أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

تغيرات محدودة:

دلالات نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية 2017

09 مايو، 2017


كشفت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الجزائرية، التي تم إجراؤها في 4 مايو 2017، عن استراتيجية واضحة اتبعها النظام السياسي الحالي تهدف بشكل رئيسي إلى الحفاظ على الوضع القائم كما هو، ما يعني بقاء الحزب الحاكم في السلطة ومواصلة النهج السياسي نفسه تحضيراً لمرحلة ما بعد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
ومن جهة أخرى، كشفت النتائج عن إخفاق المعارضة في الحصول على إجماع شعبي على برامجها، حيث اكتفت بمشاركتها في الانتخابات. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة حالة من الزخم السياسي بالبلاد، في ظل ما أسفرت عنه الانتخابات من مؤشرات دالة على طبيعة المشهد السياسي خلال الفترة القادمة.
نتائج الانتخابات:
أسفرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الجزائر، والتي شارك فيها 11315 مرشحاً مثَّلوا 63 حزباً و97 قائمة حرة، بما يعادل 938 قائمة انتخابية، عن النتائج التالية:
1- حصول حزب جبهة التحرير الوطني، الذي يرأسه عبدالعزيز بوتفليقة، على 164 مقعداً من أصل 462، بينما حصل حليفه حزب التجمع الوطني الديمقراطي على 97 مقعداً، ما يمثل الأغلبية المطلقة في المجلس الشعبي الوطني (261 مقعداً أي 56% من مقاعد البرلمان).
2- حصول الأحزاب السياسية الداعمة للحزب الحاكم على 40 مقعداً، حيث نال حزب أمل الجزائر (ذو التوجه الإسلامي) 19 مقعداً، والحركة الشعبية الجزائرية 13 مقعداً، والتحالف الوطني الجمهوري 8 مقاعد. وحصلت قوائم المستقلين على 28 مقعداً. وهذه الأحزاب من الداعمين للرئيس بوتفليقة، الأمر الذي يؤكد أن الأحزاب الموالية للسلطة قد ضمنت أغلبية مريحة في البرلمان، وستتحالف مع حزبي جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي، من أجل ضمان المصادقة على مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة للبرلمان الجديد.
3- عدم تحقيق الأحزاب السياسية ذات التوجه الإسلامي نتائج جيدة، حيث حصل تحالف حمس (حركة مجتمع السلم) وجبهة التغيير على 33 مقعداً. في حين حصل تحالف اتحاد العدالة والنهضة والبناء على 15 مقعداً فقط.
4- فوز أحزاب المعارضة بعدد 34 مقعداً، توزعت كالتالي: حزب جبهة القوى الاشتراكية 14 مقعداً، وحزب العمال 11 مقعداً، وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية 9 مقاعد. في حين حصلت باقي الأحزاب وعددها 22 حزباً على مقعدين أو مقعد واحد لكل حزب.
دلالات النتائج:
ثمة دلالات كشفت عنها نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في الجزائر، على النحو التالي:
1- مشاركة ضعيفة:
أ- انخفاض نسبة مشاركة الناخبين في عملية التصويت على الرغم من دعوات الأحزاب والقوى السياسية لتشجيع الناخبين على المشاركة، حيث بلغت 38.25%، مقارنةً بنسبة مشاركة 43.14% في انتخابات عام 2012. غير أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة تعد أكبر قليلاً من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2007 والتي بلغت حينها 35.6%.
ب- حفاظ الحزب الحاكم "جبهة التحرير الوطني"، وحليفه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، على الأغلبية في المجلس الشعبي الوطني، وعند تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك على الرغم من تراجع مقاعد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم الذي كان له 220 مقعداً من بين 462 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته، في حين أحرز حزب التجمع الوطني الديمقراطي، برئاسة أحمد أويحيى مدير ديوان الرئيس بوتفليقة، تقدماً في مواقعه بحصوله على 97 مقعداً مقابل 68 مقعداً في انتخابات 2012.
