أسفرت الانتخابات البرلمانية في جورجيا، يوم 26 أكتوبر 2024، عن نجاح حزب الحلم الجورجي الحاكم الذي تمكن من الحصول على نحو 53.92% من إجمالي أصوات الناخبين؛ ليضمن بذلك الأغلبية البرلمانية بواقع 89 مقعداً من أصل 150؛ وهو الأمر الذي سوف يُمكنه من تشكيل الحكومة الجديدة بصورة منفردة، والاستمرار في السلطة لولاية رابعة، ورسم ملامح السياسة الداخلية والخارجية لجورجيا حتى عام 2028.
وفي المقابل، فشلت أحزاب المعارضة الرئيسية، والتي انضوت تحت أربعة تحالفات رئيسية، في إنهاء هيمنة الحزب الحاكم؛ إذ حصدت جميعها نحو 37.78% من إجمالي أصوات الناخبين؛ أي بواقع 61 مقعداً في البرلمان؛ وذلك وفقاً للنتائج الأولية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية في جورجيا صباح يوم 27 أكتوبر الجاري.
ومع أن هذه الانتخابات تُعد الاستحقاق البرلماني العاشر في تاريخ جورجيا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991، فقد اكتسب المشهد الراهن زخماً غير مسبوق؛ بالنظر إلى مجموعة من المتغيرات الداخلية والخارجية التي أضفت طابعاً تنافسياً أكثر تعقيداً، من بينها أن البلاد تشهد أول تجربة لتطبيق نظام التصويت الإلكتروني في مراكز الاقتراع، وكذلك العمل بنظام التمثيل النسبي بصورة كاملة من أجل حساب عدد المقاعد المستحقة لكل حزب من الأحزاب المتنافسة. ومن بينها أيضاً، أن المعركة الانتخابية أخذت طابع الاستفتاء على مستقبل سياسة تبليسي الخارجية بين حزب الحلم الجورجي الحاكم، الموالي لروسيا والرافض للعديد من الشروط الغربية من أجل انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي، وأحزاب المعارضة المؤيدة للغرب، والتي ترى أن تقدم هذا البلد القوقازي معلق بأهداب بروكسل.
في ضوء ما تقدم، قاد السياق السياسي المحتقن في البلاد إلى مشاركة سياسية واسعة النطاق، بلغت نحو 58.73%، للمساهمة في تحديد مستقبل تبليسي في السنوات الأربع المقبلة. وإزاء المشهد الراهن، توجد مجموعة من التساؤلات حول دلالات وأسباب نتائج الانتخابات البرلمانية الجورجية، وكذلك التداعيات المتوقعة على الصعيدين الداخلي والخارجي في ضوء التطورات اللاحقة على إعلان هذه النتائج.
تفسير النتائج:
يُمكن الإشارة إلى مجموعة من الاستنتاجات المرتبطة بالمشهد الانتخابي الراهن في جورجيا، والتي قد تُفسِر بدورها جانباً من النتائج الأولية للانتخابات، وذلك على النحو التالي:
1- تفوق الخطاب السياسي البراغماتي لحزب الحلم الجورجي: يبدو أن الحملة الدعائية للحزب الحاكم قد نجحت في حشد قطاع واسع من المواطنين للتصويت لصالحه. فمن ناحية، ميز الحزب نفسه عن تحالفات المعارضة بوصفه ممثلاً ومدافعاً عن قيم الاستقلال الذاتي عن الضغوط الغربية، والتمسك بالقيم الأرثوذكسية التقليدية، والدفاع عن مبادئ السلام. ومن ناحية أخرى، أشاع الحزب روح الخوف على مستقبل تبليسي إذا ما هيمنت على سياستها أحزاب المعارضة المدعومة من الدول الغربية، ولاسيما أن البلاد دخلت في عهد أحدها في حرب مع الروس عام 2008 أنهت سيادتها على 20% من أراضيها.
