أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

ضغوط متصاعدة :

فرص نجاح باشاغا في دخول طرابلس باستخدام النفط والميليشيات

22 أبريل، 2022


تعددت التقارير التي أشارت إلى أن رئيس الحكومة الليبية الجديدة، فتحي باشاغا، سيحاول دخول العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام المقبلة، من خلال معبر "الذهبية – وازن" عند الحدود الليبية – التونسية، وذلك في أعقاب الاجتماعات التي عقدها باشاغا، في 14 أبريل 2022، مع عدد من قيادات مصراته في تونس، ما تمخض عنه تحركات موازية من الدبيبة لمنع ذلك.

استعداد باشاغا لدخول طرابلس:

شهدت ليبيا مؤشرات مهمة بشأن تنامي احتمالات دخول باشاغا إلى طرابلس، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:

1- اجتماعات تونس: عقد باشاغا مؤخراً اجتماعات مكثفة في مقر إقامته في تونس، حيث التقى بعدد من الوزراء المستقيلين من حكومة الوحدة الوطنية المقالة، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، منهم وزير الاقتصاد والتجارة، محمد الحويج، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة الليبيين، فضلاً عن وزراء ليبيين سابقيين.

كذلك، عقد باشاغا اجتماعات أخرى، في 14 أبريل الجاري، مع عدد من القادة العسكريين من مصراته، على غرار كل من ومحمد الحصان، زعيم قوة "166"، ومختار الجحاوي، زعيم قوة مكافحة الإرهاب، ومحمد الخباشة وعبدالسلام عليلش، وهو ما أعقبها صدور بيان تلفزيوني مشترك جمع عليش والحصان والجحاوي، دعو كل من الدبيبة وباشاغا إلى إبقاء الصراع في شكله السياسي. وأشارت بعض التقديرات إلى أن هذه الاجتماعات تستهدف التوصل إلى صيغة توافقية بين القوى السياسية والأمنية تضمن لباشاغا دخول طرابلس من دون الدخول في صدامات مسلحة.

2- دعم ميليشيات مصراتة لباشاغا: عكست اجتماعات باشاغا مع عدد من القيادات العسكرية لمدينة مصراته في تونس عن دعم هذه القيادات له، خاصةً، أن هذه القيادات كانت قد اجتمعت في وقت سابق، مع الدبيبة، وطالبته بضرورة التنحي لتجنب أي مواجهات عسكرية واسعة غير محسوبة العواقب.

وتجدر الإشارة إلى أهمية البعد الميليشياوي في حسم الصراع السياسي الراهن، ويرتكز الوزن النسبي الأكبر لهذه الميليشيات في ثلاث مدن رئيسية بغرب ليبيا، هي طرابلس ومصراته والزاوية. ويتسم موقف الميليشيات في طرابلس بالتشرذم والانقسام، إذ تدعم قوة دعم الاستقرار الدبيبة، مقابل دعم ميليشيات أخرى باشاغا على غرار قوة الردع الخاصة ومكافحة الإرهاب التي يقودها، عبد الرؤوف كاره، وهو الموقف الذي لا يختلف كثيراً في الزاوية، والتي تتضمن قوتين محوريتين، هما قوة المباحث الجنائية، التي يقودها محمد بحرون، والتي تعد أقرب نسبياً للدبيية، وتحالف قوة دعم الاستقرار والكتيبة 155، التي تدعم موقف باشاغا. 

في المقابل، يتسم الموقف في مصراته بالحياد خلال الفترة الماضية، بيد أن اجتماع بعض قادتها في تونس مع باشاغا يؤشر لتغيرات مهمة في موقف المدينة، لذا، فإذا ما قررت هذه القيادات اتخاذ موقف واضح بدعم باشاغا، وهو المسار المرجح، فإن هذا الأمر سينعكس على ميليشيات طرابلس والزاوية، الداعمة للدبيبة، وقد يدفعها للتخلي عنه.

