أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

رافد ثالث:

لماذا تطرح حكومتا المغرب وتونس استراتيجية "الاقتصاد التضامني"؟

10 يوليو، 2017


ثمة أسباب عدة تكمن وراء طرح حكومتي المغرب وتونس استراتيجية الاقتصاد التضامني والاجتماعي كمدخل للتعامل مع المشكلات المزمنة التي تواجه الدولتين، ومنها تطوير المناطق المحرومة من العوائد التنموية، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، والحد من ارتفاع نسب البطالة، واحتواء ضغوط الفاعلين الاجتماعيين، بحيث يشكل هذا الاقتصاد الدعامة الثالثة التي ينبغي أن يقوم عليها الاقتصاد المتوازن والمدمج إلى جانب القطاع العمومي (الحكومي) والقطاع الخاص.

غير أن فاعلية هذا الاقتصاد مرهونة بحزمة من المحددات، وهى غياب الأطر القانونية المتماسكة، وتعدد المقاربات لدى الفاعلين الداعمين للاقتصاد الاجتماعي، ومعضلة توافر الموارد المالية والكوادر المدربة، ومقاومة مستفيدي "اقتصاديات التهريب"، ومحاولة استنساخ التجارب الدولية.

إن هناك اتجاهًا في الأدبيات يشير إلى أن الاقتصاد التضامني أو الاجتماعي هو "مجموع الأنشطة التجارية أو الحرفية والإنتاجية للموارد والخدمات، يزاولها أشخاص في إطار جمعيات، أو تعاونيات، أو تعاضديات، يتم تسييرها بنظام تشاركي بين أعضائها الذين لهم حرية الانخراط فيها من عدمه".

 في حين يُعرّف اتجاه آخر الاقتصاد التضامني والاجتماعي باعتباره "مجموع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تنظم في شكل بنيات مهيكلة أو تجمعات لأشخاص ذاتيين أو معنويين، بهدف تحقيق المصلحة المجتمعية، وهى أنشطة مستقلة تخضع لتدبير مستقل وديمقراطي وتشاركي، يكون الانخراط فيه حرًّا. كما ينتمي إلى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني جميع المؤسسات التي ترتكز أهدافها الأساسية بالدرجة الأولى على ما هو اجتماعي، من خلال تقديمها نماذج مستدامة ومدمجة من الناحية الاقتصادية، وإنتاجها سلعًا وخدمات تركز على العنصر البشري، وتندرج في التنمية البشرية ومحاربة الإقصاء".

الرأسمال اللا مادي:

 إن الغرض من هذا النمط الاقتصادي هو تلبية احتياجات المجتمع وليس تحقيق الحد الأقصى من الأرباح، حيث يضع الإنسان في مركز التنمية أكثر من رأس المال المادي. علاوة على دور الاقتصاد الاجتماعي في تقوية المجتمعات المحلية في التفاوض، وإشراك المجتمعات المدنية في اتخاذ القرارات. كما أن الاقتصاد التضامني يستخدم كوسيلة فعالة لسد الفجوة بين الاقتصادات غير المنظمة والاقتصادات المنظمة، وبالتالي خفض مواطن العجز في العمل اللائق، وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية.

وفي هذا السياق، يمكن تفسير لجوء حكومتى المغرب وتونس إلى استراتيجية الاقتصاد التضامني والاجتماعي في إطار عدد من الأسباب، التي تتمثل في:

برامج جهوية:

1- تطوير المناطق المحرومة من التنمية: إذ أعلن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، في 5 يوليو الجاري، عن إطلاق فعلي لتطوير الاقتصاد التضامني والاجتماعي المدرج ضمن المخطط التنموي 2016-2020، الذي صادق عليه البرلمان في 12 إبريل الماضي. وتهدف تلك الاستراتيجية إلى رفع معدلات النمو، وتوفير فرص عمل للشباب، وتنمية المناطق الفقيرة والمهمشة.

