أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

الخصوم الفاشلون

22 ديسمبر، 2019


الدول المشاغبة في المنطقة لا تريد لأي دولة فيها أن تستقر ولا أن تبني، بل يجب أن تبقى تابعة محتقرة ومحرومة من أبسط احتياجات الحياة، وهي بهذا تسلّط عملاءها من جماعات وأحزاب لقطع رزق المواطنين وفرض حكم الحديد والنار عليهم، وأوضح الأمثلة ما يجري في العراق ولبنان واليمن وغيرها.

ما جرى في الماضي يجري اليوم وسيجري في المستقبل، ولنأخذ أمثلة معبرة؛ إيران التي أرادت أن تقلب التاريخ رأساً على عقبٍ وتجعل من نفسها ممثلة للعالم الإسلامي وللإسلام نفسه تسجل بعد أربعين عاماً أكبر أنواع الفشل، في محاولة جعل الأقلية الشيعية المحترمة ممثلة للعالم الإسلامي، وأن تجعل الشيعة متناً والسنة هامشاً كما هو تعبير المفكر المغربي عبد الله العروي.

تركيا التي تبذل جهدها لإعادة التاريخ القهقرى قروناً والساعية لاستعادة حلم الخلافة العثمانية الباطشة تحاول الأمر ذاته، فهي تسعى لاستتباع ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وحليفتها إيران لتغيير المعادلات الكبرى والراسخة، ولكنها تكتشف يوماً تلو آخر ومغامرة بعد أخرى أنها أضعف من ذلك بكثير، وهي تسعى بعد فشلها المتكرر عملياً في تحالفها مع الإرهاب في سوريا وليبيا وغيرهما لأن تكون قائدة للعالم الإسلامي.

وقطر الصغيرة تسعى بعد كل فشلها الذريع في كل الملفات التي أدارتها وفي كل الخطط التي حبكتها وفي كل الاستراتيجيات التي بنتها إلى أن تتحالف مع الفاشلين، وأن تجعل من نفسها قوة إقليمية كبيرة، ولم تفهم بعد أن الصغير يظل صغيراً ويزداد صغراً وصغاراً حين يلعب لعبة أكبر منه بكثير.

قدر الصغار أن ينكشفوا وينفضحوا حين يتحرك الكبار، وحين تحرّكت السعودية وحلفاؤها الأقوياء واستعادت أدوارها الإقليمية والدولية بدأ الصغار يفتشون عن المخارج، ويسعون لتعلية السقف في الخلافات السياسية ويبحثون عابثين عمّا يمكن أن ينقذ خياراتهم الفاشلة ولكنهم يبوءون بالفشل تارة بعد تارة ثم لا يرعوون ولا يتعلمون.

أما أذناب تلك الدول وذيولها من الجماعات والأحزاب فهم يولولون ويزيدون استخذاءً وعمالة، فأتباع إيران في العراق لا يتركون لأتباعهم فرصة لإحسان الظن بهم بل يسوقونهم سوقاً ويدفعونهم دفعاً - كما صرّح سليماني إيران - ليفضحوا أنفسهم ويمعنوا في قتل مواطنيهم وأقارب دمهم خدمة للمحتل الأجنبي الفارسي الكاره، ما سيحول العراق إلى بؤرة دمٍ واسعة النطاق بشكل لا يعرف له العالم مثيلاً.

وهم يفعلون الأمر نفسه في لبنان، حيث عناصر من «حزب الله» وحركة أمل برسم الانتظار لقتل مواطنيهم والقضاء على كل معارضيهم، فهم لا يحسنون غير لغة الدم والقتل، وهم كأي محتلٍ أجنبي لا مانع لديهم من إحراق لبنان خدمة لإيران، ومن قتل مواطنيهم خدمة للمشاريع الفاشلة والدموية في المنطقة. 

تحالف إيران و«الإخوان» واضح، وتم توضيحه مراراً وتكراراً في هذه المساحة وفي غيرها، وتحالف تركيا و«الإخوان » - كذلك - واضحٌ وتم توضيحه، وبالتالي فلا غرابة في أن يجتمع الجميع في محاولة بائسة وفي لحظة برزت فيها الخسائر بغرض بناء تحالفات كبرى تحت أي مبررٍ لتغيير المشهد الدولي بكل ما يملكون ولمواجهة التحديات التي يواجهون فلجأوا لماليزيا العائدة للإسلام السياسي من جديد، فهم كالمستجير من الرمضاء بالنار.

