أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

أسعار النفط في ظل «التصفير»

02 مايو، 2019


أخيرا اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبجرأة قراره بالسعي إلى تصفير صادرات النفط الإيرانية ليحرم نظام الملالي في طهران من 80% من دخله، علماً بأن صادرات النفط الإيرانية بدأت عملياً في الانخفاض بمجرد أن أعلن الرئيس ترامب عن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية في شهر نوفمبر الماضي، إذ تراجعت هذه الصادرات من 2.5 مليون برميل في شهر أبريل من عام 2018 إلى 1.3 مليون برميل في شهر أبريل 2019، إذ أن الاستثناءات التي منحت لثمان دول لم تتح تصفير صادرات النفط الإيرانية حتى ذلك الوقت.

الآن وبعد عدم تجديد هذه الاستثناءات والتي تنتهي اليوم الخميس، أي في الثاني من مايو الجاري، فإن هناك انعكاسات سلبية كبيرة على تمويل إيران للمنظمات الإرهابية وعلى الاقتصاد الإيراني والذي سيعاني كثيراً رغم مكابرات النظام هناك والذي يراوغ، تارة بإطلاق تهديدات فارغة، كإغلاق مضيق هرمز وتارة أخرى بالتخويف من ارتفاع أسعار النفط.

لن نقف أمام التهديدات، فقد شبع منها العالم وتحولت إلى مضحكة لنظام يعيش على الضجيج والخداع وسنتناول تأثيرات التصفير على أسعار النفط، وهو ما يهمنا ويهم العالم بشقيه المنتج والمستهلك. وتشير النتيجة التي خلصنا إليها إلى أن هذه التأثيرات ستكون محدودة جداً ولفترة زمنية قصيرة، وذلك لأسباب موضوعية عديدة، مع الإشارة إلى أن المضاربين في الأسواق لا بد وأن يستغلوا هذه الفرصة الذهبية لتحقيق بعض الأرباح، وهو ما حدث بالفعل الأسبوع الماضي.

أول هذه الأسباب يكمن في أن الأسواق كانت تترقب قرار إلغاء الاستثناءات، وهو ما أدى إلى زيادة الإنتاج، حيث تزامنت عملية الإلغاء مع وجود فائض في المعروض يقدر بمليون برميل يومياً، وهو ما سيغطي الجزء الأكبر من انحسار صادرات النفط الإيرانية.

ثانياً تملك دول الخليج العربية وروسيا طاقة إنتاجية فائضة تقدر بأربعة ملايين برميل، وهي أعلنت رسمياً استعدادها لضخ المزيد من النفط للأسواق للحفاظ على توازن العرض والطلب ولسد أي نقص قد يترتب على تصفير الصادرات الإيرانية، وهو ما يعني استقرار الأسعار لتتفاوت ما بين 60-70 دولاراً للبرميل في المتوسط، وهي نفس الأسعار التي سادت قبل التصفير، مما يعني أن التخويفات الإيرانية من ارتفاع الأسعار مجرد زوبعة لكسب تأييد الدول المستهلكة للنفط.

ثالثاً، لا زالت الولايات المتحدة تملك القدرة على زيادة إنتاج النفط الصخري ليتجاوز 6 ملايين برميل يومياً، ليتجاوز إجمالي إنتاجها 11.5 مليون برميل وهي أعلنت عزمها على زيادة الإنتاج في حالة تعرض الأسواق لأي نقص في الإمدادات.

وإذا افترضنا أن الولايات المتحدة تستطيع ضخ مليون برميل إضافي في اليوم، فإن الطاقة الفائضة لدول الخليج العربي وروسيا والولايات المتحدة سوف لن تعوض النفط الإيراني فحسب، وإنما ستعوض أيضاً تراجع إنتاج النفط الفنزويلي والليبي، وهو ما يزيد من الغضب الإيراني من التصفير، فالعقوبات تطالها، كما تطال حليفها الفنزويلي واقتصاده المتدهور.

لذلك، فإن خمساً من مستوردي النفط الذين تم استثناؤهم في السابق: اليابان وكوريا الجنوبية وإيطاليا واليونان وتايوان، استجابوا مباشرة للعقوبات ابتداءً من اليوم، أما ثلاث من الدول المستوردة الأخرى للنفط الإيراني، وهي، الصين والهند وتركيا، فقد أعربت عن استيائها ومعارضتها لهذه العقوبات، إلا أنها ستلتزم بها دون شك، فمصالحها مع الشريك الأميركي تفوق كثيراً مثيلتها مع إيران، خصوصاً وأن دولاً من داخل وخارج «أوبك» أعربت عن استعدادها لتعويض هذه الدول عن وارداتها من النفط الإيراني، مما أدى ببعض شركات الدول الثلاث إلى إلغاء عقودها مع إيران، وهو ما سيؤدي إلى تصفير صادرات النفط بأسرع مما كان متوقعاً، وذلك رغم تبجح وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من إنه يمكن إيجاد مشترين لتسويق النفط الإيراني.

بالتأكيد ستكون هناك عمليات تهريب، إلا أنها ستكون محدودة ولا يمكنها بأي شكل من الأشكال تعويض إيران عن خسائرها، والتي بلغت 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، والتي ستتضاعف إلى 50 مليار دولار سنوياً بعد التصفير، أما أسعار النفط فستبقى مستقرة للفترة القادمة ومقبولة من المنتجين والمستهلكين على حد سواء. 

*نقلا عن صحيفة الاتحاد