أخبار المركز
  • إصدارات جديدة لمركز "المستقبل" في معرض الشارقة الدولي للكتاب خلال الفترة من 6-17 نوفمبر 2024
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)

"دبلوماسية الخيزران":

كيف تعكس زيارة بوتين توازن السياسة الخارجية لفيتنام؟

25 يونيو، 2024


أجرى المبعوث الأمريكي لشرق آسيا دانيال كريتنبرينك، زيارة إلى العاصمة الفيتنامية هانوي، في 22 يونيو 2024، التقى خلالها وزير الخارجية الفيتنامي بوي ثانه سون؛ لمناقشة الشراكة بين الجانبين.

وجاءت تلك الزيارة، في أعقاب انتهاء زيارة بوتين لفيتنام، قبل ذلك بيومين، والتي التقى فيها الأخير رفقة الوفد رفيع المستوى المرافق له كبار القادة، وعلى رأسهم الرئيس تو لام، وتُعد فيتنام ثالث دولة في جنوب شرق آسيا يزورها بوتين منذ أدائه اليمين الدستورية في مايو 2024.  

سياقات متوترة:

تأتي تلك الجولة الروسية في آسيا في خضم العديد من التحولات الإقليمية والدولية ذات الصلة، لعل أبرزها:

1. إحكام العزلة الغربية على بوتين: كثّفت القوى الغربية والاتحاد الأوروبي من العقوبات المفروضة على روسيا خلال الفترة الأخيرة، في حين وافقت مجموعة السبع على استخدام الأرباح من الأصول الروسية المُجمّدة لتقديم قرض جديد بقيمة 50 مليار دولار لكييف، في منتصف يونيو 2024. ومن ثمّ، حرص بوتين على كسر حالة العزلة من خلال تعضيد الصلة بالحلفاء الآسيويين خاصة على الصعيد الاقتصادي للتقليل من تأثير العقوبات الغربية والحصار السياسي، مع الوضع في الاعتبار أن كلاً من كوريا الشمالية وفيتنام ليستا طرفاً في المحكمة الجنائية الدولية، والتي أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 17 مارس 2023. 

2. الاتفاق الأمني الروسي مع كوريا الشمالية: تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تعهدت بموجبها بيونغ يانغ بدعم موسكو بشكل غير مشروط في الحرب ضد أوكرانيا. وقد أعاد بوتين التأكيد أن بلاده لا تمانع إرسال أسلحة إلى كوريا الشمالية؛ الأمر الذي قدرته الولايات المتحدة بأنه غير مفاجئ ويعكس اليأس الروسي، في حين أن كوريا الجنوبية من جانبها قد ردت بإمكانية إرسالها أسلحة لأوكرانيا وهو ما وصفه بوتين بالخطأ الكبير، كما أن الرئيس الروسي قد أشار إلى أن بلاده تفكر في تغيير عقيدتها النووية، دون الحاجة لتنفيذ ضربة نووية استباقية، وهو ما وصفه "البنتاغون" بالموقف غير المسؤول. 

3. احتدام المواجهات ببحر الصين الجنوبي: تجددت الاحتكاكات بين الصين والفلبين بحرياً خلال الفترة الأخيرة في جزيرة سيكوند توماس شول المتنازع عليها بين البلدين، على نحو يُثير المخاوف بشأن دخول الولايات المتحدة في المواجهات بموجب معاهدة الدفاع المشترك بينها وبين الفلبين؛ وهو ما نفت الأخيرة أن تلجأ إليه. ومن جهة أخرى، أشارت فيتنام إلى استعدادها لإجراء مُحادثات مع الفلبين لتسوية مطالباتهما بمجموعة جزر سبراتلي الموجودة تحت سطح البحر في بحر الصين الجنوبي والمتنازع عليها بين الجانبين في نهج دبلوماسي يتناقض مع نهج الصين. 

دوافع موسكو:

ثمّة عدد من الأسباب والدوافع التي يُعزى لها توجه الرئيس بوتين لفيتنام، وهو ما يمكن إيجازه على النحو التالي: 

1. سوق للسلاح الروسي: تُعد روسيا تاريخياً المزود الرئيس لفيتنام بالسلاح منذ العهد السوفيتي، وحتى عام 2022، كانت روسيا أكبر مُزود للأسلحة بما يقرب من 60% من جميع مشترياتها العسكرية على مدى العقدين الماضيين، إلّا أن تلك المعدلات تراجعت منذ الحرب في أوكرانيا والتخوف من الخضوع للعقوبات الأمريكية وقانون "كاتسا" (قانون محاربة أعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات). 

وفي ظل الاحتياج للأسلحة الروسية الحديثة التي من السهل على الجيش الفيتنامي التدرب عليها والتعامل معها؛ تم تداول صفقة أسلحة سرية بين الجانبين في عام 2023 على أن تُدفع أموالها في الظل بالمقاصة مع مشتريات النفط والغاز. وتجدد تلك الزيارة الحديث عن إحياء وإتمام تلك الصفقة العسكرية التي تتراوح قيمتها بين 7.5 و8 مليارات دولار، على أن تشمل بعض الطائرات المقاتلة وصواريخ براهموس المضادة للسفن، وليس ثمة تأكيد أو نفي رسمي لتلك الصفقة حتى الآن. 

جدير بالذكر أن فيتنام بدأت مؤخراً في التوجه لتنويع مصادر تسليحها بالاعتماد على دول مثل: كوريا الجنوبية واليابان والتشيك والهند، كما حاولت بناء صناعتها الدفاعية الخاصة. هذا إلى جانب التعويل على الولايات المتحدة، إلّا أن القيادات الفيتنامية تتشكك في إمكانية الاعتماد على التسليح الأمريكي الذي يرتبط بالعديد من الشروط السياسية، من وجهة نظر هانوي. 

2. الحد من شراكة واشنطن مع فيتنام: أشار بوتين إلى أن تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع فيتنام يمثل إحدى أولويات روسيا، في ظل أهمية الدور الإقليمي لها في جنوب شرق آسيا. وتأتي تلك الزيارة بالتزامن مع إحياء الذكرى الثلاثين لمعاهدة مبادئ العلاقات الودية بين فيتنام وروسيا، بما يدفع الجانبان للمضي قدماً نحو الارتقاء بالعلاقات الثنائية لتعظيم المصالح المتبادلة. وتجدر الإشارة إلى متانة العلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام، ولاسيما فيما يتعلق بالشق الاقتصادي؛ إذ تُعد واشنطن أكبر أسواق الصادرات الفيتنامية، وقد بلغ حجم التجارة الأمريكية مع فيتنام 111 مليار دولار في عام 2023، مُقارنة بـ3.6 مليار دولار فقط بين الأخيرة وروسيا.

وقد نفى المبعوث الأمريكي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ دانييل كريتنبرينك، أن تكون زيارته إلى هانوي، التي سبقت الإشارة إليها، مرتبطة بزيارة الرئيس الروسي، مؤكداً أنها زيارة روتينية، ومشيراً إلى أن الغرض هو تأكيد الدعم الأمريكي لاستقلال وازدهار فيتنام، على أن تتم مناقشة الأهداف المشتركة للاجتماعات المقبلة بما في ذلك اجتماع وزراء خارجية رابطة "آسيان" الذي سيعقد في فيتنام شهر يوليو 2024. 

3. تعزيز التعاون في مجال الطاقة: لدى كل من روسيا وفيتنام مشروعات مُشتركة في مجال النفط؛ إذ تنخرط الشركات الروسية في إدارة حقول النفط الفيتنامية، مثل: مشروع فيتسوفبيترو المشترك بين شركة زاروبجنفت الروسية وشركة بتروفيتنام لإدارة حقل باخ هو. كما تشارك شركة غازبروم في مشرعات التنقيب عن النفط في فيتنام. ولهذه المشروعات أهميتها لموسكو، في وقت تراجعت فيه صادراتها النفطية إلى أوروبا، لكنها أثارت غضب بكين لأنها موجودة في المناطق البحرية المتنازع عليها.

4. أهمية فيتنام الدولية: تُعد فيتنام فاعلاً دولياً وإقليمياً مهماً، وتنخرط في الكثير من التفاعلات وتوازنات القوى في منطقة جنوب شرق آسيا ومناطق أخرى؛ مما يعود بالنفع على روسيا خاصة على الصعيد الاقتصادي عبر تعزيز علاقتها بها في خضم التنافس الدولي على التقرب من هانوي. 

أبعاد الزيارة:

شهدت اللقاءات بين الوفد الروسي والمسؤولين الفيتناميين تناولاً للعديد من الملفات والقضايا، وهو ما يمكن إيجازه على النحو التالي: 

1. الإشادة بالموقف من الأزمة الأوكرانية: توجّه بوتين بالشكر لمن وصفهم بـ"الأصدقاء الفيتناميين" بشأن موقفهم المتوازن من الأزمة الأوكرانية، ولرغبتهم في المساهمة في البحث عن طرق حقيقية لحل الأزمة سلمياً. جدير بالذكر أن فيتنام تقول إنها تتبنى موقفاً محايداً من الصراع في أوكرانيا، وقد رفضت المشاركة في قمة السلام في أوكرانيا التي انعقدت في سويسرا في منتصف يونيو 2024، وتتبنى الحياد بشأن التصويت ضد روسيا في مجلس الأمن. 

2. تعزيز العلاقات الثنائية: قدّم الرئيس الروسي الدعوة لنظيره الفيتنامي لحضور احتفالات عيد النصر الثمانين في موسكو. وتم التطرق إلى التوسع في مشروعات الغاز المسال في فيتنام عبر شركة نوفاتيك الروسية، إلى جانب مبادرة إنشاء مركز للطاقة والتكنولوجيات النووية بدعم من شركة روساتوم النووية الحكومية الروسية، مع التعاون في تطوير طاقة الرياح. وتمت الإشارة إلى مبادرة إنشاء مركز للعلوم والتكنولوجيا النووية في فيتنام بدعم من شركة روساتوم الروسية. 

وخلال الزيارة، أشاد بوتين بالتقدم في مجالي التمويل والتجارة برغم العقوبات الغربية؛ إذ إن المعاملات بالروبل والدونغ الفيتنامي شكلت 60% من مدفوعات التجارة الثنائية في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بأكثر من 40% في العام الماضي. كما أن بنك المشروع المشترك الذي يوجد مقره بهانوي وأُنشئ في عام 2006، يؤدي دوراً في ضمان المعاملات المالية الموثوقة بين الجانبين. هذا إلى جانب التجارة الثنائية الآخذة في التزايد بين الجانبين. بيد أن الصين والولايات المتحدة يُعدان الشريكان التجاريان الرئيسيان لفيتنام وليس روسيا.

3. القضايا محل الاهتمام: تم تناول العديد من القضايا مثل: السلام والتعاون والتنمية وتسوية النزاعات وتنفيذ أطر مثل إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي (DOC)، مع مناقشة سبل تعزيز الشراكات الشاملة في الفترة المقبلة. 

مُخرجات الزيارة وردود الفعل: 

أسفرت الزيارة عن إبرام العديد من الاتفاقات، بيد أنها أثارت العديد من ردود الفعل لعل أبرزها من قبل الجانب الأمريكي، وهو ما يمكن تبيانه على النحو التالي: 

1. الاتفاقات المُبرمة: أبرم الطرفان ما لا يقل عن 12 اتفاقاً ثنائياً ومذكرات تفاهم بشأن العديد من الملفات مثل: الطاقة والوقود الأحفوري والغاز، وكذا التعاون في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا والطاقة النظيفة والنووية، هذا بالإضافة لوجود اتفاقات أخرى غير معلنة. 

جدير بالذكر أن الجدل قد أُثير بشأن إمكانية تضمين اتفاقات عسكرية على غرار تلك التي أبرمتها روسيا مع كوريا الشمالية، إلا أن وزير الدفاع الروسي لم يكن ضمن الوفد المشارك في تلك الزيارة لفيتنام، وعاد إلى روسيا بعد انتهاء زيارته لكوريا الشمالية، فيما يؤشر إلى عدم وجود اتفاقات من هذا النوع خلال زيارة بوتين لفيتنام.

2. تطوير بنية أمنية موثوقة: أشار بوتين إلى اتفاق البلدين بشأن تطوير بنية أمنية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ للحيلولة دون وجود تكتلات عسكرية أو سياسية مغلقة، مُتهماً حلف "الناتو" بخلق تهديد أمني لروسيا في آسيا.

كما أكد لام أن بلاده تسعى لمواصلة التعاون مع روسيا في مجال الدفاع والأمن لمواجهة التحديات الأمنية غير التقليدية، وأشار الرئيس الفيتنامي إلى أن الجانبيْن سوف يعملان على ضمان الأمن والسلامة وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، مع اللجوء للسبل القانونية السلمية لحل النزاعات الإقليمية.

3. موقف أمريكي مُتضارب: علّق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية والسفارة الأمريكية في هانوي، على الزيارة، بالإعلان عن رفض قيام أية دولة بمنح الفرصة لبوتين من أجل تطبيع حربه في أوكرانيا، مشيراً إلى الاستياء بشأن حرية السفر للرئيس الروسي وتمكينه من الإفلات من العقاب، بما يمثل انتهاكاً للقانون الدولي.

وبشكل مُنفصل، أشارت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى أن الشراكة بين الولايات المتحدة وفيتنام لا تتطلب من فيتنام قطع علاقاتها مع روسيا أو الصين، مُضيفة أن لدى فيتنام سياسة واستراتيجية للعمل بشكل تعاوني مع العديد من الدول المختلفة. ومن جانبه؛ أشار المتحدث باسم وفد الاتحاد الأوروبي في فيتنام إلى أن لها الحق في تطوير سياستها الخارجية، دون غض الطرف عن انتهاكات موسكو للقانون الدولي. 

