أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

خيارات حرجة:

إلغاء الصين "صفر كوفيد".. أولوية الاقتصاد تثير خوف العالم

23 يناير، 2023


أعادت الصين، في الثامن من يناير 2023، فتح حدودها أمام العالم الخارجي، لتنهي بذلك ثلاث سنوات من الإغلاق المتواصل الذي طبقته ضمن سياسة "صفر كوفيد" الصارمة لمكافحة مرض فيروس كورونا، والتي ترتب عليها تباطؤ الاقتصاد الصيني إلى أدنى معدل نمو له منذ ما يقرب من نصف قرن، فضلاً عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتعطل سلاسل التوريد العالمية. ومن هنا، تأتي أهمية تحليل تعامل الصين مع مسألة عودة تفشي الفيروس على أراضيها مرة أخرى، لا سيما فيما يتصل بارتباطه بالأزمة الاقتصادية الحادة التي شهدتها بكين خلال سنوات الإغلاق، وما سيترتب على إنهاء هذه السياسة وبالتالي التعايش مع الوباء، من تداعيات مختلفة، سواء على الصين أو على العالم، فضلاً عما يعكسه من دلالات بالنسبة لبكين والعالم.

تسونامي كورونا:

تشهد الصين منذ قرارها بالإلغاء التدريجي سياسة "صفر كوفيد"، ما يمكن وصفه بأنه "تسونامي كورونا"، إذ تتعرض لموجة جديدة غير مسبوقة من انتشار الوباء، سواء فيما يتصل بأعداد الإصابات أو الوفيات الناجمة عنها، أو بالنسبة لما أثارته من قلق ومخاوف من جانب المجتمع الدولي، الذي ما زال يعاني تداعيات كوفيد-19، بالرغم من فتح دوله لحدودها وتعايشها مع الجائحة.

وبصفة عامة، يمكن القول إن السبب الرئيسي للطفرة الهائلة بالنسبة لعودة انتشار فيروس كورونا حالياً، ترجع إلى التخلي عن سياسة "صفر كوفيد" الصارمة التي كانت مطبقة خلال السنوات الثلاث الماضية، كاستراتيجية ذات أولوية قصوى لمكافحة المرض، ونجحت إلى درجة كبيرة في التعامل مع الجائحة بتقليل عدد الإصابات والوفيات الناجمة عنها إلى الحد الأدنى.

بيد أن تطبيق هذه السياسة كانت له ارتدادات عكسية لعبت دوراً كبيراً في تفجر موجة الانتشار غير المسبوق للفيروس في الصين مؤخراً. وتمثلت هذه السلبيات في عدم التطعيم الكافي لكبار السن باللقاحات بما يحول دون تعرضهم للإصابة بالمرض، وهو ما يرجع إلى عدم منح الأولوية للفئات الأكبر سناً، وانعدام الثقة في اللقاح، فضلاً عن المخاوف من الآثار الصحية الضارة للقاحات على هذه الفئة العمرية.

كذلك، لم تهتم السلطات الصينية بالعمل على زيادة طاقة المستشفيات لاستيعاب العدد المتزايد من الإصابات، لا سيما فيما يتصل بوحدات العناية المركزة. كما أدت فترات الإغلاق الطويلة إلى انخفاض الاختلاط بين الأفراد، وهو ما يعني أن الذين تلقوا اللقاح كانوا أقل عُرضة للفيروس، ومن ثم أقل استفادة مما يُطلق عليه "المناعة الهجينة"، وهي الحماية التي يحصل عليها الجسم من خلال مزيج من اللقاح والإصابة بالفيروس نفسه.

ليس هذا فحسب، وإنما يُعد عنصر التوقيت أحد الأسباب المهمة وراء تزايد تفشي كوفيد-19، حيث أخطأت السلطات الصينية في اختيار التوقيت المناسب لإنهاء سياسة "صفر كوفيد"، وذلك بالتزامن مع دخول فصل الشتاء الذي يتسم بتزايد فرص انتشار الأمراض التنفسية فيه. كما لعبت المتحورات الجديدة للفيروس دوراً كبيراً في عودة تفشي الوباء.


 

دلالات الانتشار:
 

تنطوي مسألة عودة انتشار فيروس كوفيد-19 في الصين بكثافة في الوقت الحالي، على مجموعة من الدلالات المهمة، وهي كالآتي:

1- عودة الحياة إلى طبيعتها في الصين: تشهد العديد من المدن الصينية الرئيسية، ومنها بكين وشنغهاي ووهان، عودة الأفراد إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، على الرغم من برودة الطقس وارتفاع حالات الإصابة بكورونا، مدفوعين بالثقة في قوة الاقتصاد مع تعافي المزيد من إصاباتهم بالمرض. وهو ما يشير إلى وجود رغبة كبيرة لدى المواطنين الصينيين في عودة الأنشطة العامة في البلاد إلى طبيعتها لتعويض الحرمان الذي تعرضوا له خلال فترات الإغلاق الطويلة.

2- التشكيك في فاعلية اللقاحات الصينية: أُثيرت تساؤلات بشأن مدى فعالية اللقاحات المُصنعة في الصين في مكافحة كوفيد-19، خاصةً أن بكين قامت بتطوير لقاحاتها الخاصة عبر استخدام تقنية الفيروس غير النشط لتدريب الجسم على مكافحة الفيروس ككل. وعلى الرغم من فاعلية اللقاحات الصينية، فإنها ربما ليست على درجة فعالية اللقاحات الأخرى نفسها التي تم إنتاجها باستخدام تقنية "إم آر إن إيه" mRNA (الحمض النووي الريبوزي المرسال)، والتي تركز على الجزء المهم من الفيروس الذي يصيب خلايا الجسم بالعدوى. وهذا ما يفسر الضغوط الغربية على الصين لدفعها إلى استخدام اللقاحات الغربية الحديثة لرفع معدلات التطعيم، لا سيما بين كبار السن.

3- زيادة الضغوط على نظام الرعاية الصحية: فعلى الرغم من جهود السلطات الصينية لمواجهة الزيادة الهائلة في تفشي كورونا، ثمة شواهد ودلائل عدة تؤكد خطورة الأمر، ومنها الطلب المتزايد على خدمات دور الجنائز، واكتظاظ المستشفيات بالمرضى، كما يتوقع خبراء صحة عالميون حدوث ما لا يقل عن مليون حالة وفاة هذا العام. وتلك مؤشرات تشي بأن نظام الرعاية الصحية في الصين سوف يواجه المزيد من الضغوط في المستقبل.

4- التشكيك في مصداقية الإحصاءات الرسمية الصينية: لجأت الصين بعد قيامها بتعديل استراتيجيتها للتعامل مع كوفيد-19، لاستخدام طريقة جديدة في احتساب عدد الوفيات الناجمة عن المرض، حيث يتم بموجبها الإعلان عن أعداد محدودة من حالات الوفاة، وهو الأمر الذي يجعل الأرقام المُعلنة محل جدل وتساؤل كبير حول مدى دقتها وتعبيرها عن الأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس وكذلك لحالات الوفاة. ولعل ذلك ما يفسر انتقاد منظمة الصحة العالمية لما وصفته بتعريف الصين "الضيق للغاية" للوفاة الناجمة عن كوفيد-19، مؤكدة أن الإحصاءات لا تنسجم مع عودة انتشار الوباء في البلاد، الأمر الذي دفعها إلى مطالبة الصين بتقديم بيانات تفصيلية عن التسلسل الفيروسي ومشاركة البيانات المرتبطة بحالات دخول المستشفيات والوفيات والتطعيمات المرتبطة بالجائحة. ورداً على تلك الشكوك، أكدت بكين أنها كانت منفتحة إزاء مشاركة البيانات الخاصة بتفشي كورونا مع منظمة الصحة العالمية، داعية المنظمة إلى اعتماد موقف "محايد" بشأن تفشي كوفيد-19.

