أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

سياسات خشنة:

الانخراط الخارجي التركي وتصدير التوترات للإقليم (ملف خاص)

09 سبتمبر، 2020

image

مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة 

تُظهر متابعةُ السياسة الخارجية التركية تجاه أزمات منطقة الشرق الأوسط، قدرةَ استغلال أنقرة للتطورات الجارية في المنطقة بحثًا عن الدور والنفوذ، عبر نسج التحالفات مع القوى الإقليمية والمحلية، وانتهاج القوة الخشنة Hard Power لتأكيد أنها كدولة إقليمية لا يمكن تجاهل دورها في الأحداث الجارية، في ظل محاولة القوى الدولية والإقليمية إعادة رسم خريطة النفوذ بالمنطقة.

وقد استغلت تركيا تفشي فيروس كورونا عالميًّا، وانشغال العديد من دول العالم بمكافحته، واحتياج دول أخرى لمساعدات طبية؛ لتحقيق عددٍ من الأهداف، سواء على الصعيد الدبلوماسي، أو على صعيد توسيع انخراطها في عددٍ من صراعات المنطقة، خاصة في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط، مستغلة انشغال الدول التي كانت تحجم أنشطتها العدائية بمكافحة تفشي وباء كورونا على أراضيها. 

وتسعى تركيا بشتى الطرق إلى إيجاد موطئ قدم لها في منطقة حوض شرق المتوسط خلال السنوات الأخيرة وسط رفض القوى الإقليمية والدولية. واتساقًا مع هذا التوجه دعمت أنقرة الميليشيات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق، والذي شمل إرسال قوات ومرتزقة وعتاد عسكري. ومن شأن تصاعد التدخل التركي في ليبيا أن يزيد ليس فقط من تعقيدات الصراع السياسي؛ وإنما أيضًا من التوترات في منطقة شرق المتوسط بشكل عام. 

ويواجهُ الانخراط التركي في الأزمة الليبية معضلة حقيقية تتمثل في عوائق الجغرافيا السياسية؛ إذ إن ليبيا ليست سوريا القريبة منها جغرافيًّا، ولذا فإن التمادي في توظيف الحلول العسكرية من أجل تحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية في ليبيا لا يمثل سوى مزيدٍ من التورط التركي في المستنقع الليبي، خاصةً وأن التوازنات الإقليمية والدولية مختلفة كليةً عن الوضع السوري.

وقد أدت السياسات التركية في شرق المتوسط، التي تتعارض مع مصالح حلفائها في حلف شمال الأطلنطي (حلف الناتو)، إلى انتشار عسكري غير مسبوق في شرق المتوسط، وإن كان لا يزال في مرحلة ما قبل التصعيد مباشرة، لكنه يعكس التلويح بالخيار العسكري كأداة ضغط في ظل عدم فعالية الأداة الدبلوماسية لردع أنقرة التي تنتهج سلوك المناورة، بهدف الوصول إلى ترتيبات جديدة في المنطقة.

وتوظف أنقرة سلاح المياه في مواجهة خصومها في كلٍّ من سوريا (أكراد سوريا) والعراق، حيث قامت ببناء عدة سدود على نهري دجلة والفرات، وهو ما يؤثر -بدوره- على حصص المياه القليلة التي تصل إلى كل من سوريا والعراق، في معارضة للقوانين الدولية، خاصة الاتفاقيتين الدوليتين لعامي 1966 و1997 من القرن الماضي، وأيضًا مع الاتفاقيات الثنائية التي وقّعتها مع سوريا والعراق. لذا تستخدم الحكومة التركية تعبير "المياه العابرة للحدود" بدلًا من "الأنهار الدولية".

وفي سياق متصل، ‎تتصاعد حدة التوتر بين العراق وتركيا مؤخرًا بعد التدخل العسكري بزعم استهداف مواقع لانتشار عناصر من حزب العمال الكردستاني. وقد وصف عديد من المراقبين هذا بالأمر الخطير، والذي ينذر بتحول بغداد إلى حالة تشبه سوريا وليبيا والمناطق الأخرى التي يتصاعد فيها النفوذ العسكري التركي. 

وعليه، يُناقش هذا الملف الذي يضم تحليلات وتقديرات نُشرت على الموقع الإلكتروني للمركز، السعي التركي إلى الانخراط في الأزمات الإقليمية، ومحاولات تعزيز دورها الإقليمي، حتى لو جاء على حساب أمن واستقرار الشرق الأوسط، والسياسات التركية في شرق المتوسط، والمقاربات الأوروبية للتعامل معها وردع أنقرة، وكذلك التدخل التركي في ليبيا ودعم الميليشيات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق. وأخيرًا كيف استغلت أنقرة سلاح المياه في مواجهة خصومها في كلٍّ من سوريا والعراق.