أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

أربعينية الثورة الإيرانية

18 فبراير، 2019


أربعون عاماً مرّت على عودة الخميني إلى طهران قادماً من فرنسا ليتسلم الحكم في طهران ويعلن من هناك عن «الثورة» وتأسيس «الجمهورية الإسلامية» وكانت من أسرع الثورات في العالم التي قامت بأكل أبنائها، فكل رفقاء الخميني في المهجر الذين عادوا معه تفرّق مصيرهم بين اغتيال وسجن وإقامة جبرية.

عاش الشعب الإيراني أربعين عاماً سوداء كسواد إيديولوجيا الإسلام السياسي التي حكمتهم بالحديد والنار، فأفقرتهم بعد غنى، وأضعفتهم بعد قوةٍ، وحكمت على غالبية الشعب أن يعيش تحت خط الفقر في بلدٍ غنيٍ، ووزعت أموالهم بغير حسابٍ وبالمليارات على الميليشيات الخارجية في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وعلى التنظيمات الإرهابية كتنظيم «القاعدة» في كل مكانٍ مدفوعة بالأيديولوجيا المنغلقة وأوهام الإمبراطورية الفارسية وأحلام التوسع والنفوذ. أجبر النظام الإيراني شعبه على العيش تحت رحمة الحروب أربعين عاماً، مرةً بالحرب المباشرة مع العراق وأخرى بالحروب بالوكالة في الدول العربية الأربع التي يتفاخر قادة النظام بأنهم يحتلونها، وليس للشعب الإيراني إلا الفقر والمزيد من الفقر. الأسبوع الماضي قامت بعض أطراف المعارضة الإيرانية باستهداف حافلةٍ للحرس الثوري في عملية أوقعت عشرات القتلى والجرحى من جنود الحرس، وكالعادة فلم يفكر قائد الحرس بأن هذا التفجير وأمثاله هو تعبير عن غضب الشعب الإيراني من سياسات النظام الديكتاتورية القاسية ولكنه فضّل كما يفعل النظام الإيراني دائماً ترحيل المشكلات إلى الخارج، فقام بتوجيه الاتهامات إلى الخارج، وإطلاق التهديدات.

النظام الإيراني له عملاء وخونة في دول الخليج، وله خلايا سريةٍ وتجسسية وإرهابية أعلنت بعض دول الخليج عنها مراراً وتكراراً وبخاصة في السعودية والكويت والبحرين، وبدعمٍ كامل من النظام الإيراني، وهو قادرٌ على تحريك هذه الخلايا متى شاء، وربما لو فعل لكشف عن هذه الخلايا وأخرجها من كهوفها وهي ستلاقي نفس مصير سابقاتها من قوة المؤسسات الأمنية وقوة العدالة الناجزة.

بكل معايير التنمية والعدالة والحقوق الدولية فإن إيران خسرت على كافة المجالات كثيراً من مكاسبها قبل ثورة الخميني المشؤومة على إيران وجيرانها، بالحروب ودعم الإرهاب والتخريب ونشر الدمار والقتل، فكل مكانٍ وصلت إليه يدها يتحول سريعاً إلى مشاهد دمويةٍ شنيعةٍ. لا تبرع إيران في أي شيء سوى التخريب والإجرام، لا في الدول العربية فحسب، بل في أفغانستان شرقاً وآسيا الوسطى شمالاً، ومن بعد في العديد من دول العالم، من بيونس آيرس إلى فنزويلاً، ومن أميركا الجنوبية إلى أفريقيا، حيث تدير تجارةً واسعةً للمخدرات وتنشر التفجيرات، وترى التنظيمات الإرهابية سنيةً وشيعيةً، وهذا هو النموذج الطائفي الإرهابي الوحيد الذي تقدمه للمنطقة والعالم.

وقفت السعودية والإمارات في وجه المشروع الإيراني في اليمن بالقوة الخشنة والجيوش الضاربة والقوات العسكرية، ومواجهة خطر النظام الإيراني أحد أهم الاستراتيجيات الفاعلة في المنطقة، والتي تضعف تغلغله في الدول العربية، وتنافسه بالبناء لا بالتخريب في أكثر من بلدٍ، والنظام يخسر أكثر مما يكسب والأيام دولٌ.

بعد الدلال الأوبامي للنظام الإيراني، جاءت الإدارة الأميركية الحالية والرئيس ترامب ليضع استراتيجيةً كبرى لمواجهة شرور هذا النظام الديكتاتوري المؤدلج، والذي من آخر خطواته مؤتمر (وارسو 2) الذي انعقد الأسبوع الماضي بعشرات الدول حول العالم للبحث في أزمات الشرق الأوسط وعلى رأسها مواجهة النظام الإيراني.

هذا النظام يرزح اليوم تحت نير العقوبات الأميركية الصارمة التي تتصاعد، ونائب الرئيس الأميركي دعا في مؤتمر ميونيخ قبل يومين أوروبا للتخلي عن الاتفاق النووي مع إيران الذي ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه أفشل اتفاق في التاريخ كما هو تعبير الرئيس ترامب. أخيراً، لم تبحث دول الخليج العربي عن عداء جيرانها أبداً ولكنها اضطرت لمواجهة اعتداءات النظام الإيراني وإجباره على إيقاف تصدير الثورة.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد