أخبار المركز
  • د. أمل عبدالله الهدابي تكتب: (اليوم الوطني الـ53 للإمارات.. الانطلاق للمستقبل بقوة الاتحاد)
  • معالي نبيل فهمي يكتب: (التحرك العربي ضد الفوضى في المنطقة.. ما العمل؟)
  • هالة الحفناوي تكتب: (ما مستقبل البشر في عالم ما بعد الإنسانية؟)
  • مركز المستقبل يصدر ثلاث دراسات حول مستقبل الإعلام في عصر الذكاء الاصطناعي
  • حلقة نقاشية لمركز المستقبل عن (اقتصاد العملات الإلكترونية)

الاقتصاد محركاً:

تحديات تنامي الدور الصيني في الشرق الأوسط

24 مايو، 2017

الاقتصاد محركاً:

في إطار حرص "مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" للتعرف على رؤى الجانب الآخر من العالم في قضايا الشرق الأوسط، ودور القوى التي تمثل هذا الجانب تجاه المنطقة؛ سعى المستقبل إلى التواصل مع مراكز البحوث والدراسات الصينية، كبداية لسلسلة من الحوار الأكاديمي الخليجي الصيني، يمثله مركز المستقبل من الجانب الخليجي، ومعهد شنغهاي للدراسات الدولية من الجانب الصيني.

في هذا السياق، نظم مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة"، حلقة نقاشية لخبراء معهد شنغهاي للدراسات الدولية برئاسة دكتور يي تشينج (مساعد رئيس معهد شنغهاي، ومدير معهد دراسات الحكم العالمي)، في 17 مايو 2017. وقد ضم الوفد عددًا من خبراء معهد دراسات السياسة الخارجية، ومركز دراسات غرب آسيا وإفريقيا، ومركز دراسات آسيا والباسيفيك، التابعين للمعهد، وركّز النقاش على رصد وتحليل وتقدير تحولات السياسة الصينية في منطقة الشرق الأوسط، وتقييم مبادرة طريق الحرير الجديد، وإسهامها في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين ودول الشرق الأوسط.

سياسات الصدارة العالمية:

تطرح الصين نفسها باعتبارها قوة دولية قادرة على إعادة التوازن للنظام العالمي، وتأسيس نظام عالمي جديد تحتل الصين فيه موقع الصدارة، مقارنةً بالنهج الصيني الثابت خلال العقود الماضية بادعاء انتماء الدولة الصينية للدول النامية، وعدم قدرتها على الحلول محلّ الولايات المتحدة في النظام الدولي. وفي محاولة للاقتراب من فهم هذا التوجه الصيني، ركز النقاش على عدة قضايا رئيسية شملت الجوانب التالية:

1- إعادة هيكلة النظام الدولي: طرح بعض المشاركين في النقاش من الجانب الصيني قضية إعادة هيكلة النظام الدولي ليصبح أكثر عدالة وتمثيلا للمصالح المشتركة لدول العالم، باعتبار ذلك ضمن أولويات السياسة الصينية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، وإعادة هيكلة مؤسساته الأساسية (مثل: البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية).

وتقوم الرؤية الإصلاحية الصينية على عدة أسس، أهمها: عدم إجبار الدول على اتباع سياسات الانفتاح الاقتصادي والتجارة الحرة، والعدالة في توزيع عوائد التبادل التجاري بين الدول، والتوازن بين مصالح كافة أطراف التفاعلات الاقتصادية الدولية.

2- مشروع طريق الحرير الجديد: أكد الخبراء الصينيون أن مشروع طريق الحرير الجديد ليس مجرد مشروع اقتصادي للصين، وإنما يُعد بمثابة رؤية استراتيجية لدور الصين في النظام العالمي.

ويقوم المشروع العالمي للصين على عدة أسس، أهمها: تطوير دبلوماسية جديدة للصين ذات طابع عالمي تتناسب مع مكانتها كقوة كبرى في العالم، وتقديم الصين لنفسها كبديل في مجال التنمية الاقتصادية في مقابل تركيز الولايات المتحدة والدول الأوروبية على الأمن، ومراعاة المصالح المشتركة لدول العالم.

3- تدفقات الاستثمار وتكنولوجيا الإنتاج (Know How): أكدت الاتجاهات الرئيسية بالنقاش أن الصين لديها فوائض مالية غير مستغلة يمكن استثمارها في مشروعات البنية التحتية في دول العالم، وهو ما أدى إلى تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية بهدف استغلال هذه الفوائض المالية في استثمارات بدول الجوار تستهدف تحقيق التنمية. وقد توازى ذلك مع توسع قطاع الخدمات في الاقتصاد الصيني، مما جعل بعض الصناعات غير جاذبة للعمالة المحلية، ودفع للتفكير في إمكانية نقل هذه الصناعات وتكنولوجيا الإنتاج للدول النامية للإفادة من هذه الصناعات، خاصة في ظل الجدل الداخلي المتصاعد حول مستويات التلوث البيئي الذي تُسببه بعض الصناعات التحويلية والصناعات الثقيلة. 

وأشار المسئولون الصينيون إلى أن التعاون بين الدول النامية والصين في إطار طريق الحرير قد يتضمن نقل مصانع كاملة ذات تكنولوجيا متقدمة، والتركيز على الصناعات كثيفة العمالة باعتبارها الأكثر ملاءمة لتعزيز التنمية الاقتصادية واستيعاب معدلات البطالة المرتفعة. وستقوم الشراكة في التصنيع على قيام الصين بنقل المصانع والتكنولوجيا للدول النامية، ثم يقوم خبراء صينيون بتدريب الأيدي العاملة المحلية كي تتولى عملية الإنتاج والتصدير.

