أخبار المركز
  • د. أيمن سمير يكتب: (بين التوحد والتفكك: المسارات المُحتملة للانتقال السوري في مرحلة ما بعد الأسد)
  • د. رشا مصطفى عوض تكتب: (صعود قياسي: التأثيرات الاقتصادية لأجندة ترامب للعملات المشفرة في آسيا)
  • إيمان الشعراوي تكتب: (الفجوة الرقمية: حدود استفادة إفريقيا من قمة فرنسا للذكاء الاصطناعي 2025)
  • حسين معلوم يكتب: (تفاؤل حذر: هل تشكل الانتخابات المحلية فرصة لحلحلة المسار الليبي؟)
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)

التحوط ضد الصدمات:

هل تمهد الصين لحرب تجارية بتخزين السلع والمعادن الاستراتيجية؟

05 يونيو، 2024


أثار الطلب الصيني المتراكم على السلع والمعادن الاستراتيجية، مخاوف العالم الغربي من الخطط والاستراتيجيات غير المتوقعة التي قد تنتهجها بكين لفرض هيمنتها على الأسواق العالمية، أو استعداداتها لخوض حرب تجارية وصراع عالمي مع الدول الغربية. وكثرت التوقعات أيضاً باحتمالية قيام الصين بخفض جديد لليوان، أو التخطيط لدفع معاملات متزايدة من الواردات باستخدام عملتها المحلية بدلاً من الدولار الأمريكي.

فعندما تكون الصين هي المستهلك المهيمن لسلعة معينة، حتماً ستكون لديها مصلحة استراتيجية في التأكد من أن هذه السلعة تتوافر بشكل جيد، وكذلك عليها التأكد من قدرتها على تأمين مدفوعات مُستقرة لوارداتها؛ ومن ثم تعمل الصين على زيادة مشترياتها من السلع الاستراتيجية في الوقت الراهن، تحسباً لتخفيض قيمة عملتها في المُستقبل القريب، وما يحمله ذلك من تداعيات على تكلفة الواردات. كذلك تُعد زيادة الواردات من السلع الاستراتيجية بمثابة دعامة للاقتصاد الصيني ضد الصدمات التي قد يتعرض لها في ضوء خوض حرب تجارية، بما يُعزز موقف بكين التفاوضي ضد الدول الغربية.

شراء مُكثف للذهب:

وسط التحديات في أسواق العقارات والأسهم الصينية، حظيت أصول الذهب باهتمام متزايد من قِبل المستثمرين في الصين. وشهدت صناديق الذهب الصينية المتداولة تدفقات شهرية ثابتة على مدى الربع الأول من عام 2024، بلغت 2.8 مليار يوان (386 مليون دولار أمريكي). وشهدت صناديق الذهب المتداولة الصينية تدفقات داخلة لمدة خمسة أشهر على التوالي. واجتذب شهر إبريل الماضي 9 مليارات يوان (1.3 مليار دولار أمريكي)، وهو أقوى شهر على الإطلاق؛ مما دفع إجمالي الأصول المُدارة إلى مستوى تاريخي مرتفع بقيمة 46 مليار يوان (6.4 مليار دولار أمريكي).

وفي عام 2023، اشترى بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) كميات كبيرة من الذهب، بلغت نحو 225 طناً مترياً؛ أي ما يقرب من ربع الـ1037 طناً التي اشترتها جميع البنوك المركزية في العالم. وواصل البنك المركزي الصيني خطته من مشتريات الذهب للشهر الثامن عشر على التوالي في إبريل 2024، مسجلاً أطول موجة شراء منذ أن استأنف البنك الإعلان عن مشتريات الذهب في نوفمبر 2022. وتبلغ حيازات الصين الرسمية من الذهب حالياً 2264 طناً؛ وهو ما يمثل 4.9% من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي الصيني، وهذا أعلى مستوى على الإطلاق. وفي عام 2024، جمعت الصين 29 طناً من الذهب. وخلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، زادت الحيازات بمقدار 316 طناً.