5- تناقض الموقف الصيني: في الوقت الذي جادلت فيه الصين بأن مواقف الدول الأخرى التي اشترطت على المسافرين من الصين تقديم نتائج سلبية لفحوص كوفيد-19، لا تستند إلى العلم؛ طبقت بكين الأمر ذاته لدى استجابتها للجائحة خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث اتبعت واحدة من أكثر السياسات حرصاً في العالم، بالاعتماد على الاختبارات الجماعية، وتتبع جهات الاتصال، وعزل المصابين وإغلاق مدن بأكملها. وشملت سياسة "صفر كوفيد" الزوار الأجانب الذين خضعوا لاختبارات الفيروسات قبل الصعود إلى الطائرة، وتم فحصهم عند الوصول وخضعوا لحجر صحي طويل.

مواقف دولية:

أثار إنهاء الصين الإغلاق والتخلي التدريجي عن إجراءات مكافحة جائحة كورونا، قلق المجتمع الدولي، الذي اتخذت العديد من دوله إجراءات احترازية مشددة تجاه بكين، لحماية نفسها مما ترى أنه خطر قادم إليها من الصين. وتتمثل أبرز هذه المواقف الدولية في الآتي:

1- فرض قيود على حركة السفر من الصين: فرضت العديد من دول العالم قيوداً على المسافرين القادمين من الصين، تشمل ضرورة إجراء اختبار سلبي لكوفيد-19، وارتداء الأقنعة الطبية على متن الرحلات الجوية من الصين وإليها، فضلاً عن إجراء فحوصات لمياه الصرف الصحي في المطارات مع الرحلات الدولية والطائرات القادمة من الصين.

ويُلاحظ تباين المواقف الدولية إزاء تلك المسألة، والتي تراوحت بين فرض بعض الدول قيوداً إلزامية على المسافرين من الصين وإليها، وفرض بعضها الآخر قيوداً اختيارية، فيما رفضت دول ثالثة فرض أية قيود على المسافرين الصينيين. وهذا ما يعكس وجود انقسام في المجتمع الدولي بشأن كيفية التعامل مع إنهاء الإغلاق في الصين، علاوة على وجود تباين بين سلطات السياحة والمسؤولين السياسيين والصحيين في بعض البلدان بشأن الموازنة بين الاعتبارات الاقتصادية والصحية في هذا الصدد.

وكرد فعل على تلك الإجراءات، نددت الصين بفرض بعض الدول فحوصات كوفيد-19، واعتبرتها "غير مقبولة"، ووصفتها بأنها "تمييزية" وتصل إلى حد "التلاعب السياسي"، علاوة على عدم استنادها إلى أساس علمي، وهددت باتخاذ إجراءات مضادة، حيث أوقفت بكين إصدار التأشيرات قصيرة الأجل للكوريين الجنوبيين الراغبين في زيارة الصين، رداً على تعليق سيول إصدار التأشيرات قصيرة الأجل للمسافرين الصينيين حتى 31 يناير الجاري، واستبعادهم من دخول البلاد.


 

2- بروز مخاوف عالمية من ارتفاع حالات الإصابة والوفاة في الصين: هناك توقعات بارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كوفيد-19 في الصين بشكل كبير، في الوقت الذي يستعد فيه الصينيون للسفر إلى المناطق النائية وزيارة الأقارب للاحتفال برأس السنة الصينية. وتتضح خطورة هذا الأمر بالنظر إلى أن الصين تشهد هجرة سكانية داخلية واسعة النطاق، فطبقاً للتعداد السكاني الأخير، يوجد في الصين 492.76 مليون شخص يقيمون في أماكن أخرى غير مناطق تسجيل أسرهم، ويُطلق عليهم "السكان العائمون"، أي الأشخاص الذين يختلف مكان إقامتهم عن مكان إقامتهم المسجل. فضلاً عن معاناة المناطق الريفية من تدني خدمات الرعاية الصحية، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار غير مسبوق للوباء وحدوث اضطرابات شديدة في الاقتصاد.
 

