أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

الاستجابة الرقمية:

كيف غيرت "كورونا" إدارة النظم الضريبية في اقتصادات الدول؟

30 مارس، 2022


عرض: دينا محمود

شجعت جائحة كورونا العديد من الدول على تسريع وتيرة التحول الرقمي في محاولة للحد من المخاطر الناجمة عن الاتصال الاجتماعي، ومن بين القطاعات التي تعرضت لتوسعات الرقمنة كان قطاع الضرائب الذي يمثل محوراً أساسياً لموازنات الدول في تمويل الخدمات العامة. في هذا السياق، أصدر مركز السياسة والإدارة الضريبية التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنميةOECD ، تقريراً حول إدارة الضرائب لعام 2021، والذي حمل عنوان "Informations comparatives sur les pays de l'OCDE et autres économies avancées et émergentes"، حيث يقارن الإدارة المالية للنظم الضريبية في 59 اقتصاداً متقدماً وناشئاً في العالم، في محاولة للتعرف على الفرص المتاحة لتحسين رؤية وإدارة هذه النظم.

ويناقش التقرير تأثير جائحة كورونا على المهام التي تقوم بها الإدارات الضريبية وإيراداتها، وكذا التحديات التي تفرضها الجائحة فيما يتعلق بموظفي الإدارات الضريبية، كما يتم إلقاء الضوء على مصروفات الإدارات الضريبية وعلى الاستراتيجيات التكنولوجية المتطورة التي يتبعها مسؤولو الضرائب لتشجيع دافعيها على ‏استخدام "تطبيقات الخدمة الذاتية"، من أجل تقليل الإجراءات الشكلية وتجنب ‏تراكم المتأخرات الضريبية، بالإضافة إلى كيفية إدارة المخاطر المتعلقة بعدم الالتزام الضريبي.

الإدارة الضريبية وجائحة كورونا:

تتمثل المهمة الأساسية ‏للإدارة الضريبية في تحصيل إيرادات الضرائب نيابة عن المواطنين من أجل تمويل الخدمات العامة،‏ فمع بداية أزمة كورونا، شهدت 32 إدارة ضريبية في 59 اقتصاداً متقدماً وناشئاً توسعاً في مسؤولياتها إلى درجة غير مسبوقة، حيث اعتمدت العديد من الدول عليها لتقديم المساعدة المالية المخصصة للمواطنين أو الشركات، سواء تم توزيعها بطريقة هادفة ودقيقة لمستحقيها، أو تم استهداف عدد أكبر من المستفيدين، على غرار تجربتي سنغافورة وأيرلندا، إذ قدمت الأخيرة إعانات على الرواتب بمعدل 2.8 مليار يورو.

كما قامت الإدارات الضريبية في ظل الجائحة بتوفير الخدمات المساعدة المعلوماتية بشكل يفيد السلطات العامة، من أجل استخدام قدرات الإدارة في تحليل البيانات، كأستراليا ونيوزيلندا، التي شاركت معلومات مع وزارة التنمية الاجتماعية.

وثمة محددات عديدة شجعت الحكومات على اللجوء لإدارة الضرائب للاستجابة لأزمة كوفيد 19، لعل أبرزها امتلاكها شبكة موجودة مسبقاً من العلاقات الوثيقة مع المواطنين والشركات، واعتمادها على موظفين مؤهلين ومتخصصين في التعاملات اليومية مع المواطنين، فضلاً عن كونها تضم شبكة كبيرة من البيانات وأساليب تحليلية وخبرة قوية في معالجة البيانات ومشاركتها.

جاء هذا التوسع في مهام الإدارة الضريبة استجابة لجائحة كورونا، في ظل تأثر عائدات الضرائب ذاتها بالجائحة وذلك لعدة اعتبارات:

• تراجع النشاط الاقتصادي: فقد نفَّذت العديد من الدول إجراءات احتوائية، بالإضافة إلى الإغلاق القسري للعديد من الشركات، والتي تتضمن تداعيات سلبية على المبيعات والأرباح، مما ينعكس بدوره على ارتفاع حالات الإفلاس والتصفية.

• ارتفاع معدلات البطالة: إذ يؤثر الانكماش في النشاط الاقتصادي على مستويات التوظيف، حيث تقوم الشركات بتسريح الموظفين أو التوقف عن التوظيف.

• إجراءات الدعم الحكومي: لدعم الاستهلاك والنظام الصحي، حيث اختارت العديد من الدول إجراءات لتقليص معدلات ضريبة القيمة المضافة TVA.

