أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

"استراتيجية هولاكو":

اتجاهات الإرهاب الجديدة في المنطقة العربية

30 ديسمبر، 2014

"استراتيجية هولاكو":

استضاف مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة الدكتور سمير غيطاس، مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة والخبير المتخصص في الدراسات الأمنية، في محاضرة عامة، يوم الاثنين الموافق 29 ديسمبر 2014، ليلقي الضوء على أبرز اتجاهات الإرهاب الجديدة في العالم العربي.

أشار غيطاس في بداية اللقاء إلى ملاحظة أساسية، وهي أنه لا يمكن اختزال الإرهاب في حركة واحدة مثل تنظيم داعش، إذ توجد جماعات إرهابية أخرى لا تقل عنها خطورة كتنظيم القاعدة بفروعه المختلفة في المنطقة.

السمات الأساسية لحركات الإرهاب الجديدة

أكد المتحدث أن ثمة مجموعة متداخلة من السمات العامة للإرهاب وللجماعات الإرهابية في المنطقة، ومن أبرزها:

1 ـ أن الإرهاب ظاهرة إقليمية، فلم تعد قاصرة على بلد معين.

2 ـ ـوجود علاقات بينية وتواصل بين مختلف الجماعات الإرهابية.

3 ـ أن القاعدة لم تعد التنظيم المركزي الذي تتبعه فروع إقليمية، ولكن صار هناك جماعات تتمرد على القاعدة.

4 ـ قيام دول إقليمية بتمويل ورعاية هذا الإرهاب.

5 ـ اختراق بعض هذه الجماعات من قبل بعض الأجهزة الاستخباراتية، وتوظيفها لصالحها.

6 ـ تواطؤ قوى دولية مع هذا الإرهاب يصل في بعض الأحيان إلى مستوى الدعم الخفي له.

7 ـ انتهاج التنظيمات الإرهابية وسائل أكثر عنفاً، فضلاً عن استخدام أسلحة وأدوات أكثر تدميراً وعدوانية في مواجهة خصومها.

8 ـ قدرة هذه الجماعات على توفير "التمويل الذاتي" لنفسها من خلال نهب البنوك أو الخطف والمطالبة بفدية، بالإضافة إلى الحصول على كميات هائلة من الأسلحة.

9 ـ وجود مرجعية واحدة لجماعات التطرف، إذ تستقي أفكارها من كتابات تكفيرية تعود لابن تيمية وأبي الأعلى المودودي، فضلاً عن أفكار سيد قطب، وإن كان هناك ظاهرة جديدة خاصة بالجماعات الإرهابية الحديثة، وهي أنها لا تعتمد على هذه الأدبيات أو حتى تهتم بتطوير ما يمكن تسميته مجازاً بـ "أدب الجماعات الإرهابية".

الإخوان.. هل هي جماعة إرهابية؟

رداً على تساؤل بشأن جماعة "الإخوان" وعلاقتهم ببعض الجماعات الإرهابية، أشار الدكتور سمير غيطاس إلى أن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة إرهابية، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة لاتزال ترفض وصفهم بذلك، وأنه رغم تأكيد بعض المنشقين، مثل الدكتور كمال الهلباوي، أن الإرهاب ينحصر في مرحلة محددة من تاريخ الإخوان، وفي منبع واحد هو سيد قطب، وأن الجماعة خرجت على الخط الأساسي الذي أسسه حسن البنا؛ فإن غيطاس يرى أن هذا القول غير صحيح، فالإرهاب –وفقاً له –طبيعة متأصلة في هذه الجماعة، وهناك عدة مؤشرات على ذلك هي:

1 ـ أن كتاب مختار نوح المعنون "موسوعة العنف: 50 سنة في الدم"، أشار إلى ارتباط العنف بجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، فحسن البنا حث الإخوان المسلمين على استخدام القوة، وأنه ليس أمامهم سبيل غير ذلك، ووجههم إلى التدريب على اقتحام السجون؛ وهو ما قام به الإخوان عندما اقتحموا سجن مصر العمومي في عام 1948، ثم اقتحام سجن وادي النطرون في عام 2011.

2 ـ تأسيس حسن البنا للتنظيم الخاص، والذي كان يضم حوالي 13 ألف فرد، والعمليات الإرهابية التي قام بها منذ عام 1945، مثل اغتيال أحمد ماهر، وحادثة المنشية ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1954، فضلاً عن قيامهم بعدد من العمليات الإرهابية في الفترة ما بين عامي 1955 و1956.

