أخبار المركز
  • أحمد عليبة يكتب: (هاجس الموصل: لماذا يخشى العراق من التصعيد الحالي في سوريا؟)
  • محمود قاسم يكتب: (الاستدارة السريعة: ملامح المشهد القادم من التحولات السياسية الدرامية في كوريا الجنوبية)
  • السيد صدقي عابدين يكتب: (الصدامات المقبلة: مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في كوريا الجنوبية)
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)

INDEPENDENT:

ما مصير النفط الإيراني إذا تعثرت مفاوضات الاتفاق النووي؟

30 مايو، 2021


في ظل الأزمات الحادة والعنيفة التي يواجهها الاقتصاد الإيراني، تترقب طهران، عن كثب، نتائج المفاوضات الجارية بشأن الاتفاق النووي، وأعينها على النفط، الذي تمثل صادراته أكبر محاولة لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الذي أنهكته العقوبات الأميركية على مدار السنوات الماضية.

وتأثرت إيران بالعقوبات الأميركية المفروضة على صادرات الخام منذ نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018، ما دفع الأخيرة للتحايل واستخدام بدائل غير قانونية لتسويق ما تستطيع من النفط. في الوقت الحالي، يترقب مشترو النفط الخام عودة إمدادات النفط الإيراني مجدداً إلى الأسواق الدولية في ظل تقدم المفاوضات الجارية بين إيران وأطراف مجموعة "4+1"، والتي تضم "روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا"، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية التي تشارك بشكل غير مباشر، بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وأخيراً، أبدت واشنطن استعدادها لرفع العقوبات عن مختلف الأنشطة الاقتصادية في إيران، إذا ما التزمت الأخيرة ببنود الاتفاق النووي المبرم معها في عام 2015، ما دفع طهران لإعادة تأهيل حقول الخام، واستعادة العلاقات مع عملائها تمهيداً لزيادة الإنتاج ورفع مبيعات الصادرات. وتشير الترجيحات إلى أن إيران ستزيد صادراتها من الخام إلى ما يزيد على 1.5 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2022.

هبوط عنيف في مستوى الصادرات

كانت بيانات حديثة لشركة "بترو – لوجيستيكس"، لتتبع الناقلات، كشفت عن هبوط عنيف لصادرات النفط الإيرانية خلال فبراير (شباط) الماضي، حين هوت صادرات النفط 250 ألف برميل يومياً، من دون الإشارة إلى حجم الصادرات الحقيقي.

ولا تزال أرقام إنتاج إيران النفطي عند متوسط مليوني برميل يومياً، بفعل العقوبات المفروضة، الأمر الذي أدخل البلاد في أزمة مالية ونقدية واقتصادية، وارتفع خلالها حدة الفقر والبطالة، وانهيار في أسعار الصرف.

في الوقت نفسه، كشفت البيانات الصادرة عن المبادرة المشتركة للبيانات النفطية "جودي"، أن طهران أخفت بيانات صادراتها من الخام، خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالتزامن مع تراجع حاد في أرقام إنتاج النفط الخام. وأشارت الأرقام إلى أن طهران لم تقدم بيانات صادراتها النفطية للمنظمة منذ أغسطس (آب) من عام 2018 حتى مارس (آذار) الماضي.

وقبل أيام، قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، إن إنتاج إيران النفطي سجل 2.08 مليون برميل يومياً خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، وتعود زيادة الإنتاج لزيادة الطلب المحلي خلال فصل الشتاء.

على صعيد الخسائر التي تكبدتها الموازنة الإيرانية بسبب توقف صادرات النفط، قال إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، في تصريحات سابقة، إن بلاده تكبدت خسائر بنحو 100 مليار دولار خلال عام 2020، بسبب تهاوي عائدات بيع النفط مع استمرار العقوبات الأميركية. لكن الرئيس الإيراني كان قد كشف في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن إجمالي الخسائر الناجمة عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة منذ عام 2018 بلغت نحو 150 مليار دولار.

سياسة الضغوط القصوى على إيران

ووفق دراسة حديثة أعدها مركز "المستقبل" للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومقره الإمارات، فقد أجرت مجموعة "4+1" جولات من المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، على نحو أدى إلى تقارب وجهات النظر بينهما، ووعدت واشنطن بإلغاء الحظر الاقتصادي والتجاري المفروض على طهران، إذا ما قلصت الأخيرة عملية تخصيب اليورانيوم، وسهلت مهمة وكالة الطاقة الذرية في تفتيش المواقع النووية الإيرانية.