• إجراءات الدعم الإداري: شاركت العديد من الإدارات الضريبية في هذا الصدد، وذلك من خلال اتخاذ تدابير لتخفيف العبء عن دافعي الضرائب، ومساعدة الشركات والأفراد الذين يواجهون مشاكل في السيولة أو يواجهون صعوبة في الوفاء بالتزاماتهم الضريبية، ومنها تمديد مدد تأجيل الدفع.

في المجمل، تهتم إدارات الضرائب في الاقتصادات الـ 59 المتقدمة والناشئة بملفات حوالي 860 مليون من دافعي ‏الضرائب الخاضعين لضريبة الدخل وضريبة أرباح الشركات التي لديها أكثر من ‏‏500 مليون معاملة مباشرة وأكثر من ‏‏1.1 مليار معاملة عبر الإنترنت، وللقيام بذلك تتمتع السلطات الضريبية بميزانية تشغيلية تُقدَّر بحوالي ‏‏79 مليار يورو، أي أقل من 1% من ‏مبلغ الإيرادات المُحصلة، وقد بلغت صافي الإيرادات المحصلة حوالي 12.3 تريليون يورو في عام 2019. وفي المتوسط يمثل صافي الإيرادات الضريبية ‏المحصلة حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي، تسجل أعلاها في السويد والدنمارك وسلوفينيا، وأقلها في السعودية والهند وسويسرا. وتجدر الإشارة أن هذه الأرقام تستند إلى ميزانية 2018 - 2019، لذلك فتأثير جائحة ‏كورونا سيكون أكثر وضوحاً في تقرير العام المقبل.‏

العمالة بالإدارات الضريبية:

في عام 2019، وظفت الإدارات الضريبية في 59 دولة المدرجة في التقرير ما يقرب من 1.8 مليون شخص، إذ إن ‏الإدارة الفعَّالة للموظفين باتت تُمثِّل ضرورة ملحة للإدارة الضريبية الجيدة، ووجود قوى عاملة ماهرة ومنتجة وقادرة على ‏التكيف هو في صميم تخطيط الموارد البشرية. وتجدر الإشارة إلى أن جائحة كورونا كانت بمنزلة مُحفِّز لعدد ‏كبير من المتغيرات داخل الإدارات الضريبية، والتي كان عليها ‏التكيف ‏مع أساليب العمل الجديدة وفي علاقاتها ‏مع دافعي الضرائب، كما أدت إلى اختيار العديد من الادارات لبيئة العمل عن بُعد، والتي أعلنت ‏كثير من الإدارات أنه سيستمر كجزء من التنظيم الطبيعي للعمل في المستقبل، وقد بذلت هذه الإدارات ‏جهوداً كبيرة لدعم موظفيها خلال فترات الانتقال لاسيما من خلال: ‏

• رفاهية الموظفين، والتي تتضمن تحفيزهم ورفع معدل الرضا الوظيفي، وكذا الاهتمام بالقضايا المتعلقة ‏بالصحة والسلامة، والعمل على تحقيق التوازن بين الحياة العملية والحياة الخاصة، بالإضافة إلى برامج دعم الموظف وبيئة العمل ‏المكتبية.‏

• ‏تدريب الموظفين، خاصة هؤلاء الذين تم تكليفهم بمهام إضافية وهؤلاء الذين تعين عليهم القيام ‏بعملهم عن بُعد لأول مرة، وذلك عن طريق دورات تدريبية عن بُعد يتم بثها مباشر أو مسجلة.‏

• توفير المعلومات لدى المديرين وقادة العمل، بحيث تكون تحت تصرفهم لتمكنهم من تحديد نقاط القوة ‏والضعف، وبالتالي اتخاذ قرارات سريعة وواضحة فيما يتعلق بالموظفين.‏

نفقات الإدارات الضريبية:

لكي تؤدي الإدارة الضريبية دورها، من الضروري أن تكون لديها موارد مالية كافية، بالإضافة إلى قوة ‏عاملة ماهرة قادرة على تحقيق نتائج بكفاءة وفعالية، وعليه يمكن تقسيم النفقات كالآتي: ‏

أ- ‏‌مصروفات تشغيل: حيث أشارت معظم الإدارات الضريبية إلى زيادة في نفقاتها التشغيلية من ‏‏2018 إلى 2019، وقد شهدت ‎77% من الإدارات زيادة في ميزانيتها في الفترة ذاتها ‏طبقاً للمسح الدولي للإدارات الضريبية (ISORA)‏، حيث تمثل الرواتب في المتوسط 73% من الميزانية التشغيلية السنوية، أعلاها في ‏الأرجنتين وأقلها في إندونيسيا، بينما تمثل التكاليف المخصصة لتكنولوجيا المعلومات حوالي 10% ‏في المتوسط من المصروفات التشغيلية.‏

ب- ‏‌مصروفات استثمار: حيث تمثل حوالي 4% من إجمالي النفقات في المتوسط، أقل من 1% بالنسبة ‏للبعض وأكثر من 10% للبعض الآخر.‏

ج- ‏مصروفات تحصيل: ويتم حساب نسبة التحصيل بمقارنة النفقات السنوية للإدارة بصافي الإيرادات ‏المحصلة خلال السنة المالية، فعلى سبيل المثال، ارتفعت هذه النسبة بمعدل 35% تقريباً في المملكة ‏العربية السعودية خلال الفترة من 2018 إلى 2019، فيما ظلت النسبة ذاتها تقريباً في ألمانيا والأرجنتين، بينما انخفضت بمعدل 20% ‏تقريباً في المكسيك. ومن المتوقع أن يكون للجائحة أثر واضح على تغير هذه النسب بالإضافة للتطور في السياسة الضريبية وتغير معدلات النمو الاقتصادي.‏

تشجيع دافعي الضرائب:

يظل الاهتمام بتشجيع دافعي الضرائب على الإعلان عن دخلهم الخاضع للضريبة ودفع ضرائبهم في صميم الأنشطة التي تمارسها إدارات الضرائب، وعليه تحاول هذه الإدارات التأثير على سلوك دافعي الضرائب، لاسيما من خلال: 

• مبادرات تحسين إمكانية الوصول إلى خدمات الضرائب: حيث تسعى الإدارات باستمرار إلى تحسين عمليات الاتصال، سواء كانت تتم عبر الإنترنت أو شخصياً أو عبر الهاتف، من أجل تسهيل توصيل دافعي الضرائب بخدماتهم ومساعدتهم على فهم التزاماتهم بشكل أفضل من خلال حملات توعية.

• الاهتمام المتزايد بالفحص الإلكتروني أو الرقمي: تقدم الإدارات الضريبية الخدمات بشكل رقمي متزايد، وتزداد أهمية الفحص الرقمي، حيث تستخدم الإدارات خبراتها والبيانات المتاحة لها لمنح دافعي الضرائب إمكانية الوصول إلى خدماتهم الخاصة إلكترونياً، على سبيل المثال، استحدثت البرازيل نظامNormas ، والذي يمكن تحميله على الهاتف.

• التعاون مع مقدمي الخدمات من خلال طرف ثالث: ثمة تزايد مضطرد في عملية دمج الخدمات والعمليات في الأنظمة التقليدية المستخدمة من قبل دافعي الضرائب في حياتهم اليومية، حيث يساهم في تحسين الانضباط المالي وتقليل العبء الإداري على رواد الأعمال؛ نظراً لأن أنماط التعاون هذه أصبحت أكثر انتشاراً وتعقيداً، حيث بدأت الإدارات الضريبية في تبني مناهج استراتيجية لإدارة اللجوء لمقدمي الخدمات وتسهيل عملهم، لاسيما من خلال السماح لهم بالوصول إلى الأنظمة الداخلية لإدارة الضرائب، وذلك من خلال واجهات برمجة التطبيقات ((API، على غرار تلك المستخدمة في النرويج وروسيا والمملكة المتحدة، حيث تم اعتمادها لتسهيل الاتصال بين الأنظمة والأشخاص والأشياء من دون اتصال مباشر. 

في هذا السياق، أشار عدد كبير من الإدارات الضريبية إلى أن خدماتها ‏بدأت في دمج التعلم الآلي، كالنرويج على سبيل المثال، والذكاء الاصطناعي مثل كندا، في تعاملاتها مع دافعي الضرائب، حيث تتيح هذه ‏الحلول الاقتراب من الخدمة المقدمة على مدار 24 ساعة في اليوم بفضل المساعدين الرقميين، مثل روبوتات المحادثة المستخدمة ‏في حوالي 50% من الإدارات الـ 59 التي يغطيها الكتاب، من بينها على سبيل المثال إسبانيا وسنغافورة وكوستاريكا، وكذا بيرو التي ‏وصل معدل الرسائل المفهومة للروبوتات فيها إلى 97% حتى مارس 2021‏.

مخاطر عدم الامتثال الضريبي:

تقوم وظيفة المراقبة والتحقق بتقييم دقة واكتمال المعلومات المعلنة من قبل دافعي الضرائب، وهي تحشد في المتوسط 30% من موظفي إدارة الضرائب، للتأكد من امتثالهم للالتزامات الضريبية. وعلى الرغم من أن عمليات الفحص الضريبي في الهيئة أو خارجها لا تزال سائدة، فإن استخدام عمليات الفحص والتحقق الآلي لمعلومات دافعي الضرائب تتسارع بشكل متزايد، حيث تمثل ما يزيد على 20% من عمليات الفحص، كما هي الحال في جنوب أفريقيا واليونان والمغرب. وتستند هذه التطورات إلى حدٍ كبير إلى التحسن الملحوظ في توافر البيانات بما يسمح بتحسين استهداف المخاطر. ولتقليل هذه المخاطر تقوم الإدارات ببعض الخطوات منها:

• توفير برامج تدريب لدافعي الضرائب من خلال إنشاء وحدات لمراجعة السجلات الضريبية لشرائح معينة من دافعي الضرائب، كالشركات الكبيرة ودافعي الضرائب الأثرياء، وذلك للتوعية بأهمية مخاطر عدم الامتثال الضريبي، بسبب طبيعة ونوع المعاملات والأنشطة الخارجية والفرص والاستراتيجيات، وذلك لتقليل المطالبات الضريبية ودرجة تعقيدها.

• تقنين عمليات التدقيق الإلكترونية مع ضرورة مراعاة سرية المعلومات المتعلقة بدافعي الضرائب، والتأكد من صحة ومطابقة هذه المعلومات لضمان حقوق دافعي الضرائب.

• الاستخدام المتزايد للبيانات المتداخلة من خلال استخدام الأدوات والتقنيات التحليلية التي تعزز من الامتثال الضريبي، بدءاً من مرحلة تصميم النظام، حيث أعلنت أكثر من 80% من الإدارات الضريبية عن استخدامها البيانات والأدوات للاستفادة من البيانات الإلكترونية المقدمة من قبل أطراف ثالثة بما في ذلك الإدارات الضريبية الأخرى.

• إدارة المخاطر الوقائية، كنهج وقائي في مرحلة مبكرة لمعرفة المتخلفين عن الإقرارات الضريبية بدلاً من اكتشاف حالات التخلف عن السداد بعد تقديم ‏هذه الإقرارات.

• تقديم التوجيه والمشورة لدافعي الضرائب، وهي ممارسة شائعة للإدارات الضريبية كجزء من استراتيجية الخدمة الكاملة، حيث يمكنهم إتاحة المعلومات والأدوات التفاعلية على موقع الويب الخاص بهم ونشر المبادئ التوجيهية وإشعارات المعلومات لدافعي الضرائب بما يسهل من عملية الامتثال الضريبي.

• اللجوء لبرامج تعاون مشترك لتبادل المعرفة بين الإدارات الضريبية وإتاحة قدر أكبر من الشفافية في العلاقة بين إدارة الضرائب ودافعي الضرائب، وهو ما يتطلب مناهج نشطة لمعالجة المخاطر الضريبية، على غرار "البرنامج الدولي للامتثال للالتزامات الضريبية" Programe international pour le respect des obligations fiscales" "((ICAP، وتعتمده أكثر من 60% من الإدارات الضريبية، وهو ما تناوله أحد التقارير الصادرة عن الـ OECD  في عام 2021 تحت عنوان "co-operation tax compliance".

ختاماً، أظهر التوجه العام للدول في الإدارات الضريبية الاتجاه نحو الإدارة الإلكترونية، خاصةً في ظل أزمة كورونا، من خلال التوسع في اللجوء للفحوصات والإقرارات والخدمات الضريبية عبر الإنترنت، عن طريق المساعدين الرقميين وبرامج تطبيقات الهاتف، مما أدى إلى تسارع وتيرة التحول الرقمي. بالإضافة، إلى توسيع مهام الإدارة الضريبية في ظل الجائحة، عبر تقديم المساعدات المالية ومشاركة المعلومات وتوقع تأثيرها على الإيرادات الضريبية نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي وإجراءات الدعم الحكومي والإداري المقدمة.

فرضت أيضاً الجائحة تغيير بيئة عمل موظفي الإدارات الضريبية، بحيث أصبح العمل عن بُعد أساسياً، وعليه ضرورة توفير دورات تدريبية لهم والعمل على رفع مستوى رفاهيتهم، وأخيراً التركيز المتزايد للإدارات ‏الضريبية على الحلول الممكنة لاعتماد نهج تحفيزي لتشجيع الامتثال الضريبي، من خلال تحسين إمكانية الوصول للخدمات، والاعتماد على تقديم الخدمة من طرف ثالث، وكذا تبني برامج تعاون مشترك للحد من مخاطر عدم الامتثال الضريبي.

المصدر:

Administration fiscal 2021: Informations comparatives sur les pays de l'OCDE et autres économies avancées et émergentes, Éditions OCDE, Paris, 2022.