أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يشارك في "الشارقة الدولي للكتاب" بـ16 إصداراً جديداً
  • صدور دراسة جديدة بعنوان: (تأمين المصالح الاستراتيجية: تحولات وأبعاد السياسة الخارجية الألمانية تجاه جمهوريات آسيا الوسطى)
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية

دبلوماسية "الهاشتاج":

لماذا يتزايد استخدام موقع "تويتر" كمنصة للهجوم السياسي؟

29 مارس، 2017


برز موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" خلال السنوات الماضية كأحد أهم الآليات التي يتم توظيفها من قبل الأفراد والدول للتعبير عن رأى أو موقف من قضية ما؛ حيث تفوق موقع "تويتر" على المواقع المشابهة الأخرى من مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما موقع "فيسبوك" الذي ذاع صيته في منطقة الشرق الأوسط خلال فترة اندلاع الثورات العربية.

وعلى الرغم من اختلاف الإحصائيات حول أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شعبية في العالم وتوظيفًا من قبل مستخدميها؛ فإن موقعي "تويتر" و"فيسبوك" عادةً ما يتنافسان على المركز الأول والثاني، بحسب استخدام كل دولة وتفضيلات مواطنيها. غير أن تزايد توظيف موقع "تويتر" في توجيه انتقادات سياسية والتعبير عن مواقف محددة إزاء بعض القضايا بات يدعو إلى النظر في أسباب اختيار هذا الموقع دون غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي لا يزال يوظَّف فيه موقع "فيسبوك" لأهداف سياسية أيضًا، غير أنها تأخذ أبعادًا أخرى تتعدى الانتقاد السياسي والتعبير عن المواقف، ربما تفرضها طبيعة الموقع الذي يمكِّن مستخدميه من عرض قضية ما بشكل مفصل، والاستعانة بالصور والفيديوهات على نحو أكثر توسعًا.

جدل واسع:

أثار موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" خلال الفترة الماضية جدلا واسعًا حول توظيفه كمنصة للهجوم على الخصوم السياسيين، وهو ما بدا جليًا في استخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للموقع بشكل ملحوظ أثناء حملته الانتخابية وعقب توليه منصبه لمهاجمة منتقديه؛ وهو ما مثل منعطفًا مهمًّا ألقى مزيدًا من الضوء على الدور السياسيّ الذي يقوم به الموقع.

أيضًا برز دور الموقع خلال العديد من الأزمات السياسية بين بعض الدول، وكان آخرها الأزمة التي اندلعت بين تركيا وهولندا على خلفية منع الأخيرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ووزيرة الأسرة فاطمة بتول من حضور تجمعات دعائية على أراضيها قبيل الاستفتاء المزمع إجراؤه في تركيا في 16 أبريل المقبل بشأن تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي. إذ أعلنت هولندا أنها لا ترحب بتنظيم هذه النشاطات على أراضيها، وهو ما ردت عليه تركيا بتصعيد واضح من خلال تصريحات المسئولين الذين وجهوا انتقادات قوية لهذا الموقف.

وقد انتقلت الأزمة من مستواها الرسمي إلى مستوى القاعدة الشعبية من خلال موقع "تويتر" الذي نشط عليه الأتراك لشن الهجوم على هولندا، من خلال العديد من الهاشتاجات، سواء الداعمة لموقف تركيا أو المنتقدة لمواقف الدول الأوروبية التي أيدت سياسة هولندا مثل ألمانيا وسويسرا والسويد، فظهرت -على سبيل المثال- في شهر مارس 2017 الذي شهد الأزمة بين الطرفين، هاشتاجات من قبيل "EvetAvrupaTitriyor#"، وترجمته العربية "#تركيا_ليست_وحدها"، الذي حصد 300 ألف تغريدة خلال 24 ساعة حسب بعض الإحصائيات. بالإضافة إلى هاشتاج "FascistNetherlands#"، فيما دشن نشطاء عرب هاشتاجات دعمًا لتركيا مثل "#عربي_متضامن_مع_تركيا"، فضلا عن هاشتاجي ""#تركيا" و"#هولندا".

غير أن بُعدًا آخر اتخذه بعض النشطاء على موقع "تويتر" تمثل في اختراق عدة حسابات لشخصيات وعلامات تجارية وجهات بارزة على الموقع، بهدف نشر الهاشتاجات الداعمة لتركيا والمنتقدة لمواقف هولندا وألمانيا؛ حيث تم اختراق حساب منظمة العفو الدولية، وفرع منظمة اليونيسيف في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة War Child الهولندية، وكذلك حساب مجلة "فوربس"، وجامعة ديوك الأمريكية، وغيرها من الحسابات المهمة التي نُشر على صفحاتها هاشتاج "#نراكم في 16 أبريل"، في إشارة إلى موعد الاستفتاء التركي.

وكما هو الحال في تركيا، تعد الجزائر من بين أكثر دول المنطقة استخدامًا وتوظيفًا لموقع "تويتر" سياسيًّا، لا سيما في القضايا الداخلية أو الأزمات الخارجية؛ حيث نشط العديد من الجزائريين لدعم موقف بلادهم من قضية الصحراء، من خلال هاشتاج "#صحراء"، و"#صحراء_الجزائر"، والذي رد عليه نشطاء مغاربة بحساب "صحراء المغرب".

