أخبار المركز
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)

استجابات متنوعة:

خيارات اقتصادية للحد من تداعيات أزمة كورونا

30 مارس، 2020


عرض: بثينة فرج محمد - باحثة اقتصادية

اهتمت صحيفة "فاينانشال تايمز" خلال الأسبوعين المنصرمين ببحث التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد (COVID-19) في جميع أنحاء العالم، من خلال تحليلات متنوعة لمجموعة من الخبراء الاقتصاديين، الذين طرحوا بعض المقترحات التي قد تسهم في الحد من تلك الخسائر، والتخفيف من التباطؤ الاقتصادي العالمي المتوقع الناتج عن انتشار الفيروس. 

دور الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي

أشار "بن برنانكي" و"جانيت يلين" (رئيسان سابقان للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي) في مقال بعنوان "على الاحتياطي الفيدرالي أن يحد من الأضرار طويلة المدى الناجمة عن فيروس كورونا"، إلى أن على صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم العمل على احتواء تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث يقوم خبراء الصحة العامة بدور قيادي في التصدي للفيروس، ويقدم واضعو السياسات المالية حزمًا مالية للمساعدة في التغلب على الأزمة الصحية وتقديم الدعم المالي للأشخاص المتضررين اقتصاديًّا من تداعيات انتشار الفيروس. وقد لعبت البنوك المركزية، مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، دورًا هامًّا أيضًا. 

فقد أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن حزمة من الإجراءات لدعم الاقتصاد الأمريكي، كتخفيض سعر الفائدة على المدى القصير إلى ما يقرب من الصفر. كما أعلن عن استعداده لشراء ما لا يقل عن 700 مليار دولار من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وتشبه هذه الإجراءات تلك التي اتخذها صناع السياسة النقدية خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008. 

يرى الكاتبان أن أزمة فيروس كورونا تختلف عن الأزمة المالية العالمية، حيث أدى انهيار النظام المالي في عام ٢٠٠٨ إلى تجميد الائتمان والإنفاق. أما الأزمة الحالية فإنها ليست ناشئة عن الأسواق المالية، لكنها تعكس فقط المخاوف الكامنة حول الضرر المحتمل الناجم عن انتشار الفيروس، والذي لا يمكن للسياسة النقدية التأثير عليه.

فعلى المدى القريب، تتطلب الصحة العامة من الأشخاص البقاء في منازلهم بعيدًا عن التسوق والعمل، خاصةً إذا كانوا مرضى أو معرضين للخطر، الأمر الذي يترتب عليه خفض الإنتاج والإنفاق لبعض الوقت. كما يجب أن تعمل الأسواق المالية المهمة بشكل صحيح، بما في ذلك تلك الخاصة بأذون الخزانة الأمريكية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، حيث على المقرضين أن يشعروا بالثقة بشأن تقديم الائتمان إلى الأسر والشركات في مثل هذه الأوقات غير العادية. 

ويعتبر السيناريو المثالي هو أنه عندما يتم احتواء الفيروس، سيعود الأشخاص إلى العمل، والمدارس، والمتاجر، ويعود الاقتصاد إلى طبيعته. وفي هذا السيناريو، قد يكون الركود عميقًا، ولكن على الأقل سيكون قصيرًا. لكن هذا ليس السيناريو الوحيد، ففي حال تعطلت العلاقات الاقتصادية بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي لعدة أشهر، فقد يستغرق الاقتصاد وقتًا طويلًا حتى يتعافى. بخلاف ذلك، قد تضطر مؤسسات الأعمال إلى الإغلاق بسبب انخفاض الإيرادات لعدة أشهر. وبمجرد إعلان الإفلاس، قد لا يكون من السهل إعادة إنشاء الائتمان والعودة إلى العمليات العادية. فإذا قامت شركة تعاني من ضائقة مالية بتسريح أو خفض توظيف العمالة، فسوف تفقد الموظفين ذوي الخبرة اللازمة لاستئناف العمل العادي. أو قد تضطر الأسر التي ليس لديها دخل ولو بشكل مؤقت إلى بيع منازلها. 

ولتجنب الضرر الدائم نتيجة الانكماش الناجم عن الفيروس، يُشير المقال إلى أنه من المهم التأكيد على أن يكون الائتمان متاحًا للمقترضين الذين يواجهون انخفاضًا في الدخل أو الإيرادات بشكل مؤقت.

مهمة البنوك المركزية

يرى "بلاك روك" (الرئيس السابق لمجلس إدارة البنك الوطني السويسري) في مقال بعنوان "على البنوك المركزية التحرك لمساعدة الحكومات في التصدي لفيروس كورونا"، أن التحدي المتمثل في الاستجابة للتأثير المدمر لفيروس كورونا هو لحظة حاسمة لهذا الجيل من صناع السياسات الاقتصادية.

فمع إطلاق الحكومات حزمًا مالية ضخمة لمكافحة الآثار الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا، فإن أحد المخاطر التي تواجهها هو أن العائد على الديون الحكومية سيبدأ في الارتفاع. وفي حال حدوث ذلك، فسوف يقوض استجابة السياسات العامة بأكملها للفيروس عن طريق جعل الدين الحكومي أكثر تكلفة، وهذا يتطلب من البنوك المركزية ضمان عدم حدوث ذلك.

وقد أشار المقال إلى أن أسواق الأسهم العالمية قد انخفضت بأكثر من 25% خلال شهر واحد، ما يعكس الاضطراب المستمر وحالة من عدم اليقين الاقتصادي في جميع أنحاء العالم. لذا على الحكومات أن تنفذ سياسات الاحتواء والبعد الاجتماعي، والتدخل لتجنب تسريح العمالة، وتخفيف أعباء التدفق النقدي في القطاع الخاص. ويتم ذلك من خلال صرف الأموال العامة للأسر والشركات، بنهج "الدعم المباشر" الذي يضمن أنه عندما يتم احتواء الفيروس، سيظل هناك اقتصاد متبقٍّ لبدء الأنشطة الإنتاجية.

وعلى الرغم من أن السياسة النقدية يمكن أن تُساعد في تخفيف مشكلات السيولة في السوق؛ إلا أنها لا يمكن أن تكون فعالة في الوقت الحالي كما كانت عام 2008. فعلى سبيل المثال، نظرًا لأن أسعار الفائدة غالبًا ما وصلت إلى أدنى مستوياتها، لذا لا يمكن للسياسة النقدية معالجة السبب الجذري للأزمة الحالية. ومع ذلك، لا يمكن للسياسة المالية وحدها تحمل المهمة، حيث إنه إذا ترك الإنفاق الحكومي الهائل وحده فسوف يؤدي في النهاية إلى ارتفاع الديون السيادية، وهذا من شأنه أن يؤشر لحدوث أزمة كبيرة في الدين العام مستقبلًا. لذا يجب على الحكومات اتّباع نهج منسق تقوم فيه بصرف الأموال اللازمة لتوفير الحماية المالية للأسر المعيشية والشركات. وفي الوقت نفسه، تتم دعوة البنوك المركزية لضمان عدم ارتفاع أسعار الفائدة بشكل غير منضبط وسط أكبر برنامج للإغاثة من الكوارث الطبيعية.

وفي سياق متصل، أشارت "شيلا بير" (رئيس سابق لشركة تأمين الودائع الفيدرالية الأمريكية) في مقال بعنوان "إلزام البنوك العالمية على تعليق المنح والمدفوعات" إلى أنه نتيجة للتأثير السلبي لتفشي فيروس كورونا على التجارة الدولية، يجب على البنوك المركزية أن تعمل بشكل حاسم لمنع حدوث أزمة مالية عالمية. وحتى الآن، قاموا بخفض أسعار الفائدة، وتوسيع شراء الأصول، وضخ تريليونات الدولارات في أسواق الديون قصيرة الأجل. ولكن يُعتبر إغراق النظام المالي بالسيولة، رغم أهميته، غير كافٍ. كما أنهم بحاجة إلى دعم القاعدة الرأسمالية للنظام المصرفي. فالبنوك الكبرى في جميع أنحاء العالم معرضة بشكل كبير لهذا الوباء، خاصة أنه يُعرّض الشركات المقترضة للأذى. ومن القطاعات التي تضررت بشدة، هي: الطاقة، والنقل، والتجزئة، والضيافة.

لذا، يجب أن تكون البنوك الكبرى في وضع يُمكّنها من استيعاب الخسائر، مع توسيع ميزانياتها العمومية في الوقت نفسه لدعم الاقتصاد الحقيقي، فهم بحاجة إلى أن يتمكنوا من الاستمرار في الإقراض مع تفاقم الأزمة. كما يجب على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى اتخاذ إجراءات منسقة تتطلب من البنوك المهمة بناء المخزون الاحتياطي من رأس المال الخاص بها من خلال الاحتفاظ بأرباحها. وهذا يعني أن هذه البنوك ستعلق جميع توزيعات رأس المال، بما في ذلك المكافآت التقديرية لكبار المديرين التنفيذيين، حتى يبدأ الاقتصاد العالمي في التعافي.