3- تخلخل دعم ميليشيات طرابلس: حذر قائد كتيبة القوة الثامنة (النواصي)، مصطفى قدورة، كلاً من الدبيبة وباشاغا من عواقب إشعال فتيل الحرب مرة أخرى، داعياً كل القوى الأمنية لالتزام الحياد تجاه الصراع السياسي الراهن وعدم الإنجرار وراء أي طرف، وذلك على الرغم من أن كتيبة النواصي، تعد من الميليشيات الرئيسية التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة.

كما عكس تصريح عميد بلدة نالوت، عبد الوهاب الحجام، بأن القيادي العسكري بحكومة الدبيبة ومدير الاستخبارات العسكرية بها، أسامة الجويلي، حاول تأمين دخول باشاغا إلى طرابلس عبر الحدود التونسية، عن نجاح باشاغا في التأثير على تحالفات الدبيبة مع ميليشيات طرابلس، بما يمهد الباب للأول لتسلم السلطة خلال الفترة المقبلة.

4- الضغط على الغرب بورقة النفط: أعلنت عدة قبائل من مدينة الزويتينية، بشرق ليبيا، في 16 أبريل الجاري، عن وقف تصدير النفط من ميناء المدينة والحقول التابعة لها، اعتراضاً على استمرار الدبيبة وتمسكه بالسلطة، قبل أن تعلن المؤسسة الوطنية للنفط في 18 أبريل الجاري، حالة القوة القاهرة في الميناء، والذي يعد مسؤول عن تصدير حوالي ربع إنتاج ليبيا النفطي، والذي يبلغ حوالي 1.2 مليون برميل يومياً، وهو ما أعقبها من خطوات مماثلة من قبل مدينة أوباري بجنوب ليبيا، والبريقة بوسطها، والحريقة بشرقها.

كذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، في 17 أبريل الجاري، تعطل عملية إنتاج النفط في حقل الفيل بجنوب البلاد، بسبب ضغط محتجين لإيقاف عملية الإنتاج. وأدى توقف الإنتاج في حقل الفيل وميناء الزويتينية إلى توقف تدريجي في عدة حقول نفطية أخرى في ليبيا، على غرار حقول الانتصار والنخلة والنافورة والطفل.

كما أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في 18 أبريل الجاري، القوة القاهرة أيضاً في حقل الشرارة، الحقل الأكبر في البلاد، وأدى التوقف المتزايد للحقول والموانئ النفطية الليبية إلى خسارة نحو نصف الإنتاج الليبي اليومي من النفط، المقدر بنحو 600 ألف برميل يومياً مرجحة للزيادة خلال الأيام المقبلة.

وعكست عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية في ليبيا وجود محاولات من جانب بعض القوى الموالية لباشاغا للتحرك لدفع القوى الغربية لزيادة ضغوطها على الدبيبة للاستقالة، خاصةً في ظل أزمة الطاقة التي تعاني منها القوى الأوروبية، والتي ستتأثر على الأغلب بأي تخفيض في الإنتاج الليبي، كما أن توقف تصدير النفط سوف يؤثر على الأموال التي تحصل عليها حكومة الدبيبة، ومن ثم تراجع قدرته على ضمان ولاء الميليشيات له. 

تمسك الدبيبة بطرابلس:

عمد الدبيبة، إلى تبني عدة خطوات مضادة لمحاولة عرقلة خطوة دخول باشاغا لطرابلس، يمكن عرض هذه التحركات فيما يلي:

1- محاولة التنسيق مع تونس: أعلن مكتب الدبيبة إلى أن الأخير قد عقد اجتماعاً، في 16 أبريل الجاري، مع سفير تونس لدى ليبيا، الأسعد العجيلي، بحضور رئيس قوة مكافحة الإرهاب، اللواء محمد الزين. ورجحت تقديرات أن يكون الهدف من الاجتماع محاولة إقناع الحكومة التونسية بالتدخل لوقف الاجتماعات التي يقوم بها باشاغا داخل تونس مع الأطراف الليبية، وكذا الحيلولة دون دخول باشاغا لطرابلس عبر المعابر التونسية.

