جاءت انتخابات البرلمان الكوري الجنوبي (الجمعية الوطنية)، التي أُجرِيَت يوم 10 إبريل 2024، لتلقي الضوء على العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، بحكم النتيجة التي آلت إليها؛ إذ زاد عدد المقاعد التي تسيطر عليها أحزاب المعارضة، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي؛ بينما تراجَع عدد المقاعد التي يسيطر عليها الحزب الحاكم، وهو حزب سلطة الشعب. وإذا ما عُلِمَ أن الحزب الحاكم لم يكن يمتلك الأغلبية في البرلمان قَبْل هذه الانتخابات، فإن ذلك يعني تزايُد شعبية المعارضة من جانب، واحتمال حدوث صدام بين السلطة التنفيذية مُمثلةً في الرئيس يون سوك يول، وبين الأغلبية البرلمانية.
وقد يكون لذلك دلالاته فيما يتعلق بنتائج الانتخابات الرئاسية التي من المُفترَض أن تُجرى بعد أقل من ثلاث سنوات؛ إذا لم تَحدُث مفاجآت من قبيل سَحْب الثقة من الرئيس يون. لكن قَبْل ذلك، فإن هذا الوضع سيجعل في إمكان أحزاب المعارضة عدم تمرير مشروعات قوانين تقدمها السلطة التنفيذية، وسيكون بمقدورها إقرار عدد أكبر من مشروعات القوانين التي لا يُوافِق عليها الحزب الحاكم؛ وهو ما قد يؤدي إلى زيادة مُعدَّل استخدام الرئيس سلطتَه في عدم التصديق على مشروعات القوانين؛ ومن ثم نقضها؛ ما يقود بدوره إلى إصرار المعارضة على إقرار هذه القوانين بعد النقض الرئاسي؛ إذ إنه في حال الحصول على أغلبية الثلثين في البرلمان يُمكِن إقرار مشروعات القوانين التي رفضها الرئيس.
في هذا السياق، يسعى هذا التحليل إلى التعرف على الإطار الدستوري الناظم للعلاقة ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وبَحْث الخبرة العملية لهذه العلاقة في ظل العاميْن الأولَيْن من حُكم الرئيس يون سوك يول، وهما العامان الأخيران من عُمْر الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها، ثم محاولة استشراف هذه العلاقة بعد نتائج انتخابات إبريل 2024.