تداعيات مُحتملة:

تحمل تلك الزيارة ومخرجاتها العديد من الدلالات كما قد تترتب عليها بعض التداعيات، كما يتبين فيما يلي: 

1. كسر موسكو لحالة العزلة الغربية: سعت روسيا من خلال تلك الزيارة إلى تأكيد دحضها لحالة العزلة الغربية المفروضة عليها، واعتبار بوتين شخصاً منبوذاً بالمجتمع الدولي، إلى دولة تقيم علاقات مع دول في مساحات متنوعة ويجري رئيسها زيارات بحرية، وذلك في ظل حفاوة الاستقبال التي حظي بها في هانوي، ومن قبلها في بيونغ يانغ. 

2. نجاح "دبلوماسية الخيزران" لفيتنام: تصبو فيتنام، ومن خلال استقبال الرئيس الروسي، إلى تحقيق نجاح في بلورة مكانتها كدولة ذات سياسة خارجية قوامها الدبلوماسية السلمية وعدم الانحياز والتعددية، فهي نجحت في الحفاظ على علاقتها بكل من روسيا والصين والولايات المتحدة في الآن ذاته. مع تجنب الضلوع في علاقة تحالف مُباشر ومُغلق مع أي منها بشكل مُنفرد، فهي لديها شراكتها الاستراتيجية مع مُختلف القوى بشكل مُتوازن.

وتندرج تلك التحركات تحت مظلة "دبلوماسية الخيزران" "التوازن المرن"، فالتحركات الفيتنامية صوب روسيا محسوبة، وتعوّل فيها على عدم التخلي عن الولايات المتحدة التي تنظر إليها باعتبارها مركزاً إقليمياً لمواجهة النفوذ الصيني في المحيطيْن الهندي والهادئ وبحر الصين الجنوبي، في وقت ترى فيه روسيا أنها شريك أمني تاريخي مهم لفيتنام دون أن تُحسب كحليف لها. كما أن فيتنام تسعى من جانبها للحصول على تطمينات بأن التقارب الروسي الصيني لن يكون على حسابها، وفي المقابل تحرص على عدم إغضاب بكين من خلال نشاط شركات الطاقة الروسية ببحر الصين الجنوبي. 

3. المضي قدماً نحو بلورة نظام عالمي جديد: قد تسفر الطموحات الروسية لكسر الهيمنة الغربية وتقويض رمزية العزلة والعقوبات الغربية، عبر حشد الحلفاء والدول الصديقة في آسيا والجنوب العالمي لتبني موقف مناهض للغرب، إلى بلورة نظام عالمي جديد لا يعتمد بالأساس على الأحادية القطبية، كما تسعى روسيا لاستمالة العديد من تلك الدول لضمهما لـ"البريكس" الذي تترأسه وتستضيف اجتماعه السنوي أكتوبر 2024. 

واتصالاً، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الصين وروسيا بالتواطؤ لتقويض قمة السلام التي عقدت في سويسرا؛ إذ لم يحضر سوى عدد قليل من الدول الآسيوية تلك القمة، ومن بين الدول التي لم تشارك فيتنام، كما سبقت الإشارة. 

4. تأجيج سباق التسلح في جنوب شرق آسيا: قد تؤدي تلك الزيارات وما نتج عنها من اتفاقات، خاصة بين روسيا وكوريا الشمالية، واللتان وقّعتا اتفاقاً أمنياً خلال الزيارة الروسية للأخيرة إلى تأجيج سباق التسلح في المنطقة. لكن تبقى التخوفات قائمة بشأن إحياء الاتفاق السري لمبيعات الأسلحة السابق الإشارة إليه، مع الوضع في الاعتبار أن الدول في هذا الإقليم تجد من الصعوبة بمكان الاعتماد على الأسلحة الغربية لارتفاع تكلفتها المادية والسياسية، بما يعزز أهمية التقارب مع روسيا لتلبية تلك الاحتياجات العسكرية. 

كما تُشير بعض التقديرات إلى أن الدور الروسي يمكن أن يُسهم في خفض الضغط الذي تمارسه كل من الصين والولايات المتحدة على فيتنام، من خلال تقديم ذلك الدعم العسكري ومهادنة الصين، بالإضافة للدعم في قطاع الطاقة، وأيضاً على الصعيد الدبلوماسي عبر إيجاد مجال للمناورة بين الصين والولايات المتحدة. وفي المقابل، تنظر التقديرات الغربية إلى التحركات الروسية في آسيا باعتبارها مصدراً لتفاقم التهديدات الإقليمية والدولية على نحو يزيد المشهد اضطراباً وفوضوية. 

وفي التقدير، تظل "دبلوماسية الخيزران" التي تنتهجها فيتنام في إطار التقارب المرن والمتوازن بين كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين قيد الاختبار، وتبقى مرهونة بنجاح هانوي في تحقيق التوازن بين المصالح المتعارضة دون التسبب في إغضاب طرف على حساب الآخر على نحو يجعلها هي ذاتها ساحة للمواجهة بين تلك القوى الدولية.