أخبار المركز
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (المعضلة الروسية: المسارات المُحتملة لأزمات الانتخابات في جورجيا ورومانيا)
  • إسلام المنسي يكتب: (جدل الوساطة: هل تخلت سويسرا عن حيادها في قضايا الشرق الأوسط؟)
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)

تهديدات جديدة:

هل يمكن التوصل لآليات دولية للتسلح الفضائي؟

24 سبتمبر، 2020


أثار نشر القوة الفضائية الأمريكية -المُشكّلة حديثًا- لقواتها المكونة من عشرين طيارًا في قاعدة العديد الجوية القطرية  جدلًا واسعًا بشأن تحول سباق التسلح في الفضاء الخارجي إلى واقع ملموس قد تستشعره كل الدول بمختلف مستوياتها التكنولوجية.  وقد سبق وتم الإعلان عن تشكيل القوات الفضائية الأمريكية كفرع سادس مستقل في القوات المسلحة الأمريكية، يوم 20 ديسمبر 2019، بعد أن كانت تابعة للقوات الجوية منذ تأسيسها في عام 1982 تحت اسم "قوات الفضاء".

ويفرض توقيت إعلان وزارة الدفاع الأمريكية تأسيس هذا الفرع الجديد، اتّباع نمط تحليلي أكثر شمولية، بحيث يأخذ في حسبانه التطورات الجديدة في مجال التسلح بالفضاء الخارجي، ودوافع وإمكانات الدول الأخرى -ولا سيما روسيا والصين- التي دفعت الولايات المتحدة إلى إجراء تعديل جذري في هيكل وزارة الدفاع، فضلًا عن إمكانية التوصل إلى آلية دولية تخفف من حدة التوترات في هذه الساحة غير النمطية للتنافس الدولي.

حرب الفضاء: 

منذ فترة الحرب الباردة، ولا سيما إبّان ولاية الرئيس "ريجان" الذي طور عام 1983 "المبادرة الاستراتيجية للدفاع" أو ما يُعرف بـ"حرب النجوم" لدفع سباق التسلح إلى أشده مع الاتحاد السوفيتي؛ لم يشهد المجتمع الدولي استقطابًا أو زيادة في وتيرة سباق التسلح في الفضاء الخارجي بقدر الأعوام الثلاثة الأخيرة (من 2017 إلى 2019). وتتجلّى أوجه التباين بين الفترة الحالية وفترة الحرب الباردة في أن سباق التسلح الفضائي في الوقت الحالي أصبح متعدد القطبية بدخول دول عديدة في هذا السباق (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، الهند، وغيرها).

كما لم يثبت بالدليل العملي أثناء فترة الحرب الباردة وجود استخدام لهذه الأسلحة أو بيانات رقمية دقيقة عن أي نمط منها سواء الحركي المعتمد على إطلاق الأقمار الصناعية أجسامًا تدميرية Kinetic weapons، أو القدرات غير الحركية المعتمدة على التشويش واختراق الأقمار والمحطات الأرضية Non-kinetic capabilities. أما القدرات العسكرية الفضائية الحالية فتمتاز بوجود تقديرات شبه دقيقة لمستوى تطوير الأسلحة الحركية، وقرائن عملية لاستخدام القدرات غير الحركية.

يضاف إلى تَعَقُّد الوضع الدولي بشكل أكبر بسبب فشل جهود نزع السلاح في التوصل إلى اتفاق جامع ومُلزِم يحظر وضع أسلحة في الفضاء الخارجي، أو في وضع قواعد حاكمة لها، كتلك التي تحكم استخدام الأسلحة في الحروب الأرضية، وفي هذا الإطار تتمثل أحدث القدرات الدفاعية الفضائية Counter space capabilities التي طورتها بعض الدول فيما يلي:

1- الولايات المتحدة: إلى جانب تأسيس فرع القوات الفضائية الحديث بقوام قدره 16 ألف جندي، وميزانية تقدر بـ16 مليار دولار حتى عام 2021؛ أجرت الولايات المتحدة اختبارات متعددة لتقنيات الالتقاء والاقتراب RPO (أى رصد الأجسام الفضائية والاقتراب منها) في كلٍّ من المدار الأرضي المنخفض والمدار المرتفع، جنبًا إلى جنب مع تقنيات التتبع والاستهداف والاعتراض التي يمكن أن تؤدي إلى تطوير أسلحة مضادة للأقمار في فترة وجيزة (خلال 3 سنوات أو أقل). 

