بعد عدة هجمات إرهابية هزت المجتمع البريطاني، يتوجه الناخبون في الثامن من يونيو الجاري إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في انتخابات مبكرة دعت إليها رئيسة الوزراء "تيريزا ماي" على الرغم من تمتعها بالشعبية والأغلبية البرلمانية التي تُمكِّنها من الاستمرار في منصبها حتى 2020. ودعت "ماي" إلى انتخابات مبكرة لتعزيز موقفها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد الاستفتاء الأخير الذي صوَّت فيه البريطانيون بأغلبية ضئيلة لصالح هذا الخروج.
ودفعت الهجمات الإرهابية التي كان آخرها حادث جسر "لندن بريدج" في 3 يونيو الجاري، قضيتي الأمن ومحاربة التطرف إلى صدارة الحملات الانتخابية للمرشحين، في ظل دعوة قادة الأحزاب البريطانية إلى اتخاذ مزيدٍ من الإجراءات الفعالة لمعالجة التطرف والإرهاب، إلى جانب قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وتذهب تحليلات عدة إلى أن تكرار الهجمات الإرهابية سيؤثر على فرص فوز حزب "ماي" (حزب المحافظين) في الانتخابات، مع تحميلها من جانب أحزاب المعارضة جزءًا كبيرًا من مسئولية الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بريطانيا؛ لأنها سرّحت خلال توليها منصب وزيرة الداخلية في حكومة "ديفيد كاميرون" حوالي 19 ألف من عناصر الشرطة، الأمر الذي دفع بعض قيادات تلك الأحزاب إلى مطالبتها بالاستقالة.
ويرجح فرضية احتمال خسارة "ماي" الانتخابات ما أظهرته نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة "يوجاف" (YouGov) في أعقاب هجوم مانشستر ونشرته صحيفة "التايمز" في 31 مايو الماضي، بأن حزب المحافظين قد يخسر حوالي 20 مقعدًا في الانتخابات المقبلة.
وفي محاولة لتحسين فرص فوزها في الانتخابات، ردت "ماي" على اتهامات أحزاب المعارضة، حيث قالت إنها على الرغم من تقليص حجم الشرطة، إلا أنها حَمَتْ موازنة فرع مكافحة الإرهاب. مضيفة أنها الشخص الأفضل لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تواجهها بريطانيا، وأن منافسها من حزب العمال "جيريمي كوربن" يتفاخر بأنه عارض كل التشريعات التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب. وعلى صعيد متصل، أضافت أنها ستغيّر قوانين حقوق الإنسان إذا كانت تعترض طريق التعامل مع المشتبه في كونهم إرهابيين.
وتُرجع بعض التحليلات تزايد عدد العمليات الإرهابية التي تعرضت لها المدن البريطانية إلى أن الحكومة تغض الطرف عن أنشطة الجماعات الإسلامية المتطرفة، وهو ما اعترفت به "ماي" في أعقاب الحادث الأخير، حيث قالت إن "بريطانيا كانت متسامحة جدًّا مع المتطرفين". بالإضافة إلى تراجع الإجراءات الأمنية لمواجهة الإرهاب، وتعقيدات إجراءات التقاضي في قضايا الإرهاب، وانتشار التطرف في الداخل البريطاني لا سيما بين شرائح الشباب.
في هذا السياق، تأتي أهمية هذا الملف الذي يناقش تأثير الهجمات الإرهابية التي تتعرض لها بريطانيا على الانتخابات المبكرة التي ستجري في الثامن من يونيو الجاري، وفرص فوز حزب رئيسة الوزراء "تيريزا ماي" بالأغلبية فيها، وأسباب تزايد استهداف تنظيم داعش لبريطانيا، وصور تراجع الإجراءات الأمنية لمواجهة الإرهاب، وسبل مواجهة تصاعد العمليات الإرهابية التي تنفذها "الذئاب المنفردة".