فيما تعمل الحكومة الإيرانية على وضع قطاع النفط على أهبة الاستعداد لرفع العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليه بعد الوصول إلى صفقة محتملة بشأن الاتفاق النووي. وبدورها، تقوم حالياً شركة النفط الوطنية الإيرانية برفع معدلات الضخ بحقول النفط وصيانتها من أجل زيادة الإنتاج إلى مستويات ما قبل العقوبات الأميركية. وكان الإنتاج الإيراني من الخام انخفض إلى 1.9 مليون برميل يومياً بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو من عام 2018، وانخفضت الصادرات للأسواق الدولية إلى ما يقترب من نصف مليون برميل يومياً.

ووفقاً لبعض الترجيحات، يمكن أن تعود إيران إلى مستوى إنتاج ما قبل العقوبات الذي يقترب من 4 ملايين برميل يومياً في غضون ثلاثة أشهر، وإن كان هذا متفائلاً للغاية، ما سيمكنها من زيادة مبيعاتها تدريجياً من الخام لعملائها في آسيا وأوروبا. ولدى إيران أيضاً مخزون عائم من النفط والمكثفات يبلغ نحو 70 مليون برميل، سيكون عليها تصريفه أولاً.

ماذا لو خُففت العقوبات؟

وتبدو الحكومة الإيرانية متفائلة للغاية حيال استعادة حصتها السوقية من النفط في غضون وقت قصير للغاية، حيث كشف نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري، أن بلده سوف ترفع صادراتها النفطية إلى 2.5 مليون برميل يومياً بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية على البلاد.

ومن أجل استعادة عملائها سريعاً، أجرت إيران مباحثات أولية مع عدد من مصافي تكرير النفط في آسيا وأوروبا للتأكد من استعدادها لاستقبال الخام الإيراني بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية. وعلى هذا النحو، أجرت شركات تكرير أوروبية وهندية، أخيراً، مفاوضات مع شركة النفط الإيرانية الحكومية بشأن استئناف المشتريات في الفترة المقبلة. وكشفت شركات التكرير الهندية، وعلى رأسها "بهارات بتروليوم" المحدودة و"هندوستان بتروليوم" المحدودة، عن خططها للتعاقد مجدداً مع إيران لاستيراد الخام، في خطوة قد تخدم توجهاتها نحو تنويع إمدادات النفط والحصول على أسعار الخام بتسهيلات واضحة.

وذكرت الدراسة أن إحراز تقدم في المفاوضات بين إيران ومجموعة "4+1" بشأن البرنامج النووي، يمثل دفعة قوية لقطاع النفط الإيراني، إذ ستعمل بمثابة حافز لإيران لزيادة صادراتها من النفط الخام للأسواق الدولية. وكانت مبيعات إيران من الخام ارتفعت إلى أكثر من 700 ألف برميل يومياً في شهري مارس وأبريل (نيسان) الماضيين، وهو مستوى قياسي مقارنة بأقل من نصف مليون برميل يومياً في أواخر عام 2020.

وإذا ما خُففت العقوبات الاقتصادية على إيران قبل نهاية العام، سيكون بمقدورها تصدير نحو 1.5 مليون برميل يومياً في نهاية العام وفق بعض الترجيحات، يتوازى مع ذلك زيادة الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً إلى ما يزيد قليلاً على ثلاثة ملايين برميل يومياً، قبل أن تستعيد كامل إنتاجها في عام 2022.

وستتمكن من استعادة كامل حصتها السوقية نظرياً مع رفع العقوبات الاقتصادية، بما في ذلك الحظر المفروض على أنشطة التجارة والشحن والتأمين والخدمات المالية التي تشارك فيها الكيانات الإيرانية. ولكن، على نحو عملي، لن يكون ذلك بالأمر اليسير في ظل تباطؤ مستويات الطلب على الخام في القارة الآسيوية بسبب جائحة كورونا التي هوت بالطلب العالمي بنسب كبيرة.

المصدر: INDEPENDENT