وبالإضافة لما سبق، تمتلك الولايات المتحدة صواريخ اعتراضية للدفاع الصاروخي والتي تستخدم لاستهداف الأقمار الصناعية منخفضة المدار. كما تمتلك الولايات المتحدة أيضًا نظامًا تشغيليًّا مضادًا للحرب الإلكترونية في الفضاء، ونظام الاتصالات المضادة (CCS)، الذي يمكنه الانتشار عالميًّا لتوفير إمكانية التشويش الأرضي على أي قمر مهما كان موقعه وإحداثياته. وأخيرًا، تمتلك الولايات المتحدة حاليًّا أقوى تطبيقات عسكرية مرتبطة بالوعى بأوضاع الفضاء Space Situational Awarness SSA، حيث تستفيد هذه التطبيقات من البنية التحتية المتطورة للإنذار والدفاع الصاروخي، وكذا شبكة قوية ومنتشرة جغرافيًّا من الرادارات الأرضية والتلسكوبات الرملية الفضائية. 

2- الصين: يشير تقرير استخباراتي أمريكي إلى أن الصين نجحت بالفعل في تطوير مجموعة واسعة من القدرات الفضائية المضادة، حيث أجرت اختبارات متعددة لتقنيات عمليات الالتقاء والقرب (RPO) في كلٍّ من المدار الأرضي المنخفض (LEO) والمدار المتزامن مع الأرض (GEO)، والتي يمكن أن تؤدي إلى تطوير أسلحة مضادة للأقمار الصناعية ASAT على المدى القريب (خلال 5 سنوات). ومع ذلك، تشير الأدلة -حتى الآن- إلى عدم قيام الصين بإطلاق أي سلاح أو اعتراض مداري، ولا يوجد دليل على أن تقنيات RPO تم تطويرها لاستخدامها في تطوير قدرات فضائية مضادة بدلًا من الاحتمال الأرجح وهو جمع المعلومات الاستخباراتية. 

كما يشير تقرير أمريكي إلى أنه من المحتمل أن تمتلك الصين قدرات متطورة للتشويش على قدرات تحديد المواقع والملاحة والتوقيت الفضائي (PNT)، فضلًا عن امتلاكها أجهزة تشويش عسكرية صينية تم نشرها على جزر في بحر الصين الجنوبي، وقيامها بتشويش متطور وواسع النطاق لإشارات GPS المدنية بالقرب من ميناء شنغهاي.

3- روسيا: منذ عام 2010، أجرت روسيا هي الأخرى اختبارات عديدة لاستخدام تقنيات RPO في كل من المدار الأرضي المنخفض حيث الأقمار الصناعية ذات الأغراض التجارية، وكذا المدار المتزامن مع الأرض حيث تقنيات تحديد الموقع والملاحة. كما تمتلك روسيا برنامجين نشطين على الأقل، هما: برنامج تطوير الأسلحة المضادة للأقمار باسم "بيورفستنيك Burevestnik"، وبرنامج دعم فني للمراقبة والتتبع يسمى "نيفلير Nivelir ". 

ورغم عدم وجود أدلة على استخدام أي أسلحة روسية حركية، فإن النشر عالي السرعة للأقمار الصناعية الفرعية والإطلاقات المتعددة للحطام المداري (الأجسام منتهية الصلاحية) تشير إلى أن بعض الأنشطة الروسية قد تُستخدم لأغراض غير سلمية، حتى وإن كان ارتفاعها وكثافتها لا تشكل تهديدًا خطيرًا للأصول الفضائية الأمريكية. لكن على أية حال، تكثف روسيا جهودها الحالية لتطوير نظم الليزر الأرضية المستخدمة في تشويش واعتراض الأقمار، وكذا الحرب الفضائية الإلكترونية التي تعتمد على الاختراق وتعطيل الخدمة Denial of Service Attacks.

4- الهند: تتمتع الهند بأكثر من خمسة عقود من الخبرة في مجال القدرات الفضائية، ولكن معظم هذه القدرات كان بالأساس للاستخدامات السلمية والمدنية. لكن في السنوات القليلة الماضية، بدأت الهند في إفساح الطريق تنظيميًّا لقواتها المسلحة لتصبح مستخدمًا نشطًا للتطبيقات الفضائية، ولخلق قدرات فضائية عسكرية واضحة. فقد طور الجيش الهندي برنامج دفاع صاروخي محلي، وبرنامج صواريخ باليستية بعيدة المدى يمكن أن تؤدي إلى تطوير قدرات الصعود المباشر للأسلحة المضادة للأقمار الصناعية. كما أظهرت الهند قدرة على تطوير الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية.

5- إيران: تمتلك إيران برنامجًا فضائيًّا ناشئًا يتضمن بناء وإطلاق أقمار صناعية صغيرة الحجم ذات قدرات محدودة. ومن غير المرجح من الناحية التكنولوجية أن تمتلك إيران القدرة على بناء قدرات مضادة للأقمار الصناعية في المدار القريب، أو قدرات الصعود المباشر لأسلحة فضائية؛ إلا أن إيران أظهرت قدرة على استخدام الحرب الإلكترونية عن طريق التدخل المستمر في إشارات الأقمار الصناعية التجارية، وذلك على الرغم من صعوبة التأكد من مصدرها.

6- كوريا الشمالية: وفقًا للتقديرات الأمريكية، لا تمتلك كوريا الشمالية أي قدرة مثبتة على شن هجمات حركية على الأصول الفضائية الأمريكية. كما لا تذكر كوريا الشمالية في بياناتها الرسمية مطلقًا أية نية لتطوير العمليات المضادة للأقمار الصناعية، مما يشير إلى أنه لا توجد عقيدة واضحة في بيونج يانج بشأن عسكرة متصاعدة للفضاء، وذلك على الرغم من امتلاكها بعض القدرات في برنامج الصواريخ الباليستية التي قد تُستخدم للأغراض العسكرية.

تداعيات عسكرة الفضاء:

لم يعد سباق التسلح في الفضاء الخارجي أمرًا حصريًّا على الدول المتقدمة تكنولوجيًّا؛ بل تُلقي إشكالياته بظلالها على الدول الصاعدة في مجال ارتياد الفضاء، وهو الأمر الذي يجعل مسألة وضع ضوابط لهذا السباق أحد الشواغل الرئيسية لدول عربية عديدة لها برامج طموحة في الفضاء الخارجي (مثل: الإمارات، ومصر، والمغرب)، ودول إفريقية أيضًا تمتلك وكالات فضاء ذات برامج معقولة (مثل: جنوب إفريقيا، ونيجيريا، وأوغندا).

ولا يُمثّل سباق التسلح خطرًا من إمكانية الاستهداف من قبل جسم فضائي في المستقبل فحسب؛ بل إنه يخلّف مجموعة من العوائق التي من شأنها أن تعقد حسابات الدول الطامحة للاستفادة من الملكية المشتركة للفضاء الخارجي، وأهمها:

1- ظاهرة الحطام المداري Orbital debris: يعرف الحطام المداري بأنه الأجسام أو بقايا الأجسام الفضائية التي لم يعد لها أي استخدام، سواء بسبب انتهاء صلاحيتها أو تعرضها للتلف جراء الاصطدام أو خطأ فني. ويمثل هذا الحطام خطرًا على الأقمار والمركبات التي تُستخدم للأغراض السلمية لوجود احتمالية كبيرة للاصطدام بها وإتلافها. فقد رصدت شبكة مراقبة الفضاء الأمريكية، في أكتوبر 2019، وجودَ ما يقرب من 20000 جسم صناعي في المدار القريب من الأرض، منها 2218 قمرًا صناعيًّا عاملًا والباقي عبارة عن حطام خارج الخدمة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأجسام كانت كبيرة بالقدر الكافي الذي مكّن الخبراء من تتبعها. لكن في يناير 2019، أشارت الدراسات إلى وجود ما يقرب من 128 مليون قطعة من الحطام أصغر من 1 سم (0.4 بوصة)، وحوالي 900000 قطعة من الحطام من 1-10 سم، وحوالي 34000 قطعة أكبر من 10 سم في مدار حول الأرض، وهي كلها مخلّفات ساهمت فيها بلا شك الدول الكبرى التي ارتادت الفضاء منذ الخمسينيات، وساهمت فيها أيضًا أنشطة اختبار وتطوير القدرات العسكرية في الفضاء (مثال: اصطدام القمر الروسي BLITS ذي تطبيقات الليزر في 2013 بحطام خلّفته تجارب صينية لتطوير الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية تم إجراؤها منذ 2007).

2- عدم انضباط حركة المرور في الفضاء Space traffic Control: بسبب النوايا الخفية لتطوير قدرات عسكرية في الفضاء الخارجي، تعرقل الدول الكبرى -وعلى رأسها: الولايات المتحدة، وروسيا- التوصل إلى تأسيس اتحاد دولي أو آلية مركزية لتنظيم حركة مرور الأجسام في الفضاء، على غرار الاتحاد الدولي للاتصالات الذي ينظم الإشارات اللا سلكية وتردداتها بالشكل الذي يمنع تعارضها. لذا فإن الوثائق الحالية العلنية المتاحة لا تُعتبر دقيقة للغاية للتحكم الفعال في حركة مرور الأجسام في الفضاء، كما أن المواقع الفعلية للأجسام الفضائية لا تُحدَّد إلا من حين لآخر وفقًا لمصالح الدول المعلنة، وكل هذا يمثل عائقًا أساسيًّا أمام قدرة الدول المنضمّة حديثًا لنادي الفضاء على تحديد المدارات المناسبة لإطلاق أقمارها المستخدمة في أغراض التنمية وغيرها من الأغراض السلمية.

3- الاستخدام المزدوج للأجسام السلمية Dual Use: قد يتمثل الخطر الأكبر حاليًّا في وجود تطبيقات وتكنولوجيات فضائية قد يكون لها استخدام آخر غير الاستخدام السلمي المخصص لها، فيما يعرف بعسكرة الفضاء وليس تسليحه Militarization not weaponization. وقد اتهمت الإدارة الأمريكية شركة هاواوي الصينية في 2018 بقيامها باستخدام بعض الأقمار الصناعية المخصصة لأغراض الاتصالات لشن هجمات اختراق على مراكز بيانات كبيرة في أوروبا والولايات المتحدة، لعرقلة تطوير بعض القدرات السلمية في الفضاء الخارجي. وهو الأمر الذي قد يدفع بعض الدول لتطوير هذه التكنولوجيات مزدوجة الاستخدام لاستخدامها وقت الحاجة ضد بعض الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.

آليات تنظيمية دولية:

رغم وجود خمس اتفاقيات أممية تنظّم جانبًا من جوانب استخدام الفضاء الخارجي، وأشهرها اتفاقية المبادئ الحاكمة لأنشطة الدول في استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي التي دخلت حيز التنفيذ عام 1967؛ إلا أن المجتمع الدولي يفتقر لوجود أي اتفاقية عالمية ملزمة تحظر وضع الأسلحة في الفضاء الخارجي. ففي الوقت الذي تدفع فيه الدول الغربية لتبني مبادئ وأعراف غير ملزمة لتشجيع السلوك المسؤول للدول في الفضاء الخارجي Responsible State Behavior، تقوم دول -مثل روسيا والصين وحركة عدم الانحياز- بالدفع في اتجاه التوصل إلى صك قانوني مُلزِم يحرّم وضع الأسلحة في الفضاء، وذلك خشية من الفجوة التكنولوجية التي قد تحققها الولايات المتحدة -وهي قريبة جدًّا منها- أو أوروبا في هذا المجال. وتتمثل أهم وأحدث هذه الجهود في الآتي في مشروع اتفاق روسي صيني بشأن "منع نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي" ، ففي عام 2008، قدّمت كل من الصين وروسيا مشروع معاهدة إلى مؤتمر نزع السلاح بعنوان "معاهدة منع نشر الأسلحة في الفضاء الخارجي، والتهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد الأجسام الموجودة في الفضاء الخارجي" (PPWT)، ثم قدمتا نسخة جديدة منه في 2014 على أمل حشد الدعم الدولي المطلوب. وتؤكد المعاهدة على أهمية إخلاء الفضاء الخارجي من الأسلحة، وتحدد المصطلحات ذات الصلة مثل "الأسلحة في الفضاء الخارجي"، كما تقترح إنشاء بروتوكول إضافي لإنشاء "تدابير للتحقق من الامتثال للمعاهدة". وعلى الرغم من تقديم مشروع الاتفاقية بشكل سنوى في جنيف؛ إلا أنه يلقى معارضة كبيرة من كل الدول الغربية، الأمر الذي يحول دون تحولها لاتفاقية إطارية ملزمة للجميع.

بالإضافة إلى المبادئ الاسترشادية للأنشطة الفضائية المستدامة طويلة الأمد، حيث قامت لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي COPUOS التابعة لمكتب الأمم المتحدة للفضاء الخارجي UNOOSA في فيينا، بصياغة ما يُعرف بـ"المبادئ الاسترشادية للأنشطة الفضائية المستدامة طويلة الأمد" في 2018 ، والتي تقوم بوضع القواعد العامة للاستخدامات السلمية للفضاء ووصول كافة الدول إلى مصادر النفع المشترك به. وعلى الرغم من تشجيع الدول الغربية للوثيقة، فإنها تبقى وثيقة استرشادية غير ملزمة، فضلًا عن كونها تناقَش في إطار اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تناقش المسائل السياسية الخاصة، وليس في إطار اللجنة الأولى المعنية بمسائل الأمن الدولي ونزع السلاح، وهو ما يعد تفريغًا لسباق التسلح في الفضاء من مضمونه.

كما توصلت الولايات المتحدة إلى معاهدة ستارت الجديدة مع روسيا التي وقّعها كل من الرئيسين "أوباما" و"مدفيديف"، في أبريل 2010، في براغ، والتي تنص على تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، وكذلك الحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية (بما فيها المخصصة لاستهداف أهداف فضائية) بنسبة 50% مقارنةً بالمعاهدات السابقة. وبرغم سريان هذا الاتفاق، فإنه لا يضمن عدم قيام دول أخرى بتطوير قدرات صاروخية باليستية قد تُستخدم في الفضاء في المدى المنظور، كما أن توجه الرئيس الأمريكي "ترامب" للانسحاب من اتفاقيات ضبط التسلح مع روسيا منذ بداية حكمه (وآخرها الانسحاب من اتفاقية الأجواء المفتوحة في مايو 2020) قد يُنذر بعدم تمديد الاتفاق المُشار إليه.

وفي الختام، فإن تطوير قوات فضائية مستقلة داخل هيكل الجيش الأمريكي يأتي في إطار استراتيجية دفاعية أمريكية شاملة تم إصدارها في يونيو 2020، وهي الاستراتيجية التي تَعتبر روسيا والصين مصدر التهديد الرئيسي في الفضاء الخارجي للولايات المتحدة. وفي مقابل ذلك، قامت الخارجية الروسية بإصدار بيان رسمي يجرّم الاستراتيجية، ويتبادل الاتهامات مع الجانب الأمريكي. ولذا فإن زيادة التوتر في الفضاء الخارجي، ودخول جميع الدول في بؤرة الصراع، كفاعلين أو مفعول بهم، بات أمرًا حتميًّا تتحكم فيه النوايا أكثر من تفاوت القدرات التكنولوجية في هذا المجال.