أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يستضيف الدكتور محمود محيي الدين في حلقة نقاشية
  • مُتاح عدد جديد من سلسلة "ملفات المستقبل" بعنوان: (هاريس أم ترامب؟ الانتخابات الأمريكية 2024.. القضايا والمسارات المُحتملة)
  • د. أحمد سيد حسين يكتب: (ما بعد "قازان": ما الذي يحتاجه "بريكس" ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟)
  • أ.د. ماجد عثمان يكتب: (العلاقة بين العمل الإحصائي والعمل السياسي)
  • أ. د. علي الدين هلال يكتب: (بين هاريس وترامب: القضايا الآسيوية الكبرى في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024)

احتواء أم مواجهة؟

خلافات إدارة "بايدن" إزاء التهديد الصيني

14 ديسمبر، 2021

احتواء أم مواجهة؟

عقد مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، يوم الثلاثاء الموافق 23 نوفمبر 2021 حلقة نقاش عن العلاقات الأمريكية الصينية، وتأثيراتها على منطقة الشرق الأوسط، من وجهة النظر الأمريكية، وذلك باستضافة أ.هبة القدسي، مدير مكتب جريدة "الشرق الأوسط" في واشنطن، والزميل السابق لمعهد ودروويلسون. 

ثلاثة تيارات أمريكية

أكدت المتحدثة أن هناك تبايناً بين الأفكار والسيناريوهات المستقبلية المطروحة في دوائر الفكر الاستراتيجي الأمريكي، لما سيكون عليه مستقبل ونفوذ الولايات المتحدة مقابل مستقبل ونفوذ الصين وطموحاتها، وفي هذا الصدد تناولت القدسي ثلاثة تيارات أساسية، على النحو التالي: 

التيار الأول، يميل نحو احتواء الصين، والاتفاق على مجالات للتعاون ومحاولة تحقيق أقصى استفادة من هذا التعاون لصالح الاستقرار الأمني وعدم الانزلاق في حرب غير مقصودة أو غير محسوبة، ويؤيد هذا الاتجاه المسؤولون في مجلس الأمن القومي والبيت الأبيض على أساس أن عدم احتواء الصين وتقويض قدراتها يعطي للصين ثقة أكبر في قدرتها ويدفعها إلى مد نفوذها للسيطرة على مناطق بعيدة عن الحدود الصينية، وإحكام سيطرتها على هونغ كونغ وغزو تايوان، ولن يقدر جيران الصين على وقف وتحجيم الهيمنة الصينية، وقد تقترب الدول الخليجية أكثر من الصين على حساب علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا. 

ووفق منهجية إدارة بايدن، فإن مسؤولي الإدارة ينظرون إلى النهج المتعدد القطبية باعتباره الأفضل في الصين، بحيث يتم تعزيز التحالفات الإقليمية مع دول الجوار الإقليمي مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا، وفي الوقت نفسه تقوية تحالفات دول العالم الحر في القارة الأوروبية العجوز.

التيار الثاني، يرتكز على المواجهات الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين ومواجهة جيوسياسية استراتيجية وصراع على مناطق النفوذ، ستدور رحاها في دول العالم الثالث ويتصاعد الصراع على موارد الثروة والغذاء والطاقة.

التيار الثالث، يرى أن المواجهة قادمة لا محال، ويجب على الولايات المتحدة الاستعداد للمعركة التي قد تتأخر لكنها قادمة، وهذا التيار يتبناه قادة البنتاغون والبحرية الأميركية، ويرون أنه رغم محاولات الصين تعزيز قدراتها العسكرية باضطراد، لكن تظل الولايات المتحدة متفوقة على الصين من حيث التسلح والتكنولوجيا، ولذا يجب التوسع في تلك القدرات العسكرية الأميركية وتقوية دفاعات دول المنطقة ورفع استراتيجية الردع. ويتبني اتباع هذا التيار أيضاً فكرة أن بكين تعتمد على الواقعية السياسية، ولا تريد مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة، لكن خطر المواجهة العسكرية يتصاعد رغم عدم رغبة الجانبين في الحرب، غير أن الصين، وفقاً للكاتب الأمريكي ديفيد غيكلنغ، تستخدم بذكاء ضعف القوة الأميركية المتذبذبة. 

