أخبار المركز
  • د. إبراهيم فوزي يكتب: (المعضلة الروسية: المسارات المُحتملة لأزمات الانتخابات في جورجيا ورومانيا)
  • إسلام المنسي يكتب: (جدل الوساطة: هل تخلت سويسرا عن حيادها في قضايا الشرق الأوسط؟)
  • صدور العدد 38 من دورية "اتجاهات الأحداث"
  • د. إيهاب خليفة يكتب: (الروبوتات البشرية.. عندما تتجاوز الآلة حدود البرمجة)
  • د. فاطمة الزهراء عبدالفتاح تكتب: (اختراق الهزلية: كيف يحدّ المحتوى الإبداعي من "تعفن الدماغ" في "السوشيال ميديا"؟)

أزمة هيكلية:

دلالات حشد موسكو قواتها ضد أوكرانيا على ثلاث جبهات

24 فبراير، 2022


تمر العلاقات بين روسيا من جانب، والولايات المتحدة والناتو من جانب آخر بأزمة حادة على خلفية التصعيد العسكري الروسي حول أوكرانيا، وهي الأزمة التي تعد الأسوأ منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في 2014، إذ بلغت التقديرات حول حجم القوات الروسية حول أوكرانيا بحوالي 180 ألف جندي، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه أوروبا في جهودها الرامية للتوصل لحلول وسط للأزمة. 

أسباب الأزمة الأخيرة: 

يتمثل أحد أسباب الأزمة الأخيرة بين روسيا والولايات المتحدة في مطالبة موسكو بالحصول على ضمانات أمنية من واشنطن، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي: 

1- المطالبات الأمنية الروسية "المشروعة": تضغط موسكو على واشنطن للتجاوب مع مطالبها الأمنية الثلاثة، والتي تتمثل في عدم توسيع عضوية حلف الناتو، والتخلي عن نشر أنظمة أسلحة هجومية بالقرب من الحدود الروسية، وعودة البنية التحتية العسكرية للناتو في أوروبا إلى حالة عام 1997، فضلاً عن الامتناع عن إقامة قواعد في جمهوريات سوفييتية سابقة، وصاغت موسكو هذه المطالب في مسودة أمنية، وعرضتها على واشنطن. 

ويلاحظ أن موسكو تنظر إلى هذه المطالب باعتبارها مطالب مشروعة، وتسعى للحصول على اتفاقات ملزمة من الغرب بذلك، حتى تتجنب أي محاولة من واشنطن للنكوص على تعهداتها مستقبلاً، فقد سبق وأن وعد وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف عام 1990 بعدم لتوسيع الناتو "شبراً واحداً إلى الشرق"، وهي الوعود التي نكصت عنها واشنطن. 

2- الرفض الأمريكي لمطالب الكرملين: أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في 21 يناير، عقب محادثات في جنيف مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف، أن واشنطن ترفض مطالب موسكو بشأن "سياسة الأبواب المفتوحة للناتو"، كما سلّم السفير الأمريكي في موسكو، جون سالفيان، في 27 يناير ردّ بلاده على لائحة المطالب الأمنية الروسية. 

ولم يستجب الرد الأمريكي للمطالب الروسية، فقد أفاد بلينكن بأنّ الرسالة أوضحت لموسكو أنّه بإمكان كييف اختيار حلفائها، متجاهلاً مطلباً روسياً بالحصول على تعهّد بألا تنضم أوكرانيا أبداً إلى حلف شمال الأطلسي، وهو ما فاقم من الأزمة بين الجانبين. 

أدوات إدارة الأزمة: 

لجأت كل من روسيا والولايات المتحدة إلى اتباع الأدوات التالية لإدارة الصراع بين الجانبين، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي: 

1- تصعيد روسيا منضبط: لجأت موسكو إلى التصعيد العسكري التدريجي ضد واشنطن وأوكرانيا، وهو ما يتضح في التالي: 

‌أ- حشد القوات على الحدود الأوكرانية: حشدت روسيا أكثر من 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية مع نهاية عام 2021، وفقاً لتقديرات أمريكية، كما وصل حجم هذه القوات مع منتصف فبراير إلى حوالي 180 ألف جندي. 

ونشرت موسكو قواتها على ثلاث جبهات هي الحدود الشرقية لأوكرانيا مع روسيا، فضلاً عن نشر قوات في بيلاروسيا للشمال من أوكرانيا، وذلك لإجراء مناورات تدريبية. كما توجد قوات روسية في شبه جزيرة القرم إلى الجنوب من أوكرانيا. ولاشك أن نشر القوات الروسية على أكثر من جبهة من شأنه أن يشتت الجيش الأوكراني، ويجبره على نشر قواته على الجبهات الثلاثة، وهو ما يزيد من الضغط العسكري على كييف. 

‌ب- المناورات مع بيلاروسيا: قامت موسكو بمناورات عسكرية مشتركة مع بيلاروسيا لمدة عشرة أيام، وهو ما أثار هواجس الغرب، خاصة أن انتشار الجيش الروسي في بيلاروسيا هو الأكبر منذ الحرب الباردة، إذ تشير تقديرات الناتو إلى وجود نحو 30 ألف جندي روسي، وقوات العمليات الخاصة، والطائرات المقاتلة بما في ذلك "سو – 35"، وصواريخ إسكندر وأنظمة الدفاع الجوي إس – 400". 

كما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإطلاق مناورات عسكرية نوعية لوحدات الردع الاستراتيجية، والتي تشمل أسلحة بعيدة المدى ومناورات باستخدام الصواريخ الباليستية والنووية في الـ19 فبراير وقام بوتين بنفسه بالإشراف عليها.

ومن جانب ثانٍ، يخشى الغرب من نية روسيا نشر قوات في بيلاروسيا تحت ستار المناورات العسكرية المشتركة بهدف شن هجوم محتمل ضد أوكرانيا". كما أعلن رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، أن بلاده ستكون على استعداد لاستقبال "أسلحة نووية"، في حال وجود تهديد غربي، وذلك بالتزامن مع انطلاق مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، وهو ما يعني أن موسكو تحتفظ بأوراق أخرى للتصعيد ضد الغرب في حالة استمرار واشنطن في تجاهل مطالبها، خاصة أن مسؤول غربي قد أشار إلى أن هناك تعديلات مقترحة على دستور بيلاروسيا في استفتاء مقرر في مارس، قد تسمح لقوات روسية تقليدية ونووية بالتمركز على أراضيها.

‌ج- الحرب الإعلامية ضد أوكرانيا: بثت روسيا على أحد قنواتها الرسمية فيلم وثائقي بعنوان "الحرب لأجل أوكرانيا" في 19 فبراير 2022، ويدور محتوى الفيلم عن الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في الداخل الأوكراني منذ الثورة الأوكرانية ووصول الرئيس الأوكراني فلاديمير زالينسكي للسلطة، مما أثار المخاوف الغربية من إمكانية أن تقدم موسكو على إثارة احتجاجات شعبية في داخل أوكرانيا تسفر في النهاية عن الإطاحة بحكومتها. 

‌د- التصعيد الميداني في دونباس: انفجرت مئات قذائف المدفعية على طول خط المواجهة بين الانفصاليين الموالين لموسكو والجيش الأوكراني في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، في 20 فبراير، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن بدء الهجوم، وذلك بالتزامن مع موجة نازحين باتجاه الأراضي الروسية، وهو ما يؤشر على إمكانية اندلاع مواجهات بين الجانبين. وتزيد من المخاوف الغربية بإمكانية استغلال موسكو لهذه التطورات لغزو أوكرانيا.

كما اشتعلت النيران بخط أنابيب غاز في لوغانسك الأوكرانية في 18 فبراير، وهو ما يعني أن تصاعد التوتر في هذه المنطقة قد يؤثر على إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وهو سيناريو في حال حدوثه، يجعل برلين تتجه إلى الاعتماد على خط "نورد ستريم 2"، إذا تعطل هذا الخط، وذلك على الرغم من تهديد الرئيس الأمريكي بايدن لن يدخل الخدمة إذا اجتاحت روسيا أوكرانيا. 

2- أدوات أمريكية مضادة: سعت واشنطن إلى تبني عدد من الإجراءات لتثبيط التحركات الروسية حول أوكرانيا، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي: 

‌أ- شن الحرب الإعلامية ضد موسكو: اتجهت واشنطن للتركيز على شن هجمات إعلامية مكثفة ضد موسكو، قامت خلالها بنشر تقديرات أجهزة الاستخبارات الأمريكية حول اقتراب موسكو من اجتياح أوكرانيا بذرائع متعددة، وحددت واشنطن توقيتات مختلفة لمثل هذا الهجوم، والذي تراوح بين مطلع يناير إلى أواخر فبراير، وذلك دون أن تصدق أغلب هذه التوقعات.

وتعتقد واشنطن أن مثل هذه الحرب الإعلامية سوف تساهم في تقليص هامش الإنكار لروسيا في حالة قررت الأخيرة شن هجوم ضد أوكرانيا، غير أن مثل هذه السياسة كان لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الأوكراني، خاصة قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية. 