مهمة مشتركة

يُشير "راغورام راجان" (أستاذ المالية بجامعة شيكاغو)، في مقال بعنوان "لا يمكن للدول الغنية أن تنتصر وحدها على فيروس كورونا"، إلى أن صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم يدركون أنه لا توجد دولة محصنة ضد الفيروس. وتتمثل الاستجابة في الدول الصناعية في احتواء انتشار الفيروس، والحد من الاضطراب الهائل للأسر والشركات، ووضع الاقتصاد على أفضل وجهٍ للتعافي. فمع قيام الأشخاص بعزل أنفسهم، وتباطؤ النشاط التجاري، تتقدم الحكومات بملء الفجوات، وهذا هو ما ينبغي أن يكون.

لكن مع وجود عجز كبير، ونفوذ مرتفع، وانخفاض حيّز السياسة النقدية المتبقية بعد استجابتها للأزمة المالية العالمية، لم تكن الدول الصناعية في وضع جيد. ومع ذلك، فإن أجهزتها الإدارية القوية، والمؤسسات الطبية القادرة والثروة الهائلة ستسمح لهم بفعل ما يلزم. 

أما بالنسبة للدولة التي ليست لديها قدرة أو وقتٌ كافٍ للاستجابة، مثل إيران وإيطاليا وإسبانيا، فإنها لم تتفاعل بسرعة أو بقوة كافية، هذا بالإضافة إلى انهيار النظام الصحي. فبالنظر إلى داخل كل دولة يلاحظ وجود عدد قليل من الموارد المتاحة.

ونظرًا إلى أن انتشار الفيروس يُعتبر حربًا عالمية، فهناك حاجة إلى تنظيم إنتاج الأسلحة الأساسية، مثل: أدوات الاختبار، ومواد التنظيف الكيميائية، والأقنعة، والملابس الواقية، وأجهزة التهوية في جميع أنحاء العالم. لذا يُمكن لمنظمة الصحة العالمية، على سبيل المثال، العمل مع النظم الصحية الوطنية، وخاصة في الدول النامية، لتقدير المعدات الطبية اللازمة للتصدي للفيروس بنجاح. حيث يمكن للبنك الدولي ومصرف التنمية الإفريقي أن ينظما صندوقًا عالميًّا، من خلال القروض والمنح المقدمة من الجهات المانحة والمؤسسات في الدول الغنية، وبالتالي مساعدة الدول النامية في الاشتراك بالمناقصات العالمية، خاصة بالنسبة للمعدات التي لا يمكن تصنيعها محليًّا.

كما يمكن للدول مشاركة أفضل الممارسات من خلال توجيه عددٍ قليلٍ من الموظفين الطبيين ذوي الخبرة إلى الدول الأكثر احتياجًا باستخدام تكنولوجيا الاتصالات من خلال استخدام "التطبيب عن بعد"، وفي ضوء ذلك يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى أن تساعد في إنشاء البنية التحتية اللازمة لذلك.

جهود المركزي الأوروبي

ترى "كريستين لاجارد" (رئيس المصرف المركزي الأوروبي) في مقال بعنوان "سيقوم المصرف المركزي الأوروبي بكل ما هو ضروري لمواجهة فيروس كورونا" أن جائحة فيروس كورونا هي حالة طارئة صحية عامة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث. فهي مأساة إنسانية في جميع أنحاء العالم، كما أنها صدمة اقتصادية شديدة تتطلب رد فعل سياسيًّا طموحًا ومنسقًا وعاجلًا على جميع الجبهات لدعم الأشخاص والشركات المعرّضة للخطر.

وخلافًا لما حدث في الفترة (2008-2009)، فإن الصدمة الحالية عالمية، فهي شائعة عبر الدول وعبر جميع شرائح المجتمع، ويجب على الجميع تقليص أنشطتهم اليومية، وإنفاقهم، طالما استمرت تدابير الاحتواء. ونتيجة لذلك، سوف ينخفض النشاط الاقتصادي بشكل كبير في منطقة اليورو، ولا يمكن للسياسات العامة منع هذا، حيث يخلق الوضع الحالي ضغوطًا شديدة على التدفقات النقدية للشركات والموظفين، مما يعرض بقاء الشركات والوظائف للخطر. لذا يجب أن تحافظ السياسة النقدية على سيولة القطاع المالي، وأن تضمن ظروف تمويل داعمة لجميع القطاعات في الاقتصاد، وينطبق هذا بالتساوي على الأفراد والأسر والشركات والبنوك والحكومات.