لم يبق شيءٌ لم تمدّه السعودية وحلفاؤها العرب والإقليميون والدوليون لقطر لتخرج من أزمتها وأزماتها المتتابعة ولكنها ترفض، وتريد الحفاظ على ماء وجهها تجاه أتباعها من جماعات الإسلام السياسي الذين دعمتهم بكل ما تملك، وهي اليوم تتجه لرفع السقف وتصعيد القضايا وتدفع من ميزانياتها وأرصدتها ما يخدم الآخرين ومشاريعهم لكي تبقى في المشهد فقط دون أي فائدة لها دولة وشعبا.

على طول التاريخ وعرض الجغرافيا كان للصغار أدوارٌ وللتافهين تأثيرٌ، فالخيانة والغدر باقيان ما بقي البشر، ولأنهم لا يفهمون منطق التاريخ ولا طبيعة الجغرافيا فهم يوقعون أنفسهم ومن يتبعهم من تيارات وأحزابٍ فيما لا تحمد عقباه ولا ترتجى نوائله.

مرّ في التاريخ حمقى كثيرون، ومرّ فيه خونة عديدون، ومرّ فيه صغارٌ طامحون بأدوارٍ لا تليق بهم ولا يليقون بها، وفشل المغامرون التافهون وبقي التاريخ وبقيت الحقائق وذهب الآخرون أدراج الرياح.

لم ينته الإسلام السياسي ولن ينتهي قريباً، لم ينته الإرهاب ولن ينتهي قريباً، فلم تزل خلافات العالم تمنح متسعاً لبعض الدول للتلاعب والادعاء، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث الاضطرابات والفوضى في المنطقة نتيجة لعدم اتحاد الرأي والرؤية على المستوى الدولي.

ماذا تفعل تركيا في شرق المتوسط؟ وماذا يكسب إردوغان من التهجم على ثروات الدول المكتشفة مؤخراً هناك؟ ماذا تصنع تركيا في ليبيا لدرجة التهديد بإرسال قواتٍ مسلحة هناك؟ لماذا يبدو إردوغان وكأنه لا يأبه بأي شيء؟ بحيث يعبث عبثاً داخلياً غير مسبوق في تاريخ تركيا الحديثة، سجناً واعتقالاً وملاحقة لكل مخالفيه هناك؟ وبحيث يخرّب كل علاقات تركيا وتحالفاتها الدولية والإقليمية؟ لماذا يصنع هذا كله إن لم يكن مقتنعاً بآيديولوجيا الإسلام السياسي وبحلم الخلافة العثمانية المدعاة؟

عقوبات أميركية على تركيا تزيد ولا تنقص، وتهديدات من إردوغان بطرد القوات الأميركية منها، والاتحاد الأوروبي يتجه لفرض عقوباتٍ رادعة بعد العدوان التركي على بعض دول الاتحاد المعترف بها وبخاصة في قبرص واليونان، هذا فضلاً عن تهديدها لأمن وسلامة البحر الأبيض المتوسط باتفاقها المشؤوم مع حكومة السراج في ليبيا حماية لجماعة «الإخوان» وجماعات الإرهاب هناك. 

السعودية وحلفاؤها من الدول العربية تمثل المستقبل بكل أحلامه وآماله في البناء والتنمية والتغيير والتطوير بينما يمثل هؤلاء الخصوم كل ما هو نقيض ذلك فهم يفتشون عن الماضي لاستعادته بكل دمويته وجرائمه ويستحضرون الطائفية والكراهية بأبشع الصور.

تمّ عقد قمة إسلامية جمعت الدول المعادية للدول العربية وتحديداً إيران وتركيا في دولة غير عربية أخرى هي ماليزيا، لماذا؟ لأن هذه الدول تريد انتزاع قيادة العالم الإسلامي من السعودية، وهل يستطيعون؟ بالتأكيد لا، ولكنه عبثٌ سياسي ومن هنا جاء كلام خادم الحرمين الشريفين في اتصال مهاتير محمد بأن العالم الإسلامي تمثله «منظمة التعاون الإسلامي» ولا شيء غيرها.

أخيراً، فنجاحات السعودية هي نجاحات للدول العربية وهي فشلٌ للخصوم في المنطقة والعالم. 

* نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط