أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

الأنظمة المضادة:

استراتيجيات مواجهة مخاطر "الدرونز" للبنية التحتية الحرجة

08 يونيو، 2020


عرض: ياسمين أيمن – باحثة في العلوم السياسية

تزداد مخاطر هجمات الطائرات بدون طيار "الدرونز" حينما تُنفذ على المطارات الرئيسية بالدول؛ حيث تستهدف حشودًا من البشر، أو حافلات للبضائع دون القدرة على رؤيتها بالعين المجردة، أو رصدها بأجهزة الرادار، وهو ما قد يتسبب في دمار للبنى التحتية الرئيسية بالدول، وشل حركة التجارة والسفر الحد سواء.

وفي هذا السياق يناقش الدكتور سكوت كرينو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Red Six Solutions، مع كونراد أندي دريبي الشريك المؤسس للشركة ذاتها، في تقرير بعنوان "هجمات الطائرات بدون طيار على البنى التحتية الحرجة.. تهديد حقيقي وحاضر"؛ تاريخ تطور طائرات الدرونز، فضلًا عن مناقشة مخاطرها، واستراتيجيات مواجهة تهديداتها. 

تاريخ التطور

يستهل الباحثان التقرير بنبذة تاريخية عن اختراع الطائرات بدون طيار الذي يعود إلى أكثر من مائة وعشرين عامًا، وتحديدًا عام 1898 للمخترع الأمريكي الصربي نيكولا تيسلا، الذي عمل على تطوير المركبات المُوجهة عن بُعد، لتكون خطوة أولى في طريق سباق الروبوتات، وقد مثلت أداة هامة من أدوات الحرب من المنظور العسكري، نتيجة لاحتمالية دورها في ردع الأعداء والخصوم؛ حيث إن نتيجتها حاسمة، وآثارها التدميرية واسعة المدى، وهو ما يعمل على تحقيق السلام الدائم بين الدول.

وقد استمرت وتيرة تطور الطائرات بدون طيار "الدرونز"، لكن تم تقييد استخدامها بسبب عدم الموثوقية بها مقارنةً بالطائرات التي تحتاج إلى طيار، حتى استخدمتها إسرائيل في مهام الاستطلاع والمراقبة بالحرب اللبنانية عام 1982، فزادت استثمارات القوى العسكرية الكبرى لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار، لكنها حققت تقدمًا بطيء الخطى.

ويوضح التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية خلال حربها على العراق عام 1991، استخدمت النموذج الوحيد لطائرات الدرونز حينذاك وهو RQ-2B Pioneer–UAV، وقد بلغت تكلفتها نحو مليون دولار، وتركزت مهمتها في الاستطلاع والمراقبة على مدار اليوم. 

ومن جدير بالذكر أن تلك الطائرة بمعايير اليوم تُعد باهظة التكلفة، وضخمة الحجم، إلا أنها كانت بديلًا فعالًا للطائرات ذات طيار. 

يشير التقرير إلى أنه بالتزامن مع تطوير الاستخدامات العسكرية للطائرات بدون طيار في مختلف النواحي كالتجسس، والتحليق العالي الارتفاع، والهجوم من مسافات بعيدة، تم تطوير الاستخدامات التجارية لها. وقد ركزت التكنولوجيا التجارية على ربط طائرات الدرونز بملاحة الأقمار الصناعية، والتكنولوجيا اللا سلكية، وعلى إطالة عمر البطارية، ودمج الكاميرات بطائرات الدرونز، وتصغير حجمها؛ ما أدى إلى زيادة شعبيتها على مستوى الاستخدامين الشخصي والتجاري.

وقد ساهمت التطورات التكنولوجية التي طالت الطائرات بدون طيار خلال الخمسة عشر عامًا الماضية، في جعل مهامها متنوعة وغير مقتصرة على جيوش الدول المتقدمة، وفي زيادة مبيعات الطائرات بدون طيار عامًا بعد عام على المستوى التجاري، وهو ما صاحبه ارتفاع ملحوظ في معدل التهديدات. فبتعديلات بسيطة على الطائرات التجارية يمكن استخدامها في نواحٍ عسكرية غير شرعية من قبل الجيوش غير النظامية، والمنظمات الإرهابية. 

ويوضح التقرير أن الابتكار في أنظمة الطائرات بدون طيار يسير بوتيرة سريعة مدفوعًا بالطلب التجاري والاستهلاكي، وخلق أنظمة مضادة لملاحقة تلك التطورات.

ولذلك فمواجهة أنظمة الطائرات بدون طيار تمثل تحديًا كبيرًا في الوقت الحالي، وتتطلب مراعاة لعوامل مختلفة عند تأسيس أنظمة وبرامج لمواجهة تطورات الدرونز، كمراعاة قوانين الخصوصية، واللوائح التجارية، والأضرار الجانبية، فضلًا عن الاهتمام بالاختصاصات القانونية.

اضطراد هجمات الدرونز

نتيجة لسهولة شراء طائرات الدرونز من الإنترنت، وسرعة وصولها إلى المستهلك، وسهولة ضبط عملية إعطاء الأوامر للطائرات من قبل أجهزة الحاسب الصغيرة، والتحكم في نظام تحديد موقعها وارتفاعها؛ يزيد معدل هجمات تلك الطائرات على البنى التحتية بالدول.