وقد أفادت بأن المصرف المركزي الأوروبي قد أطلق "برنامج الشراء الطارئ الوبائي" بقيمة 750 مليار يورو حتى نهاية العام، لشراء قروض عامة وخاصة، في خطوة يسعى من خلالها للحدّ من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا، بعد إعلان حزمة تدابير تحفيزية بقيمة 120 مليار يورو في 12 مارس 2020، وسوف يستمر هذا البرنامج إلى أن يتم احتواء فيروس كورونا، وأن المصرف المركزي الأوروبي على استعداد تام لزيادة حجم برامج شراء الأصول لديه وتعديل تكوينها، حسب الضرورة وطالما دعت الحاجة. 

أزمة اقتصادية طارئة

يرى "مارتين وولف" (محلل اقتصادي بصحيفة "فاينانشيال تايمز") في مقال بعنوان "فيروس كورونا أزمة اقتصادية طارئة" أنه يجب على الحكومات أن تعمل الآن لتفادي الكساد، وأن هذا الوباء الذي لم يكن متوقعًا لا يهدد فقط صحة الإنسان، بل قد يكون أيضًا تهديدًا اقتصاديًّا أكبر من الأزمة المالية في (2008-2009). وتعتبر أحد الآمال لمحاربة الفيروس هو إغلاق الدول (إسبانيا) أو أجزاء من الدول (الصين). ومع ذلك، حتى لو ثبت أن هذا صحيح في بعض الأماكن، فمن الواضح أنه لن يكون صحيحًا في كل مكان. كما أنه من المحتمل تعرض ما يصل إلى 80% من سكان العالم للإصابة، وبمعدل وفيات محتمل بنسبة 1%، وهو ما يعني 60 مليون حالة وفاة إضافية محتملة، وهو ما يعادل عدد الوفيات في الحرب العالمية الثانية. ويتوقع أن تستغرق هذه الكارثة بعض الوقت أيضًا.

ويُشير الكاتب إلى أن الوباء قد أدى بالفعل إلى تقليص العرض والطلب، حيث تؤدي عمليات الإغلاق إلى إيقاف الإمدادات الأساسية ومجموعة كبيرة من عمليات الشراء، وخاصة الترفيه والسفر، لذا فإنه من المتوقع أن تكون النتيجةُ هبوطًا حادًّا في النشاط الاقتصادي في النصف الأول من هذا العام. لذا يجب على البنوك المركزية ضمان السيولة من خلال الحفاظ على تكلفة اقتراض منخفضة وتوفير الائتمان، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن البنوك المركزية لا تستطيع توفير الملاءة المالية. فلا يمكنهم دعم دخول الأسر أو تأمين الأعمال ضد هذا الانهيار في الطلب، وهو ما يتطلب قيام الحكومات بدعم الطلب، والذي يُمكّن كل شركة من الاستمرار في دفع أجور عمالها والحفاظ على رأس مالها، كما لو كانت تعمل.

وتُعد هذه الخطة أفضل بكثير من القروض وضمانات القروض، حيث ستأخذ الشركات القروض فقط لضمان بقائها على قيد الحياة خلال فترة الأزمة، وليس بالضرورة لدفع رواتب عمالها. علاوة على ذلك، هناك إلزام بسداد القروض، وهو ما يخلق عبئًا على الشركات عندما يتم احتواء الوباء. 

الاستعداد لفترة طويلة

أشارت "لورانس بون" (كبير الاقتصاديين بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) في مقال بعنوان "قد نضطر إلى الاستعداد لأزمة فيروس كورونا لفترة طويلة"، إلى أن تفشي المرض الذي استمر أكثر من بضعة أشهر يثير أسئلة حول كيفية تعديل الاستجابات قصيرة المدى والموجهة التي تم اتخاذها لمواجهة صدمة مؤقتة، أو تعزيزها في سياق النمو الضعيف الذي يُتوقع أن يستمر لفترة طويلة، وتقييمات الشركات المتعثرة، وانخفاض العمالة، وارتفاع الديون، والتضخم المنخفض. 