إقبال على منتجات الطاقة:

لم يقتصر الشراء المتراكم للصين على الذهب فحسب، بل امتد إلى سلع استراتيجية أخرى مثل النفط. وارتفعت واردات بكين من النفط خلال إبريل الماضي إلى أعلى مستوياتها في أربعة أعوام؛ بنسبة 5.45% مقارنةً بالفترة نفسها في عام 2023، وفقاً للبيانات الصادرة عن الإدارة العامة للجمارك الصينية. وأُضيف إجمالي 830 ألف برميل نفط يومياً إلى المخزون الاستراتيجي للصين في إبريل الماضي، ارتفاعاً من 790 ألف برميل يومياً في مارس الماضي. وعلى مدى الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، أضافت الصين 700 ألف برميل يومياً إلى المخزونات.

وفي الواقع، كان جزء كبير من الزيادة في واردات النفط الخام الصينية في الربع الأول من العام الجاري، يرجع إلى التدفقات الوفيرة الرخيصة من الخام الروسي، التي أعاقت العقوبات الأمريكية طريقها إلى الهند، ووجدت موطناً لها في أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم؛ وهو الصين. ومن الآن فصاعداً، قد تؤدي حصص تصدير الوقود الجديدة والانخفاض الأخير في أسعار النفط إلى تحفيز شراء النفط الخام من جانب المصافي الصينية.  


واستوردت الصين 11.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام في عام 2023، بزيادة 10% عما كانت عليه في 2022، كما في الرسم البياني السابق. واستوردت شركات التكرير في الصين كميات قياسية من النفط الخام عام 2023 لتزويد الطاقة التكريرية المتزايدة في البلاد من أجل دعم احتياجات وقود النقل، وإنتاج المواد الأولية لصناعة البتروكيماويات المتنامية؛ لذا يمكن أن يؤدي المزيد من حصص تصدير الوقود لمصافي التكرير الصينية إلى تحفيز المزيد من إنتاجية المصافي وصادرات المنتجات بعد الضعف الشديد في بداية 2024.

وعززت بكين أيضاً وارداتها من الفحم والغاز الطبيعي في الأشهر الأولى من عام 2024؛ بهدف بناء احتياطيات الوقود لمحطات الطاقة قبل موسم الصيف. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي بلغت فيه الأسعار العالمية لهذا الوقود ما يقرب من نصف مستويات العام الماضي في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي. ووفقاً للتقارير الأخيرة، ارتفعت واردات الصين من الغاز الطبيعي بنسبة 21% بين يناير وإبريل 2024 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما ارتفعت واردات الفحم بنسبة 13%. 

ومن المنتظر أن تتجاوز واردات الصين من الغاز الطبيعي المُسال هذا العام أعلى مستوياتها السابقة في 2021، مدفوعة بالطلب القوي من القطاعين الصناعي والتجاري. ففي عام 2021، وصلت واردات الصين من الغاز الطبيعي المُسال إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 78.8 مليون طن متري. وتشير التوقعات إلى أن الصين يمكن أن تستورد ما بين 78 إلى 80 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المُسال في العام الحالي. وزادت بكين بشكل كبير وارداتها من الغاز الطبيعي المُسال هذا العام، مستفيدة من انخفاض الأسعار الفورية مقارنةً بالعام الماضي.

ارتفاع واردات خام الحديد: 

تتزايد التوقعات بشأن ارتفاع واردات الصين من خام الحديد خلال عام 2024 إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. ووفقاً لبعض التقديرات، فإن الواردات سوف ترتفع بما يتراوح بين 15 إلى 50 مليون طن مقارنةً بـ1.18 مليار طن عام 2023. وتنبع التوقعات المتفائلة من حقيقة أنه خلال الأشهر الأربعة من العام الحالي، اشترت الصين بالفعل 411.82 مليون طن من خام الحديد، وهو ما يزيد بنسبة تزيد على 7% عن نفس الفترة من العام الماضي.

ويأتي ارتفاع واردات الحديد وسط تحسن الخدمات اللوجستية في البحر الأسود؛ مما أدى إلى زيادة الإمدادات من أوكرانيا بعد عامين من الانقطاع. في حين أن انتعاش أسعار خام الحديد من أدنى مستوى لها في أواخر مارس 2023، يشجع المصدرين الهنود على شحن كميات أكبر إلى الصين؛ إذ تُفيد البيانات بأن حوالي 92% من صادرات خام الحديد من الهند خلال 11 شهراً من السنة المالية 2023/2024، والتي تبلغ حوالي 40 مليون طن، ذهبت مباشرة إلى الصين. ورُبما يُشير الطلب المتزايد على خام الحديد إلى أن الاقتصاد الصيني بدأ يشهد تنوعاً متبايناً في أوجه وفروع النمو الاقتصادي في البلاد، وسط تصاعد وتطورات استثمارات البنية التحتية ومجالات التصنيع المُختلفة. 