تباين البيت الأبيض والبنتاغون: 

أكدت المتحدثة أن هناك تبايناً واضحاً في موقف مؤسسات إدارة الرئيس بايدن وتوجهاتها نحو الصين: 

1- البيت الأبيض: يقود مجلس الأمن القومي داخل البيت الأبيض سياسات التعامل مع الصين، ويرى أن أفضل المداخل هو سياسات الاحتواء، وعدم الصدام العسكري أو المواجهة المباشرة، ويدير هذا الملف في مجلس الأمن القومي وكيرت كامبل، نائب مساعد الرئيس ومنسق مجلس الأمن القومي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، وهو الرجل الذي هندس ونسق جهود اتفاق أوكوس AUKUS ويتولى ملف التواصل مع اليابان وأستراليا والهند. ويسمونه في البيت الأبيض قيصر آسيا.  

2- وزارة الدفاع "البنتاغون": التوجه العام داخل وزارة الدفاع الأمريكية يركز على أنه رغم الدبلوماسية وسياسة الاحتواء، فإنه من الضروري أيضاً الاستعداد للمواجهة العسكرية، والتي ترى دوائر البنتاجون أنها قادمة لا محالة، ربما في المدى البعيد، والتخوف الرئيسي في دوائر البنتاجون هو من وقوع الحرب بشكل غير مقصود، نتيجة خطأ في الحسابات، أو نتيجة عوامل غير محسوبة، مما ينذر بعواقب وخيمة على الأمن الأمريكي. 

وفي تقرير "القوة العسكرية الصينية" الذي أصدرته وزارة الدفاع الأميركية مؤخراً، أوضح أن بكين تعمل على الوصول إلى 700 رأس نووي بحلول عام 2027، وألف رأس نووي بحلول عام 2030، أي ضعف ما قدره البنتاغون العام الماضي، ما يعني التحول من الردع النووي إلى القدرة على القتال النووي.

 أشار التقرير إلى أن توسيع الصين ترسانتها النووية ليس مفاجئاً لكن التطورات مقلقة للولايات المتحدة، ويضع الطرفان في حالة أعمق من الجمود النووي، حيث يصبح كلا من الصين والولايات المتحدة عرضة للقوى النووية. في المقابل، لا يشير التقرير إلى صراع مفتوح مع الصين، لكنه يشير إلى تصميم الصين على تحدي الولايات المتحدة في جميع مجالات الحرب، الجوية والبرية والبحرية والفضائية، وأن تصبح قوة عسكرية عالمية بحلول عام 2049.

ووفقا للبنتاغون، تقوم الصين ببناء أنظمة توصيل للرؤوس الحربية تشمل صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس حربية نووية متعددة، وبالتالي يحذر البنتاغون من انتقال الصين من وضع الاستعداد إلى وضع الاطلاق، أي أن تكون قادرة على إطلاق أسلحتها النووية على الفور رداً على أي تحذيرات من هجوم على الأراضي الصينية، وهي سياسة تخاطر بحسابات خاطئة خطيرة إذا كانت الإنذارات خاطئة.

وأشارت القدسي أن من يدير هذا الملف في البنتاغون هو الجنرال كيلينتون هينوت، نائب رئيس أركان القوات الجوية للاستراتيجية والتكامل، ويرى أن التقدم العسكري الصيني يتجاوز التقديرات الأميركية، وأن الصين أسرع مما يتوقعه البنتاغون " ولم يحدث ذلك في ذروة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي ولا أي دولة أخرى في التاريخ الحديث، أن تتجاوز دولة توقعات البنتاغون ومجتمع الاستخبارات.