فعلى الصعيد الصحي، من الضروري تخصيص المزيد من الموارد المالية واللوجستية والتصنيع لإنتاج المواد الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس والوقاية منه. ففي حال استمر الفيروس في الانتشار عبر الحدود، فسيكون التنسيق الدولي المتزايد وتبادل المعلومات أمرًا بالغ الأهمية. ويُعد إنشاء وتوسيع الصناديق الصحية على المستوى الإقليمي خطوات في الاتجاه الصحيح، ويستلزم ذلك تجميع القوى على مستوى العالم. ولكن قد تحتاج الاقتصادات المتقدمة في المقام الأول، بدءًا من الاتحاد الأوروبي، إلى الاتفاق على إطار مشترك لسياسة الحجر الصحي والاحتواء والاختبار، ثم تنفيذها معًا لتجنب إطالة الأزمة وعودة موجات العدوى.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تتمثل القضية الأساسية في أن الخسارة المؤقتة في الإنتاج قد تتحول إلى خسارة أطول. لذا ينبغي على الحكومات الاستمرار في دعم القطاع الخاص، بما في ذلك الحصول على حصص في الأسهم، ودعم التوظيف، بالإضافة إلى استمرار السياسة النقدية في المساعدة على معالجة الديون المتزايدة، بالإضافة إلى قيام البنوك المركزية بتقديم الدعم المالي من خلال زيادة عرض النقود، والتي يمكن أن تحل محل البرامج الممولة بالديون.

مساعدة المتضررين

يرى "أدير تورنر" (الرئيس السابق لهيئة الخدمات المالية البريطانية) في مقال بعنوان "الحاجة إلى إعفاءات ضريبية ومنح مباشرة للقطاعات المتضررة من الوباء" أنه يجب أن تكون الأولوية الأولى وقت انتشار الفيروس هي إنقاذ الأرواح، ولكن يجب أيضًا تقليل الآثار الاقتصادية، والحفاظ على العمالة والدخل على أفضل وجه ممكن. فيمكن تعويض مشاكل السيولة في النظام المالي أو الاقتصاد الحقيقي عن طريق الإجراءات القوية للبنك المركزي. وقد تم بالفعل الإعلان عن العديد من حزم السياسات المناسبة. ومن بينها: تخفيض أسعار الفائدة إلى الصفر، وإقراض أموال البنك المركزي للبنوك التجارية للسماح لها بإقراضها للشركات، والإفراج عن احتياطيات رأس المال المضادة للدورات الاقتصادية حتى تتمكن من إقراض المزيد. وتضمن هذه الإجراءات عدم دفع الشركات إلى الإفلاس بسبب نقص الائتمان. 

ولا يمكن للسياسة النقدية أن تفعل شيئًا لتعويض هذه المخاطر، فمع انخفاض أسعار الفائدة، فإن المزيد من التخفيضات الصغيرة لن تُعزز الاستثمار التجاري ولا إنفاق المستهلكين. ويمكن للتوسع المالي فقط أن يُحدث فرقًا كبيرًا، فالتحفيز المالي يجب أن يتضمن أي زيادات مطلوبة في الإنفاق على الخدمات الصحية. ففي حين كان الطلب في عام 2008 مهددًا بانهيار ثقة المستهلك والأعمال، إلا أنه في الأزمة الحالية ومع وجود الحجر الصحي وحالات الإغلاق تعني أنه حتى الأشخاص الذين لديهم الكثير من السيولة الفائضة لا يمكنهم الخروج والإنفاق.

لذا، هناك ضرورة لأن تلعب الإعفاءات من ضرائب الأعمال، أو المنح للمساعدة في دفع الإيجار، دورًا حاسمًا إلى جانب التمويل الرخيص.

المصادر: 

- Ben Bernanke & Janet Yellen, “The Federal Reserve Must Reduce Long-Term Damage from Coronavirus”, Financial Times, March 18, 2020.

- Black Rock, “Central Banks Must Evolve to Help Governments Fight Coronavirus”, Financial Times, March 24, 2020.

- Sheila Bair, “Force Global Banks to Suspend Bonuses and Payouts”, Financial Times, March 22, 2020.

- Raghuram Rajan, “Rich countries cannot win the war against coronavirus alone”, Financial Times, March 20, 2020.

- Christine Lagarde, “The ECB Will Do Everything Necessary to Counter the Virus”, Financial Times, March 19, 2020.

- Martin Wolf, “The Virus Is an Economic Emergency Too”, Financial Times, March 17, 2020.

- Laurence Boone, “We May Have to Prepare for A Longer Coronavirus Crisis”, Financial Times, March 23, 2020.

- Adair Turner, “We Need Tax Breaks and Direct Grants to Sectors Hit by Pandemic”, Financial Times, March 19, 2020.