والأرجح أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت دوراً رئيسياً في أن يلقى خطاب حزب الحلم الجورجي قبولاً شعبياً، وخصوصاً في ضوء الخوف من أن تقود سيطرة المعارضة إلى استعداء روسيا، أو استباحة الأراضي الجورجية أو توظيفها في حروب غربية بالوكالة ضد موسكو؛ ولذلك، حرص الحزب على تبني ثلاثة شعارات رئيسية تداعب مشاعر الأمن والاستقرار عند المواطنين هي "لا للحرب.. لا للعملاء الأجانب.. لا لحزب الحرب العالمية".
وعطفاً على ما سبق، قام حزب الحلم الجورجي بالترويج لنفسه بوصفه أكثر قدرة على تقديم سياسة هادئة ومتوازنة لإدارة شؤون جورجيا صاحبة الروابط التاريخية والثقافية القوية بموسكو، والحدود الجغرافية المشتركة البالغة ألف كيلومتر تقريباً. فقدم وعوداً بالتفاهم مع روسيا من أجل إعادة دمج أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في جورجيا من خلال اتحاد فدرالي، والسعي، في الوقت ذاته، إلى انضمام تبليسي إلى بروكسل لكن بشروط أقل وطأة تحفظ للبلاد "كرامتها الوطنية"، وذلك وفق تصريحات سابقة لمؤسس الحزب ورئيس الوزراء الأسبق، بيدزينا إيفانشفيلي، في يوم 15 أكتوبر الجاري.
2- التراجع اللافت لشعبية حزب الحركة الوطنية المتحدة: منذ خسارته الانتخابات البرلمانية عام 2012 لصالح حزب الحلم الجورجي، تآكلت شعبية حزب الحركة الوطنية المتحدة تدريجياً بعدما كان الحزب الحاكم بين عامي 2004-2012، ثم ثاني أكبر حزب داخل البرلمان بين عامي 2012-2024. ويتضح ذلك في انخفاض نسب التصويت؛ ومن ثم عدد المقاعد، التي تحصل عليها الحزب منذ ذلك التاريخ. فعلى سبيل المثال، تراجع عدد مقاعد الحزب من 65 مقعداً عام 2012 إلى 27 مقعداً عام 2016، ثم 36 مقعداً في 2020، وأخيراً الحصول على أقل عدد مقاعد في تاريخه العام الحالي وبلغ 16 مقعداً فقط.
ويمكن أن يعزى ذلك التراجع إلى الدعاية الانتخابية لحزب الحلم الجورجي التي عمدت إلى تكرار اتهام حزب الحركة الوطنية المتحدة وزعيمه السابق، ميخائيل ساكشفيلي، باستعداء روسيا والدخول في حرب معها تسببت في خسارة بلاده منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، بعدما احتلتهما موسكو وأعلنت استقلالهما عن جورجيا عام 2008. ويُفسر هذا التراجع أيضاً الانشقاق السياسي داخل الحزب المعارض نفسه قبيل أشهر معدودة من الانتخابات الأخيرة، على خلفية الإطاحة برئيسه السابق وزعيم حزب الأهالي الحالي، نيكا ميليا، عام 2023، والذي سعى إلى تأسيس تحالف من عدة أحزاب تحت قيادته باسم "ائتلاف التغيير" في يوليو الماضي. وللمفارقة، نجح هذا الائتلاف، الذي قدم نفسه كبديل ثالث لحزبي الحلم الجورجي والحركة الوطنية المتحدة، في أن يحتل وصافة البرلمان الحالي، والتي كانت حِكراً على حزب الحركة الوطنية منذ انتخابات 2012.
3- تفتت الكتلة التصويتية للمعارضة: على الرغم من توافق غالبية أحزاب المعارضة على ضرورة التقارب مع الغرب، وقيامها بالتوقيع على "الميثاق الجورجي" الذي اقترحته رئيسة الجمهورية، سالومي زورابيشفيلي، في 26 مايو الماضي، كخطة عمل هدفها تعزيز الوحدة والتنسيق بين المعارضة قبل الانتخابات؛ فإنها عجزت تماماً عن تشكيل جبهة موحدة ضد الحزب الحاكم؛ مما أدى إلى تفتت الأصوات الداعمة للمعارضة. وكان من شأن ذلك، على سبيل المثال، أن عدداً من الأحزاب البارزة مثل: حزب غيرتشي الليبرالي، وتحالف الوطنيين الجورجيين، وحزب العمال الجورجي، فقدت جميع مقاعدها في البرلمان السابق لعام 2020، والبالغ عددها مجتمعة 9 مقاعد؛ وذلك لعدم قدرتها على تجاوز العتبة الانتخابية البالغة 5% والتي اشترط المشرع على الأحزاب تحقيقها لدخول البرلمان الحالي.