العلاقات الصينية - العربية:

تطرق جزء من النقاش إلى العلاقات العربية الصينية والاتجاهات الحاكمة لها. وفي هذا الإطار أشار المشاركون إلى تركيز الصين على التعاون الاقتصادي مع دول الخليج العربي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من إمدادات الطاقة، والإفادة من عوائد التعاون الاقتصادي في مجالات البنية التحتية، والتصنيع، ونقل التكنولوجيا الإنتاجية، والطاقة، والطاقة النووية، والزراعة، والتكنولوجيا الدقيقة، والتعاون المالي والتجاري، وتبادل الاستثمارات، وهو ما يؤكد استمرار أولوية الاقتصاد في السياسة الخارجية الصينية تجاه منطقة الشرق الأوسط.

كما كشفت مشاركة الصين كضيف شرف بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في عام 2017، عن تطور حركة النشر والترجمة من اللغة الصينية إلى اللغة العربية، ووجود عدد كبير من الكتب والمؤلفات الصينية التي تمت ترجمتها لتعزيز التواصل بين الشعوب العربية والصين، بالإضافة إلى دور منتدى التعاون العربي الصيني في تعزيز التنسيق والتعاون بين الصين والدول العربية.

وعلى مستوى الدور السياسي للصين في الشرق الأوسط، أشار المشاركون من خبراء معهد شنغهاي إلى توسع الصين في المشاركة في عمليات حفظ السلام في الإقليم، وتمويل عمليات إعادة الإعمار في مناطق الصراعات المسلحة، بالإضافة إلى مشاركة الصين في جهود الوساطة والتوفيق بين الفرقاء في مناطق الصراعات، وتبني الصين سياسات تقوم على دعم الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وتجنب التدخل في الشئون الخارجية للدول.

تحديات الدور الصيني: 

يواجه الدور الصيني الصاعد في منطقة الشرق الأوسط عدة تحديات ترتبط بتوجهات السياسة الصينية في الإقليم، وتتمثل أهم هذه التحديات فيما يلي:

1- التوازن بين المحاور الإقليمية: تسعى الصين للحفاظ على علاقاتها مع مختلف الأطراف ضمن المحاور الإقليمية ذات المصالح المتعارضة، إذ إن العلاقات الوثيقة بين الصين وكل من إيران وتركيا وإسرائيل تؤثر على آفاق تطور العلاقات الصينية العربية في ظل تباين المصالح بين هذه الأطراف، وتهديد سياسات بعض القوى الإقليمية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار، هناك العديد من التساؤلات في العالم العربي بشأن موقف الصين من الأزمة السورية، خاصة نمط تصويتها في مجلس الأمن على القرارات الخاصة بالأزمة، واستخدامها حق الفيتو في العديد من المرات، بما لا يتوافق مع مصالح الشعب السوري الذي يتعرض لمأساة إنسانية.

2- الشراكة الإقليمية المتكافئة: على الرغم من إعلان الصين سعيها للشراكة مع الدول العربية من خلال مشروع طريق الحرير، إلا أن هناك اتجاهات في المنطقة العربية تتخوف من أن عوائد المشروع في الأساس تخدم الاقتصاد الصيني، ولا تحقق فرص التنمية المتكافئة للجانبين.

وفي السياق ذاته، تواجه الصين بعض الصور السلبية التي تتعلق ببعض الممارسات غير التنافسية في علاقاتها التجارية بالدول العربية، والاتهامات المتصاعدة للصين بالإغراق الاقتصادي والمنافسة غير العادلة بسبب تدني مستويات صادراتها للمنطقة العربية، وهو ما يرجع إلى تدني مستوى العملة الصينية إلى أقل من مستوياتها الحقيقية.

3- التمدد المتزايد لخريطة طريق الحرير: تطرق النقاش إلى وجود اتجاه يرى أن مشروع طريق الحرير يغلب عليه قدر كبير من الأبعاد الرمزية التاريخية تجعله أقرب للدعاية السياسية منه إلى مشروع واقعي قابل للتطبيق بالنظر إلى اتساع نطاقه الجغرافي والاقتصادي ليشمل قارات العالم القديم، ومجالات البنية التحتية، والنقل، والمواصلات، والملاحة البحرية، والتصنيع، والتجارة، وهو ما يجعل هذا المشروع أقرب إلى رؤية رمزية لمستقبل العلاقات منه إلى مبادرة قابلة للتطبيق ذات سياسات وآليات واضحة.

وفي المجمل، تواجه العلاقات العربية الصينية عدة تحديات، يتمثل أهمها في: إشكاليات الحفاظ على التوازن في العلاقات مع المحاور الإقليمية المتعارضة، وضرورة العمل على إحداث توازن في العلاقات الاقتصادية، وذلك في ظل اختلال التوازن التجاري بين الصين وبعض دول الإقليم لصالح الصين، ومخاوف بعض الدول من احتمالات الإغراق التجاري، وتدني مستوى التكنولوجيا الصينية في بعض المجالات مقارنةً بنظيرتها الأمريكية والأوروبية، والتركيز على نقل الصناعات غير الصديقة للبيئة إلى دول الإقليم، والخبرات السلبية للتعاون الصيني مع بعض الدول الإفريقية فيما يتعلق بالتركيز على الحصول على المواد الخام والبترول بأسعار متدنية، ونقل العمالة الصينية للخارج دون الإسهام في التنمية الاقتصادية.