وفي المقابل، اتجهت موسكو للسخرية من الاتهامات الغربية، فقد سخرت المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية "ماريا زاخاروفا"، من وسائل الإعلام الغربية حيث كتبت على صفحتها الشخصية بمنصة تيليجرام: "اطلب من وسائل التضليل الإعلامي الأمريكية والبريطانية، بلومبيرج ونيويورك تايمز وذا صن وغيرها من الصحف الغربية، أن يعلنوا الجدول الزمني لغزو بلادنا لأوكرانيا خلال العام المقبل"، مضيفة في سخرية: "نود أن نخطط لإجازاتنا".

‌ب- استبعاد الدفاع عن أوكرانيا: حذر بايدن، في مطلع فبراير، من أن القوات الأمريكية لن تتمكن من إجلاء رعاياها الفارين من الأراضي الأوكرانية في حال بدأت روسيا بالاجتياح، كما استبعد دفاع الجيش الأمريكي عن أوكرانيا، إذ أكد بايدن على أن الأمر سيكون بمنزلة  "حرب عالمية عندما يبدأ الأمريكيون والروس بإطلاق النار على بعضهم. نحن في عالم يختلف كثيراً" عما كان عليه سابقاً.

‌ج- التلويح بالعقوبات الاقتصادية: حذرت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي بعقوبات اقتصادية ومالية هائلة على روسيا إذا قامت بهجمات أخرى على جارتها، منها عزلها عن النظام المالي العالمي "السويفت"، غير أنه من الملاحظ أن هذه العقوبات لا تمثل رادع كافٍ لموسكو، خاصة أن أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسب تفوق الـ40%، ففي حالة اتجهت واشنطن لفرض عقوبات على موسكو، فإن الأخيرة سوف تقوم بتعليق صادرات الطاقة إلى أوروبا، وهو ما لوّح به المسؤولين الروس فعلاً. 

‌د- فتح الباب أمام الدول الغربية للوساطة: اتجهت الدول الأوروبية لمحاولة لعب دور نشط في الأزمة، بل وأبدى الأوروبيون استعداداً لمناقشة مواضيع كان يتم تجاهلها من قبل الغرب لعقود مثل مواقع منصات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، والمناورات العسكرية لحلف الناتو، خاصة تلك التي تحاكي الحروب النووية. وتتمثل أهم المحاولات الأوروبية في التالي: 

• الوساطة الفرنسية والنموذج الفنلندي: أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته موسكو أن النموذج الفنلندي قد يكون مطروحاً على الطاولة لتهدئة الأزمة الأوكرانية، وذلك قبل أن يتراجع عنه أثناء زيارته أوكرانيا للوساطة.

ويعود النموذج الفنلندي إلى اتفاقية 1948، والتي نصت على استبعاد فنلندا من الانضمام إلى حلف الناتو، في مقابل تعهد سوفييتي بعدم غزوها، وهو ما يعد بمنزلة قبول لأحد مطالب موسكو الأمنية. 

ويعكس التراجع الفرنسي وجود رفض من الولايات المتحدة، أو أوكرانيا لمثل هذا الاقتراح، غير أنه في الوقت نفسه يكشف عن وجود انقسامات أوروبية حول كيفية التعامل مع موسكو، وأن هناك بعض الدول الأوروبية تتفهم المصالح الروسية الأمنية. 

• إحياء صيغة نورماندي من جديد: تسمى أيضاً مجموعة اتصال نورماندي، وهي منصة حوار رباعية تضم طرفي الأزمة روسيا وأوكرانيا إلى جانب الوسيطين فرنسا وألمانيا. وتأسست في عام 2014، في أعقاب اشتباكات مسلحة عنيفة اندلعت في منطقة دونباس شرق أوكرانيا بين القوات الحكومية وميليشيات انفصالية تدعمها روسيا، وهي منتدى غير رسمي للقنوات الدبلوماسية. وقد استؤنفت المحادثات الرباعية ضمن "صيغة نورماندي" في يناير 2022، في برلين وباريس. ولم تنجح هذه الآلية بعد في التوصل لتسوية بين الجانبين. 

‌ه- محاولة إيجاد بدائل للغاز الروسي: سعت الولايات المتحدة لمحاولة إيجاد بدائل للاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، وسعت في هذا الإطار للاتصال بعدد من الدول، بما فيها قطر، غير أن الأخيرة أكدت أنه، في ضوء تعاقداتها الدولية القائمة حالياً، يستحيل أن تكون قادرة على توفير بدائل للغاز الروسي. 

كما قامت واشنطن بإجراء محادثات مع الصين، غير أنها لم تسفر بعد عن أي اتفاق. وأجرى المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين أيضاً محادثات مع مسؤولين في اليابان وكوريا الجنوبية والهند من أجل تحويل إمدادات الغاز إلى أوروبا، ولم تلاقي هذه الجهود نجاحاً، إذ إنه على عكس النفط، فإن السعة الاحتياطية في سوق الغاز الطبيعي العالمي قليلة، ولم يصرح أي من المنتجين أنه يمكنه إنتاج المزيد في وقت قصير.

تداعيات جيوسياسية ممتدة: 

يلاحظ أن الأزمة الأوكرانية تعد أزمة هيكلية تمثل انعكاساً لتحول النظام الدولي من نظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي: 

1- إحياء المجال الحيوي ودولة الوحدة: يتمثل أحد الانعكاسات المترتبة على نهاية القطبية الأحادية في عودة القوى الكبرى إلى الدفاع عن مجالها الحيوي، أي منع القوى الدولية المناوئة لها من الانتشار في جوارها المباشر، كما يتضح في مطالبة موسكو بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، أو توسعه في دول أخرى في شرق أوروبا.

ومن جهة أخرى، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير 2022 عن قطع روسيا وبيلاروسيا خطوات جدية لتحقيق "دولة الوحدة" (Union State) في عام 2021، وهو عبارة عن اتحاد كونفدرالي بين الجانبين، تتضمن تعاوناً وثيقاً في مجالات مختلفة، بما في ذلك بلورة عقيدة عسكرية مشتركة، وتخشى موسكو أن يتمثل مثل هذا الاتحاد مقدمة من جانب روسيا لإحياء الاتحاد السوفييتي من جديد.  

2- مخاوف واشنطن من الأذعان: تخشى واشنطن من التسليم بالمطالب الأمنية الروسية، نظراً لأنه يعني عملياً تراجع نفوذ واشنطن الدولي، كما أن ارتدادات هذه الخطوة سوف تنعكس سلباً على النفوذ الأمريكي في شرق أوروبا. ويلاحظ أن التداعيات الاستراتيجية سوف تمتد كذلك إلى جنوب شرق آسيا كذلك، حيث إن كيفية إدارة واشنطن الأزمة مع أوكرانيا سوف يكون له تأثير مباشر على المطالب الصينية في تايوان. 

وعلى الجانب الآخر، فإن توصل بايدن لاتفاق مع موسكو في هذا التوقيت سوف يمثل فرصاً للجمهوريين لتصوير بايدن بأنه شخص ضعيف، وهو ما يؤثر على فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في 2022. 

3- تفهم أوروبي للمطالب الروسية: جعلت روسيا أوروبا تفاوض من أجل أمنها العسكري لأول مرة منذ 1999 مع روسيا، كما أن هذه الخطوة ساهمت في الكشف عن وجود انقسامات بين الدول الأوروبية، إذ إن هناك دولاً تتفهم الموقف الروسي، خاصة فرنسا وألمانيا، وتدعو إلى التوصل لحلول وسط معها، ودول أخرى تبدي مواقف أكثر تشدداً، خاصة بعض دول شرق أوروبا، مثل بولندا. 

4- تراجع فرص انضمام أوكرانيا للناتو: يلاحظ أن هناك حاجة إلى الإجماع بين دول حلف الناتو لقبول أي أعضاء جدد. وبطبيعة الحال، فإن العديد من الدول الأوروبية سوف ترفض انضمام أوكرانيا، حتى لا تدخل في صراع مباشر مع روسيا، خاصة في ظل وجود مجالات للتلاقي المصلحي بين روسيا والدول الأوروبية. 

5- تعزيز التفاهم الروسي – الصيني: كان من الواضح أن هناك دعماً صينياً للموقف الروسي، وهو ما وضح في رفض بكين توسع حلف الأطلسي، كما أن بكين تعاني المحاولات الأمريكية لتطويقها في جنوب شرق آسيا، عبر التحالفات الأمنية الجديدة، مثل أوكوس والكواد، وهو ما يجعل لها مصلحة حقيقية في مناصرة الموقف الروسي.  

وفي الختام، يمكن القول إن موسكو ماضية قدماً في مواصلة الضغط على الولايات المتحدة للاستجابة صراحة لمطالبها الأمنية، كما أنها لاتزال تمتلك الكثير من أدوات التصعيد، ولا تبدو الولايات المتحدة قادرة على كبح التدخل الروسي، إلا عبر الحرب المعلوماتية، والتلويح بالعقوبات الاقتصادية، ومحاولة إيجاد بدائل للغاز الروسي، وهي خيارات إما أنها تفتقر إلى الفاعلية، أو أنها سوف تتطلب وقتاً طويلاً، وهو ما يعزز تشبث روسيا بمطالبها، ولا يكبحها.