3 ـ واقعة الفنية العسكرية في 18 إبريل 1974، ومحاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس أنور السادات، فرغم أنه أبرم صفقة مع الإخوان المسلمين، على أساس دعمهم لقمع الجماعات اليسارية، مع الامتناع عن ممارسة الإرهاب ضد الدولة، لكن مع ذلك سعى الإخوان للانقلاب ضده، وهو ما يتضح من علاقتهم بصالح سرية، وهو شاب فلسطيني كان مقيماً في العراق، وانتقل إلى القاهرة، وكان يؤمن بضرورة تغيير النظام بالعنف واغتيال السادات، وارتبط بجماعة الإخوان، وكانت هذه أولى بدايات الإخوان في ممارسة الإرهاب بالوكالة، وقد كان اتفاق الإخوان معه أنه إذا نجحت العملية فسوف يتبنونها، أما إذا فشلت فسوف يتبرؤون منها، وقد لجأ الإخوان لهذا الأسلوب لسببين هما: تعهدهم للسادات بعدم ممارسة العنف ضد الدولة، وتعميق علاقات الإخوان بالولايات المتحدة الأمريكية، وعدم رغبتهم في أن يتبنوا العنف صراحة.

ارتباط الإخوان المسلمين بالغرب

ورداً على تساؤل حول علاقة جماعة الإخوان بالغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، ولماذا دعمت واشنطن وبعض العواصم الجماعة بعد الثورات العربية، أشار غيطاس إلى أن علاقة الإخوان المسلمين ببريطانيا – على سبيل المثال- من الأمور المعروفة للجميع، فقد أشارت العديد من الكتابات إلى أن حسن البنا تلقى أثناء عمله كمدرس في الإسماعيلية هبةً من بريطانيا بلغت حوالي 500 جنيه مصري، وذلك على الرغم من إعلان أن هدفه هو إقامة "الخلافة"، أما ما لم يكتب عنه كثيراً، فهو علاقة الإخوان بالولايات المتحدة، والتي يكفي فيها العودة إلى كتاب محمود عساف، مدير مكتب الينا، وهو كتاب يحمل عنوان "أيامي مع الإمام الشهيد"، إذ يكشف هذا الكتاب عن مسألتين هما:

1 ـ أن البنا بادر بالاتصال بالقائم بالأعمال الأمريكي وعرض عليه التعاون وفق صيغة "نحن برجالنا، وأنتم بأموالكم"، وتم تجنيد الإخوان لاختراق الأحزاب اليسارية والوطنية.

2 ـ أن العلاقة الأمريكية لم تقتصر عند هذه المحطة، فـ "سعيد رمضان" زوج ابنة حسن البنا، وأحد المقربين له، تلقى دعوة لزيارة الولايات المتحدة، واستقبله الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور آنذاك، كما تم تهريبه إلى الولايات المتحدة بعد محاولة اغتيال جمال عبدالناصر الفاشلة في 1954، ثم بعد ذلك إلى ألمانيا.

وقد فضح كتاب "مسجد في هامبورج" هذه العلاقة، كما أن سعيد يعد المؤسس الحقيقي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث أكدت المخابرات الألمانية أنها تعاملت معه كعميل للـمخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وبريطانيا. ومن جهة أخرى، فإن فروع الإخوان المسلمين في 76 دولة لم تكن يوماً بعيدة عن الـ (CIA)، وسمح لهذه الجماعات ولمكتب الإرشاد بتكوين تراكم رأسمالي كبير، بعضها كان جزءاً من غسيل أموال للعمليات القذرة للـ (CIA).

ولذلك من غير المستغرب بعد العودة لهذا التاريخ أن تمتنع الولايات المتحدة عن توصيف هذه الجماعة كجماعة إرهابية ليس فقط في مصر، ولكن في مناطق عديدة من العالم.

خريطة الإرهاب في المنطقة

تطرق الدكتور سمير غيطاس إلى خريطة الإرهاب في المنطقة في عدد من البلدان العربية، وذلك على النحو التالي:

1 ـ العراق: عندما غزت الولايات المتحدة العراق، قامت بتفكيك الجيش العراقي، وهو ما أدى لانهيار الدولة، وقد قام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، بدعم ثلاث جماعات إرهابية هي عصائب أهل الحق، وثأر الله، وأبوالفضل العباس، وجميعها مسؤولة عن تنفيذ عمليات إرهابية ضد السنة.

أما أبو مصعب الزرقاوي، فقد خرج من عباءة أبو محمد المقدسي– منظر السلفية الجهادية – وأسس جماعة "التوحيد والجهاد"، ثم بايع تنظيم القاعدة في عام 2004، وزعيمه أسامة بن لادن، وقام بتحويل اسم التنظيم إلى "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، وقام بتنفيذ عمليات إرهابية في العراق، غير أنه قتل في نفس العام، ثم تولى أبو عمر البغدادي زعامة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، في الفترة ما بين 2004 إلى 2006.

وبعد هذا التاريخ تولى أبو بكر البغدادي زعامة التنظيم، وقام التنظيم في عهده بتنفيذ عمليات انتحارية متزامنة، خاصة بعد الانسحاب الأمريكي، وقد التقى أبو بكر البغدادي بأبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، ودعمه في تأسيس "جبهة النصرة" في سوريا، غير أنه عندما أعلن البغدادي تأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، ودمج فرعي القاعدة في البلدين، رفض زعيم جبهة النصرة ذلك، لأسباب من أبرزها، حصول جبهة النصرة على كميات كبيرة من الأموال، سمحت له بالاستقلال، خاصة بعد سيطرتها على آبار نفطية في سوريا، وتصديرها حوالي 50 ألف برميل يومياً؛ ووفرة المقاتلين، والتي تضعها بعض التقديرات عند 30 ألف مقاتل، 1500 منهم مقاتل أجنبي؛ وتخلص أبو بكر البغدادي من عباءة أيمن الظواهري– زعيم تنظيم القاعدة الأم– كما خرج عليه أيدولوجياً.

تجدر الإشارة هنا إلى أن "داعش" تتصف بمجموعة من السمات تجعلها تختلف عن القاعدة، خاصة فيما يتعلق بمعارضتهم للربيع العربي، على عكس أيمن الظواهري، فضلاً عن الاختلاف حول قضية "التكفير"، إذ يكفر "داعش" الجميع، ولا يقصره على فئات دون الأخرى مثل القاعدة.

ويضاف إلى ما سبق، قضية التعاون مع طهران، إذ إن القاعدة كانت تحافظ على علاقات مع إيران التي سمحت لهم بالمرور الآمن عبر أراضيها، في حين أن "داعش" يرفض إقامة أي علاقة مع إيران. ومن جهة أخرى، فإن "داعش" ينتهج أساليب أشد عنفاً ودمويةً عن القاعدة، في استراتيجية سمّاها الدكتور غيطاس "استراتيجية هولاكو"، فضلاً عن افتقاد التنظيم لأدبيات دينية يستند إليها.

2 ـ سوريا: تنتشر الجماعات المتطرفة في سوريا، ومن أبرزها: تنظيم جبهة النصرة، وأحرار الشام. ولكن تعد أخطر الجماعات الإرهابية، وفقاً لبعض المحللين الغربيين، هي جماعة "خرسان" بقيادة محسن الفضلي، نظراً لأن هذه الجماعة بها جنسيات غير سورية من آسيا وأوروبا، ولديهم خبرة جيدة في مجال المتفجرات، ويعتقد أنها تسعى لاستخدام هذه الخبرة في تنفيذ عمليات ضد الغرب، هذا ناهيك عن مئات الميليشيات والمجموعات الصغير المنتشرة في عموم الأراضي السورية.

3 ـ ليبيا: تنتشر العديد من الجماعات الإرهابية في ليبيا، وذلك على النحو التالي:

  • أنصار الشريعة: أسسها محمد علي الزهاوي، وهو تنظيم يمتلك فروعاً إقليمية في كل من اليمن، ومصر، وتونس، ومالي، وهو يبايع حتى الآن تنظيم القاعدة.
  • الجماعة الإسلامية المقاتلة: هي التنظيم الأقدم في ليبيا، إذ إنه تأسس في عام 1982، وتمكنت أجهزة الأمن الليبية من تصفيتها، وهرب البقية منها إلى أفغانستان واليمن، ويعد عبدالحكيم بلحاج من أبرز قياديي التنظيم ومن أخطر الإرهابيين، فقد كان معتقلاً في جوانتانامو، وحاول سيف الإسلام القذافي استقطابه، غير أنه مع اندلاع الاضطرابات في ليبيا، انضم للمعارضة المسلحة، وأصبح رئيس المجلس العسكري لطرابلس. كما يعد علي الصلابي من القيادات القديمة للجماعة، ولديها علاقات قوية ببعض مديري المخابرات في دول عربية وغربية.

كما توجد جماعات إرهابية أخرى متنوعة، مثل درع ليبيا وفجر ليبيا وكتائب الشيخ عمر عبدالرحمن. وتمثل الجماعات الإرهابية مشكلة كبيرة، نظراً لأن بعضها يحصل على دعم قبلي، فضلاً عن وفرة الأسلحة والأموال، بالإضافة إلى تنسيقهم مع الجماعات الإرهابية الأخرى خارج ليبيا.

4 ـ مصر: أشار غيطاس إلى أن كل الجماعات الإرهابية في مصر لها علاقة بالجماعات الإرهابية في غزة، فحماس هي أحد فروع الإخوان المسلمين في مصر، وهناك أربع جماعات خطيرة تعمل تحت حماية حماس، وهي:

  • جيش الإسلام: فهو متورط في تنفيذ أربع عمليات إرهابية منها كنيسة القديسين، وعملية اغتيال 10 من جنود الجيش المصري في رفح في 5 أغسطس 2014.
  • لجان المقاومة الشعبية: بقيادة جمال أبو سمهدانة، وقد لقب قبل مقتله بـ "زرقاوي فلسطين"، وقامت هذه المجموعة بتنفيذ عملية إرهابية في طابا، ويرتدي أعضاؤها الملابس العسكرية للتغلب على قوى الأمن.
  • جند الله: ويرأسها أبو حفص المقدسي.
  • مجلس شورى المجاهدين: ويقودها محمود طالب المقدسي، وهي متورطة في بعض العمليات الإرهابية في سيناء.

أما الجماعات الخاصة المنتشرة في سيناء، فتتمثل في أنصار بيت المقدس، وهي الابن الحقيقي لجماعة سابقة هي "مجلس شورى المجاهدين"، وأكناف بيت المقدس، وهي المسؤولة عن العمليات الأكبر، سواء في مدينة المنصورة أو الإسماعيلية، فضلاً عن استهداف مبنى المخابرات في مدينة الطور، ومديرية الأمن في القاهرة، وقد تراجعت عمليات هذه الجماعة مؤخراً بعد تلقي سلسلة من الضربات الأمنية.

وقد انبثق عنها كتائب الفرقان، والتي يقودها محمد أحمد علي، وقامت بست عمليات على طريق الإسماعيلية – القصاصين، فضلاً عن محاولة ضرب سفينة صينية، وضرب مبنى الأقمار الصناعية في المعادي، ثم ما لبثت أن اختفت هذه المجموعة.

وثمة جماعة أخرى تطلق على نفسها "أجناد مصر"، وهي مسؤولة عن العمليات الإرهابية أمام كلية الهندسة، فضلاً عن اغتيال مجموعة من الضباط، أحدهم كان شاهداً على عملية الهروب من سجن وادي النطرون. وهناك أيضاً جماعة "أنصار الشريعة"، وقد قامت بقتل 38 مجنداً مصرياً، ويقودها رمزي موافي طبيب أسامة بن لادن، وتضم مجموعات صغيرة من شباب الإخوان المسلمين الذين صدر لهم تعليمات أو توجيه بالانضمام للجماعات الإرهابية القائمة.

وقد أكد غيطاس أن الحل الوحيد للتعامل مع غزة والتهديدات الأمنية النابعة من هناك هو من خلال نقل المناطق السكنية بعيداً عن الحدود بين مصر وغزة بحوالي خمسة كيلومترات.

أخيراً اختتم الدكتور غيطاس اللقاء بالتأكيد على أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تتم باستخدام الإجراءات الأمنية فقط، لأن الإرهاب ليس فقط جماعات مسلحة تنتهج العنف المفرط، لكن هناك التمويل والتدريب والإيواء، بالإضافة للدعم الإعلامي، ولذلك فإن المواجهة يجب أن تكون شاملة، مع التركيز على المنابع الفكرية اليي ينبثق منها هذا الإرهاب، لأن العقائد والأفكار المتطرفة هي المصدر الأساسي لتوليد المزيد من جماعات التطرف والإرهاب.