2- تقهقر إسلامي: فقد تراجعت نتائج التحالفات الإسلامية، حيث حصد تحالف مجتمع السلم ومعه جبهة التغيير بقيادة وزير الصناعة الأسبق عبدالمجيد مناصرة 33 مقعداً، في الوقت الذي نال فيه تحالف مجتمع السلم 48 مقعداً في انتخابات 2012 إبان تحالفه مع حركتي النهضة والإصلاح الوطني.
3- صعود المستقلين:
أ- نجاح المستقلين في إحراز نتائج متقدمة، ويتضح ذلك في حصولهم على 28 مقعداً في المجلس الشعبي الوطني بعد أن حصلوا في السابق على 19 مقعداً فقط.
ب- نجاح حزب تجمع أمل الجزائر (موالاة) في الحصول على 19 مقعداً على الرغم من مشاركته للمرة الأولى في الانتخابات، واحتلاله المركز الخامس في هذا السباق الانتخابي. وقد تأسس هذا الحزب في عام 2012، ويقوده عمر غول، وزير الأشغال العامة السابق والمنشق عن حركة مجتمع السلم، ويعد من أكبر المدافعين عن الرئيس الحالي عبدالعزير بوتفليقة.
ج- حصول جبهة المستقبل التي يقودها مرشح الرئاسة السابق عبدالعزيز بلعيد على 14 مقعداً. وهذا الحزب من تيار الوسط، ويغلب عليه عنصر الشباب، حيث يترأسه بلعيد 51 سنة؛ وهو أصغر مرشح في انتخابات الرئاسة عام 2014، وحل حينها ثالثاً بنسبة 3.36% من أصوات الناخبين، خلف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس.
د- تلقى الحزبان الرئيسيان في منطقة القبائل (محافظات شرق العاصمة التي تضم أمازيغ الجزائر) وهما حزب جبهة القوى الاشتراكية (يسار معارض) والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني معارض)، ضربة سياسية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وذلك بسبب العزوف الكبير الذي شهدته منطقة القبائل عن المشاركة في الانتخابات. 
4- تراجع اليسار: يظهر ذلك في تراجع عدد مقاعد حزب العمال، وهو حزب يساري جزائري تقوده مرشحة الرئاسة السابقة لويزة حنون، والتي تتبنى الأفكار التروتسكية (اليسار الراديكالي). وحصل الحزب في هذه الانتخابات على 9 مقاعد مقابل 24 مقعداً في البرلمان المنتهي ولايته.
إبقاء الوضع الراهن:
تعكس النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية الأخيرة قدرة السلطة الحاكمة وتمكنها من إبقاء الوضع كما هو، ومواصلة محاولات الحزب الحاكم وحليفه المقرب ضمان البقاء في السلطة. وعلى الرغم مما يواجه النظام الحالي من تحديات، خاصةً الأزمة الاقتصادية في ظل انهيار أسعار النفط، فإنه نجح في تحييد هذه التحديات، وكشفت استراتيجيته عن عدم وجود بديل غير العمل على إبقاء الأوضاع السياسية الراهنة على ما هي عليه. ومن ثم فإن شكل البرلمان الجديد سيكون نسخة مكررة للبرلمان المنتهية ولايته، على الرغم من وجود فارق بسيط، وهو عودة الحديث عن المال السياسي وتوغله إلى قبة البرلمان.
ومن المتوقع أن يكون لعدد من الأحزاب السياسية الموالية للحزب الحاكم، دور كبير في المشهد السياسي بالبلاد خلال الفترة القادمة، لاسيما حزب تجمع أمل الجزائر وحزب الحركة الشعبية الجزائرية.
وعلى صعيد آخر، تشير نتائج الانتخابات إلى محدودية تأثير الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في المشهد السياسي خلال الفترة القادمة في ظل عدم قدرة خطابها السياسي على إقناع الناخب الجزائري بالتصويت لبرامجها، وهو ما ظهر في عدد المقاعد التي حصلت عليها، وهو ما يُضعف أسهمها في الفترة المقبلة، مقارنةً بالسنوات الماضية.
أخيراً، تعكس نسبة المشاركة المنخفضة في الانتخابات البرلمانية الجزائرية أن البرلمان القادم لن يكون ممثلاً لغالبية المواطنين الذين قاطعوا الانتخابات، في إشارة إلى فقدان الثقة بين المواطن والنظام السياسي من جهة، وكذلك بين المواطن والأحزاب والقوى السياسية المعارضة من جهة ثانية، وفي إشارة أخرى إلى أن النتائج كانت محسومة، سواء شارك الناخب الجزائري أم لا.