أخبار المركز
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)
  • محمود قاسم يكتب: (الاستدارة السريعة: ملامح المشهد القادم من التحولات السياسية الدرامية في كوريا الجنوبية)
  • السيد صدقي عابدين يكتب: (الصدامات المقبلة: مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في كوريا الجنوبية)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)

المحكمة الدولية ومستقبل لبنان وسورية

12 سبتمبر، 2018


الاستماع لنتائج الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وباغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مؤلمة بالنسبة لمستقبل هذا البلد. لقد أكد المدعي العام أن «الأدلة لدى المحكمة تشير إلى أن المتهمين بدر الدين وعنيسي وصبرا لدى توجيه قرار الاتهام بحقهم تم الاعتراف بهم من قبل القيادة العامة لـ «حزب الله» على أنهم إخوة من المقاومة وأنهم من الشرفاء وأنه تم تكريمهم من «حزب الله» لدى وفاتهم وحضرت مراسم تشييعهم شخصيات بارزة من المنظمة». وتابع المدعي العام أن النظام السوري في صلب مؤامرة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عارضاً الظروف السياسية التي سادت حينها من إجبار الرئيس الحريري على التمديد لرئاسة اميل لحود إلى اجتماعات المعارضة اللبنانية في البريستول واستعداد الحريري لانتخابات مع المعارضة والقرار ١٥٥٩ المطالب بإخراج الجيش السوري من لبنان وتجريد الميليشيات من الأسلحة».

ادعاء المحكمة أكد ما كان يعرفه جزء كبير من المراقبين للحياة السياسية في لبنان. ولكن هذه الجلسات ونتائج ما تؤكده تطرح مشكلة مأسوية للمواطن اللبناني النزيه والمستقل، وهي كيف يكون مستقبله في ظل هيمنة حزب تواطأ لخدمة نظام بشار الأسد لقتل رئيس حكومة لبناني دفع ثمن حياته ورفاقه لتحرير بلده وإنعاشه وجعل العالم يهتم به. فالسؤال الآن ونجل الرئيس الشهيد سعد مكلف تشكيل حكومة البلد كيف سيكون مستقبل لبنان مع حزب مهيمن بسلاحه على كل قرارات الدولة بما فيها اختيار الرئيس وقانون الانتخاب والتحالفات الدولية وفرض العلاقات مع النظام السوري القاتل. من هذا المنطلق لا أمل ليس فقط في لبنان ولكن أيضاً في منطقة جواره المباشر حيث يترك نظام مجرم لم يكتف فقط بقتل رئيس حكومة لبنان ورفاقه وكل الشهداء بعدهم بل أكمل عمله داخل بلده يقتل مئات الألوف من شعبه ويشردهم طالباً مساعدة إيران و«حزب الله» وروسيا لإبقائه على رأس بلد دمره. فمهما كانت حكومة لبنان وإن تم تشكيلها أو لم يتم وإن بقي الحريري أو اعتذر وأتى غيره... فإن المستقبل في هذا البلد مؤلم إذ إن جزءاً كبيراً منه ينكر الواقع الأليم وهيمنة «حزب الله» وعودة وكلاء النظام السوري إلى السياسة في لبنان. وهذا الجزء يدعي أن المحكمة الدولية مخطط دولي يريد النيل منه في حين أنها قضاء دولي يؤكد حقائق لا يمكن نفيها. إن بقاء بشار الأسد تحت حكم وإرادة روسيا وإيران و«حزب الله» كارثة لسورية ولبنان والمنطقة بأسرها. ومن يعتقد أن بشار الأسد أو فلاديمير بوتين سيخرج الإيرانيين من سورية خاطئ. فلو أن إيران أجبرت على الخروج بدوافع اقتصادية ستعتمد على بقاء وكيلها اللبناني وجنوده في سورية. أما هؤلاء اللبنانيين المستعجلين في التطبيع والقيام بزيارات بشار الأسد والادعاء أن سورية مستعدة أن تزود لبنان بكهرباء رخيصة، فليعرفوا أن كل ما جاء من هذا النظام وحلفائه كان الشر والقتل والدمار والتهجير.

معروف أن رفيق الحريري لم يكن الأول من بين الشهداء الذين سقطوا بأمر من نظام عائلة الأسد ولو أنه يكاد يكون من بين أوائل كبار شهداء لبنان الذين سقطوا بأيدي منفذين من «حزب الله». أما بالنسبة للبنان فكل الذين تحالفوا مع «حزب الله» لأنه العنصر القوي والمهيمن في البلد سيكونون مسؤولين عن مصير شعب لبناني كان يمكن أن يأمل بمستقبل أفضل مما هو أمامه اليوم. المحكمة الدولية ليست كما يقول قياديو «حزب الله» «لعباً بالنار» لأن الأسد وحليفيه الإيراني و«حزب الله» وأيضاً إسرائيل المتمسكة ببقاء الأسد هم الذين يشعلون نار المنطقة. فعلى رغم تأكيد سعد الحريري أنه لن يلجأ إلى الثأر، فإن مستقبل لبنان غير مطمئن في مثل هذه الظروف. إن كل ما قيل عن النأي بالنفس عما يحدث من صراعات في المنطقة لا معنى له طالما «حزب الله» اللبناني موجود في ساحة الحرب السورية والعراق وإلى جانب الحوثيين. فكيف ينهض لبنان والحزب المهيمن يريد تشكيل حكومة بسرعة ويريد حقيبة الصحة التي قد تجلب على البلد المزيد من المآسي إذا قررت الولايات المتحدة تكثيف العقوبات عليه؟

ظروف الناس صعبة ومزرية مع النفايات المتراكمة والبيئة الكارثية والنقص الكهربائي والفضائح الشبه اليومية والفساد السائد. وحرام لبنان وشهدائه وشهداء سورية لقد قتلوا وبقيت شلة مجرمة تبحث عن شرعية دولية. ولربما تجدها لسوء حظ شعوب المنطقة في مقايضة تضمن مصالح الدول الكبرى.

*نقلا عن صحيفة الحياة