واردات حبوب قياسية:

بجانب المعدن الأصفر والذهب الأسود، يُتوقع أن تظل واردات الصين من الحبوب والبذور الزيتية قرب مستويات قياسية هذا العام؛ إذ أدى انخفاض الأسعار العالمية ونقص الإنتاج المحلي إلى دفع المشتريات إلى الزيادة، إلى جانب تخصيص المزيد من الأموال الحكومية لتعزيز مخزونات الحبوب والبذور الزيتية. وأظهرت أحدث البيانات الجمركية أن واردات الصين من القمح من أستراليا في يناير وفبراير 2024، تضاعفت أربع مرات تقريباً مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. كذلك فإن واردات الصين من الذرة آخذة في الارتفاع مع استفادة صانعي الأعلاف من انخفاض الأسعار العالمية. 

واستوردت الصين 6.19 مليون طن من الذرة في يناير وفبراير 2024، بزيادة 16% عن العام الماضي. كما اشترت الصين الشعير الأسترالي لأغراض التخمير وعلف الحيوانات بعد رفع الرسوم العقابية على الحبوب في أغسطس الماضي. وفي يناير وفبراير من العام الحالي، تضاعفت واردات الصين من الشعير ثلاث مرات تقريباً مقارنةً بالعام الماضي، لتصل إلى 2.71 مليون طن.

وإضافة إلى تخزين الذهب وشراء النفط وتخزين الحبوب، وتأكيداً لرغبة بكين في التحصن ضد الصدمات الخارجية في حال قررت الدولة تخفيض قيمة عملتها مُجدداً، بما يفتح المجال أمام حرب تجارية مع واشنطن؛ قام الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بحملة من أجل الزراعة المستدامة ذاتياً في الصين. ووافقت الحكومة الصينية على أصناف القمح والذرة المعدلة وراثياً للزراعة المحلية؛ مما يمثل خطوة إلى الأمام في أن تصبح مناصرة عالمية للتعديل الوراثي للمحاصيل، مع ما يترتب على ذلك من نتائج إيجابية مُحتملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب.

دوافع استراتيجية:

تتزايد التكهنات بشأن الدوافع الحقيقية وراء توجه الصين لتعزيز مخزوناتها من السلع والمعادن الاستراتيجية. فقد تكون تلك الخطوة بمثابة تحصين من توقعات بالتعرض لعقوبات اقتصادية غربية مُماثلة لتلك المفروضة على روسيا، في حال اتجهت بكين لخفض اليوان مُجدداً بما يُعرضها لخوض حرب تجارية؛ أو ربما يكون ذلك لمواجهة تحديات وعواقب سياسية واقتصادية قد تلحق بالصين في حال اتخذت قراراً بغزو تايوان. كذلك قد يكون الدافع من مخزونات الذهب المتراكمة اقتصادياً، متمثلاً في الرغبة في التحصن ضد الصدمات الخارجية الناتجة عن فرط الاعتماد على العملات الغربية، وخاصةً الدولار الأمريكي. وفي المُجمل، تتمثل تلك الدوافع الصينية في التالي: 

1- الهيمنة على أسواق الذهب العالمية: لطالما تمتعت بكين بنفوذ كبير في أسواق الذهب، وسط ارتفاع معدلات الاستهلاك والاستثمار المحلي في هذا المعدن. لكن تأثير البلاد أصبح أكثر وضوحاً خلال هذه الموجة التصاعدية الأخيرة، في ظل زيادة بنسبة 50% تقريباً في السعر العالمي منذ أواخر عام 2022. وواصلت الصين مشترياتها الكثيفة من الذهب، على الرغم من العوامل التي تجعل الذهب استثماراً أقل جاذبية نسبياً في الوقت الراهن؛ في ظل أسعار الفائدة المرتفعة والدولار الأمريكي القوي. وكدلالة على هيمنة بكين على أسواق الذهب العالمية، ارتفعت أسعاره خلال إبريل الماضي، حتى بعد أن أشار الاحتياطي الفدرالي الأمريكي إلى أنه سيُبقي على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول.