فيشير التقرير إلى أنه منذ يوليو 2018، تم شن أكثر من 100 هجوم باستخدام الطائرات بدون طيار على المطارات التجارية والعسكرية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فمثلًا هاجمت الميليشيات المسلحة قاعدة حميميم الجوية الروسية بسوريا عشرات المرات، وأعلنت روسيا في سبتمبر 2019 أن القاعدة الجوية قد تصدت لنحو 58 هجومًا بالطائرات بدون طيار، وتتوالى الهجمات على تلك القاعدة حتى الآن.

في سبتمبر 2019 نفذ الحوثيون هجومًا على منشآت نفطية تابعة لشركات أرامكو بالمملكة العربية السعودية، وهو ما تسبب في أضرار بالغة أثرت على سير إنتاج النفط. ولهذا يعبر التقرير عن إمكانية نقل تجربة الشرق الأوسط في مواجهة الطائرات بدون طيار، وتحديدًا السعودية وروسيا، لتستفيد منها الدول الغربية، ولبناء معرفة حول طبيعة الهجوم الذي يشنه كل تنظيم.

فمثلًا يوضح التقرير أنه يتم استخدام الطائرات بدون طيار الأصغر حجمًا ذات الطبيعة التجارية من قبل هيئة تحرير الشام في سوريا ضد روسيا. أما الطائرات بدون طيار ذات الحجم الأكبر، فيتم استخدامها من قبل الحوثيين. ويصل وزن تلك الطائرات إلى سبعين كيلو جرامًا، ويبلغ طول جناحيها ثلاثة أمتار. وتلك الطائرات بحاجة إلى ملاذات آمنة، ودعم لوجيستي، وتأمين داخلي، ومطارات واسعة للمكوث فيها.

ومع أن من السهل تأمين تلك العوامل لتنفيذ هجمات من قبل جماعات إرهابية خارج منطقة الشرق الأوسط، فإن التقرير يرجح فرضية استخدام طائرات أصغر حجمًا في نصف الكرة الغربي وآسيا، من أجل الحفاظ على سرية الهجوم على المطارات الكبرى والقواعد العسكرية أو المرافئ البحرية، كطائرات Octocopter مع إمكانية زيادة عدد المحركات بها والمرواح حتى تستطيع حمل متفجرات تزيد عن ستة كيلو جرامات. 

أنواع الدرونز وآلية عملها

ينتقل التقرير في جزء آخر ليشرح آلية عمل طائرات الدرونز، موضحًا أن لديها القدرة على تحديد الأهداف (المكونات الأساسية للبنى التحتية، مجموعة مدنيين، أشخاص محددة) بدقة من مسافات بعيدة المدى، كما أن قوة هجومها تكون أكبر من قوة ردعها نتيجة صعوبة تأمين المطارات الشاسعة المساحة ضد هجمات الطائرات بدون طيار. وتمتلك الطائرات بدون طيار حزامًا يؤمن حمولة الطائرة، ويحدد الهدف لإطلاق الحمولة عليه، ومن ثم يمكن تحميل الطائرات بالمتفجرات بسهولة.

ويأتي التقرير على ذكر بدائل وأنواع الطائرات بدون طيار التي من الممكن أن تستخدمها التنظيمات الإرهابية، مشيرًا إلى الطائرات الثابتة الجناحين، التي من الممكن تحويلها إلى قنابل طائرة، وقد استخدمها تنظيم "داعش"، وطائرة الاستطلاع راصد Rasad UAV التي يستخدمها الحوثيون، والتي تعد نسخة مصممة من طائرة التحكم عن بُعد Skywalker X8.

كما يشير التقرير إلى طائرات التوربين RC التي يتم تجميعها من مكونات الطائرات التجارية، وتتميز عن الطائرات التي تعمل بالكهرباء، أو بالغاز كما في حالة الطائرات بدون طيار UAS، في أنها ليست بحاجة إلى تحميلها بالمتفجرات؛ حيث يمكنها إشعال الوقود والانفجار بمجرد الاصطدام، على عكس الطائرات التي تحتاج إلى تحميلها بالمتفجرات.

ويرى التقرير أن طائرات التوربين RC لا تزال في باكورة الإنتاج، وبها عيوب تتمثل في ضيق الوقت الذي تستطيع الطيران به (8–10 دقائق)، ولذلك لا يمكنها تنفيذ الأهداف البعيدة المدى. كما تحتاج إلى مهارات عالية لتشغيلها، وإلى بيئة نظيفة حتى يمكن اشتعال التوربين، وهو أمر صعب توفيره بمنطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك يرى باحثا الموجز أنها لا تزال تشكل تهديدات؛ حيث يمكنها التحليق لأكثر من مائتي ميل في الساعة على مسافات واسعة وبسرعة؛ ما يقلل سرعة استجابة الأنظمة المضادة لأنظمة الطائرات.