كذلك، تشير بعض التقديرات إلى احتمال إصابة 60% من سكان الصين، أو ما يقرب من 846 مليون شخص، بالفيروس، علاوة على وفاة ما بين 680 ألف إلى 2.1 مليون شخص، خلال الأشهر الستة المقبلة. فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن الصين قد تشهد أكثر من مليون حالة وفاة بسبب كوفيد-19 في عام 2023، بالنظر إلى انخفاض معدلات التطعيم بين السكان المسنين المعرضين للخطر.

3- الانتقادات الغربية لسياسة "صفر كوفيد": وجهت العديد من وسائل الإعلام الغربية انتقادات للصين على خلفية تطبيقها سياسة "صفر كوفيد" للتعامل مع الجائحة، ومنها على سبيل المثال ما اعتبرته هذه الوسائل تطبيقاً انتقائياً من جانب الحكومة الصينية لتلك السياسة، والقول إن فشل بكين في تطعيم المسنين وزيادة قدرة مستشفياتها في الوقت الحالي قد يؤدي إلى تحويل هذا السيناريو الأسوأ إلى حقيقة واقعة، علاوة على الادعاء بأن قرار الصين الأخير تم اتخاذه "من دون استعداد"، الأمر الذي "قد يتسبب في وفاة مليون شخص في موجة الشتاء". كما أشارت تلك التقديرات الغربية إلى أن ذلك سيؤدي إلى "اضطراب اقتصادي" و"زيادة التضخم العالمي"، مما يشكل مخاطر على العالم بأسره. علاوة على اتهام الصين بعدم إبلاغ منظمة الصحة العالمية ببيانات الحالات الجديدة منذ تعديل بكين استراتيجية التعامل مع الجائحة. وقد قامت الصين بتفنيد هذه الانتقادات والاتهامات الغربية، مؤكدة تصميمها على تكثيف جهود التطعيم بين كبار السن، وزيادة قدرة وحدات العناية المركزة، واتهمت الدول التي تفرض قيوداً جديدة على المسافرين الصينيين بالتمييز ضدها، كما أكدت أن منع السياح من الدخول لن يوقف انتشار الفيروس ولن يؤدي إلا إلى الإضرار باقتصادات الدول.

4- توتر العلاقات الصينية – الأمريكية: أعربت واشنطن عن قلقها بشأن "النهج الصيني" في التصدي لكوفيد-19، كما رفضت تهديد بكين بالانتقام من الولايات المتحدة والدول الأخرى التي فرضت قيوداً على المسافرين منها. وهو ما يشير إلى أن تباين استجابة كل من بكين وواشنطن تجاه التعامل مع الجائحة سوف يظل أحد عوامل التوتر في العلاقات الصينية – الأمريكية خلال العام الجاري.

5- توتر صيني – ألماني: من بين المواقف الأوروبية، بدا لافتاً الموقف الألماني المتشدد تجاه الصين، فلم تكتف برلين بنصح مواطنيها بعدم السفر إلى الصين، بسبب وضع كورونا هناك، وإنما أعلنت أيضاً أنها ستُصنف الصين اعتباراً من التاسع من يناير الجاري كمنطقة خطر لمتحورات كورونا، علاوة على ضرورة إجراء المسافرين القادمين إلى ألمانيا من الصين اختبار إجباري لكوفيد-19. وهو ما يعكس ميل برلين نحو التمايز عن الموقف الأوروبي المتساهل نسبياً تجاه الصين من جهة، ومن جهة أخرى عدم اهتمام ألمانيا بما قد يترتب على هذا الموقف من توتر علاقاتها مع الصين، لا سيما في بُعدها الاقتصادي والتجاري.