إلا أن الحملة الخارجية الجزائرية الأنشط ركزت على إيران، عقب إعلان السفير الإيراني بالجزائر رضا عامري، مطلع فبرير 2017، عن زيارة مرتقبة للرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الجزائر، حيث انتشرت هاشتاجات منددة بهذه الزيارة، مثل هاشتاج "#لا_لروحاني_في_الجزائر"، و"#جزايريون_ضد_ايران"، تعبيرًا عن تخوفهم من التحركات الإيرانية في الجزائر، ومحاولاتها نشر التشيع، والتخفي وراء جهود تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

أسباب متعددة:

أشارت اتجاهات عديدة إلى أن هناك عوامل مختلفة ساهمت في تزايد التوظيف السياسي لموقع "تويتر" من خلال استخدامه كمنصة للهجوم والانتقاد السياسي من قبل المسئولين والشخصيات العامة والمواطنين، ويتمثل أبرزها في:

1-الطابع السريع والمختصر: يتسم الموقع باختصار المضمون المقدم فيه، وهو ما يمثل أحد أهم العوامل الجاذبة لاستخدامه، إذ يتناسب ذلك -إلى حدٍّ كبير- مع الشخصيات العامة، ويتلاءم مع التطورات السريعة للأزمات السياسية التي تستدعي -في كثير من الأحيان- تتابع التغريدات. وفي هذا السياق تأتي أهمية موقع "تويتر" في نقل الأخبار، لا سيما وقت الأزمات، في حين يحتفظ موقع "فيسبوك" بميزة العرض المطول للقضايا، وهو أمر تبرز أهميته في محاولات الإقناع والحشد الجماهيري، من خلال مشاركات طويلة لقصص أو قضايا من شأنها التأثير على الرأي العام.

 كما يتيح "تويتر" فرصة تتابع التغريدات، وسهولة متابعتها حول قضية معينة، حيث لا يتعرض المتابع للتشويش المحتمل في موقع "فيسبوك" الذي تكثر فيه مشاركات الصور الكوميدية والإعلانات لمواقع إلكترونية، وغيرها من المشاركات الترويجية.

2- الانتشار الواسع لمحتوى "تويتر" مقارنةً بالمواقع الأخرى: يتيح موقع "تويتر" ميزة البحث عن الهاشتاجات، وظهورها للمستخدم بسهولة، في حين يقتصر ظهور محتويات "فيسبوك" -على سبيل المثال- على قائمة الأصدقاء فقط، فيما يخدم انتشار محتوى "تويتر" بين أكبر عدد من المستخدمين القضية التي تناقش عبره، ويساعد في تبلورها بشكل سريع، وهو الأمر الذي يفسره ظهور تريندات لهاشتاجات خلال ساعات قليلة من إطلاقها وقت الأزمات حول العالم، وعدم اقتصارها على البلد المطلق لها. فعلى سبيل المثال، خلال الأزمة الحالية بين هولندا وتركيا، احتل هاشتاج "#هولندا" مرتبة متقدمة على قائمة تريند "تويتر" عالميًّا خلال ساعات من بداية الأزمة، ورفض السلطات الهولندية هبوط طائرة وزير الخارجية التركي على أراضيها.

3- سهولة التصفح على الهواتف النقالة: وهي ميزة يمكن معها تفسير انتشار استخدام "تويتر" في دول بعينها، مقارنة مع وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، حيث يلاحظ أن المجتمعات الأكثر استخدامًا للهواتف النقالة المتقدمة هي في الغالب التي تعتمد على "تويتر" كوسيلة أولى للتواصل الاجتماعي، كما هو الحال في بعض دول مجلس التعاون الخليجي واليابان والولايات المتحدة الأمريكية.

واللافت في هذا السياق، هو أن توظيف موقع "تويتر" لغرض الانتقاد والهجوم على الأفراد والدول، أدى إلى تعرض إدارة الموقع للعديد من الانتقادات، لا سيما خلال الأزمة المحتدمة بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية، حيث طالبت المفوضية الأوروبية، في 18 مارس الحالي، إدارات مواقع التواصل الاجتماعي بتعديل شروط الخدمة للمستخدمين الأوروبيين خلال شهر، وإلا ستتعرض لغرامات، منتقدة التباطؤ في حذف المحتويات غير القانونية التحريضية والتهديدية، فيما اقترح وزير العدل الألماني هايكو ماس، في 14 من الشهر نفسه، فرض غرامة تصل إلى 50 مليون يورو إذا لم تلتزم إدارات مواقع التواصل الاجتماعي بعوامل الخصوصية والأمان ولم تقم بحذف المحتوى غير القانوني بسرعة، وهى إجراءات سوف يكون لها دور في التأثير على توظيف "تويتر" في نشر الهاشتاجات المسيئة والمنتقدة للأفراد والدول خلال الفترة المقبلة.