وتمكنت أحزاب المعارضة من حصد 85% من أصوات المهاجرين، بحكم أن أغلبهم يعيش بأوروبا، وكذلك إحراج الحزب الحاكم في بعض المدن الكبرى؛ بل وهزيمته في العاصمة تبليسي، حيث حصلت مجتمعة على نسبة 46%، إلى جانب نسبة 5.3% كانت من نصيب حزب غيرتشي الليبرالي. وفي المقابل، حقق حزب الحلم الجورجي تقدماً عريضاً في مختلف المقاطعات الأخرى، وخصوصاً في المناطق الجنوبية والجبلية ومتعددة الأقليات، التي تجاوزت نسب فوزه في بعضها 70% و80%، وكان محصلة ذلك أن استطاع الحزب الحصول على أغلبية برلمانية.
ويُمكن تفسير فشل الأحزاب المعارضة في تشكيل تحالف واحد فيما بينها، بتعدد الانشقاقات والتمايزات داخل المعارضة نفسها، فضلاً عن حداثة تكوين العديد من أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات؛ مما يعني أنها لا تمتلك خبرة سياسية أو إدارية سابقة ولم تتمكن من تكوين قاعدة جماهيرية عريضة تُحفز الناخبين على التصويت لصالحها.
تداعيات مُحتملة:
تتنوع التداعيات المُحتملة التي قد تنجم عن الانتخابات البرلمانية الجورجية، ولاسيما في ضوء رفض أحزاب المعارضة قبول النتائج أو الاعتراف بالهزيمة، وتباين ردود الأفعال الدولية مع وجود توجه غربي نحو التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية. وفيما يلي أبرز هذه التداعيات:
1- تعميق الانقسام الداخلي وعودة الاحتجاجات إلى الشارع: نظمت أحزاب المعارضة العديد من الفعاليات والأنشطة الاحتجاجية على مدار العام ونصف الأخيرين اعتراضاً على بعض سياسات حزب الحلم الجورجي الحاكم، لكن يبدو أن جورجيا تتجه نحو المزيد من عدم الاستقرار السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات الراهنة. ففور إغلاق باب التصويت يوم 26 أكتوبر الجاري، أعلنت ائتلافات المعارضة فوزها بالأغلبية البرلمانية؛ وهو نفس الأمر الذي قام به الحزب الحاكم. وبعد الإعلان عن النتائج الأولية الكاشفة عن تفوق حزب الحلم الجورجي، سارعت ائتلافات المعارضة الأربعة إلى إصدار بيانات وتصريحات شككت في صحة النتائج، ورفضت قبولها أو الاعتراف بها، ووجهت التُّهم إلى الاستخبارات الروسية بالضلوع في التلاعب بالنتائج.
على سبيل المثال، اعتبر ائتلاف التغيير نتائج الانتخابات "مزورة وغير شرعية"، وصرحت زعيمة حزب الحركة الوطنية المتحدة، تينا بوكوتشافا، أن الانتخابات قد "سرِقت"، مضيفة "سنقاتل كما لم يحدث من قبل من أجل استعادة مستقبلنا الأوروبي". وحث نيكا جفاراميا المعارضة على الشروع في "عصيان كامل" ضد نتائج الانتخابات، والتي وصفها بـ"الانقلاب الدستوري". وعلى صعيد متصل، أكد قائد ائتلاف من أجل جورجيا، ماموكا خازارادزه، أن حزب الحلم الجورجي "استولى على الانتخابات بالتعاون مع الأجهزة الخاصة الروسية من الشعب". وبالمثل، صرحت رئيسة جورجيا، زورابيشفيلي، بأن الانتخابات البرلمانية "كانت ضحية عملية روسية خاصة شوهت معالم الديمقراطية الجورجية"، ووجهت الدعوة للمواطنين من أجل تنظيم احتجاج حاشد يوم 28 أكتوبر بشارع روستافيلي بالقرب من البرلمان؛ بهدف استعراض حجم الاعتراض الجماهيري على نتائج الانتخابات.
وهكذا، قد تشهد جورجيا مرحلة حرجة وضبابية من الاضطراب السياسي، وخاصةً بعد أن أعلنت الائتلافات المعارضة الأربعة عدم دخول البرلمان المقبل، واللجوء إلى تنظيم الأنشطة الاحتجاجية من أجل الضغط على الحزب الحاكم؛ وهو الأمر الذي قد تتفاقم آثاره إذا ما تحولت الأنشطة إلى عنف متبادل مع الأجهزة الأمنية، ولاسيما في ضوء غياب رؤية استراتيجية للاحتجاجات أو أهداف معقولة يمكن للمعارضة التفاوض بشأنها حتى الآن.
2- توتر علاقة جورجيا مع الدول الغربية وتعثر انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي: على الرغم من حصول تبليسي على وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2023، فإن المفاوضات مع بروكسل قد تعثرت منذ يوليو الماضي، وذلك على خلفية إصرار حزب الحلم الجورجي على تمرير قانون "شفافية النفوذ الأجنبي" المقتبس من القانون الروسي؛ من حيث إدراج التنظيمات غير الحكومية التي تعتمد على 20% أو أكثر من إيراداتها على الدعم الخارجي، على قائمة "كيانات تحقق مصالح أجنبية". وكان هذا القانون مثار انتقاد دول غربية، اتهمت حزب الحلم الجورجي بمحاباة الروس على حساب أوروبا، وأن القانون مصمم لقمع المعارضة عبر ذريعة "العمالة الأجنبية"، وتقييد حرية الصحافة، وتجفيف منابع التمويل عن تنظيمات المجتمع المدني؛ ونتيجة لذلك، توقفت مفاوضات انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفرضت الولايات المتحدة عدداً من العقوبات على مسؤولين وسياسيين تابعين للحزب الحاكم، وقررت المفوضية الأوروبية تجميد حزم مساعدات مالية لتبليسي.
ومع استمرار حزب الحلم الجورجي في السلطة لسنوات أربع مقبلة؛ من المُرجح أن تسود حالة من الجمود السياسي في العلاقة بين تبليسي وبروكسل، ليس فقط بحكم العلاقات القوية بين الحزب الحاكم والكرملين، ولكن أيضاً في ضوء أن الأول يتبنى أفكاراً أقل انفتاحاً على القيم الليبرالية الغربية، وأكثر تفضيلاً للقيم التقليدية المستندة إلى التعاليم الدينية الأرثوذكسية. وكان من شأن ذلك إقرار قانون لتقييد حقوق المثليين في سبتمبر الماضي؛ الأمر الذي أثار غضب قادة الاتحاد الأوروبي أيضاً، فيما أكد رئيس الوزراء الجورجي الحالي، إيراكلي كوباخيدزه، أنه نابع من "القرار" و"الهوية" الوطنية لبلاده، وذلك في تصريحات أدلى بها في 25 أكتوبر الجاري.
ولا شك أن ردود الأفعال الغربية على النتائج الأولية للانتخابات في جورجيا، تكشف عن مستقبل أكثر توتراً في العلاقة بين الحزب الحاكم والغرب، خصوصاً إذا استمرت سياسة الأول على ماهي عليه. وتماشياً مع ذلك، ندد العديد من وزراء خارجية الدول الأوروبية بما أسموه "سياق عدم التكافؤ" الذي أُجريت في إطاره الانتخابات، وأن العملية شابها العديد من الانتهاكات التي تقوض نزاهتها، مثل: التلاعب بالنتائج، وتسويد البطاقات، وشراء الأصوات، وترهيب المعارضين أمام مراكز الاقتراع. وفي الإطار ذاته، أصدر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، بياناً مشتركاً، انتقدا فيه الظروف "غير المواتية" لإجراء الانتخابات الجورجية، في ضوء تقارير بعثة مراقبة الانتخابات التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وطالبوا الحكومة في تبليسي باتخاذ عدة إصلاحات سياسية وتشريعية تتسق مع مبادئ التكامل الأوروبي، وذلك في مساء يوم الانتخابات ذاته. وفي اليوم التالي، أدان بيان لوزارة الخارجية الأمريكية المخالفات التي شابت العملية الانتخابية في جورجيا، ودعا إلى فتح تحقيق عاجل فيها. كما جددت واشنطن دعوتها لحزب الحلم الجورجي من أجل "إلغاء التشريعات التي تقوض الحريات".
3- الإبقاء على النفوذ الروسي في جورجيا: من المُتوقع أن يؤدي نجاح حزب الحلم الجورجي إلى استمرار السيطرة الروسية على توجهات السياسة الجورجية كجزء من استراتيجية الكرملين للإبقاء على نفوذه في منطقة القوقاز. وصحيح أن البلدين لا توجد علاقات دبلوماسية بينهما، وأن حجم التجارة المتبادلة لا يكاد يتجاوز 0.3%، لكن الأهمية الاستراتيجية لجورجيا وموقعها الجغرافي المتاخم لموسكو، يجعلان وجود سلطة موالية للكرملين أمراً حيوياً لا غنى عنه. ويُضاعف من الهيمنة الروسية على جورجيا، أن مؤسس الحزب الحاكم ورئيس الوزراء الأسبق، إيفانشفيلي، والذي يُعد الشخصية الأكثر تأثيراً في السياسة الجورجية، يرتبط بعلاقات وثيقة مع موسكو، واستطاع تكوين ثروة هائلة من عمله كأحد المديرين التنفيذيين السابقين لشركة "غازبروم" المملوكة للدولة الروسية. ويبدو أن إيفانشفيلي يرى في التعاون الوثيق مع الروس وسيلة لحماية بلاده من أن تتحول إلى كييف جديدة، وكذلك فرصة لاستعادة نفوذ جورجيا في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وخلافاً للعديد من التعليقات السلبية للساسة الغربيين على نتائج انتخابات جورجيا، هنأ عدد من المسؤولين الأوروبيين الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع الكرملين، حزب الحلم الجورجي بفوزه في الانتخابات، وعلى رأسهم رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، فضلاً عن رئيس أذربيجان، إلهام علييف. وعلى نفس المنوال، أعرب رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي، غريغوري كاراسين، عن سعادته البالغة بنتائج الانتخابات الجورجية التي جاءت، حسب تعبيره، "في جو هادئ". وأضاف عضو مجلس الشيوخ الروسي، أليكسي بوشكوف، أنه بالرغم من مساعي الغرب لإثارة الاضطرابات في جورجيا أملاً في "ثورة مؤيدة له"؛ فإن أغلبية المواطنين رفضوا النهج الغربي في "تغيير النظام".
مستقبل غامض:
يبدو مستقبل تبليسي السياسي أكثر غموضاً من أي وقت مضى. فمن ناحية، تداعب خبرة "الثورة الوردية" التي استبدلت وزير الخارجية السوفيتي ورئيس جورجيا الأسبق، إدوارد شيفرنادزه، بنظام حكم موالٍ للغرب عام 2003، أحزاب المعارضة أملاً في قلب الأوضاع وإنهاء هيمنة حزب الحلم الجورجي التي استمرت لمدة 12 عاماً مضت. ويدعم ذلك، تمسك قادة أحزاب المعارضة بسردية مفادها أن الانتخابات البرلمانية قد سُرِقت منهم بالتزوير، وتصريحات عدد من القادة الغربيين التي رفضت الاعتراف بهزيمة المعارضة.
وفي المقابل، لن يسمح حزب الحلم الجورجي الحاكم، ومن خلفه روسيا، بالتنازل عن مكتسبات المشهد الانتخابي الرهن، أو أن تسود الفوضى السياسية في الشارع الجورجي؛ الأمر الذي قد يكون من شأنه استخدام العنف ضد دعوات التظاهر والعصيان العام.
وعلى الرغم من كل ما تقدم، لا تزال إمكانات التفاهم والتنسيق الداخلي بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة في جورجيا ممكنة، في ضوء أن الأول بالرغم من حصوله على الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل الحكومة؛ فإنه لم ينجح في تأمين أغلبية الثلثين التي تُعد ضرورية لإجراء أية تعديلات على دستور البلاد.