وقد جاء الإعلان عن هذا التوجه الحكومي في ندوة حول "الاقتصاد الاجتماعي والتضامني"، عقدتها وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي بالعاصمة تونس، مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية؛ حيث أكد الشاهد أن "مؤشرات الاقتصاد التونسي الضعيفة، وعدم قدرته على الاستجابة لتطلعات الشباب، والجهات المحرومة في التنمية والتشغيل؛ يستوجب التوجه نحو منوالٍ اقتصادي جديد". وأضاف: "هناك تجارب دولية نجحت من خلال اعتمادها على الاقتصاد التضامني والاجتماعي في تسجيل نسب نمو فاقت 6 بالمائة.. إنه نموذج لحل بعض مشاكلنا الاقتصادية".

 كما سبق أن أكد الشاهد في افتتاح المنتدى الدولي الإفريقي بخصوص "المرأة الفلاحة والاقتصاد الاجتماعي التضامني: آليات الإدماج والنهوض" بتونس في 27 أكتوبر 2016، على أن "هذا الاقتصاد يمثل جزءًا هامًّا من الحلول التي يمكن توظيفها لرفع التحديات المطروحة على البلاد، على غرار مقاومة الفقر، ومكافحة البطالة، وتيسير الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للمتساكنين في الأرياف، وفك العزلة عن المناطق النائية".

  و تشير وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المملكة المغربية، وفقًا لتصريحات مختلفة للوزيرة فاطمة مروان إلى أن "الرهان على الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب تمكن من تعزيز التنمية الاقتصادية، وتنفيذ برامج جهوية تراعي واقع المناطق المغربية المختلفة".

رفع النمو:

2- زيادة معدلات النمو الاقتصادي: يعد هذا الهدف هو المحدد الحاكم للسياسة الحكومية التونسية خلال السنوات الثلاث الماضية بعد أن حققت البلاد معدلات نمو متواضعة بلغت ما دون 1,1 بالمائة خلال عام 2016، وهو ما يقل عن المتوسط السائد (3 بالمائة) خلال سنوات ما قبل ثورة الياسمين، لا سيما مع تراجع العوائد الناتجة عن تشغيل القطاعات الصناعية والسياحية، فضلاً عن خروج رؤوس الأموال الأجنبية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن اتجاهات الرأى العام تجعل من التنمية أولوية قصوى قبل الديمقراطية، وفقًا لمركز كونراد هاكيت الدولي ومركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية.

فرص عمل:

3- الحد من ارتفاع نسب البطالة: تهدف الحكومة التونسية من استراتيجية الاقتصاد التضامني الاجتماعي إلى مواجهة تصاعد معدلات البطالة، حيث تُشير التقديرات الرسمية إلى أنها بلغت 15,3 بالمائة خلال الربع الأول من عام 2017، أى تشمل أكثر من 618 ألف شخص يندرج 241 ألفًا منهم في فئة حاملي شهادات جامعية عليا، سواء في تخصصات الآداب والعلوم الإنسانية أو العلوم الطبيعية (الطب والهندسة والفيزياء).

 ويدفع هذا الوضع بعض حاملي تلك الشهادات العليا إلى العمل في مهن لا تليق بمستواهم العلمي، فيما يعرف بعدم التناسق في المكانة الاجتماعية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجهات الداخلية المحرومة من العوائد التنموية في المحافظات التونسية هى الأكثر ارتفاعًا في معدلات البطالة، وهو ما يعكسه الوضع في القصرين وسليانة وسيدي بوزيد.

 وفي المغرب، أكد عبدالله السوهير رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في تصريحات صحفية في 3 ديسمبر 2015 الدور الذي يلعبه الاقتصاد الاجتماعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فوفقًا له فإن "الجمعيات والتعاونيات تعمل في جميع أنحاء البلاد على تنظيم الطاقات الإنتاجية للمجتمع، وإدارة أنشطتها الاقتصادية، لفتح آفاق جديدة لها، والمساهمة في خلق فرص عمل".

