أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

اتجاهات 2023:

مسارات التعاون والصراع في الشرق الأوسط والعالم

03 مارس، 2023

image

في ظل عالم وإقليم مضطربين لا يتوقفان عن إنتاج حالة الضبابية واللايقين، ينطوي بناء اتجاهات متوقعة للعام 2023 من قِبل الخبراء والمحللين على مخاطرة معرفية بسبب عناصر المفاجأة وإمكانية حدوث السيناريوهات المستبعدة في الأحداث. فبينما كان العالم يتأهب لانتعاش الاقتصاد العالمي مع بداية 2022، إثر الانحسار النسبي لجائحة "كوفيد19"، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 لتشكل متغيراً فارقاً خلّف وراءه صراعات كبرى بين روسيا والقوى الغربية، ألقت بظلالها على مسار التفاعلات الدولية والإقليمية.

بيد أن صعوبات التوقع لا تمنع من القول إن ثمة محركات رئيسية في تفاعلات الحاضر تشكل بالأساس الاتجاهات الكبرى في المستقبل. فمغادرة النظام الدولي لحالة الأحادية القطبية باتت ملمحاً بارزاً كرسته الحرب الأوكرانية، لكن مستقبل هذا النظام وشكله سيرتهن بمآلات هذه الحرب، أي ما إذا كانت موسكو ستخرج منها محتفظة بقدرتها على المنافسة الدولية أم سيتم استنزاف قوتها في الحرب من قِبل القوى الغربية، بما قد يجعل الصراع على تشكيل النظام الدولي منحسراً بين واشنطن وبكين.

وفي هذا الإطار، يطرح مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" 12 مقالاً وتحليلاً معمقاً لمفكرين وخبراء عرب وأجانب سعوا إلى توقع اتجاهات الصراع والتعاون في العالم والإقليم خلال العام 2023، استناداً إلى قراءة طبيعة الواقع ومحدداته الراهنة. فمع تصاعد حدة ما يُمكن تسميته "الحرب بالوكالة" التي تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ضد روسيا في أوكرانيا، ثمة مساران متوقعان؛ أحدهما، استمرار حالة اللاحسم الميداني في ظل تطور أشكال الدعم العسكري الغربي للمقاومة الأوكرانية، والمرونة العسكرية الروسية بالرغم من الخسائر التي واجهتها ميدانياً. أما السيناريو الآخر، فهو المفاوضات، لكن هذه الأخيرة قد لا تصل لها الأطراف المتنازعة إلا بعد بلوغ الحرب لنقطة النضج الخاصة بها، أي عندما تصل المنفعة الحدية للخيار العسكري إلى صفر. 

وأي من هذين السيناريوهين قد لا يلوح قريباً في الأفق، إذ قد يستغرقان وقتاً طويلاً بسبب تعقد لعبة أوراق الضغط المتبادلة، فروسيا تملك أوراق الوجود العسكري في المناطق الأوكرانية وإمدادات الطاقة إلى أوروبا، بينما تستند أوكرانيا في المقابل إلى أوراق العقوبات الاقتصادية الغربية والدعم العسكري الغربي والمقاومة الداخلية. ومع استبعاد سيناريو الحسم في الحرب الجارية، ستنزع سياسات القوى الكبرى إلى مواصلة سياسات احتواء الحلفاء، خاصة الإقليميين الذين وجدوا فرصاً للحركة وهوامش مناورة بعد الحرب. 

لذا، تذهب التوقعات إلى استمرار واشنطن في تطوير علاقاتها مع الدول العربية، مثل الإمارات والسعودية ومصر، والتي كانت قد تحسنت بالفعل في نهاية 2022، مع قبول مساحة من استقلالية هذه الدول، خاصة أن الأخيرة انتهجت سياسات متوازنة إزاء الحرب الروسية الأوكرانية. وفي الوقت ذاته، قد تستمر واشنطن في سياسات ردع إيران في ظل جمود المفاوضات النووية، لكن علاقاتها مع تركيا قد تأخذ مساراً متأرجحاً، يتراوح ما بين التوتر والتحسن. ووسط ذلك، من المتوقع أن تسعى روسيا والصين للحفاظ على شراكاتها الأمنية والاقتصادية مع دول الشرق الأوسط. 

ومع تصاعد الدور الخليجي في القضايا الدولية، خاصة جائحة "كوفيد19" والحرب الأوكرانية وتغير المناخ، تذهب التوقعات إلى تنام أكبر لهذا الدور في العام 2023، في ضوء عوامل عديدة من أبرزها، تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، وامتلاك دول الخليج فوائض مالية كبيرة، فضلاً عن أنها فاعل رئيسي في ضبط أسواق الطاقة العالمية، وكذا مواجهة تغيرات المناخ، لاسيما أن الإمارات ستستضيف مؤتمر "كوب28" في نوفمبر المقبل.

وينعكس هذا الصعود الخليجي على تفاعلات الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تتنامى العلاقات التعاونية بين دول المنطقة، في سياق ما يسميه البعض "الإقليمية الجديدة"، استناداً إلى تراكم مسارات التهدئة التي بدأت منذ قمة العُلا الخليجية في يناير 2021، والتقارب الخليجي مع تركيا، واتفاقات السلام الإبراهيمي، ومنتدى غاز شرق المتوسط. لذلك، يرتهن مستقبل تسوية الصراعات في المنطقة، خاصة في ليبيا وسوريا واليمن، بهذا المسار الإقليمي التعاوني؛ فإذا أخذ اتجاهاً أكبر للتقارب باتت هناك إمكانية لحدوث انعطافة سلام في الصراعات الداخلية في المنطقة.

وقد لا ينسحب هذا التفاؤل النسبي للعلاقات الإقليمية على حالة إيران، فلا تزال المفاوضات النووية تواجه تأزماً بسبب أزمتي بناء الثقة وغياب البدائل تجاه التهديدات التي تمثلها طهران سواءً على صعيد البرنامج النووي أو التدخلات الإقليمية في الشرق الأوسط. ويعزز صعود حكومة يمينية متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو في إسرائيل من توقعات تأزم ملف إيران. إذ يرفض نتنياهو إحياء الاتفاق النووي الإيراني، ومع ذلك سيتجه أكثر إلى توسيع مسار السلام الإبراهيمي من دون ربطه بحل القضية الفلسطينية.

وعلى الصعيدين الإفريقي والآسيوي، تتراوح الاتجاهات المتوقعة بين التفاؤل والتشاؤم. فالقارة السمراء ستشهد خلال العام 2023 انتخابات قد تدفعها إلى التحول الديمقراطي، وإن ظل هناك قلق جيواستراتيجي في القرن الإفريقي، وصراعات في وسط غرب القارة، واستمرار للتأزم الاقتصادي، وتداعيات تدهور المناخ. وبالمثل، فإن توقعات التعافي الاقتصادي لمنطقة آسيا تواجه مخاطر سياسية خاصة في باكستان وبنغلاديش. ومع ذلك، تظل القوة الصينية الصاعدة مستمرة على سياساتها الحذرة إزاء الحرب الأوكرانية. 

وفي ظل التوقعات باستمرار أزمات الحرب والطاقة والمناخ، لا يبدو أن الاقتصاد العالمي سيخرج من أزمته خلال العام 2023، خاصة مع تلاقي مساري التضخم والركود وما قد ينتجانه من تأثيرات سياسية واجتماعية قد تقود إلى اضطرابات محتملة في بعض دول العالم والإقليم. ويحدد الخبراء ملامح هذا التأزم الاقتصادي في انخفاض الإنتاجية، وتراجع تدفقات الاستثمار، واستمرار ضعف تدفقات التجارة العالمية، وتنامي المخاوف المالية للأفراد. وسينعكس هذا السياق المأزوم بالتبعية على أسواق المال التي من المتوقع أن تشهد عاماً عصيباً يتسم بشدة التقلبات، لكن مع ذلك سيظل هناك أمل بأن يكون 2024 هو عام انتعاش الاقتصاد العالمي. 

لقراءة الملف كاملاً بصيغة PDF.. رجاءً الضغط على هذا الرابط