أنظمة المكافحة

يُفصِّل الباحثان أنظمة مكافحة أنظمة الطائرات بدون طيار المُكونة من ثلاثة أجزاء أساسية؛ هي؛ "أنظمة الاستشعار" المسؤولة عن كشف وتتبع الطائرة والتعرف عليها، "وأنظمة الإجراءات المضادة"، و"نظم الاتصالات والمعلومات" التي تربط بين أجهزة الاستشعار والتدابير المضادة.

وفي سياق بناء أنظمة مضادة قوية، يشير الباحثان إلى أن زيادة كاشفات الترددات اللا سلكية على مساحات مختلفة، يسهل الكشف عن ترددات الطائرات بدون طيار التي تستهدف المنشآت التجارية والصناعية، ولكن يتوقف الأمر على طبيعة الترددات؛ فاختلاف أنواع الترددات والتقنيات المستخدمة للتحكم بها قد يعيق اكتشاف وجود طائرات بدون طيار، وحتى النماذج المعروفة منها.

كما يشير التقرير إلى مجموعة من العوامل التي قد تعيق عمل أجهزة الرادار الخاصة بالكشف عن الطائرات بدون طيار، كصغر حجمها، أو كتعديل الأسطح الخارجية من الطائرات لزيادة أو تقليل المقطع المعرض للرصد من قبل أجهزة الرادار، فضلًا عن الظروف الجوية والبيئية، والتضاريس، وطريقة الطيران نفسها، كالطيران على مستويات منخفضة، وسرعات جوية بطيئة، وتكرار الانعطافات والتوقفات؛ ما قد يقلل من فاعلية الرادار.

ويشير التقرير إلى أن أجهزة الرادات يتم ضبطها بناء على التهديدات الأكثر احتمالًا، وعند مقارنة تهديدات الصواريخ الباليستية والطائرات غير ذاتية القيادة بتهديدات الطائرات بدون طيار، ترجح كفة الأولى. ومن ثم تكون الرادارات غير مجهزة بصورة كبيرة للكشف عن الطائرات بدون طيار التي هي عادةً أبطأ من الصواريخ والطائرات غير ذاتية القيادة.

وفضلًا عما سبق، تتطلب الأنظمة المضادة القوية أنظمة اتصالات فائقة الدقة ومتعددة المستويات تمكن صانع القرار –الذي من الضروري أن يكون فردًا واحدًا وفقا للتقرير– من اتخاذ رد الفعل المناسب عند استشعار وقوع هجوم وشيك. 

استراتيجية التعامل

يتوقع التقرير في ختامه تطور أسلحة الطاقة الموجهة للطائرات بدون طيار، مثل أشعة الميكروويف والليزر الكثيفة العالية الطاقة، التي ستحقق نتائج شديدة الإيجابية في هزيمة الطائرات بدون طيار. ويرى أن وجود أسطح عاكسة لأشعة الليزر على الطائرات بدون طيار، وانحراف تلك الأشعة عن الهدف المحدد، قد يعرض أفرادًا مدنيين أو منصات مختلفة للخطر؛ لذلك فاستخدام أجهزة الميكروويف العالية الطاقة (HPM) هي الخيار الأفضل لأنها تدمر الهدف في ثوان.

ويلقي التقرير الضوء على الإجراءات الفعالة المتبعة اليوم المتمثلة في الأنظمة التي تسقط الطائرات، أو توقع بها في الشباك، شريطة محافظتها على مسار طيران ثابت، وكذلك محاولات التدخل في أنظمة اتصالات الطائرات بدون طيار وإحداث تشويش. ويعد كل من RF وGNSS نوعين أساسيين من أجهزة التشويش المُستخدَمة. وتعمل تلك الأجهزة على تعطيل ارتباط اتصالات التردد اللا سلكي بين المركبة الجوية ووحدة التحكم الأرضية إلكترونيًّا، واختطافها. وجدير بالذكر أن تلك الأجهزة غير فعالة بالكامل ومعقدة إلكترونيًّا.

ويوصي الباحثان في ختام التقرير بمجموعة من التوصيات التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

• إدراك خطورة الوضع الراهن، ومحاولة إيجاد حلول لمواجهة الخطر المتصاعد من الطائرات بدون طيار.

• تطوير قدرات الدولة المركزية لمواجهة مخاطر الطائرات بدون طيار، وسرعة اتخاذ القرارات.

• زيادة الاستثمار في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتسهيل عملية اتخاذ القرار. 

• إجراء تقييمات لمواطن الخلل ومحاولة العمل على تطويرها وعلاجها، مع مراعاة فوارق الحماية الجغرافية أو البشرية المتطلبة لكل موقع.

• توظيف استراتيجيات الدفاع في العمق، والاعتماد على أنظمة مكافحة للطائرات بدون طيار ثابتة ومتحركة وسريعة الإعداد.

• التوسع في الاعتماد على وسائل تحديد التهديدات مثل كاميرات EO/ IR التي تزيد موثوقية نتائج أجهزة الاستشعار RF والرادار.

المصدر: 

DR. Scott Crino and Andy Dreby, "Drone Attacks Against Critical Infrastructure: A Real and Present Threat", Atlantic Council, May 2020.