أخبار المركز
  • مركز "المستقبل" يصدر العدد الثاني من مجلة "اتجاهات آسيوية"
  • أ. د. نيفين مسعد تكتب: (عام على "طوفان الأقصى".. ما تغيّر وما لم يتغيّر)
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (بين موسكو والغرب: مستقبل جورجيا بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية)
  • د. أيمن سمير يكتب: (هندسة الرد: عشر رسائل للهجوم الإسرائيلي على إيران)
  • أ. د. حمدي عبدالرحمن يكتب: (من المال إلى القوة الناعمة: الاتجاهات الجديدة للسياسة الصينية تجاه إفريقيا)

الشراكة الصعبة:

هل تفرض "الصهيونية الدينية" أولوياتها على حكومة "نتنياهو"؟

07 ديسمبر، 2022


في 13 نوفمبر 2022، تسلّم زعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو، تكليفاً رسمياً من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن أوصى 64 عضواً من الكنيست بتكليف نتنياهو. وقبل ذلك التاريخ، كانت تصريحات نتنياهو توحي بسهولة مهمته في تشكيل الحكومة، إذ أعلن في أعقاب ظهور النتائج أنه ينوي عرض تشكيل الحكومة على الكنيست قبل يوم 17 نوفمبر 2022. وهكذا ظن المتابعون للشأن الإسرائيلي، إذ إن تحالف نتنياهو أمّن 64 مقعداً، وهو التحالف المكوّن من 4 كتل فقط، مما يُوحي ظاهرياً أننا أمام معسكر أكثر تماسكاً.

ولكن بعد أن أوشكت المدة القانونية لتشكيل الحكومة على الانتهاء (28 يوماً)، بدا واضحاً أن الطريق إلى مكتب رئاسة الوزراء -عبر تكتل صعد على أكتاف تيار "الصهيونية الدينية"- لن يكون سهلاً. وتذهب التقارير إلى أن نتنياهو سيطلب الحصول على 14 يوماً إضافية.

فقد أجمع المحللون الإسرائيليون والأمريكيون أن شراكة نتنياهو مع "الصهيونية الدينية" ستكون مريرة، بسبب مطالبهم الخاصة بالحقائب الوزارية والتي عطّلت تشكيل الحكومة بالفعل، إضافة إلى مطالبهم السياسية، خاصةً المتعلقة بالاستيطان ومخصصاته المالية، والتعامل مع ملف القدس، وإضفاء الطابع الديني أكثر على الحياة العامة الإسرائيلية، بما يعني فتح جبهات مواجهة مع العرب والعلمانيين في إسرائيل.

الشريك الجديد:

يُطلَق مصطلح "الصهيونية الدينية" على التيارات الدينية الإسرائيلية، التي تجمع بين التوجهات القومية والدينية. وترى تلك التيارات –استناداً إلى التوراة- أنه يحق لإسرائيل السيطرة على الأراضي الفلسطينية كافة. وقد تشكّل تكتل "الصهيونية الدينية"، الذي خاض انتخابات الكنيسيت الـ 25 (في نوفمبر 2022)، من ثلاثة أحزاب صهيونية يمينية: حزب "الاتحاد الوطني- تكوما" بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وحزب "عوتسما يهوديت" بقيادة إيتمار بن غفير، وحزب "نوعام" بقيادة آفي ماعوز. وعلى المستوى الأيديولوجي، ليس هناك اختلافات جوهرية بين الأحزاب الثلاثة، حيث تدعو جميعها إلى تطبيق التعاليم الدينية، ودعم الاستيطان، وقدس موحدة عاصمةً لإسرائيل، بجانب الدعوة إلى ترحيل الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.

ولم تكن نتائج "الصهيونية الدينية" في الانتخابات الأخيرة محض صدفة، إنما جاءت تتويجاً لصعود تدريجي، بدأ بعد مرور التيار بأزمة طويلة وعميقة. فقد تراجعت "الصهيونية الدينية" وأتباعها منذ توقيع اتفاقيات أوسلو (1993)، وازداد موقفها صعوبة في المجتمع الإسرائيلي عقب اغتيال رئيس الحكومة إسحق رابين (1995)، ووصل تراجع التيار إلى أقصى مستوياته مع تنفيذ خطة الانفصال وإزالة المستوطنات اليهودية من قطاع غزة (2005)، وهي الخطة التي بدّدت الأفكار الاستيطانية للتيار.

ولكن سرعان ما حاول التيار توسيع تأثيره في المجال العام الإسرائيلي، من خلال تزايد انخراط شبابه في الجيش، وبالأساس في وحدات النخبة القتالية، وحصولهم على رتب عسكرية عالية وتولي مواقع قيادية في الجيش. بجانب تعزيز وضع أتباعه في مختلف مؤسسات الدولة، وتضييق الخناق على التيار العلماني. وقد مثّلت نتائج انتخابات الكنيست الأخيرة إنجاز غير مسبوق في تاريخ أحزاب الصهيونية الدينية، حيث صعدت إلى المركز الثالث بـ 14 مقعداً، بعد أن حصلت في انتخابات مارس 2021 على 6 مقاعد فقط. وصارت بذلك مكوّن رئيسي في حكومة نتنياهو القادمة.

تحديات تشكيل الحكومة:

تنتهي الفترة القانونية المتاحة لتشكيل الحكومة في 11 ديسمبر المقبل، وكما تمت الإشارة سابقا من المتوقع –وفقاً للتحليلات الإسرائيلية- أن يطلب نتنياهو تمديد لمدة 14 يوماً. وبعدما تفكّك تكتل "الصهيونية الدينية" وانقسم رسمياً إلى ثلاثة أحزاب (التي شكّلته من الأساس)، صار نتنياهو مُطالباً بتوقيع خمسة اتفاقات ائتلاف، ثلاثة مع أحزاب الصهيونية الدينية، واثنان مع الأحزاب الحريدية (شاس، ويهدوت هتوراة).

وقد نجح نتنياهو بالفعل في توقع اتفاق ائتلاف مع حزب "عوتسما يهوديت" بقيادة إيتمار بن غفير (صاحب الـ 6 مقاعد)، وحزب "نوعام" بقيادة آفي ماعوز (صاحب المقعد الواحد). وبعد تعثر طويل تم الإعلان عن اتفاق (في الأول من ديسمبر 2022) بين نتنياهو وتكتل بتسلئيل سموتريتش (صاحب الـ 7 مقاعد). وتشير تقارير صحفية إلى تقدم المحادثات مع حزب "شاس" بقيادة أرييه درعي (صاحب الـ 11 مقعد). وفي ضوء ما سبق، يبدو أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية يصطدم بعدد من العقبات، وهي:


1. اتساع الصلاحيات الأمنية لـ "بن غفير":

بموجب اتفاق الائتلاف الموقع بين نتنياهو وبن غفير، يتم منح الأخير الحقيبة الوزارية التي لطالما طالب بها، وهي "وزارة الأمن العام"، المسؤولة عن الشرطة الإسرائيلية، ولكن بعد إعادة تسميتها بـ "وزارة الأمن القومي"، وتوسيع صلاحياتها، حيث لم تعد فقط تُشرف على الشرطة الإسرائيلية والسجون وتراخيص الأسلحة النارية، ولكن من المقرر أن تشرف على قوات إنفاذ القانون التابعة لوزارات أخرى، مما يجعل بن غفير –وفق تقدير صحيفة هآرتس- أقوى وزير شرطة في تاريخ إسرائيل من حيث الصلاحيات.

ووفق ما تم إعلانه، سيتولى مكتب بن غفير إدارة حرس الحدود في الضفة الغربية، والذي تشمل مسؤولياته القيام بالاعتقالات والتعامل مع الاضطرابات العامة، مما يعني دعم الجيش الإسرائيلي في التعامل مع الاحتجاجات في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة المدنية الإسرائيلية. أمّا الأمر الأكثر إثارة للجدل، هو أن عملية إخلاء البؤر الاستيطانية اليهودية غير الشرعية في الضفة الغربية، ستقع على كاهل وزارة بن غفير.

وقد أثار كل ما سبق تحفظات قطاعات شعبية ورسمية داخل إسرائيل، بجانب الإشارات الخارجية التي سبق وتم توجيهها إلى نتنياهو، بشأن التحذير من تشكيل حكومة تضم بن غفير في وزارة سيادية.

2. تعيين حكومي مناهض للمجتمع العلماني:

وقّع نتنياهو اتفاق ائتلاف مع آفي ماعوز زعيم حزب "نوعام"، والذي بموجبه سيكون نائب وزير، وسيكون مسؤولاً عن شؤون "الهوية اليهودية" في مديرية تابعة لرئيس الوزراء، بما يشمل ذلك تنظيم الهجرة الروسية والتعليم والمنظمات غير الحكومية الأجنبية.

وقد أثار هذا الاتفاق ضجة حول وجهات نظر ماعوز تجاه المجتمع العلماني، فهو يُعارِض خدمة النساء في الجيش، مشيراً إلى أن "دور المرأة اليهودية هو إنجاب الأطفال وتربيتهم". كما أنه تحدّث في السابق عن رغبته في إزالة "المفاهيم النسوية"، التي وصفها بـ "المتطرفة" من النظام التعليمي. كذلك انتقد مجتمع الميم، واصفاً إياهم بأنهم "تهديد للأمة".

وقد أثار هذا التعيين ردود فعل ناقدة واسعة النطاق، حيث قال رئيس الوزراء يائير لابيد إن "تعيين ماعوز نائب وزير لا تقل عن الجنون". ووصف وزير الدفاع بيني غانتس إن "هذا التعيين يُشرِّع لفترة مظلمة".

3. سلطات "سموتريتش" على مستوطنات الضفة الغربية:

خرجت العديد من التقارير خلال الفترة الماضية تتحدث عن تعقد مسار المفاوضات الائتلافية بين نتنياهو وسموتريتش. فبعد أن اشترط الأخير حصوله على حقيبة الدفاع، ظهرت معارضة شديدة لذلك التعيين (سوء داخلياً أو في واشنطن)، بسبب أيديولوجية سموتريتش المتشددة وافتقاره إلى الخبرة الأمنية. وزعم الحزب أنه تنازل عن مطالبه في حقائب الدفاع، في مقابل السيطرة على الإدارة المدنية في الضفة الغربية. وقد اتهم الحزب نتنياهو -في وقتٍ سابق- بأنه يتلاعب بهم وينقضّ على اتفاقاته.

ودارت الاتفاقات لاحقاً، حول أن تظل الإدارة المدنية في الضفة الغربية ضمن مسؤوليات وزارة الدفاع، ولكن مع نقل بعض الصلاحيات المتعلقة بهذا الملف لوزارة شؤون الاستيطان، التي ستؤول حقيبتها إلى سموتريتش.

وقد نجح الليكود بالفعل في عقد اتفاق ائتلافي مع تكتل سموتريتش، في الأول من ديسمبر، وحسب موقع "والا" العبري، فإن الاتفاق يقضي بحصول حزب سموتريتش على وزارة المالية بالتناوب، إضافة إلى وزارة الهجرة والاستيعاب، ووزارة جديدة تسمى "المهام الوطنية"، وستكون مسؤولة عن الاستيطان في الضفة الغربية والمدارس قبل العسكرية وكل ما له علاقة بالتعليم الاستيطاني. وحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن الصلاحيات الممنوحة لسموترتيش وحزبه ستجعله قادراً على تعزيز عمليات البناء داخل المستوطنات التي ظلّت عالقة لسنوات.

4. غضب قيادات الليكود:

وفقاً لتقارير إسرائيلية، فهناك حالة من الغضب بين قيادات حزب الليكود، فهم يرون أن نفوذ أحزاب التحالف الأخرى قد طغى على نصيب الليكود في التشكيل الحكومي الجديد، رغم أنه حزب الأكثرية، وهو صاحب نصف عدد مقاعد الحكومة في الكنيست (32 من إجمالي 64 مقعداً). بينما حصل حزب "عوتسما يهوديت" (صاحب الـ 6 مقاعد) على ثلاثة مناصب وزارية ورئاسة لجنتين داخل الكنيست ومنصب نائب وزير. ويرى أعضاء الليكود أنه لم تتبق مناصب وزارية مهمة لهم، خاصةً أن نتنياهو يسعى لتعيين وزير خارجية من خارج الحزب، وهو رون ديرمر، سفير إسرائيل السابق في واشنطن، وذلك لكونه أحد أكثر المقربين من نتنياهو.

لذلك، يسعى نتنياهو لإرضاء قيادات حزبه من خلال تشكيل حكومة كبيرة، قد تكون الأكبر في تاريخ إسرائيل، لتتخطى حاجة الـ 30 وزيراً، يكون نصفهم من الليكود، كما ينوي دفع الوزراء الذين سيتم تعيينهم في الحكومة، لتقديم استقالتهم من الكنيست، بهدف إدخال مرشحين آخرين من الليكود، لإرضاء أكبر عدد من قيادات الحزب.

5. تشريعات ضرورية قبل أداء اليمين الدستوري:

في حال نجح نتنياهو في إتمام اتفاقات الائتلاف مع كافة أحزاب التحالف، سيظل أمامه معضلة أخرى، وهو أن رئيس حزب "شاس"، أرييه أدرعي، لن يكون قادراً على تولي حقيبة وزارية، بسبب إدانته بارتكاب جرائم ضريبية العام الماضي (2021)، وبالتالي يحتاج الليكود من الكنيست إصدار تشريع جديد يسمح بتعيينه أدرعي وزيراً.

ويتوقف صدور هذا التشريع على استبدال رئيس الكنيست الحالي، ميكي ليفي، الذي يعرقل إصداره. ولا يبدو أن نتنياهو سيتمكن من استبدال رئيس الكنيست إلا بعد إرضاء أحزاب التحالف. ويزعم بعض أعضاء حزب شاس أن السبب الحقيقي لتأجيل استبدال رئيس الكنيست هو عدم قدرة نتنياهو على اتخاذ قرار داخل الليكود بشأن هوية رئيس الكنيست القادم. وتشير التقارير حالياً إلى أن حزب "يهدوت هتوراة" هو الوحيد الذي يرفض التوقيع على استبدال رئيس الكنيست، بحجة أن الليكود يتجاهل مطالبه في المفاوضات.

أولويات الحكومة الجديدة

صحيح أن كافة التحديات السابقة حالت دون تشكيل الحكومة الجديدة بالسهولة والسرعة التي كان يتوقعهما نتنياهو، إلا أن هناك ثقة بين المحللين أن نتنياهو قادر على التعامل مع تلك التحديات، وتشكيل الحكومة الجديدة، لأن أطراف التحالف كافة ترى أن نتائج الانتخابات الأخيرة هي فرصة، يجب استغلالها، فربما لا تتكرر هذه النتائج مرة أخرى، إذا ذهبت إسرائيل لانتخابات جديدة العام المُقبل (2023). وعلى هذا الأساس، يمكن تحديد أولويات الحكومة الجديدة فيما يلي:


1. التركيز على الأمن الداخلي:

ركزت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة على ملف "الأمن الداخلي"، فقد تأسس انتصار بن غفير، على وعوده الانتخابية في هذا الصدد، وهي الوعود التي لاقت القبول من الشارع الإسرائيلي، في مواجهة شخصيات ذات خبرة عسكرية كبيرة، مثل غادي أيزنكوت وبيني غانتس. وهو أمر أعاده المحلل العسكري عاموس هرئيل، إلى أن "المجتمع الإسرائيلي في حالة ما بعد الصدمة بسبب أحداث حارس الأسوار [مايو 2021] وما حدث في المدن المختلطة".

حالة ما بعد الصدمة تلك –وفقاً لمختلف التحليلات الإسرائيلية- سببها إطلاق الفصائل الفلسطينية لمئات الصواريخ باتجاه إسرائيل خلال تلك العملية [حارس الأسوار]، بجانب عمليات المقاومة (من طعن وإطلاق نار) في الأحياء المختلطة، والتي أدت إلى ترهيب السكان اليهود وتعطُّل الحياة اليومية؛ وتقويض الثقة في الحكومة الإسرائيلية. فنجد أن وزارة المالية الإسرائيلية قد صادقت، في أكتوبر 2021، على ميزانية خاصة لإنشاء مركزين للدعم النفسي في مدينتي نتيفوت ومرحافيم القريبتين من قطاع غزة، وأرجعت الصحف الإسرائيلية ذلك إلى رغبة سكان المستوطنات المحاذية للقطاع –في مرحلة ما بعد عملية حارس الأسوار- في تلقي الدعم النفسي خلال أيام التصعيد والحروب. وفي يناير 2022، قالت وزارة الأمن الإسرائيلية، إن نحو 20 ألف إسرائيلي، قدّموا طلبات لاستصدار رخص حيازة السلاح خلال عام 2021، في ارتفاع نسبته 120% عن عام 2020، وأرجعت ذلك إلى عملية حارس الأسوار.

وفي ضوء الصلاحيات الموسعة التي حصل عليها بن غفير، من خلال وزارة الأمن القومي، من المتوقع أن تشهد ميزانية الأمن الداخلي زيادة كبيرة، تذهب 6 مليارات منها إلى تحسين أداء الشرطة، إضافة إلى تعيين مزيد من رجال الشرطة، وتحسين أداء جهاز مصلحة السجون بما في ذلك إقامة سجون جديدة وتعقب المساجين الأمنيين.