2- تنويع الاحتياطيات وتقليص التعرض للدولار الأمريكي: يُمكن استنتاج أن بكين تشتري الذهب لتنويع احتياطياتها النقدية وتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، الذي يُعد أهم عملة يمكن الاحتفاظ بها في الاحتياطي النقدي. وقامت الصين فعلياً بتخفيض حيازتها من سندات الخزانة الأمريكية. وبدءاً من مارس 2024، كان لدى الصين ما قيمته حوالي 775 مليار دولار من الديون الأمريكية، انخفاضاً بمقدار حوالي الثُلث من مستويات عام 2011.  

3- التحوط ضد احتمالية التعرض لعقوبات: يأتي التوجه الجديد من قِبل البنك المركزي الصيني بتكثيف الشراء في الذهب؛ في أعقاب اتخاذ وزارة الخزانة الأمريكية قراراً بتجميد حيازات روسيا من الدولار الأمريكي بموجب العقوبات المفروضة على موسكو؛ مما أفقد كثيراً من دول العالم الثقة في النظام النقدي الدولي الحالي. وأُجبرت البنوك المركزية على حماية احتياطياتها بحيازات أكثر تنوعاً، وكان المركزي الصيني في طليعة البنوك التي لجأت سريعاً لاستبدال العملات الأجنبية بالذهب. 

لذلك يُنظر إلى الشراء المُكثف للذهب من قِبل الصين على أنه أداة تحوط من احتمالية مواجهتها قيوداً أمريكية؛ بسبب طموحاتها العسكرية، والتوترات التجارية المستمرة بين البلدين. وكانت هذه التخوفات سبباً في دفع بكين إلى تنويع احتياطياتها؛ إذ يؤدي الذهب دوراً رئيسياً في هذه الاستراتيجية. وقد ساعد التحول إلى الذهب في الصين على بناء خزانة آمنة ضد العقوبات الأمريكية المُحتملة. ويمكن أن يكون تخزين الصين من الذهب أيضاً بمثابة تحذير من أن البلاد قد تستخدم حيازتها الكبيرة من سندات الحكومة الأمريكية كسلاح ضد واشنطن في الحرب التجارية المُحتملة؛ إذ لا تزال الصين تحتفظ بكمية كبيرة من ديون الولايات المتحدة.

4- توافق مع أهداف "بريكس": يتوافق هدف التنويع في الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي الصيني مع أهداف الدول الأخرى في مجموعة "بريكس"، التي يُتوقع أن تهيمن اقتصاداتها على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050. حتى إن دول "بريكس" طرحت فكرة العملة المشتركة في المستقبل، والتي من الممكن أن تشكل تحدياً للدولار الأمريكي. وفي حالة اعتماد هذه العملة المشتركة، يمكن لأعضاء كتلة "بريكس" إجراء المعاملات التجارية دون اللجوء إلى الدولار الأمريكي؛ وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض العرض والطلب على الدولار على الساحة الدولية؛ مما قد يؤدي إلى إضعاف قيمته وتآكل مكانته باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم.

5- التنويع الاقتصادي على المدى الطويل: اشترت الصين الذهب على مدى ما يقرب من 18 شهراً متواصلاً، ومع ذلك لا تزال احتياطياتها من الذهب تمثل جزءاً صغيراً من إجمالي احتياطيات البنك المركزي الصيني (أقل من 5% من إجمالي الاحتياطات)، وهو مستوى أدنى كثيراً من المستويات التي تحتفظ بها البنوك المركزية في البلدان المتقدمة. ويتوقع مجلس الذهب العالمي أن تستمر مشتريات البنوك المركزية، بقيادة الصين، لعدة سنوات؛ مما يؤكد الالتزام بالتنويع.

