبيا: احتلت المركز التاسع عالمياً، بعدد بلغ 554 هجمة إرهابية في عام 2014، ونتج عنها 429 قتيل، ونحو 570 مصاب. وقد سجلت ليبيا زيادة بنسبة 255% في عدد القتلى نتاجاً للعمليات الإرهابية في عام 2014.

وقد أعلنت أكثر من 30 جماعة إرهابية مسؤوليتها عن هجمات متفرقة في ليبيا، بيد أن "جماعة أنصار الشريعة" كانت من أكثر الجماعات نشاطاً في عام 2014 بمعدل بلغ 67 قتيلاً.

ترتيب دول الشرق الأوسط على مؤشر الإرهاب العالمي

 

الدول

 

الترتيب على المستوى العالمي

اتجاه التغير

(تحسن +)

(تراجع -)

المؤشر الصادر عام 2015

(يغطي أحداث 2014)

المؤشر الصادر عام 2014

(يغطي أحداث 2013)

العراق

1

1

 

سوريا

5

5

 

اليمن

7

8

-1

ليبيا

9

15

-6

مصر

13

13

 

جنوب السودان

15

20

-5

السودان

16

19

-3

لبنان

21

14

+7

إسرائيل

24

32

-8

تركيا

27

17

+10

إيران

39

28

+11

السعودية

43

55

-12

تونس

47

46

+1

الإمارات

101

100

+1

الكويت

123

119

+4

سلطنة عُمَان

124

124

 

قطر

124

124

 


أسباب تزايد العمليات الإرهابية 

حدد "مؤشر الإرهاب العالمي" الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الظاهرة الإرهابية واتساع نطاقها، وهي:ـ

1- العنف السياسي: أعد التقرير مقياساً من (1 إلى 5)، حيث تعكس القيمة (1) عدم وجود عنف سياسي بالدولة، وتعكس قيمة (5) أقصى حالات الإرهاب السياسي من جانب الدولة.

وقد عرَّف التقرير "العنف السياسي" بأنه "أعمال العنف التي تقوم بها الدولة تجاه مواطنيها مثل: الاعتقال السياسي، والاغتيالات، والتعذيب، والعنف الجماعي تجاه المواطنين". وتم ربط ذلك بنتائج قاعدة بيانات الإرهاب العالمي من عام 1989 إلى عام 2014، وتم التوصل إلى أن 92% من العمليات الإرهابية التي ظهرت في هذه الفترة كانت في دول بها معدلات عالية من "العنف السياسي".

2- الصراعات المُمتدة: تتزايد الأنشطة الإرهابية عادة في أوقات الحروب الأهلية والصراعات الداخلية. وفي ه    ذا السياق، كشف التقرير أن 88% من الهجمات الإرهابية خلال 25 عاماً الأخيرة حدثت في الدول التي تعاني من صراعات عنيفة، بينما الدول التي لا تعاني من أي صراعات ممتدة وبها مستوى قليل من الإرهاب السياسي قد ظهر بها أقل من 0,6% من إجمالي العمليات الإرهابية، وذلك في الفترة بين عامي 1989 و2014.

3- دوافع نفسية: أجرى "معهد الولايات المتحدة للسلام" مقابلات مع 2032 ألف أجنبي في أفغانستان والعراق ممن يُطلق عليهم المقاتلون الأجانب، خاصةً الذين غادروا دولهم للقتال إلى جانب تنظيم "القاعدة" أو "داعش"، مع إجراء مقابلات مع ذويهم وأصدقائهم، والاطلاع على مصادر مثل وثائق القبض عليهم. وتمثل السبب الأبرز الذي دفع الكثيرين إلى مغادرة دولهم للقتال في صفوف "القاعدة"، في "البحث عن هوية"، فيما جاءت أسباب أخرى بنسب أقل مثل: (السعي للانتقام، وإيجاد وضع اجتماعي متميز).

اتجاهات الإرهاب في عام 2014

أدى صعود تنظيم "داعش" إلى إحداث مجموعة من التحولات الهيكيلية في أنماط الإرهاب، وهو ما ظهر جلياً منذ عام 2013، إلا أنه تصاعد بشكل أكثر وضوحاً خلال عام 2014، وهو ما يمكن توضيحه من خلال ما يلي:ـ

1- استهداف الأفراد: شهد عام ­2014 تصاعداً واضحاً في استهداف المدنيين في العمليات الإرهابية؛ حيث وصلت نسبة الهجمات الإرهابية التي تستهدف مدنيين إلى حوالي 31% من إجمالي عدد العمليات، وهو ما يمثل زيادة قدرها 6% عن عام 2013.

وكان تنظيم "داعش" وجماعة "بوكو حرام" من أكثر الجماعات الإرهابية استهدافاً للمدنيين؛ فعلى سبيل المثال قام تنظيم "داعش" بقتل 2667 مدني في عام 2014، وهو ما يمثل زيادة قدرها 255% مقارنةً بعام 2013.

2- المقاتلون الأجانب: استمر توافد المقاتلين الأجانب إلى أماكن متفرقة في العراق وسوريا في عام 2014. وتشير التقديرات إلى أن المقاتلين الأجانب قد بلغ عددهم في سوريا والعراق ما يقارب حوالي 30 ألف فرد من حوالي 100 دولة مختلفة. وأنه قد جاء من تونس العدد الأكبر من هؤلاء المقاتلين بما يُقدر بحوالي 5000 آلاف مقاتل.

ومثلت روسيا وفرنسا مصدراً لأكبر عدد من المقاتلين الأجانب القادمين من دول غير إسلامية، خاصةً مع سماح تركيا للأوروبيين بدخولها دون تأشيرة، مما يسهل لهم الوصول إلى العراق وسوريا. ويظل التهديد الأكبر للمقاتلين الأجانب حال عودتهم إلى دولهم، وهو ما دفع عدداً من الدول الأوروبية إلى إنشاء برامج إعادة إدماج، كما منعت فرنسا السفر إلى مناطق بعينها.

3- "الذئاب المنفردة": تنتشر هذه الظاهرة في الغرب بصفة خاصة، حيث قد يقوم فرد أو عدد قليل من الأفراد بعملية إرهابية من أجل دعم جماعة ما دون أوامر أو مساعدات من هذه الجماعة. وقد ارتكبت "الذئاب المنفردة" في الغرب ما يقدر بحوالي 100 عملية إرهابية، أسفرت عن 164 حالة وفاة، ونحو 491 إصابة، وذلك في الفترة من عام 2006 إلى عام 2014، وهو ما يمثل 70% من القتلى جراء كافة العمليات الإرهابية، وحوالي 46% من الإصابات خلال هذه الفترة الزمنية.

4- استغلال قضية اللاجئين: على الرغم من إنسانية قضية اللاجئين وحقهم في الوصول إلى ملاذ آمن، إلا أن هذا لا ينفي أن البعض يقوم باستغلال هذه القضية للتسلل ضمن اللاجئين من أجل ارتكاب أعمال إرهابية؛ إذ تشير تقديرات عام 2014 إلى أن الدول التي تحتوي على أكثر من 500 قتيل جراء عمليات إرهابية تمتلك أعلى عدد من اللاجئين والنازحين داخلياً، ويشير البعض إلى أن مخيمات اللاجئين والظروف المرتبطة بها من فقر وانعدام للأمان يمكن أن يحولها إلى بيئة حاضنة للإرهاب بشكل كبير.

 

* عرض مُوجز لـ "مؤشر الإرهاب العالمي 2015"، والصادر في نوفمبر 2015 عن معهد الاقتصاد والسلام (IEP).