2. تعديل سلطات القضاء الإسرائيلي:

كانت أهم وعود الحملة الانتخابية لليمين الإسرائيلي، تعديل سلطات النظام القضائي، من خلال تقييد صلاحيات المحكمة العليا والمُدعي العام، وتغيير القانون الجنائي، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى إفلات نتنياهو من اتهامات الفساد التي تلاحقه منذ سنوات. وتسعى حكومة نتنياهو إلى فرض سيطرة حكومية كاملة على تعيين قضاة المحكمة، بما يمنحها القدرة على تمرير تشريعات لا تستطيع المحكمة العليا إبطالها.

3. توسيع حركة الاستيطان:

يُعزى جزء كبير من نجاح تحالف "الصهيونية الدينية" إلى الدعم الذي لاقاه بين المستوطنات، وهو دعم تأسّس على برنامج سموتريتش، الذي جاء تحت عنوان "خطة الحسم". حيث يُخطِّط إلى ضم كل الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتفكيك السلطة الفلسطينية، وإقامة ستة مجالس بلدية للفلسطينيين. ويرفض سموتريتش السماح للفلسطينيين بالمشاركة السياسية داخل الكنيست، ويكتفي بالسماح لهم بممارسة حقوق بلدية داخل مجالسهم.

ووفقاً لتقرير صدر عن مجموعة الأزمات الدولية في 8 نوفمبر 2022، فمن المتوقع إذا تمكّن سموتريتش من تولي الإدارة المدنية في الضفة الغربية، أن يُوسِّع من تهجير الفلسطينيين من المنطقة (ج) داخل الضفة، وكذلك يُعيد بناء أربع مستوطنات في شمال الضفة، كان رئيس الوزراء أرييل شارون قد أخلاها في عام 2005 خلال عملية فك الارتباط الأحادي.

4. الاستعداد لمواجهة إيران:

ركّزت التصريحات الإسرائيلية الحكومية الأخيرة على القلق بشأن التعاون العسكري بين إيران وروسيا، ويرون أن إيران ستكتسب المزيد من المعرفة والخبرة من تعاونها مع روسيا في الحرب على أوكرانيا، وبالتالي ستتحسّن قدرتها على مهاجمة أهداف في الشرق الأوسط. وقد توقع رئيس المخابرات العسكرية، أهارون هاليفا، أن إيران ستعمل قريباً على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90%، بما يؤهلها لصنع سلاح نووي. وقد صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس، مؤخراً، أن لدى إسرائيل القدرة على ضرب إيران، لكن يتعين على قيادة البلاد أولاً أن تدرس هذه الخطوة بعناية، قبل الإقدام عليها.

ويرى المحلل الإسرائيلي، يوسي ميلمان، أن واشنطن لن تتسامح مع أي جهد يقوم به نتنياهو لجرها إلى ضربة عسكرية ضد إيران. لذلك تساءل حول ما إذا كان نتنياهو يمتلك الجرأة على مهاجمة إيران من جانب واحد، مُخاطِراً بإطلاق حرب مفتوحة تجاه إسرائيل من جانب طهران وحلفائها في المنطقة.

يرى ميلمان، أن إقدام نتنياهو على هذا الخيار سيظل احتمالاً قائماً، خاصةً في ظل حكومة تضم بن غفير وسموتريتش، ولكن الأرجح أن تستمر في حرب الظل التي بدأت قبل سنوات، أو ما يُطلِق عليه الجيش الإسرائيلي "عمليات ما بين الحروب" The Campaign between Wars. ويرى ميلمان أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي القادم، هرتسي هليفي، الذي سيتولى منصبه في يناير 2023، سيكبح طموحات حكومة نتنياهو الجديدة حول توجيه ضربة عسكرية –غير مدروسة عواقبها- ضد طهران.

إجمالاً، ستعتمد سياسات الحكومة الإسرائيلية الجديدة على مدى قدرة نتنياهو على السيطرة على شركائه في الائتلاف، والحد من جموح سياساتهم، ويتوقع بعض المحللين أن يلجأ نتنياهو في مرحلة ما إلى توسيع نطاق حكومته أو حتى الدعوة إلى انتخابات جديدة لصالحه، ولكن في توقيت يمنحه هو الأفضلية.