الاقتصاد أولاً:

في ضوء خبرة السنوات الثلاث الماضية في التعامل مع جائحة كورونا، وما ترتب عليها من ضغوط كبيرة على الاقتصاد الصيني، نتيجة الإغلاقات المتكررة والحجر الصحي الذي شمل مدناً ومناطق بأكملها، بجانب إغلاق حدودها أمام العالم الخارجي؛ فإن السلطات الصينية على ما يبدو قد حسمت قرارها وارتأت ضرورة منح الأولوية لعملية استعادة النمو والانتعاش الاقتصادي على حساب الخسائر الاجتماعية المتوقعة جراء السياسة الصينية الجديدة للتعامل مع الجائحة، والتي سيترتب عليها نتائج وتداعيات اجتماعية سوف تطول في المقام الأول الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع الصيني، وبصفة خاصة كبار السن والنساء الحوامل والأطفال الصغار.

ومع ذلك، اتخذت السلطات الصينية قرارها بإنهاء سياسة "صفر كوفيد"، وإعادة فتح الحدود مع العالم، وهي خطوة ستكون لها تداعياتها على الاقتصادين الصيني والعالمي. فبالنسبة للاقتصاد الصيني، من المتوقع أن تشهد الصين تسارعاً في وتيرة التعافي الاقتصادي في النصف الأول من عام 2023، وهو الأمر الذي يرتبط بقيام المزيد من المصانع بزيادة الإنتاج وإعادة فتح الشركات، وارتفاع الطلب في الداخل، وتعافي الاستهلاك، فضلاً عن تخفيف القيود المفروضة على شراء المنازل وقروض الرهن العقاري. ويُتوقع أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين نحو 5.5% خلال عام 2023، حيث تعهدت الصين بتوسيع الإنفاق المالي بشكل مناسب، مع ضبط أدوات السياسة المالية، بما في ذلك العجز المالي والديون الخاصة، في إطار جهودها لتعزيز النمو الاقتصادي في البلاد.

أما بالنسبة للاقتصاد العالمي، فهناك العديد من الاعتبارات التي تجعل إعادة الصين فتح حدودها يؤثر إيجابياً على الاقتصاد العالمي، حيث يعني رفع قيود كوفيد-19 استئناف الأعمال التجارية الدولية، وإحياء السياحة والإنفاق الاستهلاكي، وعودة التبادلات الثقافية، وتقليل المخاوف من حدوث ركود عالمي في وقت تتباطأ فيه الاقتصادات المتقدمة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع تكاليف الطاقة، حيث تُعد الصين أكبر محرك للنمو الاقتصادي في العالم، إذ تمثل حوالي 30% من النمو العالمي.

وفي مقابل تلك الإيجابيات، من المتوقع أن تسفر إعادة فتح الصين حدودها عن تفاقم مشاكل التضخم التي تعانيها الاقتصادات في جنوب آسيا، إحدى أفقر مناطق العالم، حيث ستؤدي إعادة فتح السوق الاستهلاكية في الصين إلى ارتفاع الطلب على السلع الأساسية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في جنوب آسيا.

الخلاصة أنه بعد مرور ثلاث سنوات على تفشي جائحة كوفيد-19، وجدت السلطات الصينية نفسها أمام مفترق طرق شائك، بالاختيار ما بين الاستمرار في تطبيق سياسة "صفر كوفيد" وما يعنيه ذلك من تواصل التراجع في أداء الاقتصاد الصيني، أو إلغاء هذه السياسة رغم ما سيترتب عليها من خسائر اجتماعية. وفي مواجهة هذه المعضلة، حسمت الصين قرارها باللجوء إلى تبني الخيار الثاني، ومنح الأولوية للاقتصاد على حساب المجتمع. وعلى الرغم مما سيترتب على هذا القرار من نتائج إيجابية بالنسبة للاقتصادين الصيني والعالمي، فإن نتائجه قد تكون كارثية بالنسبة للمجتمع الصيني، ما لم يتدارك قادة الصين ذلك بالإسراع في عمليات تطعيم الفئات الأكثر تعرضاً للخطر، لا سيما بعد خفض بكين مستوى إدارة كوفيد-19 من الفئة (أ) إلى الفئة (ب) وإزالتها من إدارة الأمراض المعدية الخاضعة للحجر الصحي.