ديمقراطية اجتماعية:

4- احتواء ضغوط الفاعلين الاجتماعيين: يدفع الاتحاد العام التونسي للشغل باتجاه انتهاج سياسات اقتصادية واجتماعية تضامنية وعادلة تُحقق السلم الاجتماعي، وتضمن نفس الحظوظ التنموية لكل التونسيين، بما يكرس مبدأ المواطنة من خلال إرساء نموذج تنموي جديد يُبنى على مفهوم الاقتصاد التضامني على نحو ما أخذت به دول مشابهة لتونس من حيث ندرة الموارد الطبيعية، وقادت إلى نجاحات.

وعلى الرغم من بروز سياسات للمفاوضات الاجتماعية بين الحكومة واتحاد الشغل لتحسين القدرة الشرائية للعمال والموظفين؛ فإن ذلك لم يعد مجديًا على المدى المتوسط، لا سيما في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطن التونسي، على نحو ما تُظهر بيانات منظمة الدفاع عن المستهلك، وغياب آليات الرقابة من قبل مؤسسات الدولة على شبكات الاحتكار والمضاربة في الأسواق.

الاستقرار الهش:

5- مواجهة التداعيات الاجتماعية للإصلاحات الاقتصادية: وهو ما تعكسه الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها تونس خلال سنوات ما بعد الثورة، خاصة من خريجي الجامعات، بشكل ينطوي على مخاوف لدى الحكومة من ترجمة مشاعر الإحباط في أوساط الشباب العاطلين عن العمل في توترات اجتماعية جديدة بعد الإجراءات التقشفية، مثل تجميد التوظيف في القطاع العام، وإيقاف الزيادة في الرواتب ضمن حزمة لخفض الإنفاق.

 في الوقت ذاته، لم تنجح الحكومات المتعاقبة "ما بعد الثورة" في مواجهة سياسات الإفقار والتهميش الاجتماعي، والحد من الفوارق بين فئات المجتمع بعد تآكل الشرائح السفلى من الطبقة الوسطى لتندرج في فئة الفقراء نتيجة التحولات الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية التي تمثلت في ارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة. وفي هذا السياق، بدأ يظهر تعبير "الفقراء الجدد" في تونس (صغار الموظفين بالإدارة، والمدرسون بالمدارس الابتدائية والإعدادية، والعمال، والأجراء الذين لا تتجاوز رواتبهم وأجورهم الشهرية 700 دينار، أى 500 دولار).

ويتبلور بموازاة ذلك ما يُعرف بـ"الأثرياء الجدد" الذين استطاعوا تكوين ثروات هائلة جراء انتشار نمط تجارة التهريب للأسلحة والمخدرات والمنتجات الصينية، ومختلف المواد الغذائية، فضلاً عن مافيا كبرى تعمل في مجال المحروقات، بما شكل وقود الاقتصاد الموازي الذي ينخر في الاقتصاد الرسمي، وهو ما يعود إلى غياب المراقبة الأمنية الفعالة على الحدود التونسية الغربية مع الجزائر والحدود الشرقية مع ليبيا.

وهنا سبق أن حذّر حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام للشغل، في 1 مايو 2015، من أن "أوضاع العمال المتردية تؤشر على انفجار اجتماعي وشيك وفوضى اجتماعية، إذ إن 20 بالمئة من ثروة البلاد توزع على 80 بالمئة من أبنائها ضعاف المقدرة الشرائية، و80 بالمئة من ثروة البلاد يستحوذ عليها 20 بالمئة من الأثرياء". فقد برزت وتفاقمت ظاهرة "فقراء الثورة" مقابل "أغنياء الثورة".

في مقابل ذلك، فإن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه حكومتى المغرب وتونس في تطوير اقتصاد تضامني اجتماعي متماسك، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:

الصيغ القانونية:

1- غياب الأطر القانونية المتماسكة: التي تُعالج مشكلات تعريف ومجال تطبيق مبادئ الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والهيئات المُشكَِّلة لهذا المجال، بما يسهل عملها، حيث تحتاج كل من المغرب وتونس إلى اعتماد إطار قانوني فعال يقوم بإدخال معيار "المنفعة الاجتماعية" باعتباره مقياسًا لأداء الفاعلين في هذا القطاع. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المغرب أوصى باستحداث هيئات جهوية تتشكل، في غالبيتها، من ممثلين عن الفاعلين في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بما يمكنها من أداء عملها حتى تتوافر الصيغة القانونية الحاكمة لأدائها.

بناء القدرات:

2- معضلة توافر الموارد المالية والكوادر المدربة: فقد أكدت فاطمة مروان وزيرة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في 13 ديسمبر 2015، على أن "العوائق التي يعاني منها الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب تتجلى -بالأساس- في أن مكونات هذا القطاع، من تعاونيات وجمعيات، بحاجة إلى دعم مالي لتطوير عملها وتأهيل الكوادر المدربة". كما أشار عبد الله السوهير رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني إلى أن "عوائق القطاع ترتبط بالخدمات المقدمة لمنتجات التعاونيات في مجال التسويق والوصول إلى الأسواق الدولية بسبب حدة المنافسة وضعف المستوى المهني في تكوين الموارد البشرية وغياب الخبرات في مجال الاقتصاد التضامني".

ومن هذا المنطلق، أعلن فاعلون مغاربة، في 14 فبراير 2016، عن إطلاق منظمة غير حكومية "ترونزيتيس"، تضم مجموعة من الكفاءات المغربية في كل المجالات، ويوجد بين أعضائها مقاولون ومهندسون وأطباء ومحامون وباحثون وجامعيون، بهدف تأسيس مجموعات للتفكير، وتدشين شبكة من الاقتصاد الاجتماعي عبر كل مناطق المغرب للإسهام في تطوير المناطق المهمشة، وإنشاء فضاء جديد يختلف عن طرق الاشتغال التقليدية للجمعيات المغربية، خاصة في التشغيل وخفض نسب البطالة.

مقاربات متباينة:

3- تعدد المقاربات لدى الفاعلين الداعمين للاقتصاد الاجتماعي: وهو ما ينطبق على التباين في أجندة الفاعلين السياسيين في تونس، وأبرزهم رئاسة الحكومة، ووزارة التشغيل، ووزارة الفلاحة، وهياكل المجتمع المدني المعنية بمسألة التنمية (الجمعيات)، والاتحاد العام التونسي للشغل، وبعض الأحزاب السياسية المؤثرة، ومن أهمها حركة النهضة، وحزب نداء تونس، وحركة تونس الإرادة، والجبهة الشعبية. وفي هذا السياق، تتباين المقاربات إزاء مفهوم الاقتصاد الاجتماعي التضامني، ما بين مقاربة تشغيلية، وأخرى ذات أبعاد قانونية، وثالثة سياسية، ورابعة علمية تنموية.

 فمقاربة التشغيل تبرز في خطاب رئاسة الحكومة التونسية، وكذلك وزارة التكوين المهني والتشغيل، وتعتبر أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وسيلة لتبلور مواطن الشغل، خاصة لأصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل. وتبعًا لهذه المقاربة فإن دور الاقتصاد التضامني يختزل في توفير مواطن الشغل دون التفكير في ديمومتها، أو مدى مساهمتها المستقبلية في الاقتصاد الوطني، وهو ما يحصر الاقتصاد الاجتماعي في خانة السياسات الاجتماعية للدولة، ويُفقده استقلاله وهويته كقطاع اقتصادي بديل.

 أما المقاربة القانونية فهى التي تهدف إلى طرح أو تقديم مشروع قانون أساسي يتعلق بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني لتطبيقه، وهو ما تبنته وزارة الفلاحة، فضلاً عن الاتحاد التونسي للشغل ومنظمة العمل الدولية. ورغم أهمية هذه المقاربة، إلا أنها تُفقد الاقتصاد التضامني مبدأ "الإبداع الاجتماعي" الذي يسمح له بتغذية صيرورة هندسة العلاقات الاجتماعية.

في حين تتبنى المقاربة السياسية غالبية منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية اليسارية، التي يقتصر خطابها على كون الاقتصاد الاجتماعي يهدف لمواجهة التداعيات السلبية للتوجهات الليبرالية الاقتصادية، بحيث تندرج تلك المبادرات ضمن الحركات المناهضة للعولمة والرأسمالية الغربية. أما المقاربة العلمية التنموية فيتبناها الأكاديميون؛ إذ يعتبرون الاقتصاد التضامني آلية بديلة للتنمية.

والحال كذلك في المغرب، حيث يتعدد الفاعلون الداعمون للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مثل وكالة التنمية الاجتماعية، ووكالات الإنعاش وتنمية الأقاليم، وكذلك صندوق الإبداع والتدبير الملتزم بإحداث مشاريع للاقتصاد التضامني والاجتماعي بالمغرب، وجمعيات القروض الصغرى، وغيرها من الهيئات.

شبكات الظل:

4- مقاومة مستفيدي "اقتصاديات التهريب": حيث توجد شبكة عنكبوتية غير مرئية من داعمي التهريب في تونس عبر الحدود الهشة مع دول المغرب العربي سوف تواجِه بكل السبل محاولات إنجاح الاقتصاد التضامني الاجتماعي، الذي يحاول القائمون عليه ردم فجوة التفاوت بين المناطق القروية والمناطق الحضرية، سواء في مستوى الدخل، أو نسب البطالة، أو ظروف العمل، أو الهدر المدرسي، أو محاربة الأمية.

القابلية للتصدير:

5- محاولة استنساخ التجارب الدولية: يتمثل أحد التحديات التي تواجه تطبيق استراتيجية اقتصاد اجتماعي وتضامني طموح وبراجماتي في مسألة نقل ما هو قائم في تجارب دولية وتوطينها في الداخل. غير أن هذا التحدي يمكن التعامل معه بمنطق الاسترشاد وليس التقليد أو المحاكاة، على نحو ما تحاول الحكومة المغربية القيام به بالاطلاع على التجربة الفرنسية، إذ كشفت مارتين بينفيل كاتبة الدولة المكلفة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني في فرنسا، في تصريحات صحفية في ديسمبر 2015، أن "بلادها تعتزم تعزيز تعاونها مع المغرب في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني".

كما أكدت الوزيرة فاطمة مروان، في 20 نوفمبر 2015، في افتتاح المناظرة الوطنية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في مدينة الصخيرات على أن "المغرب يعتزم إحداث مرصد إفريقي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وسيقوم المرصد بجمع وتحليل جميع المؤشرات المتعلقة بهذا القطاع في عموم قارة إفريقيا. وعلى الرغم من أهمية التجارب الإقليمية والدولية، إلا أنها ليست سلعًا قابلة للتصدير نظرًا لاختلاف السياقات الداخلية".

التنمية المتضامنة:

  خلاصة القول، يبدو أن حكومتي المغرب وتونس تعطيان اهتمامًا متزايدًا للاقتصاد الاجتماعي والتضامني عبر نصوص تشريعية وبرامج حكومية تدعم التعاونيات والجمعيات والتعاضديات، بهدف تلبية الحاجات الاجتماعية، مع ضمان مردودية اقتصادية محدودة، وإعطاء أهمية مركزية للتغلب على مشكلات التنمية غير المتوازنة بين المركز والأطراف، ومساعدة النساء والشباب والأطفال والمسنين ومختلف الشرائح الاجتماعية التي تُعاني من الهشاشة، والمفتقرة إلى الخدمات الأساسية، بما يقود في التحليل الأخير إلى "أنسنة" الاقتصاد.