مع اقتراب انعقاد القمة الـ52 لزعماء الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" والمقرر عقدها في توجو في شهر ديسمبر القادم، تحاول المغرب الانضمام لهذه المجموعة الاقتصادية الإفريقية. فقد سبق للمغرب أن حصلت على الموافقة المبدئية للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" في يونيو الماضي خلال انعقاد القمة الـ51 لرؤساء دول وحكومات مجموعة "إيكواس" بالعاصمة الليبيرية "مونروفيا" وذلك بعد الطلب الذي تقدمت به في وقت سابق، في انتظار الموافقة النهائية لرؤساء دول وحكومات المجموعة المكونة من 15 دولة إفريقية.
دوافع الانضمام:
ترغب الحكومة المغربية في الانضمام لمجموعة الإيكواس لتحقيق عدد من الأهداف ذات الطبيعة الاقتصادية في المقام الأول، وذلك على النحو التالي:
1- ترسيخ الشراكة الاقتصادية: حيث جاء طلب المغرب للانضمام لهذه المجموعة الاقتصادية في إطار اتجاه رسمي جديد من المملكة بالتوجه أكثر نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة بعد عودتها للاتحاد الإفريقي بعد غياب دام تقريبا 33 عامًا، وتركز المغرب على الشراكة مع دول جنوب الصحراء التي تشكل بالنسبة للمملكة حافزًا اقتصاديًّا مهمًّا. وفي هذا السياق، وقَّع العاهل المغربي "محمد السادس" عشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع زعماء الدول التي زارها ضمن جولاته الإفريقية الأخيرة.
2- تعزيز التبادل التجاري: رغبة المغرب في تطوير وزيادة حجم التبادل التجاري بين الرباط وباقي دول القارة الإفريقية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين خلال الفترة من 2014 إلى 2016 حوالي 11 مليار دولار، مسجلًا نموًّا لافتًا مقارنة مع بداية العقد الحالي. وإجمالًا سجلت المغرب حضورًا اقتصاديًّا في العمق الإفريقي داخل 21 دولة إفريقية.
3- زيادة التدفق الاستثماري: تسعى السياسة التوسعية المغربية تجاه دول إفريقيا، لا سيما دول غرب إفريقيا، إلى توفير فرص عمل للشركات المغربية في مختلف المجالات عبر ضخ استثماراتها في هذه الدول. وفي هذا الإطار تنوعت الاستثمارات المغربية لتشمل: الاتصالات، والمصارف، والتأمين، والعقار، والبناء، والنقل الجوي، والمعادن، والكهرباء، والصحة، والصيدلة، والتجارة، والصناعة، والأسمنت. وتستورد المغرب من إفريقيا نحو نصف احتياجاتها من الغاز وباقي المشتقات النفطية، وتصدر إليها سلع صناعية أو نصف مصنعة، مكونة أساسًا من "مصبرات السمك" والأسمدة الطبيعية والكيميائية.
4- فتح أسواق جديدة: لتنويع مصادر الاقتصاد المغربي الذي يعاني خلال الفترة الأخيرة من عدد من المشكلات الاقتصادية، ومن مؤشرات ذلك:
أ- تعثر عملية تحقيق النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة حوالي 4.2% خلال عام 2017، حيث كان 1.2% خلال عام 2016، وذلك بعد تحقيق القطاع الزراعي طفرة كبيرة في الإنتاج في عام 2017.
ب- زيادة العجز التجاري، حيث زاد بنسبة 18% وحقق حوالي 166.03 مليار درهم (16.43 مليار دولار) خلال الفترة من يناير – نوفمبر 2016 مقارنة مع الفترة نفسها خلال عام 2015، وذلك بسبب ارتفاع الواردات، مع توقعات بأن ينخفض العجز التجاري إلى 3.5% خلال العام الجاري.
عقبات الانضمام:
تواجه الحكومة المغربية في سبيل انضامها للإيكواس مجموعة من المعوقات، على النحو التالي:
1- عوائق قانونية: وهي متعلقة بالبروتوكول الخاص المؤسس للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وتحديدًا فيما يتعلق بما يفرضه البروتوكول المؤسس للإيكواس الذي يشترط العلمانية.
2- التنافس على النفوذ: حيث يواجه الطلب المغربي رفض دول نيجيريا وتوجو وسيراليون، لأن المسئولين في هذه الدول يرون أن انضمام المغرب للإيكواس سوف يُنقص من زعامة دولهم لمنطقة غرب إفريقيا.
ويعزز ذلك الاتجاه، ما قام به الكاتب العام لدول "كومنولث" "إيميكا أنياوكو" من إصدار بيان داعيًا فيه الرئيس النيجيري "محمد بخاري" إلى عدم السماح للمغرب بالانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وتوجه المسئول النيجيري في رابطة الشعوب البريطانية إلى الرئيس النيجيري بأن السماح للمغرب لتصبح عضوًا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سيزيد من تراجع نفوذ نيجيريا في المنطقة، وأن "إيكواس" مجموعة إقليمية رأت النور خدمة لمصالح دول غرب إفريقيا، في حين أن المغرب ليس مؤهلًا للانضمام إليها لأنه واقع في شمال إفريقيا.
3- خطر الإرهاب العابر للحدود: يواصل "اللوبي النيجيري" في العاصمة "أبوجا" ضغطه في اتجاه رفض طلب المغرب للانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، حيث يضغطون على الرئيس النيجيري "محمد بخاري" لرفض طلب انضمام المغرب للمجموعة، متعللين في ذلك بتنامي نفوذ التنظيمات الإرهابية وخاصة داعش في المغرب.
ويرون على حد قولهم أن هذا قد يشكل تهديدًا أمنيًّا علمًا أن نيجيريا هي أكبر قوة عسكرية في غرب إفريقيا، ولديها أكبر اقتصاد في المنطقة، وقد ناقش الاجتماع الأخير لأعضاء الإيكواس كيف أثرت الجماعة الإرهابية "بوكو حرام" في اقتصادات نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر.
4- رفض الدبلوماسية النيجيرية: إذ سبق لوزير الشئون الخارجية النيجيري "جيفري أونياما" أن ردّ على "لوبي المصالح" بأن مبدأ نيجيريا هو مبدأ غير عدائي، وأوضح المسئول الحكومي النيجيري أن "إيكواس" تدرس كل التأثيرات المحتملة لقبول طلب المغرب للانضمام إلى هذا التكتل الاقتصادي. كما ترفض رئيسة الإيكواس "هيلين سيرليف" إعادة تعريف مجموعتها، حيث أعلنت أن تحويل المجموعة من منظمة جهوية للدول إلى منظمة لشعوب الإيكواس، وقصدت بذلك وقف دعوة البعض توسيع المجموعة نحو الحدود على البحر المتوسط في إشارة إلى كلٍّ من السنغال ونيجيريا اللتين أطلقتا دعوة بأهمية إدماج الاقتصاد المغربي في تكتل الإيكواس.
5- تصاعد دور العامل الخارجي: في التأثير على انضمام المغرب لمنظمة الإيكواس، حيث اتسم الموقف الفرنسي بالضعف بشكل لا يفيد الرباط في محاولاتها الانضمام لهذه المنظمة، كما أن منطقة غرب إفريقيا تعد منطقة نفوذ أوروبية وأمريكية.
نافذة فرصة:
خلاصة القول، تسعى المغرب عبر محاولات حثيثة الانضمام للإيكواس في ظل تردد قادة الإيكواس في قبول عضويتها، وفي هذا الخصوص تسعى الرباط للتنسيق مع تشاد، حيث قامت الرباط بتسهيل انضمام تشاد لمفوضية الاتحاد الإفريقي مقابل دعم تشاد دخول المغرب للإيكواس، كما يمثل انسحاب موريتانيا (التي ترغب في العودة مرة أخرى) من هذا الكيان الاقتصادي فرصة أمام المغرب لتأسيس شراكة اقتصادية مع دول غرب إفريقيا.
وإذا نجحت جهود المغرب في الانضمام لمجموعة الإيكواس الاقتصادية فسيصبح الاقتصاد المغربي ثاني أكبر اقتصاد بعد الاقتصاد النيجيري، حيث تسعى المغرب لعمل شراكة اقتصادية مع نيجيريا باعتبارها العضو الأكثر قوة في هذا الكيان.
كما يعزز انضمام المغرب لمنظمة الإيكواس محور "الرباط – دكار – أبوجا"، وخاصة بعد انسحاب موريتانيا، لتفويت الفرصة على السنغال الاستفادة من عضويتها في هذه المنظمة التي كانت ستصبح منظمة ذات أهداف سياسية وعسكرية إلى جانب أهدافها الاقتصادية المتعلقة بتنمية اقتصادات دول منطقة غرب إفريقيا.
وفي الوقت نفسه، تحاول المغرب تعزيز وجودها إفريقيًّا بعد استعادة عضويتها في الاتحاد الإفريقي، وهو ما يمكِّنها من مواجهة الخلافات مع جبهة البوليساريو بشأن قضية الصحراء المغربية.