أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

تعاون جهادي:

السمات المشتركة بين داعش والقاعدة

31 مايو، 2014


كشفت المملكة العربية السعودية يوم 6 مايو الجاري عن تفكيكها لتنظيم إرهابي يرتبط بتنظيمي القاعدة في الجزيرة العربية وتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) في سوريا، تتكون من 106 أفراد خططوا لاستهداف منشآت حكومية وأجنبية داخل المملكة، بالإضافة إلى التخطيط لاغتيال شخصيات أمنية ومسؤولين حكوميين وشخصيات تعمل في مجال الدعوة.

خلية داعش/القاعدة

تكشف المعلومات المتوفرة عن الخلية أن أمير الجماعة الوهمي سعودي الجنسية، وذلك كي تكتسب الخلية قبولاً لدى من يجري تجنيدهم، أما القائد الفعلي، الذي لم تكشف السلطات عن اسمه، فهو فلسطيني مقيم في السعودية سبق وأن شارك في القيام بعمليات إرهابية مع تنظيم القاعدة خارج السعودية، ومع ذلك فإن أكثر من نصف أعضاء الخلية سعوديون، يقدر عددهم بحوالي 59 عضواً، كما يلاحظ أن 35 منهم ممن تم إطلاق سراحهم في قضايا أمنية بناء على رأي القاضي، أو ممن مازالوا رهن المحاكمات.

ويشير صغر حجم الخلية إلى أنه لم يكن بمقدورها تنفيذ عمليات واسعة النطاق لفترة زمنية ممتدة، ولذلك فقد كان يتمثل هدفها في مهاجمة المسؤولين لإشاعة الفوضى وإحداث تأثيرات اقتصادية سلبية لا تؤثر على السعودية وحدها، ولكن على الاقتصاد العالمي بالنظر لأهمية السعودية كأكبر منتج للنفط. ويبدو كذلك أنها كانت تعمل على تمهيد الطريق أمام وصول المزيد من الإرهابيين لإشاعة مزيد من الاضطرابات.

الإجراءات السعودية

نجحت السعودية في توجيه ضربة استباقية للخلية، ساعدها في ذلك رصد ما يطرح على شبكات التواصل الاجتماعي من جانب الجماعات الإرهابية، خاصة أن أفراد "داعش" ظهروا على عشرات الفيديوهات على موقع يوتيوب وهم يتوعدون بتنفيذ هجمات إرهابية لتحرير الجزيرة، في إشارة للسعودية، كما قد يكون ساعدهم في ذلك التحقيق مع بعض السعوديين التائبين الذين ذهبوا للقتال في سوريا وعادوا مرة أخرى من خلال السفارة السعودية في كل من تركيا ولبنان، ولا يمكن أيضاً استبعاد فرضية أن تكون السعودية قد نجحت في اختراق الجماعات الإرهابية في الداخل وكذلك في سوريا.

ولعل الشيء الإيجابي في مكافحة السعودية للإرهاب أنها اتبعت سياسات أوسع للتعامل مع الخطر الجهادي، تمثلت في محاربة الفكر المتطرف على عدة محاور، أهمها: تشكيل "لجنة المناصحة" لإعادة أصحاب الفكر الضال إلى الصواب وتخليصهم من أفكار القاعدة، والاستعانة برجال الدين وخطباء المساجد لمواجهة أفكار القاعدة، فضلاً عن تناول البرنامج التلفزيوني السعودي "همومنا" في بعض برامجه لتجارب الشباب المُغَرَر بهم في سوريا، والذين اختاروا العودة بعد اكتشافهم حقيقة ما يجري هناك.

وكانت المملكة قد صنفت تنظيمي "داعش والنصرة" كمنظمتين إرهابيتين، وأصدرت مرسوماً ملكياً يعاقب أي مواطن سعودي يحارب في الصراعات الخارجية بالسجن لمدة تتراوح ما بين 3 و20 سنة، علاوة على دعم الحكومة اليمنية في مواجهة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

دلالات التنسيق الجهادي

يكشف وجود هذه الخلية الإرهابية عن وجود علاقة تعاونية بين الجماعات الإرهابية وتنظيمات الجرائم المنظمة، وتحديداً المهربين على حدود الدول، سواءً على الحدود اليمنية – السعودية، مثلما هي الحال على الحدود السورية – التركية، وعلى الحدود بين مالي والدول المجاورة؛ وهو ما يفرض تحديات على أمن الدول.

من جانب آخر يلفت الانتباه تنامي تطور الملامح التعاونية بين أشد التنظيمات تطرفاً ممثلة في تنظيم داعش من جانب، وأخطر التنظيمات المرتبطة بالقاعدة ممثلة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهما تنظيمان يشتركان في العديد من الصفات:ـ

أولاً: أن كلا التنظيمين يسعيان إلى القيام بعمليات تتخطى نطاقهما الجغرافي، فتنظيم القاعدة في جزيرة العرب سعى للقيام بعمليات إرهابية يستهدف تفجير طائرة فوق مدينة ديترويت بالولايات المتحدة في عام 2009، أي أنه لم يقتصر على السعودية واليمن.

أما تنظيم داعش، فعلى الرغم من أن أيمن الظواهري أمره بأن يلزم العراق، وينحسب من سوريا، إلا أنه رفض توجيهات أيمن الظواهري، وظل مصمماً على أن تكون مسرح عملياته العراق وسوريا، فضلاً عن إرساله مقاتلين مؤخراً إلى اليمن، إضافة إلى التعاون مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في تشكيل خلية السعودية الإرهابية.

ثانياً: إن هذين التنظيمين يعدان من أشد التنظيمات تطرفاً وطائفية؛ فبالنسبة لداعش، فهو يعتبر الشيعة غير مسلمين، ويستحل دماءهم، حتى المدنيين منهم، كما يتضح من عملياته في العراق ضد الشيعة، بل إن مسار سلوكه يستهدف بدرجة كبيرة إثارة الحرب الأهلية في العراق، ولا يختلف مساره في سوريا من حيث استهدافه للأقليات الدينية هناك.

أما تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، فلم يختلف مسلكه كثيراً؛ فقد بدأ استهداف الحوثيين منذ فترة، وأعلن مؤخراً تشكيل "تنظيم أنصار الشريعة" في المناطق الوسطى لمواجهة توسع الحوثيين في شمال اليمن.

ويمكن القول إن هدف التنظيمين هو إثارة حالة الحرب الأهلية في العراق وسوريا واليمن، بما يسمح بحرية حركة أوسع وبإيجاد داعمين للتنظيم يساعدونه بعد انهيار الدولة في قيام وبناء الخلافة الإسلامية وفقاً لأديباتهم المتطرفة، التي تذهب إلى حد تكفير الدولة والحاكمين والمحكومين.

ثالثاً: سعي داعش لأن تكون التنظيم الإرهابي الأكبر عبر التطبيق الحازم للشريعة، إذ إن أحد أبرز التطورات هو مبايعة 9 جهاديين غير معروفين لـ "أبو بكر البغدادي"، زعيم داعش، وكان ذلك بسبب تأكيده على التطبيق الحازم للشريعة، على عكس أيمن الظواهري. ويعد ذلك مؤشراً على إمكانية تحول بعض الجماعات المرتبطة بالقاعدة إلى مبايعة البغدادي، حيث تجدر الإشارة إلى أن أحد قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أعلن مبايعته لداعش، بدلاً من أيمن الظواهري؛ وهو ما يؤشر على تراجع تنظيم القاعدة ليس فقط بسبب افتقاد الظواهري القيادة الكاريزمية، ولكن بسبب عدم قدرة التنظيم على القيام بأي عمليات إرهابية ضد الغرب في السنوات الأخيرة.

أخيراً، يمكن القول إن الخطر الحقيقي الذي يتهدد دول المنطقة الآن هو ظاهرة العائدين من سوريا، وهو ما اتضح في اتخاذ عدد كبير من الدول الأوروبية إجراءات وتدابير أمنية تحسباً لهذا، وأهمها: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إذ إن العائدين من سوريا قد حصلوا على تدريبات وخبرة قتالية واسعتين، فضلاً عن التطرف الأيديولوجي؛ وهو ما يمكن أن يزيد من خبرات التنظيمات المرتبطة بالقاعدة في المنطقة، ويضاعف من ذلك انهيار الدولة أو عجزها عن ضبط حدودها في بعض الدول العربية.