6- تحول وجهات المستثمرين داخل الصين: مؤخراً، حذا المستثمرون الصينيون حذو البنك المركزي، باحثين عن الذهب كملاذ آمن، وسط انهيار سوق العقارات في البلاد، وضعف أداء الأسهم المحلية، وعدم اليقين بشأن الاضطرابات الجيوسياسية في أماكن متفرقة حول العالم. فقد ارتفعت واردات الصين من الذهب إلى مستويات قياسية، وبِيعت السبائك الذهبية في شنغهاي بأسعار أعلى، وهناك دلائل على انتشار المضاربات في سوق العقود الآجلة للذهب في الصين.

تداعيات مُحتملة:

تشير الحكمة التقليدية عادةً إلى أن الصين سوف تستمر في النمو واستهلاك كميات هائلة من الموارد الطبيعية؛ وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للجميع. ومن المُتوقع أن تؤدي زيادة إقبال الصين على الاحتفاظ بالسلع الاستراتيجية إلى العديد من التداعيات المُحتملة، ومنها الآتي: 

1- ارتفاع أسعار الذهب العالمي: يسلط اندفاع الصين نحو الذهب الضوء على الدور المستمر الذي يؤديه هذا المعدن كملاذ في حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. وقد يكون التأثير في سوق الذهب العالمية كبيراً، ومن المُحتمل أن يؤثر في البنوك المركزية الأخرى؛ إذ اشترت البنوك المركزية حول العالم 290 طناً من الذهب خلال الربع الأول من 2024، وهو أعلى مستوى في تلك الفترة على الإطلاق. وأسهم ذلك في ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، بالرغم من ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم، والتي عادةً ما تقلل الطلب على الذهب؛ إذ وصل الذهب مؤخراً إلى أعلى مستوياته القياسية فوق 2400 دولار.

2- ارتفاع أسعار النفط العالمية: باعتبار الصين أكبر مستهلك للنفط على مستوى العالم، فإن زخم النمو الاقتصادي لديها يؤدي بالتبعية إلى زيادة طلبها على النفط، بما يعزز أسعار النفط عالمياً. وكشفت البيانات الأخيرة عن أن إنتاج واستثمارات المصانع في الصين تجاوزت التوقعات في بداية العام الحالي؛ مما يشير إلى الطلب القوي. ومن الممكن أن يؤدي التحول الاقتصادي المُحتمل في الصين إلى مزيد من زيادة الطلب على النفط الخام خلال الأشهر المقبلة.

3- تراجع قوة الدولار الأمريكي: تسعى بكين منذ سنوات طويلة إلى التخلص من هيمنة العملات الغربية وخاصةً الدولار الأمريكي؛ وذلك بتكثيف الاعتماد على عملتها المحلية في التبادل التجاري، ولاسيما بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا. وبدءاً من مارس 2024، تمت تسوية أكثر من 52.9% من المدفوعات الصينية بالرنمينبي، بينما تمت تسوية 42.8% بالدولار الأمريكي، وهذا ضعف الحصة مقارنةً بالسنوات الخمس الماضية. 

4- التحول بعيداً عن الاستثمارات التقليدية في الصين: عكس الشراء المتزايد للذهب من قِبل المستثمرين داخل الصين، وجود رصيد متنامٍ من الأموال في البلاد يرغب أصحابه في استثماره في أصول أكثر استقراراً ونمواً. ويأتي ذلك في ظل مواجهة الاقتصاد الصيني العديد من المخاطر والشكوك، بما في ذلك الأزمة العقارية الراهنة، وتقلبات سوق الأوراق المالية، والعوامل الجيوسياسية الناتجة عن أزمة تايوان، والتحديات الديمغرافية والشيخوخة السريعة، التي تُحاول الأسر الصينية مواجهتها بتعزيز مدخراتها التقاعدية بمزيد من امتلاك الذهب.

5- اندلاع حرب تجارية: وسط سعي الصين لتنويع احتياطياتها وزيادة مخزونها من الذهب للتحوط ضد الدولار الأمريكي، والتوقعات المُحتملة لمزيد من خفض اليوان لدعم الصادرات السلعية في أسواق العالم؛ فمن المتوقع أن تندلع حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة مُجدداً. وساعدت الإعلانات الأخيرة التي أصدرتها إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بما في ذلك رفع التعريفات الجمركية بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية، و50% على أشباه الموصلات والخلايا الشمسية، و25% على البطاريات ورافعات الموانئ؛ على زيادة حدة الحرب التجارية بين البلدين.