2- طلب دعم الجزائر: قام الدبيبة بزيارة مفاجئة، في 18 أبريل، إلى الجزائر، على رأس وفد أمني رفيع المستوى، يتضمن كل من وزير الدفاع بحكومته، محمد الحداد، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة، محمد خليفة، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، لطفي الحراري، وهو ما يعكس حرص الدبيبة على طلب دعم الجزائر، في ظل تراجع الدعم الإقليمي والدولي له.

3- استنفار أمني في طرابلس: عقد الدبيبة، في 16 أبريل الجاري، اجتماعاً مع عميد بلدية نالوت، عبدالوهاب الحجام، وذلك لتأمين المنطقة الغربية، إذ جاء الاجتماع إثر قيام قوات تابعة لبلدية نالوت بالتصدي لتحركات الميليشيات المسلحة التابعة لأسامة الجويلي، أحد القيادات العسكرية بحكومة الدبيبة، والتي سعت لتأمين دخول حكومة باشاغا إلى طرابلس من خلال معبر "الذهبية – وازن".

كما تواجدت أرتال عسكرية على أبواب طرابلس، وهي الأرتال التابعة لقوة حماية الدستور، والتي كان الدبيبة أنشأها خلال الأشهر الأخيرة لمنع دخول حكومة باشاغا للعاصمة الليبية، وحشد الدبيبة كذلك الميليشيات المسلحة التابعة له من عدة مدن في غرب ليبيا للاحتشاد حول العاصمة، وإغلاق مداخلها بالسواتر الترابية.

وعقد الدبيبة اجتماعاً مع لطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي، وبحضور وزيري الداخلية والدولة لشؤون مجلس الوزراء، وذلك لضمان التنسيق المستمر مع مختلف الجهات الأمنية لصد أي تحركات لقوى تابعة لباشاغا. 

سيناريوهات ثلاثة:

يمكن طرح ثلاثة سيناريوهات رئيسية، في إطار التطورات السابقة، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:

1- لجوء باشاغا إلى القوة لدخول طرابلس: يفترض هذا السيناريو رفض الدبيبة التخلي عن السلطة بشكل سلمي، في ظل حرص الدبيبة على حشد الميليشيات الموالية له في طرابلس، خاصةً مع إخفاق خطة باشاغا لدخول طرابلس من خلال معبر "الذهبية – وازن". 

ويفترض هذا السيناريو احتمالية تحول باشاغا نحو محاولة الدخول بالقوة، حال استمرار تعثر مساعيه لدخول طرابلس سليماً، غير ان احتمالية هذا السيناريو تبقى محدودة.

2- قبول الدبيبة تسليم السلطة: يقوم هذا السيناريو على تراجع الدعم الدولي والإقليمي لفتحي باشاغا، بالتزامن مع اتجاه بعض الميليشيات في غرب ليبيا لدعم تسلم باشاغا للسلطة في العاصمة، وهو ربما ما يدفع الدبيبة لقبول تسليم السلطة، خاصةً حال ضغطت واشنطن بقوة صوب هذا المسار.

3- استمرار الجمود القائم: يستند هذا السيناريو إلى استمرار حالة الانقسام السياسي الراهن، وذلك عبر تمسك الدبيبة بالبقاء في السلطة، واستمرار ضغط باشاغا عليه لتسليمها من دون جدوى. ويعد هذا السيناريو هو القائم حالياً، غير أنه من الصعب تصور استمراره على المدى الطويل. 

وفي الختام، ترجح أغلب التطورات التي تشهدها ليبيا أن يتمكن باشاغا من دخول طرابلس بشكل سلمي، بيد أن تحركات الدبيبة الأخيرة نحو الجزائر ربما تؤثر على فرص نجاح هذا السيناريو، مع وجود تقديرات تشير إلى أن الجزائر ربما تلعب دوراً في الوساطة بين القوى الغربية والدبيبة لدعم حكومته.